رسالة إلى المؤذن .. لا تضيع أمانتك
أول ما يحبب المرء في الصلاة بعد الإيمان والإقبال على الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم، هو صوت المؤذن الشجي، الذي يطربك بحلاوته ويدفعك دفعا لزيارة المسجد، ومن المؤذنين من لا تمل من الإنصات إليهم والاستمتاع لحلاوة أصواتهم، وبينهم من يأخذك بسلامة تلاوتهم التي تجعلك تهيم بخيالك في قدرة الله وإلى ملكوته وفضائه الواسع وكلامه العذب المبين، وقتها لا تتمنى أن تنهي تلك النوعية الصالحة من الأئمة قراءتها.
وبالتالي فإن انتقاء الأئمة والمؤذنين في المساجد هي الخطوة الأولى لتفعيل الدور الدعوي للمسجد، لأن حلاوة وطرب صوت المؤذن، ولباقة الإمام هما عامل الجذب الأول للمصلين، وإذا أردنا ان نشد الناس ونحفزهم ونرغبهم بالتوجه الى المساجد فليكن اختيارنا لتنصيب أي إمام أو مؤذن مبني على أسس نزيهة سليمة.
هذا من جانب القائمين على المسجد، أما المؤذنون ومن قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤذنون أطول أعناقاَ يوم القيامة) رواه مسلم.، فعليهم إخلاص النية لله تعالى، واحتساب آذانهم ودعوتهم عند الله، باعتبارهم في خير عظيم باختيارهم لهذه المهمة الجليلة، وقد قال صلى الله علية وسلم: ( أن الله يبعث الأمم يوم القيامة على هيئتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة لأهلها فيجمعون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم فيمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضاَ رياحهم تسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليها الثقلان ما يطرقون تعجباَ حتى يدخلوا الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون) رواه الحاكم والبيهقي في الشعب (صحيح)
ومن المتعارف عليه أن ثواب الأذان كبير، فإذا كنت في جماعة وغيرها وحان وقت الصلاة فبادر إلى الأذان ولا تؤثر به أحداَ وإذا كان هناك من يريد أن يؤذن غيرك فاجتهد أنك أنت الذي تؤذن ـ إلا مؤذن المسجد الراتب ـ
وقد قال صلى الله علية وسلم : (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) رواه الشيخان.
ومن الجدير بالمؤذن أن يتعلم وقت دخول الصلاة، أو أن يجعل مه من يعلمه وقت دخول الصلاة إذا كان هنام ما يمنع عنه ذلك, ولابد من أن يحرص على الأذان من دخول الوقت، ويعلم أن هناك من يفطر على أذانه لصلاة المغرب وهناك من يمسك عن السحور إذا أذن لصلاة الفجر، فليكن دقيقا في ذلك وأن يؤد أمانة الأذان ويقم بها خير قيام وقد قال صلى الله عليه وسلم ( المؤذنون أمناء المسلمين على فطرهم وسحورهم) رواه الطبراني في الكبير"حسن" .
من واجبات المؤذن تعلم كيفية الأذان وحلاوته وإتقانه بلا لحن ولا تمطيط، وعليه أداء الأمانة كما يجب، فإذا كان راتبا بالمسجد فعليه عدم التخلف دون عذر، وعليه الحذر كل الحذر من تضييع هذه الأمانة العظيمة، والاجتهاد في إتقان الأذان لتطبيق الواجبات والمسنونات فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وأبو يعلى في مسنده (حسن)
أيها المؤذن كن على معرفة بأحكام الصلاة والإقامة وقراءة الفاتحة وبعض سور القرآن، بحيث إذا تخلف الإمام لمرض أو غيره فإنك تقوم بإمامة المصلين في الصلاة بل تعلم الخطابة لتخطب عند تخلف الإمام، واجتهد في ذلك على حسب الاستطاعة وكن معتنيا بنظافة المسجد ومكبرات الصوت وكل ما يتعلق بالمسجد ويريح المصلين، واحتسب أجرك عند الله في تحبيب الناس في المسجد وفي الاعتكاف فيه.
وحاول بقدر المستطاع التسهيل على طلاب الحلق القرآنية ومعلمهم كل ما يريحهم في المسجد وتعاون مع الإمام في كل خير لجماعة المسجد كالصلح بينهم وتوعيتهم والمجيء بالمحاضرين من الدعاة إلى المسجد، وإلقاء الكلمات والدروس في المسجد والاهتمام بالحي الذي فيه المسجد والتعارف بينهم ومواساة الأيتام والفقراء والأرامل والاجتهاد في أن يؤدي المسجد دوره على الوجه الأكمل.
وإني أسأل الله أن يغفر لي ولك وقد قال صلى الله عليه وسلم (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن".. اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين.
التعليقات