مُقوِّمات الخطيب المسدَّد
أولًا: رباطة الجَأْش، وسكون النفس:
جاء في "كتاب الصناعتَيْن"؛ لأبي هلال العسكري، ما نصه: "قال حكيم الهند: أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة، وذلك أن يكونَ الخطيبُ رابط الجَأْش، ساكنَ الجوارح"، علَّق أبو هلال قائلًا: "وقوله: وهو "أن يكونَ الخطيبُ رابط الجأش"؛ ساكن النفس جدًّا؛ لأنَّ الحيرة والدَّهش يورثان الحبسة والحَصر، وهما سبب الإرتاج والإجبال".
ثانيًا: جهارة الصوت:
قال الجاحظ في "البيان والتبيين": "وكانوا يمدحون الجهير الصوت، ويذُمُّون الضئيل الصوت؛ ولذلك تشادقوا في الكلام، ومدحوا سَعَة الفم، وذمُّوا صغر الفم"، ولكن مكبِّرات الصوت اليوم قد أغنتْ عن الجهارة، فعلى الخطيب مُراعاة التوسُّط والاعتدال.
ثالثًا: الهُدوء والتمهُّل في النطق:
قال أبو هلال العسكري في "كتاب الصِّناعتين": "وعلامة سُكُون نفس الخطيب، ورباطة جأشه: هدوءُه في كلامه، وتمهُّله في منطقِه، وقال ثمامة: كان جعفر بن يحيى أنطقَ الناس، قد جمع الهدوء والتمهُّل، والجزالة والحلاوة، ولو كان في الأرض ناطقٌ يستغني عن الإشارة لكانه".
رابعًا: الاختطاب واقفًا مع الاتكاء على عصًا أو قوسٍ:
قال الهيثم بن عدي: "لم تكن الخطباءُ تخطب قعودًا إلَّا في خطبة النِّكاح"؛ "البيان والتبيين".
وفي "سنن أبي داود": "فأقمنا أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام مُتوكِّئًا على عصًا أو قوسٍ"؛ صحَّحه الألباني.
خامسًا: الاهتمام بِلُغة الجسد:
فمن كلام ابن أبي دواد: "والنظر في عيون الناس عِيٌّ، ومسح اللحية هُلْك، والخروج عما بُنِي عليه الكلامُ إسهاب"؛ "العقد" لابن عبدربِّه.
وقد حُكِي أن الحجَّاج قال لأعرابي: أخطيبٌ أنا؟ قال: نعم، لولا أنك تُكثر الرد، وتُشير باليد، وتقول: أمَّا بعد"؛ "أدب الدنيا والدين"؛ للماوردي.
وقد قال الشاعرُ يصف أحد الخطباء:
مَلِيءٌ بِبُهْرٍ وَالْتِفَاتٍ وَسَعْلَةٍ
وَمَسْحَةِ عُثْنُونٍ وَفَتْلِ الأَصَابِعِ
التعليقات