نظافة المسجد .. فضل هجره الكثيرون
نظافة المساجد مما دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف، والمعهود عن السابقين الأولين من الصحابة والتابعين من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بالنظافة وتطييب المساجد، والسبب في الاهتمام بالنظافة، أن المساجد بيوت الله وأطهر البقاع إليه وأحبها، لذا كان الاعتناء بأحب البقاع إلى الله من الحسنات التي يؤجر عليها العبد، ولذا يقول الله –تعالى-:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (النور:36)، ورفعها أي صيانتها عما لا يليق بها، وتقديرها كما قدرها الله وعظمها، وليس من تقدير المسجد ترك الأوساخ أو تعمد رميها أو وضعها، والسبب الثاني، أن المساجد يدخلها المصلون لأداء الصلاة، والصلاة تحتاج إلى تدبر وخشوع وخضوع لله، ولا يتم ذلك إلا في جو صافٍ نقي من كل المكدرات، ومن المكدرات الأوساخ المرئية والمشمومة والمحسوسة، لذا كان لا بد من الاهتمام بنظافة وتنزيه المساجد.
وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- بل وأمر بنظافة المساجد، والأمر المجرد عن أي قرينة تصرفه يدل على الوجوب، فنظافة المسجد واجبة، تقول عائشة -رضي الله عنها-: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأمر أن تنظف وتطيب" (رواه أبو داود والترمذي).
دخل رجل من الأعراب مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبال في ناحية من المسجد، فنهره الصحابة، وأرادوا أن يضربوه فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوه) ثم أمر أن يصب على بوله الماء؛ لأن المساجد آنذاك من تراب وحصى، ثم قال للأعرابي " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة" (رواه البخاري ومسلم.
وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رفع القذر والأذى والأوساخ من الطريق والأماكن المختلفة وأولاها المساجد من الحسنات الكبيرة التي تكتب لمن فعل ذلك؛ لأنه مشاركة في الخير ومعاونة على البر والتقوى، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "عرضت عليّ أمتي بأعمالها حسنها وسيئها، فرأيت من محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق، ورأيت من سيئ أعمالها النخامة في المسجد لا تدفن" (رواه مسلم وأحمد).
فلقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ترك الأوساخ أو تعمد إلقائها – ومنها النخامة- من الخطايا والسيئات، وفي الجانب الآخر يعد رفع الوسخ والأذى في الطرق من الحسنات.
فسبحان الله، كم يحرم الكثير منا من الأجور التي تضيع بضياع العمر سدىً وهملاً، وبعض الناس قد يستقذر رفع الأذى من طريق الناس أو يستكبر عن مد يده لإزالة الوسخ من المساجد، وأماكن الدعوة والعبادة! وهذا لا يليق بمسلم..
وهناك أحاديث أخرى تبين فضل الاهتمام بالمساجد نظافة واعتناءً، يقول أنس بن مالك-رضي الله عنه- يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد"، (رواه أبو داود والترمذي وفيه انقطاع ويشهد له الحديث السابق فهو بمعناه).
أخي الكريم: علمت مما سبق كيف جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الاهتمام بالمساجد نظافة وتطييباً وغير ذلك من الأعمال التي ينال بها صاحبها الحسنات الكبيرة.. وهنا أود أن أُذكِّر الجميع وأنبههم إلى عدة أمور فيما يخص المساجد:
1. العناية التامة من أهل الخير بالمساجد، وخاصة أهل الغنى والسعة والأموال، وذلك بالدعم المتواصل للقائمين على المسجد، ومنهم القيم والمنظف حتى تستمر الأعمال وتتظافر الجهود.
2. المحافظة على حمامات المسجد من الأوساخ أو العبث بها، ومنع الذين يتلاعبون بذلك، وكذا الأخذ على أيدي الأطفال ومنعهم من العبث والتوسيخ للبلاط والمراحيض ومدخل ومخرج مكان الوضوء..
3. الاهتمام بصرح المسجد من حيث التنظيف والكنس المستمر؛ لأنه يعد بمثابة المسجد..
4. نظافة المسجد بالمكنسة الكهربائية أو أي وسيلة أخرى؛ والمهم في ذلك أن يكون المسجد جميلاً ترتاح النفوس بدخوله والمكوث فيه.. ومن الأمور التي يجب مراعاتها في النظافة داخل المسجد:
- تنظيف وكنس المدخل؛ لأنه كثيراً ما يتسخ ويصيبه الغبار والأوساخ.
- تنظيف أماكن وضع الأحذية؛ لأنه يوجد في بعض مساجد البلدان المختلفة صناديق لوضع الأحذية خوفاً من التلف أو السرقة، وهذه الصناديق تتعرض للأوساخ والأتربة الساقطة من الأحذية، خاصة وقت نزول الأمطار بتلك الشوارع إذا كانت من الطين.
- تنظيف أماكن وضع المصاحف كالرفوف والصناديق أو الطاولات وترتيب المصاحف عليها ترتيباً جميلاً يظهر المساجد بصورتها المنظمة..
- تنظيف كل فرش المسجد باستمرار يومياً، وبعض المساجد التي يؤخر فيها الكنس لمدة أسبوع أو مرتين في الأسبوع أو أكثر من ذلك فإن الفرش سرعان ما يذهب ويصيبه الغبار المتماسك بحيث يصعب خروجه، وبهذا ينتهي الفرش ويتلف سريعاً..
- من النظافة إزالة الروائح الكريهة الناجمة عن الزحام و طول المكث في المسجد أو النوم فيه؛ لهذا يستحب تبخير المساجد وتطييبها بالبخور أو العطر وغيرهما، وهذا عمل طيب وصالح كما سبق في الأحاديث السالفة، بل يؤجر الإنسان عليه.. وقد رغب فيه؛ لأنه مما تسمو به الروح، وترتاح له النفس، ويساعد في مكوث الناس في المساجد.
التعليقات