دفع المال في المسجد للالتحاق بحلقات التحفيظ
يقوم بعض أئمة المساجد بتكوين مجلس لإدارة المسجد، ومن مهامه متابعة أنشطة المسجد وتطويرها، ومن محاسن هذه الفكرة:
التعاون على نشر رسالة المسجد، والارتقاء بأهل الحي علمياً وإيمانياً وتربوياً، وتنظيم العمل الدعوي في الحي.
ودعم إدارة المسجد يكون من طرق ثلاثة:
أ. التبرعات: وهو شريانها الرئيسي الذي تتغذى منه، ويكون عن طريق جهة خيرية أو من متبرع مباشر.
حيث تقوم إدارة المسجد بالتنسيق مع جمعية تحفيظ القرآن؛ لفتح حلقات لحفظ القرآن في المسجد.
وتقوم بالتنسيق مع المكتب التعاوني ليحظى المسجد ببرنامج إفطار للصائمين في شهر رمضان المبارك.
وتقوم بالتنسيق مع من يرغب في ترميم المسجد أو تغيير سجاده ونحو ذلك.
ب. رسوم تفرضها إدارة المسجد على جماعته المقتدرين، حتى يقوم المسجد بنشر رسالته على قدر طاقة طاقمه.
فهذه الرسوم تساعد على إقامة مسابقات ومحاضرات ودروس علمية ينتفع بها أهل الحي، فالمسابقات تحتاج إلى جوائز، والمحاضرات والدروس تحتاج إلى تصميم إعلانها وطباعته، وهذه التكاليف تؤخذ من هذه الرسوم.
علماً بأن جماعة المسجد لا يجبرون على دفع هذه الرسوم؛ بل الغالب أنهم يُبادرون في دفعها، بل ويزيدون عليها قليلاً.
ت. رسوم تفرضها إدارة المسجد على الطلاب الراغبين في الانضمام لحلقة المسجد. فهذه الرسوم تساعد الحلقة على إقامة رحلات لمنسوبيها، وإعطاء جوائز تشجيعية للمتميزين فيها، كذلك تفرض رسوماً لمن أراد تعلم العلوم الشرعية؛ لتوفر لهم الكتب المناسبة ويستأجرون العالم المناسب لكل فن.
وسأتناول بالبحث الفقرة الثانية والثالثة؛ لعلاقتها المباشرة بصلب المبحث، ولاشك في جواز الفقرة الأولى؛ لأنها من باب الصدقة، ولو وقعت في المسجد، فإن المسجد محل لها.
فأما أخذ إدارة المسجد رسوماً على جماعته المقتدرين مادياً، فإنه أقرب إلى التبرع منه إلى المعاوضة؛ لأنهم لا يجبرون على ذلك، وغالباً يبادر جماعة المسجد على بذل المبلغ، ومن الأخطاء الشائعة ما تقوم به بعض المساجد بمنح امتيازات للمتبرعين، وهذا سلوك خاطيء.
وأما أخذ الرسوم من الطلاب للالتحاق بحلقة القرآن أو العلم، فلا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: ألا تستفيد إدارة المسجد من المال، وإنما تصرفه في مصالح الطلبة من وجبات ورحلات واستئجار للمعلمين.
الحالة الثانية: أن تستفيد إدارة المسجد من المال، فتصرف بعضه في مصالح الطلبة، وتأخذ ما يبقى من الأموال.
حكم الحالة الأولى: يمكن تكييف العقد بين الطلاب وإدارة المسجد بأنه عقد مناهدة(1) بين الطلبة يتضمن توكيلا لإدارة الحلقات بالتصرف في المال بما يعود عليهم بالنفع علمياً وتربوياً وإيمانياً.
والمناهدة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
فمن الكتاب:
أ- قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة البقرة:220]
قال الجصاص: وإذا كانت الآية قد انتظمت جواز خلطه مال اليتيم بماله في مقدار ما يغلب في ظنه أن اليتيم يأكله على ما روي عن ابن عباس(2) فقد دل على جواز المناهدة التي يفعلها الناس في الأسفار فيخرج كل واحد منهم شيئا معلوما فيخلطونه ثم ينفقونه وقد يختلف أكل الناس، فإذا كان الله قد أباح في أموال الأيتام فهو في مال العقلاء البالغين بطيبة أنفسهم أجوز... وقوله: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} قد دل على ما ذكرنا من جواز المشاركة، والخلطة، على أنه يستحق الثواب بما يتحرى فيه الإصلاح من ذلك؛ لأن قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ} قد دل على ذلك؛ إذ هو مندوب إلى معونة أخيه وتحري مصالحه(3).
وقال أبو عبيد في هذه الآية: وهذا عندي أصل للشاهد الذي تفعله الرفاق في الأسفار، ألا ترى أنهم يتخارجون النفقات بالسوية وقد يتباينون في قلة المطعم وكثرته، وليس كل من قل طعامه يطيب نفسه بالتفضل على رفيقه، فلما جاء هذا في أموال اليتامى واسعا كان في غيرهم بحمد الله ونعمته أوسع، لولا ذلك لخفت أن يضيق فيه الأمر على الناس(4).
ب- وقال الله تعالى في قصة أصحاب الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} [سورة الكهف:19]
قال الجصاص في أحكام القرآن: الآية يدل على جواز خلط دراهم الجماعة والشرى بها والأكل من الطعام الذي بينهم بالشركة، وإن كان بعضهم قد يأكل أكثر مما يأكل غيره، وهذا الذي يسميه الناس المناهدة ويفعلونه في الأسفار(5).
واعترض ابن العربي على الاستدلال بهذه الآية في جواز المناهدة بقوله: وليس في هذه الآية دليل على ما قالوه(6)؛ لأنه يحتمل أن يكون كل واحد منهم قد أعطاه ورقه مفرداً، فلا يكون فيه اشتراك(7).
وأجيب عنه: بأن إضافة الورِق إلى الجماعة دليل على اشتراكهم في شراء الطعام(8).
ت- وقال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً} [سورة النور:61]
قال ابن العربي: نزلت في المسافرين يخلطون أزودتهم، فلا يأكل حتى يأتي الآخر، فأبيح ذلك لهم... فيجوز للرجل أن يأكل مع الآخر، وللجماعة، وإن كان أكلهم لا ينضبط، فقد يأكل الرجل قليلا والآخر كثيرا، وقد يأكل البصير أكثر مما يأكل الأعمى، فنفى الله الحرج عن ذلك كله، وأباح للجميع الاشتراك في الأكل على المعهود، ما لم يكن قصدا إلى الزيادة... وهذا هو النهد الذي يجتمع عليه القوم، وسواء كان مشترى منهم، أو كان بخلطهم له فيما بينهم(9)
ومن السنة:
أ- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً قِبَلَ الساحل، فأمَّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاث مائة، وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش، فجمع ذلك كله، فكان مزودي تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلاً قليلاً حتى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: وما تغني تمرة، فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت، قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه، فنصبا ثم أمر براحلة، فرحلت ثم مرت تحتهما فلم تصبهما"، متفق عليه(10)
وجه الدلالة: أن أبا عبيدة جمع بقية أزواد القوم وخلطها في مزودي تمر، وهذه حقيقة المناهدة، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومهم عليه(11).
ب- وعن سلمة رضي الله عنه، قال: خفت أزواد القوم، وأملقوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم، فأذن لهم، فلقيهم عمر، فأخبروه فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما بقاؤهم بعد إبلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد في الناس، فيأتون بفضل أزوادهم"، فبسط لذلك نطع، وجعلوه على النطع، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا وبرك عليه، ثم دعاهم بأوعيتهم، فاحتثى الناس حتى فرغوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله". متفق عليه(12).
ت- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم" متفق عليه(13).
وجه الدلالة من الحديثين: أن جمعهم لطعامهم واقتسامه هو حقيقة المناهدة، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ومدح الأشعريين على ذلك، فدل على جوازها.
وأما الإجماع فقد نقله البخاري حيث قال: لما لم ير المسلمون في النهد بأسا أن يأكل هذا بعضا وهذا بعضاً(14).
وذكر بعض أهل العلم أن عقد المناهدة يتكون من: شركة أملاك وقسمة، جاء في فيض الباري: والنهد أن ينثر الرفقة زادهم على سفرة واحدة ليأكلوا جميعا، بدون تقسيم، ففيه شركة أولاً، وتقسيم آخراً، ولا ريب أنه تقسيم على المجازفة لا غير(15).
وهل تعتبر المناهدة من عقود المعاوضات أم لا، للعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: أنها تبرع محض، جاء في مسائل إسحاق الكوسج: قلت لأحمد رحمه الله: النهد في السفر؟ قال: ما زال الناس يتناهدون.
قال إسحاق: سنة مسنونة، وهو أحب إلي من أن يدعو كل يوم واحد من أصحابه؛ لما لا يخلو ذلك من المباهاة والتباري، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه(16).
وجاء في فتح العزيز: وللولي أن يخلط ماله بمال الصبي ويواكله قال الله تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [سورة البقرة:220] وقاس ابن سريج على ما إذا خلط المسافرون أزوادهم وتناهدوا وقال لعل هذا أولى بالجواز وإن تفاوتوا في الأكل لأن كلا منهم من أهل المسامحة(17).
وقال المهلب: هذه القسمة لا تصلح إلا فيما جعل للأكل خاصة؛ لأن طعام النهد وشبهه لم يوضع للآكلين على أنهم يأكلون بالسواء، وإنما يأكل كل واحد على قدر نهمته، وقد يأكل الرجل أكثر من غيره، وهذه القسمة موضوعة بالمعروف(18).
قال العيني في عمدة القاري: وذلك جائز في جنس واحد وفي الأجناس وإن تفاوتوا في الأكل وليس هذا من الربا في شيء وإنما هو من باب الإباحة(19).
وقال في فيض الباري: أنها ليست من باب المعاوضات التي تجري فيها المماكسة، أو تدخل تحت الحكم، وإنما هي من باب التسامح، والتعامل(20).
القول الثاني: أنها معاوضة، قال النووي في روضة الطالبين: وأنه لو حلف لا يأكل من مال فلان، فنثر مأكولا فالتقطه وأكله، حنث، وكذا لو تناهدا فأكل من طعامه. قلت: الصورتان مشكلتان... وأما مسألة المناهدة وهي خلط المسافرين نفقتهم واشتراكهم في الأكل من المختلط، ففيها نظر، لأنها في معنى المعاوضة، وإلا فيخرج على مسألة الضيف(21) والله أعلم(22)، فالإمام النووي تردد في المناهدة بين كونها معاوضة أو إباحة.
قال ابن حجر - أثناء شرحه لترجمة [باب الشركة في الطعام والنهد والعروض] -: والعروض بضم أوله جمع عرض بسكون الراء مقابل النقد وأما بفتحها فجميع أصناف المال وما عدا النقد يدخل فيه الطعام فهو من الخاص بعد العام ويدخل فيه الربويات ولكنه اغتفر في النهد لثبوت الدليل على جوازه(23).
فجعلها ابن حجر في زمرة المعاوضات، ولو جعلها في زمرة التبرعات لما استثناها من المعاملات الربوية.
والذي يظهر للباحث أن عقد المناهدة من عقود التبرعات؛ لأنها قائمة على المسامحة والمشاركة والتعاون، وليست قائمة على المماكسة والتغابن، والله أعلم.
وما كان من باب التبرع، فإنه يجوز في المسجد؛ لأنه محل له.
وفي هذا العقد مسائل:
• هل يجري التناهد في الأموال كما يجري في الطعام؟
قصر بعض أهل العلم جريان التناهد في الطعام؛ لورود النص به، وما عداه يبقى على الأصل: وهو حرمة التفاضل والنسأ في الأموال الربوية.
بينما ذهب بعض أهل العلم إلى جريان التناهد في كل شيء سواء كان طعاماً أو غيرها؛ لأنها ليست من باب المعاوضات التي تجري فيها المماكسة، أو تدخل تحت الحكم، وإنما هي من باب التسامح، والتعامل(24).
سبب الخلاف: فمن رأي أن عقد المناهدة من عقود المعاوضات، قصره على الطعام، ومن رأى أنه من عقود التبرعات: جعله عاماً في الأطعمة وغيرها.
والراجح: أن المناهدة جائزة في الأطعمة وغيرها؛ لأنها من باب المسامحات، والإغماض، دون المماكسة، والتنازع، وليس في الفقه إلا باب التنازع، والسر فيه أن باب المسامحات، لا يأتي فيه التكليف، ولا يجبر عليه أحد، إنما هو معاملة الرجل مع الرجل على رضاء نفسه، فلم يذكروا في الفقه إلا أحكام القضاء، وهي التي مما يجبر عليها الناس، وقليلا ما ذكروا أبواب الديانات(25)، والناس إذا لم يروا مسألة في الفقه يزعمونها منفية عندهم، مع أن الفقهاء إنما تكلموا فيما في دائرة التكليف، والتي ليست كذلك لم يتعرضوا لها، وإن كانت جائزة فيما بينهم(26).
• هل تجوز في السفر والحضر أم في السفر فقط؟
ذهب بعض أهل العلم إلى جوازها في السفر فقط، قال العيني: وفيه: جواز الشركة في الطعام خلط الأزواد في السفر إذا كان ذلك أرفق بهم(27).
بينما ذهب آخرون إلى جوازها في الحضر والسفر، قال ابن بطال: وفيه(28) أن للإمام أن يواسي بين الناس في الأقوات في الحضر بثمن وبغير ثمن، كما له فعل ذلك في السفر(29).
والراجح: جوازها في السفر والحضر لفعل الصحابة رضي الله عنهم.
حكم الحالة الثانية: يمكن تكييف الحالة الثانية على أنها عقد إجارة.
فأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فقد وردت أحاديث تحرم الفعل، وأخرى مجيزة له، وكذلك تعارضت الآثار من الصحابة والتابعين على ذلك، ولذلك اختلف أهل العلم في حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن على مسلكين:
المسلك الأول: الترجيح بين الأحاديث والآثار المتعارضة، وانقسم أصحاب هذا المسلك إلى فريقين:
الفريق الأول: يجوز أخذ العوض على تعليم القرآن، وإليه ذهب المالكية(30) والشافعية(31)، واشترطوا: تقدير التعليم بمدة أو بسور معينة؛ لتكون المنفعة معلومة، فينتفي عنها الغرر.
الفريق الثاني: لا يجوز أخذ العوض على تعليم القرآن، وإليه ذهب الحنفية(32) والحنابلة(33)، ثم ذهب ذهب متأخرو الحنفية وعليه الفتوى عندهم إلى جواز ذلك للضرورة(34)، قال السرخسي في المبسوط: وبعض أئمة بلخ اختاروا قول أهل المدينة وقالوا إن المتقدمين من أصحابنا بنوا هذا الجواب على ما شاهدوا في عصرهم من رغبة الناس في التعليم بطريق الحسبة ومروءة المتعلمين في مجازات الإحسان بالإحسان من غير شرط، فأما في زماننا فقد انعدم المعنيان جميعا فنقول يجوز الاستئجار لئلا يتعطل هذا الباب ولا يبعد أن يختلف الحكم باختلاف الأوقات(35).
أدلة الفريق الأول:
1. عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني وهبت من نفسي، فقامت طويلا، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، قال: "هل عندك من شيء تصدقها؟" قال: ما عندي إلا إزاري، فقال: "إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا" فقال: ما أجد شيئا، فقال: "التمس ولو خاتما من حديد" فلم يجد، فقال: "أمعك من القرآن شيء؟" قال: نعم، سورة كذا، وسورة كذا، لسور سماها، فقال: "قد زوجناكها بما معك من القرآن" متفق عليه(36).
وجه الدلالة: إذا جاز تعليم القرآن عوضاً في باب النكاح، وقام مقام المهر، جاز أخذ الأجرة عليه في الإجارة(37)، وقال البيهقي: وهو عام في جواز أخذ الأجرة على كتاب الله تعالى بالتعليم وغيره وإذا جاز أخذ الأجرة عليه جاز أن يكون مهراً(38).
ونوقش بما يلي:
أ. بأنه زوجها على حفظه للسورة وليس على تعليمها، وإن كان ذلك فهو على حرمتها، وليست من المهر في شيء، كما تزوج أبو طلحة أم سليم على إسلامه(39).
ب. قال الطحاوي: وهو أن الله عز وجل أباح لرسوله صلى الله عليه وسلم ملك البضع بغير صداق، ولم يجعل ذلك لأحد غيره قال الله عز وجل: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } [سورة الأحزاب:50] فيحتمل أن يكون قد كان مما خصه الله عز وجل به من ذلك أن يملك غيره ما كان له تملكه بغير صداق فيكون ذلك خاصاً للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال الليث. ومما يدل على ذلك أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: قد وهبت نفسي لك. فقام إليه ذلك الرجل فقال له: إن لم يكن لك بها حاجة، فزوجنيها. فكان هذا ما ذكر في ذلك الحديث، ولم يذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاورها في نفسها، ولا أنها قالت له زوجني منه. فدل ذلك إذا كان تزويجه إياها منه لا بقول تأتي به بعد قولها: قد وهبت نفسي لك، وإنما هو بقولها الأول ولم تك قالت له، قد جعلت لك أن تهبني لمن شئت، بالهبة التي لا توجب مهرا جاز النكاح، وقد أجمعوا أن الهبة خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكرنا من اختصاص الله تعالى إياه بها دون المؤمنين... فإن قال قائل: فقد يجوز أن يكون مع ما ذكرنا في الحديث سؤال من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها أن يزوجها منه، وإن كان ذلك لم ينقل إلينا في ذلك الحديث، قيل له: وكذلك يحتمل أيضا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، قد جعل لها مهرا غير السورة، وإن كان ذلك لم ينقل إلينا في الحديث فإن حملت الحديث على ظاهره على ما تذهب إليه أنت، لزمك ما ذكرنا، من أن ذلك النكاح كان بالهبة التي وصفنا. وإن حملت ذلك على التأويل على ما وصفت، فلغيرك أن يحمله أيضا من التأويل على ما ذكرنا، ثم لا تكون أنت بتأويلك أولى منه بتأويله(40).
وأجيب عنه بما يلي(41):
أولاً: لم يزوجها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد تفويض أمرها له ففي رواية للبخاري: "إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك"(42)، وجاء كذلك من حديث أبي هريرة:" اجلسي -بارك الله فيك- أما نحن، فلا حاجة لنا فيك، ولكن تملكيني أمرك؟" قالت: نعم، رواه النسائي(43).
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صداقها تعليهما شيئا من القرآن، فقال: "بما معك من القرآن" والباء للتعويض(44)، وجاءت صريحة في رواية عند مسلم(45): "انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن".
ثالثاً: أنه صلى الله عليه وسلم لم يسم لها مهراً، ولم يعطها صداقاً، فأوصى زوجها بالمهر عند موته؛ فقد جاء من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة؟"، قال: نعم، وقال للمرأة: "أترضين أن أزوجك فلانا؟"، قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئاً وكان ممن شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقاً، ولم أعطها شيئاً، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما فباعته بمائة ألف، رواه أبو داود(46).
رابعاً: قول الرجل:[زوجنيها]، ولم يقل: [هبها لي].
خامساً: أنها قضية فعل لا ظاهر لها.
سادساً: الأصل انتفاء الخصوصية في الأحكام.
2. عن ابن عباس: أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء، فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، إن في الماء رجلا لديغاً أو سليماً، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله"، رواه البخاري(47).
وجه الدلالة: فإذا جاز أخذ الأجرة على قراءة القرآن للرقية والطب، جاز أخذها على تعليمه للقرآن؛ لأنه في معناه.
ونوقش بما يلي(48):
أ. قال السرخسي: وأما حديث الرقية قلنا كان ذلك مالا أخذه من الحربي بطريق الغنيمة، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اضربوا لي فيها بسهم"(49) مع أن ذلك لم يكن مشروطا بعينه ما ليس بمشروط يجوز أخذه(50).
وأجيب عنه: بأن ما أخذوه على سبيل الرقية، لا على سبيل الغصب(51).
ب. أن حق الضيف لازم ولم يضيفوهم، فما أخذوه حقاً لهم وليس عوضاً على الانتفاع بالرقية.
وأجيب عنه: بأنهم غير مخاطبين بالفروع، وإن خوطبوا فلا يصح إلا بشرطه وهو النية ومن شرطها: الإسلام(52).
ت. بأنه قياس مع الفارق، قال ابن قدامة: والفرق بينه وبين ما اختلف فيه، أن الرقية نوع مداواة، والمأخوذ عليها جعل، والمداواة يباح أخذ الأجر عليها، والجعالة أوسع من الإجارة، ولهذا تجوز مع جهالة العمل والمدة، وقوله ¬: "أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" يعني به الجعل أيضا في الرقية؛ لأنه ذكر ذلك في سياق خبر الرقية(53).
وأجاب عنه الذهبي بقوله: إنما نأخذ بعموم قوله ’، لا بخصوص السبب؛ وقد قال: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله"(54).
ث. المراد بالأجر هنا: الثواب.
وأجيب عنه: بأن سياق القصة يأبى ذلك.
3. قال الطحاوي: فإنا قد رأينا النكاح إذا وقع على مهر مجهول، لم يثبت المهر، ورد حكم المرأة إلى حكم من لم يسم لها مهرا، فاحتيج إلى أن يكون المهر معلوما، كما تكون الأثمان في البياعات معلومة، وكما تكون الأجرة في الإجارات معلومة. وكان الأصل المجتمع عليه، أن رجلا لو استأجر رجلا على أن يعلمه سورة من القرآن سماها بدرهم، لا يجوز وكذلك لو استأجره على أن يعلمه شعرا بعينه بدرهم كان ذلك غير جائز أيضا، لأن الإجارات لا تجوز إلا على أحد معنيين. إما على عمل بعينه، مثل غسل ثوب بعينه، أو على خياطته، أو على وقت معلوم لا بد فيها من أن يكون الوقت معلوما، أو العمل معلوما. وكان إذا استأجره على تعليم سورة، فتلك إجارة لا على وقت معلوم، ولا على عمل معلوم، إنما استأجره على أن يعلمه ذلك، وقد يتعلم بقليل التعليم وبكثيره، وفي قليل الأوقات وكثيرها. وكذلك لو باعه داره على أن يعلمه سورة من القرآن، لم يجز ذلك، للمعاني التي ذكرناها في الإجارات. فلما كان ذلك كذلك في الإجارات والبياعات، وقد وصفنا أن المهر لا يجوز على أموال ولا على منافع، إلا على ما يجوز عليه البيع والإجارة وغير ذلك، وكان التعليم لا تملك به المنافع ولا أعيان الأموال، ثبت بالنظر على ذلك أن لا يملك به الأبضاع(55).
وأجيب عنه بأمرين:
أولا: بعدم التسليم لما ذكر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد الجهد المبذول، فقد جاء في رواية أبي داود(56): "ما تحفظ من القرآن؟" قال: سورة البقرة أو التي تليها قال: "قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك".
قال البيهقي: وهذا يمنع من حمله على تزويجها منه على حرمة القرآن كما تزوجت أم سليم أبا طلحة على إسلامه لأنه ليس في إسلامه منفعة تعود إليها وفي تعليمها القرآن منفعة تعود إليها، وهو عمل من أعمال البدن التي لها أجرة(57).
ثانياً: لو قدر حصول جهالة في العقد، فإن ذلك لا يفسد العقد، قال ابن قدامة: والفرق بين المهر والأجر، أن المهر ليس بعوض محض، وإنما وجب نحلة ووصلة، ولهذا جاز خلو العقد عن تسميته، وصح مع فساده، بخلاف الأجر في غيره(58).
4. كتب عمر رحمه الله إلى بعض عماله: [أن أعط الناس على تعليم القرآن]، فكتب إليه: إنك كتبت إلي أن أعط الناس على تعليم القرآن فيعلمه من ليس فيه رغبة إلا رغبة في الجعل، فكتب إليه: [أن أعطهم على المروءة والصحابة] رواه البيهقي(59).
وأجيب عنه: بأن هذا من باب الرزق وليس من باب الإجارة، قال ابن قدامة: فأما الرزق من بيت المال، فيجوز على ما يتعدى نفعه من هذه الأمور؛ لأن بيت المال لمصالح المسلمين، فإذا كان بذله لمن يتعدى نفعه إلى المسلمين محتاجا إليه، كان من المصالح، وكان للآخذ له أخذه؛ لأنه من أهله، وجرى مجرى الوقف على من يقوم بهذه المصالح، بخلاف الأجر(60).
5. إجماع أهل المدينة على ذلك(61)؛ ولذلك قال مالك: لم يبلغني أن أحداً كره تعليم القرآن والكتابة بأجر(62).
6. قال الحكم بن عتيبة: " لم أسمع أحداً كره أجر المعلم"(63).
7. لأنه يجوز أخذ الرزق عليه من بيت المال، فجاز أخذ الأجر عليه كبناء القناطر(64).
8. لأنه نفع يصل إلى المستأجر، فجاز أخذ الأجرة عليه كسائر المنافع(65).
9. قال البيهقي: ويشبه إن كان شيء من هذا ثابتا أن يكون منسوخا بحديث ابن عباس وبما روي في معناه عن أبي سعيد الخدري، ويستدل على ذلك بذهاب عامة أهل العلم على ترك ظاهره، وبأن أبا سعيد وابن عباس إنما حملا الحديث في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويشبه أن يكون عبادة بن الصامت حمله في الابتداء والله أعلم(66).
10. حديث ابن عباس وأبي سعيد أصح إسناداً من حديث عبادة وأبي بن كعب(67).
أجاب عنه الشوكاني بقوله: وإن كان في كل طريقة من طرق هذه الأحاديث مقال، فبعضها يقوي بعضاً(68).
11. قال السندي: إن الخلاف في الأجرة، وأما الهدية فلا خلاف لأحد في جوازها، فالحديث متروك بالإجماع، لكن ظاهر كلام أبي داود أنه معمول به على ظن أنه في الأجرة(69).
ويناقش: بعدم تسليم دعوى الإجماع؛ لأن بعض أهل العلم كره أخذ الهدية على التعليم وهي رواية عن الإمام أحمد(70).
أدلة الفريق الثاني:
1. قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران:187].
قال الجصاص مبيناً وجه الدلالة: وفي الآية حكم آخر وهو أنها من حيث دلت على لزوم إظهار العلم وترك كتمانه فهي دالة على امتناع جواز أخذ الأجرة عليه إذ غير جائز استحقاق الأجر على ما عليه فعله(71).
2. عن أبي الدرداء رحمه الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار" رواه البيهقي(72).
3. عن عبادة بن الصامت رحمه الله، قال: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب، والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه، فأتيته، فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتابة والقرآن، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: "إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها" رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد والبيهقي(73).
4. عن أبي بن كعب، قال: علمت رجلا القرآن، فأهدى إلي قوسا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إن أخذتها أخذت قوسا من نار"، فرددتها. رواه ابن ماجه(74).
وجه الدلالة من الأحاديث: دلت الأحاديث على تحريم أخذ الهدية على تعليم القرآن، فمن باب أولى تحريم اشتراط أجرة على تعليمه(75).
ونوقش بما يلي:
أ. أن قصة عبادة بن الصامت وأبي بن كعب قضيتان في عين، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنهما فعلا ذلك خالصاً لله فكره أخذ العوض عنه، أما من علم القرآن على أنه لله وأن يأخذ من المتعلم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفس فلا بأس(76).
وأجيب عنه: بأن هذا منقوض بالجهاد، حيث يأخذ الغنيمة وإن كان مخلصاً لله في قتاله.
ب. ذهب جمهور العلماء إلى جواز أخذ العوض بلا عقد ولا شرط، وبعضهم نقل الإجماع على ذلك(77)، وبهذا يخالفون الأحاديث التي استدلوا بها، قال ابن حزم: ثم لو صحت لكانت كلها قد خالفها أبو حنيفة وأصحابه؛ لأنها كلها إنما جاءت فيما أعطي بغير أجرة ولا مشارطة، وهم يجيزون هذا الوجه فموهوا بإيراد أحاديث ليس فيها شيء مما منعوا - وهم مخالفون لما فيها - فبطل كل ما في هذا الباب(78).
ويجاب عنه: بأن ورود الوعيد الشديد على أخذ الهدية بتعليمه للقرآن، فيشمل من باب أولى تعليمه بأجرة.
ت. قال ابن رشد عن حديث عبادة: تأويله في مبتدأ الإسلام، وحين كان تعليم القرآن فرضا على الأعيان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية"(79)، وأما إذ قد حصل التبليغ، وفشا القرآن، وصار مثبتا في المصاحف، محفوظا في الصدور، فليست الأجرة على تعليمه أجرة على تبليغه، وإنما هو أجرة على الجلوس لتعليمه، والاشتغال بذلك عن منافعه(80).
5. قال عبد الرحمن بن شبل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اقرؤا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به " رواه أحمد(81).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل بالقرآن، ومن ذلك أخذ أجرة على تعليمه.
ونوقش: بأن هذا أخص من محل النزاع؛ لأن المنع من التآكل بالقرآن لا يستلزم المنع من قبول ما دفعه المتعلم بطيبة من نفسه(82).
6. عن عبد الله بن شقيق الأنصاري، قال: [كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون بيع المصاحف، وتعليم الغلمان بالأجر، ويعظمون ذلك] رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبدالرزاق(83).
7. عن إبراهيم، قال: "كانوا يكرهون أن يأخذوا على الغلمان في الكتاب أجرا" رواه ابن أبي شيبة(84).
8. من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى، فلم يصح أخذ الأجرة عليها، كما لو استأجر إنساناً يصلي خلفه الجمعة أو التراويح(85).
ونوقش: بأنه قياس في مقابلة نص، فيكون فاسداً، وهو قوله ’: "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله"(86).
9. عند تعارض الأحاديث والآثار، يقدم الحظر على الإباحة(87).
10. تفعل الواجبات لوجوبها، والمحرمات تترك لتحريمها، فمن أخذ أجراً على ذلك، فهو من الآكلين لأموال الغير بالباطل؛ لأن الإخلاص شرط، ومن أخذ الأجرة غير مخلص، والتبليغ للأحكام الشرعية واجب على كل فرد من الأفراد قبل قيام غيره به(88).
المسلك الثاني: الجمع بينهما، واختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
القول الأول: يجوز أخذ العوض مع الحاجة دون الغنى(89)؛ فيكون كولي اليتيم في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [سورة النساء:6]، قال ابن تيمية: ومن فرق بين المحتاج وغيره - وهو الأقرب - قال: المحتاج إذا اكتسب بها أمكنه أن ينوي عملها لله، ويأخذ الأجرة ليستعين بها على العبادة؛ فإن الكسب على العيال واجب أيضاً، فيؤدي الواجبات بهذا، بخلاف الغنى لأنه لا يحتاج إلى الكسب، فلا حاجة تدعوه أن يعملها لغير الله، بل إذا كان الله قد أغناه، وهذا فرض على الكفاية: كان هو مخاطباً به، وإذا لم يقم إلا به كان ذلك واجب عليه عيناً، والله أعلم(90).
القول الثاني: يجوز أخذ العوض على الرقية فقط، ويمنع ذلك في غيرها؛ فيكون حديث الرقية مخصصاً للأحاديث القاضية بالمنع(91)، قال الطحاوي: تعليم القرآن فرض على الكفاية، ومن أخذ عوضاً على عمل يعمله فيما افترض الله عمله عليه فذلك عليه حرام لأنه إنما يعمله لنفسه ليؤدي به فرضا عليه. ومن استجعل جعلا على عمل يعمله لغيره من رقية أو غيرها وإن كانت بقرآن أو علاج أو ما أشبه ذلك فذلك جائز والاستجعال عليه حلال(92).
القول الثالث: يحمل الأجر في وقوله ’:"إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله"(93) على عمومه، فيشمل الرقية والتلاوة والتعليم، ويخص أخذها على التعليم بالأحاديث المتقدمة ويجوز ما عداه، قال الشوكاني: وهذا أظهر وجوه الجمع فينبغي المصير إليه(94).
القول الرابع: أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حل له أخذ الأجرة عليه لأن فرض ذلك لا يتعين عليه. وإذا كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره لم يحل له أخذ الأجرة وعلى هذا تأول اختلاف الأخبار فيه(95)؛ فَمَثَلُ عبادة بن الصامت وأبي بن كعب في تعليم القرآن كَمَثَلِ من رد ضالة لرجل أو استخرج له متاعا قد غرق في بحر تبرعا وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضاً، ولو طلبا لذلك أجرة قبل أن يفعلاه حسبة كان ذلك جائزاً، وأهل الصفة قوم فقراء، كانوا يعيشون بصدقة الناس، فأخذ المال منهم مكروه ودفعه إليهم مستحب(96).
الترجيح: الذي يظهر للباحث جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن إن كان فرض كفاية، ويحرم إن كان فرض عين؛ ويشترط تقدير التعليم إما بمدة أو بسور معينة، وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث المجيزة لأخذ العوض، والآيات التي تنزه حملة الشريعة عن أخذ العوض، وأما الأحاديث المانعة من أخذ العوض، فإجماع أهل المدينة العملي وجمهور أهل العلم تركوا العمل بظاهرها وأجازوا أخذ العوض بلا مشارطة، وهذا مما يقوي القول بعدم ثبوتها، والله أعلم.
وأما أخذ الأجرة على تعليم العلوم الشرعية، فقد اختلف فيها أهل العلم نظير اختلافهم في أخذ الأجرة على تعليم القرآن، إلا أن المالكية جعلوا لها حكماً آخر، ولهذا فصلتها عن المسألة السابقة.
وتجنباً للتكرار وإعادة الخلاف السابق مع قائليه وأدلتهم ومناقشتها، اقتصر على ذكر مذهب المالكية في المسألة ودليلهم وموقف الباحث منه.
ذهب المالكية إلى كراهة تعليم العلوم الشرعية من فقه وحديث وآلتها من نحو وأصول فقه.. الخ، قال الخرشي: تجوز الإجارة على تعليم القرآن كله أو بعضه مشاهرة أو على الحذاق والمراد به الحفظ من حيث هو وهو بالذال المعجمة بخلاف الإجارة على تعليم العلم فإنها مكروهة(97).
واستدلوا بما يلي(98):
1. أن الفقه فيه حق وباطل؛ لثبوت الأحكام بالاجتهاد، بينما القرآن حق لا شك فيه.
2. أن أخذ الأجرة على ذلك خلاف ما عليه عمل أهل المدينة والسلف الصالح.
وناقش ذلك السرخسي بقوله: وبعض أئمة بلخ اختاروا قول أهل المدينة(99) وقالوا إن المتقدمين من أصحابنا بنوا هذا الجواب على ما شاهدوا في عصرهم من رغبة الناس في التعليم بطريق الحسبة ومروءة المتعلمين في مجازات الإحسان بالإحسان من غير شرط، فأما في زماننا فقد انعدم المعنيان جميعا فنقول يجوز الاستئجار لئلا يتعطل هذا الباب ولا يبعد أن يختلف الحكم باختلاف الأوقات(100).
3. أن أخذ الأجرة على ذلك يؤدي إلى تقليل طلب العلم.
الترجيح: الذي يظهر للباحث جواز أخذ الأجرة على تعليم العلوم الشرعية إن كان فرض كفاية، ويحرم أخذها إن كان التعليم فرض عين؛ لما ذكرته في المسألة السابقة من الأدلة والاعتبارات.
وأما قولهم: [القرآن حق لاشك فيه، بينما الفقه فيه حق وباطل] فهذه العلة لا تمنع أخذ الأجرة على ذلك؛ لأن المعلم لن يعلم الطالب إلا ما يراه حقاً يقيناً أو ظناً غالباً، فهو لن يعلمه إلا حقاً من وجهة نظر المعلم، وهذا لا يمنع أخذ الأجرة على ذلك.
وأما قولهم: [أن هذا يؤدي إلى تقليل طلب العلم] فغير صحيح؛ لأن غيره يُعلِّمُ العلمَ بدون مقابل، فمن أراد العلم ذهب إليه، والله أعلم.
وأما إن كان رزقاً(101) يأخذه معلم القرآن أو العلوم الشرعية من بيت المال، فإن ذلك جائز باتفاق الفقهاء(102)، وقال ابن قدامة عن الأذان: ولا نعلم خلافا في جواز أخذ الرزق عليه... لأن بالمسلمين حاجة إليه، وقد لا يوجد متطوع به، وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل، ويرزقه الإمام من الفيء؛ لأنه المعد للمصالح، فهو كأرزاق القضاة والغزاة، وإن وجد متطوع به لم يرزق غيره؛ لعدم الحاجة إليه(103)، فكذلك تعليم القرآن والعلوم الشرعية فإنه من المصالح التي ينبغي على الإمام أن يرزق عليها إن لم يجد من يتطوع بتعليمه، وجاء في مطالب أولي النهى: (ويجب على الإمام فرض رزق) من بيت المال (يغني عن التكسب، فمن نصب نفسه لتدريس علم وفتيا) لدعاء الحاجة إلى قيام ذلك والانقطاع له، وهو في معنى الإمامة والقضاء(104).
• أهم الفروق بين الرزق والإجارة(105):
1. من له حق التقدير وطريقة ذلك:
تقدير الرزق يرجع إلى الإمام، ويكون مناطاً بالمصلحة، فكلما كبرت مصلحة الناس من العامل، كلما زاد مقدار رزقه.
بينما تقدير الأجرة يرجع إلى المتعاقدين، ويجب عليهما الوفاء بما يتفقان عليه.
وبناءً على ذلك:
• يجوز للإمام أن يقلل الرزق أو يكثره أو يغيره، كما يجوز له دفع الرزق للشخص وقطعه عنه، بخلاف الإجارة، فإنه يجب تسليم الأجرة من غير زيادة ولا نقصان.
• فلو أخذ المرتزَق أكثر مما يستحقه إما غلطاً من الإمام أو جوراً منه، فإن الزائد يبقى في يده أمانة شرعية يجب ردها لبيت المال؛ لعدم استحقاقه تلك الزيادة.
بينما الإجارة يجوز إبرامها بأكثر من أجرة المثل إذا اقتضى الاجتهاد ذلك، ولا يملك أحد منع ذلك.
• يعطى المرتزَق قدر كفايته هو وعياله، وفي الإجارة يأخذ الأجرة التي تراضيا عليها، قال النووي: الفرق بين الرزق والأجرة أن الرزق أن يعطيه كفايته هو وعيال، والأجرة ما يقع به التراضي(106).
2. من حيث سمات العقد:
يغلب على الرزق جانب المسامحة والإحسان والإعانة على الطاعة.
بينما يغلب على الإجارة المماكسة والانتفاع بالبدن.
وبناءً على ذلك:
• يشترط في الإجارة معرفة الأجل، أو مقدار المنفعة ونوعها، بخلاف الرزق فلا يشترط فيه ذلك.
• لا يورث الرزق؛ لأنه معروف وغير لازم لجهة معينة، بينما تورث الإجارة.
• الإجارة معاوضة من الجانبين، بينما الرزق تبرع من الجانبين، أحدهما بعمله والآخر بماله، جاء في أسنى المطالب: يرزق الإمام وغيره على الأذان ونحوه من القرب، فهو تبرع من الجانبين ذاك بالعمل، وهذا بالرزق بخلاف الإجارة والجعالة(107).
وأما حكم تعليم القرآن والعلوم الشرعية بالأجرة - على القول بجوازها - في المسجد، فللفقهاء فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: يباح إن كان يسيرا ويكره إن كان كثيرا. وهو قول بعض الحنفية(108) والمالكية(109) والشافعية(110) والحنابلة(111).
القول الثاني: يكره ذلك، وإليه ذهب المالكية(112) والشافعية(113).
القول الثالث: يحرم ذلك. وإليه ذهب الحنفية(114) والحنابلة(115)، واستثنى الحنفية صورة واحدة، جاء في غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر: إن كان يحفظ المسجد عن الصبيان والدواب فيجوز للضرورة، ولأجل حفظ المسجد لا للتكسب؛ فإن الأمور بمقاصدها(116).
وسبق ذكر أدلة الأقوال ومناقشتها في مسألة: حكم التكسب بالصنعة في المسجد، وذكرت أن القول المختار هو الكراهة إن حصل لغط وارتفاع للأصوات وإلا جاز بلا كراهة، ولكن إن اتخذ من المسجد محلاً دائماً لتعليم القرآن والعلوم الشرعية فإنه يحرم، والله أعلم.
______________________
(1) المناهدة في اللغة: على وزن مفاعلة، وهذه المادة تستلزم وجود طرفين فأكثر، وهي مأخوذة من (النهد): ويطلق النهد على عدة معانٍ منها:
ثدي المرأة، يقال: نهد الثدي؛ إذا كعب وأشرف وارتفع عن الصدر وصار له حجم.
الفرس الجسيم المرتفع، يقال: فرس نَهْد؛ في نعت الخيل كثير اللحم حسن الجسم مع ارتفاع.
النهوض، يقال: نهد إلى العدو؛ إذا نهض لقتالهم.
العون، يقال: طرح نهده مع القوم؛ إذا أعانهم وخارجهم، والمُخرَج يقال له [النِّهد] بكسر النون.
والمعنى الأخير هو المراد هنا. انظر: لسان العرب مادة [نهد]. أساس البلاغة للزمخشري 2/468. المعجم الوسيط باب النون، مادة [نهد].
وفي الاصطلاح: إخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرفقة. انظر: شرح البخاري لابن بطال 7/6. مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/30. فتح الباري لابن حجر 5/129. النهاية في غريب الحديث 949. المغرب في ترتيب المعرب 473.
(2) فقد جاء عن ابن عباس في قوله عز وجل: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير} قال: إن الله تعالى لما أنزل: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} كره المسلمون أن يضموا اليتامى إليهم وتحرجوا أن يخالطوهم وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فأنزل الله: {ويسألونك عن اليتامى} إلى قوله {ولو شاء الله لأعنتكم}، قال: لو شاء الله لأحرجكم وضيق عليكم، ولكنه وسع ويسر فقال: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}. انظر: أحكام القرآن للجصاص 1/453.
(3) المصدر السابق.
(4) الناسخ والمنسوخ 1/240.
(5) 3/314.
(6) حيث قال في مطلع كلامه: قال علماؤنا: في هذه الآية دليل على جواز الاجتماع على الطعام المشترك وأكله على الإشاعة اهـ أحكام القرآن لابن العربي 3/222.
(7) المصدر السابق.
(8) انظر: أحكام القرآن للجصاص 3/314.
(9) أحكام القرآن 3/426.
(10) البخاري في كتاب الشركة، باب الشركة في الطعام والنهد والعروض 3/137 برقم 2483 واللفظ له. ومسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب إباحة ميتات البحر 3/1535 برقم 1935.
(11) انظر: أضواء البيان في إضاح القرآن بالقرآن 2/370.
(12) البخاري في كتاب الشركة، باب الشركة في الطعام والنهد والعروض 3/137 برقم 2484 واللفظ له. مسلم في كتاب الإيمان، باب من لقي الله بالإيمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار 1/56 برقم 27.
(13) البخاري في كتاب الشركة، باب الشركة في الطعام والنهد والعروض 3/138 برقم 2486 واللفظ له. مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأشعريين 4/1944 برقم 2500.
(14) صحيح البخاري 3/137.
(15) 5/201.
(16) 3/404.
(17) 10/293.
(18) شرح ابن بطال 7/6.
(19) 13/40.
(20) 5/201.
(21) وهي: هل يملك الطعام المقدم إليه؟ ومتى يملكه؟
(22) روضة الطالبين 8/210
(23) فتح الباري 5/129.
(24) فيض الباري 5/201.
(25) وهي قبول دعوى الحالف، أو المطلق ونحوهما بلفظ صريح بالنية، لا قضاءً إذا ادعى أنه قصد باللفظ ما يخالف ما يقتضيه ظاهر اللفظ عرفاً، ولكنه يحتمله، احتمالا بعيدا. الموسوعة الفقهية الكويتية 21/98.
(26) فيض الباري 5/162.
(27) عمدة القاري 13/42. وانظر: النهاية في غريب الحديث 949.
(28) أي حديث جابر عندما جمع أبو عبيدة الأزواد.
(29) 7/7. وانظر: فتح الباري 5/129.
(30) انظر: شرح الخرشي على خليل 7/17. الفواكه الدواني 2/114.
(31) انظر: الأم 2/140. تحفة المحتاج 6/146.
(32) انظر: المبسوط 16/41. البحر الرائق 8/22. حاشية ابن عابدين9/94.
(33) انظر: 6/35. منتهى الإرادات 2/258. كشاف القناع 4/12.
(34) انظر: المبسوط 16/41. البحر الرائق 8/22. حاشية ابن عابدين9/94.
(35) 16/41.
(36) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي 7/17برقم 5135 واللفظ له. وأخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب الصداق،وجواز كونه تعليم قرآن،وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير واستحباب كونه خمسمائة درهم لمن لا يجحف به 2/1040 برقم 1425.
(37) المغني 8/137.
(38) معرفة السنن والآثار 10/221.
(39) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي 3/16. وانظر: المغني 8/139.
وأما زواج أم سليم من أبو طلحة فقد أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب النكاح، باب التزويج على الإسلام 516 برقم 3340 عن أنس رحمه الله أنه قال: [تزوج أبو طلحة أم سليم، فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة، فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم فكان صداق ما بينهما] صححه الألباني.
(40) شرح معاني الآثار 3/18.
(41) انظر: الفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 4/131. نيل الأوطار 10/434.
(42) أخرجه في صحيحه في كتاب النكاح، باب التزويج على القرآن وبغير صداق 7/20 برقم 5149.
(43) رواه في سننه الكبرى في كتاب النكاح، باب كيفية التزويج على آي القرآن 5/217 برقم 5480.
(44) انظر: فتح الباري 9/265.
(45) في صحيحه في كتاب النكاح باب الصداق،وجواز كونه تعليم قرآن،وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير واستحباب كونه خمسمائة درهم لمن لا يجحف به 1041 برقم 1425.
(46) في سننه في كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقاً حتى مات 367 برقم 2117.
درجته: صححه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني والأرناؤوط. انظر: صحيح ابن حبان 9/381. المستدرك 2/198.
(47) صحيح البخاري في كتاب الطب، باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم 7/131 برقم 5737.
(48) انظر: التحقيق في أحاديث الخلاف 2/219. نيل الأوطار 10/436.
(49) أخرجها البخاري في صحيحه في كتاب، باب فضل فاتحة الكتاب 6/187 برقم 5007. وأخرجها مسلم في صحيحه في كتاب السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية 4/1727 برقم 2201.
(50) المبسوط 4/176.
(51) اختيارات شيخ الإسلام الفقهية 7/313.
(52) المرجع السابق.
(53) المغني 8/139.
(54) تنقيح التحقيق للذهبي 2/132.
(55) شرح معاني الآثار 3/19- 20.
(56) في سننه في كتاب النكاح، باب في التزويج على العمل يعمل 266 برقم 2112.
درجته: ضعفه الألباني.
(57) معرفة السنن والآثار 10/221.
(58) المغني 8/139.
(59)في معرفة السنن والآثار 10/222.
(60) المغني 8/139.
(61) انظر: البيان والتحصيل 8/452.
(62) الفواكه والدواني 2/114.
(63) صحيح البخاري 3/92.
(64) انظر: المغني 8/138
(65) فتاوى ابن تيمية 30/207.
(66) معرفة السنن والآثار 10/221.
(67) انظر: السنن الكبرى للبيهقي 6/200.
(68) نيل الأوطار 10/433.
(69) حاشية السندي على سنن ابن ماجه 2/9.
(70) انظر المغني 8/140.
(71) أحكام القرآن 1/142.
(72) رواه البيهقي في سننه الكبرى في كتاب الإجارة، باب من كره أخذ الأجرة عليه 6/201 برقم 11685.
درجته: ضعفه دحيم والبيهقي، وصححه ابن الملقن والشوكاني وابن التركماني. والخلاف على عبدالرحمن وهو صالح عند أبي حاتم وضعفه البيهقي. انظر: تنقيح التحقيق لابن عبدالهادي 4/184 -187. التلخيص الحبير 4/18. نيل الأوطار 10/431. السلسلة الصحيحة 1/513.
(73) رواه أبو داود في سننه في كتاب البيوع، باب في كسب المعلم 616 برقم 3416 واللفظ له. ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن371 برقم 2157. ورواه أحمد في مسنده 37/363. كلهم من طريق مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت.
ورواه أحمد في مسنده 37/426. وأبو داود في سننه في كتاب البيوع، باب في كسب المعلم 616برقم 3417. والبيهقي في سننه الكبرى في كتاب الإجارة، باب من كره أخذ الأجرة عليه 6/200 برقم 11682. كلهم من طريق بشر بن عبدالله بن يسار عن عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت.
درجته: أما الطريق الأول فقد ضعفه ابن عبدالبر والبيهقي وابن حزم وابن الجوزي والذهبي وابن حجر والأناؤوط، وصححه الحاكم الحاكم مرة وضعفه مرة أخرى، حيث قال عن مغيرة بن زياد: إنه حدث عن عبادة بن نسي بحديث موضوع اهـ، وقال ابن المديني: إسناده كله معروف، إلا الأسود بن ثعلبة، فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث اهـ، وقال البيهقي: اختلف فيه على عبادة، فقيل: عنه عن الأسود بن ثعلبة، وقيل: عنه عن جنادة اهـ، وقال ابن حجر: أخرجه أبو داود وابن ماجة وإسناده ضعيف وأخرجه أبو داود والحاكم من وجه آخر أقوى منه اهـ.
وأما الطريق الأخرى: فقد ضعفه البيهقي وابن حزم، وصححه الحاكم والذهبي والألباني، وحسنه الأرناؤوط.
فالبيهقي رماه بالاضطراب، لكن أجاب عليه الألباني: بأنه قد يكون لابن نسي فيه شيخان، فكان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن هذا، فروى كل من المغيرة وبشر ما سمع منه.
ولكن أعل البيهقي متن الحديث حيث قال: وظاهره متروك عندنا وعندهم فإن قبول الهدية منه من غير شرط لا يستحق هذا الوعيد اهـ.
انظر: المستدرك 2/48. الاستذكار باب ما جاء في الصداق والحباء 4/420. معرفة السنن والآثار 10/221. البدر المنير 8/294 وما بعدها. العلل المتناهية 1/75. بيان الوهم والإيهام 3/530. التلخيص الحبير 4/18. الدراية في أحاديث الهداية 2/188. تنقيح التحقيق لابن عبدالهادي 4/184. السلسلة الصحيحة 1/515.
(74) سنن ابن ماجه في كتاب التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن 372 برقم 2158. وروى نحوه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/296. وسعيد بن منصور في سننه في كتاب التفسير، باب فضائل القرآن 2/359 برقم 109.
درجته: ضعفه البيهقي وابن عبدالبر وابن القطان وابن الجوزي والذهبي، وصححه الشوكاني والألباني، قال البيهقي: وظاهره متروك عندنا وعندهم فإن قبول الهدية منه من غير شرط لا يستحق هذا الوعيد اهـ.
انظر: الاستذكار باب ما جاء في الصداق والحباء 4/420. معرفة السنن والآثار 10/221. الأحاديث المختارة للضياء المقدسي 4/22، هـ. البدر المنير 8/294 وما بعدها. العلل المتناهية 1/75. بيان الوهم والإيهام 3/531. مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه 3/12. التلخيص الحبير 4/17. نيل الأوطار 10/433. إرواء الغليل 5/317.
(75) انظر: مجموعة رسائل ابن عابدين 1/168.
(76) نيل الأوطار 10/432.
(77) انظر: حاشية السندي على سنن ابن ماجه 2/8.
(78) المحلى 7/21
(79) رواه البخاري في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل 4/170 برقم 3461.
(80) البيان والتحصيل 8/453.
(81) رواه أحمد في مسنده 24/288 واللفظ له. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 2/168.
درجته: صححه ابن حجر والألباني والأرناؤوط. انظر: فتح الباري 9/101. السلسلة الصحيحة 1/522.
(82) انظر: نيل الأوطار 10/432.
(83) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/296. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه في كتاب التفسير، باب فضائل القرآن 2/353 برقم 104 واللفظ له. وأخرج نحوه عبدالرزاق في مصنفه 8/115.
(84) مصنف ابن أبي شيبة 7/296.
(85) انظر: منتهى الإرادات 2/258.
(86) المفهم 5/589.
(87) انظر: حاشية السندي على سنن ابن ماجه 2/9.
(88) انظر: نيل الأوطار 10/433.
(89) انظر: الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/33. الإنصاف 6/35. منتهى الإرادات 2/258. كشاف القناع 4/12.
(90) الفتاوى 30/207.
(91) انظر: نيل الأوطار 10/437.
(92) انظر: شرح معاني الآثار 4/128.
(93) تقدم تخريجه.
(94) نيل الأوطار 10/437.
(95) انظر: المعرفة في السن والآثار 10/221. معالم السنن 3/100.
(96) انظر: معالم السنن للخطابي 3/99.
(97) شرح الخرشي على مختصر خليل 7/17. وانظر: الفواكه الدواني 2/114.
(98) انظر: الخرشي 7/17. الفواكه الدواني 2/114.
(99) وهو جواز تعليم القرآن بالأجرة، وذكر السرخسي وجه جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وكذلك العلوم الشرعية.
(100) 16/41.
(101) الرزق في اللغة: بفتح الراء يكون مصدراً، وبالكسر اسم للشيء المرزوق: وهو كل ما ينتفع به مما يؤكل ويلبس وما يصل إلى الجوف ويتغذى به، ويجوز أن يوضع كل منهما موضع الآخر، والجمع الأرْزَاق، ويأتي بمعاني أخرى منها: العطاء، الشكر والمطر، جاء في مختار الصحاح: وهو اتساع في اللغة اهـ.
قال ابن فارس في]. معجم مقاييس اللغة مادة [رزق]: الراء والزاء والقاف أُصَيْلٌ واحدٌ يدلُّ على عَطاءٍ لوَقت، ثم يُحمَل عليه غير الموقوت. فالرِّزْق: عَطاء الله جلَّ ثناؤُه. ويقال رَزَقه الله رَزْقاً، والاسم الرِّزْق اهـ. انظر: مختار الصحاح باب الراء، مادة [رزق]. المعجم الوسيط، باب الراء.
وفي الاصطلاح: ما يأخذه المسلم على أعمال القرب التي يتعدى نفعها للمسلمين. انظر:أخذ المال على أعمال القرب1/54.
(102) انظر: تبيين الحقائق 3/283. أحكام القرآن للقرطبي 1/336. تحفة المحتاج 7/131. مغني المحتاج 3/122. المغني 8/138. الإنصاف 6/36. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 3/641.
(103) المغني 2/70.
(104) 6/461.
(105) انظر الفروق للقرافي 2/683- 688.
(106) المجموع 3/95
(107) 1/452.
(108) انظر: شرح معاني الآثار 4/359.
(109) انظر: المنتقى للباجي 1/311
(110) انظر: المجموع 6/363. البيان 3/598.
(111) انظر: الفروع 7/400.
(112) انظر: شرح مختصر خليل للخرشي 7/72.
(113) انظر: أسنى المطالب 1/186.
(114) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 2/229. الفتاوى الهندية 1/110.
(115) انظر: الكافي في لابن قدامة237. المحرر لابن تيمية 1/232. الفروع 5/195. الإنصاف 3/274. كشاف القناع 2/366.
(116)4/56.
التعليقات