حكم سحب المأموم للخلف لتجنب الصلاة بين أعمدة المسجد

 يكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم، إلا عند الحاجة، كضيق المسجد؛ فلا يكره، وهو مذهب المالكية، والحنابلة.

قال ابن سيد الناس رحمه الله: "واستدل من قال بالكراهة بما ذكرنا من أحاديث الباب وبما روى سعيد بن منصور في "سننه" عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة من النهي عن ذلك، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة". النفح الشذي شرح جامع الترمذي (4/222) ، وانظر: نيل الأوطار (3/229).

قال مالك رحمه الله: "لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد". انتهى من "المدونة" (1/ 195).

قال ابن العربي رحمه الله: "ولا خلافَ في جوازِه عندَ الضِّيق، وأما مع السَّعة فهو مكروهٌ". انتهى من "عارضة الأحوذي" (1/285).

عن عبدِ الحميدِ بن محمودٍ، قال: صليتُ مع أنسٍ يومَ الجُمُعة، فدَفَعْنا إلى السَّواري، فتقدَّمْنا أو تأخَّرْنا، فقال أنسٌ: "كنَّا نتَّقي هذا على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم". رواه أبو دود (673)، والترمذي (229)، والنسائي (2/94). وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيح، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح سنن أبي داود" (673)، والوادعي في "الصحيح المسند" (1/53) ، وقال: رجاله ثقات.

وقد جاء عند أبي داود (677) وابن ماجه (1002) وابن خزيمة (1567) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا. قال الألباني: حسن صحيح، وانظر: الصحيحة (335) .

والسواري والأساطين : هي الأعمدة.

قال الشيخ ابنُ عُثيمين رحمه الله: "الصفُّ بين السَّواري جائزٌ إذا ضاق المسجد، حكاه بعضُ العلماء إجماعًا، وأمَّا عند السَّعة ففيه خلاف، والصَّحيح: أنه منهيٌّ عنه" "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (13/34). 

يجوز للإمام والمنفرد الصلاة بين السواري ، لما رواه البخاري (397) عن ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أنّه قال: ... َسَأَلْتُ بِلاَلًا، فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ، بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ ...، وعند مسلم  (1329) بلفظ : بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ.

في السنن الكبرى للبيهقي (3/ 148): (5206) عن ابن مسعود أنه قال: "لا تصفوا بين السواري " ورواه سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، فقال في متنه: "لا تصفوا بين الأساطين".

قال البيهقي رحمه الله: "وهذا والله أعلم، لأن الأسطوانة تحول بينهم وبين وصل الصف، فإن كان منفردا، أو لم يجاوزوا ما بين الساريتين: لم يكره إن شاء الله تعالى" انتهى.

قال ابن سيد الناس رحمه الله: "وإذا كانت العلة في الكراهة قطع الصفوف؛ فلا معنى للقياس على الإمام والمنفرد لانتفاء العلة هناك". النفح الشذي شرح جامع الترمذي (4/222)

ذكر بعض العلماء أن كراهة الصفوف بين السواري إنما يكون إذا كان عرض السارية ثلاثة أذرع، وهذا القول فيه نظر ، إذ لا دليل على هذا التحديد من السنة .

وفي ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين (ص: 107)، مسألة ( 147 ) ( 6/11/1417هـ):

"سألت شيخنا رحمه الله : نهيتم الناس عن الصلاة بين السواري في الجامع الكبير، مع أن عرض أعمدته أقل بكثير مما ذكره الفقهاء لحصول المنع ؟

فأجاب : الصحيح أن النهي عن الصلاة بين السواري مطلق ، والصحابة كانوا يطردون من يصلي بين السواري طرداً ، مع كون سواري مسجده - صلى الله عليه وسلم - من جذوع النخل . فالصحيح أن ما ذكره الفقهاء من التحديد لا أصل له" انتهى .

إن كان الصف صغيراً قدر ما بين الساريتين ؛ لم يكره ؛ لأنه لا ينقطع الصف بها.

في "المغني" لابن قدامة (2/ 27) : "فإن كان الصف صغيراً قدر ما بين الساريتين ؛ لم يكره ؛ لأنه لا ينقطع بها".

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.