أيهما أفضل صوم شهر المحرم، أم صوم شهر شعبان؟

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في فضل الصيام في شهر الله المحرم: ما رواه مسلم في صحيحه (1163)؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قوله: «وشهر المحرم» أي: يسن صوم شهر المحرم، وهو الذي يلي شهر ذي الحجة، وهو الذي جعله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول شهور السنة، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ) .
واختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ أيهما أفضل صوم شهر المحرم، أم صوم شهر شعبان؟
فقال بعض العلماء: شهر شعبان أفضل؛ لأن النبي كان يصومه، إلا قليلاً منه ولم يحفظ عنه أنه كان يصوم شهر المحرم؛ لكنه حث على صيامه بقوله: ( إنه أفضل الصيام بعد رمضان ) .
قالوا: ولأن صوم شعبان ينزل منزلة الراتبة قبل الفريضة وصوم المحرم ينزل منزلة النفل المطلق، ومنزلة الراتبة أفضل من منزلة النفل المطلق، وعلى كل فهذان الشهران يسن صومهما، إلا أن شعبان لا يكمله." انتهى، من "الشرح الممتع" (6/468).
وليست فضيلة الصيام في شهر المحرم خاصة بالعشر الأول منه ، ولا منه عشر أفضل من غيره ، إلا أن في العشر الأول صوم تاسوعاء ، وعاشوراء ، وقد ثبت في السنة فضيلته ، والترغيب في صومه.
وفيما عدا الصيام ، وفضله في المحرم : فلم يرد تخصيص العشر الأوائل من شهر محرم بمزيد من العبادة تفوق باقي أيام الشهر، بل ولا ثبت تخصيصه بشيء من العبادات، ولا ثبتت له فضيلة ، من هذا الوجه ، ولا خصوصية بالعبادة ، عن سائر الأشهر الحرم، التي هي أفضل شهور السنة .
وقد ورد في حديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يعظم العشر الأول من المحرم.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى؛ حيث قال:
" وقد وقع هذا في بعض نسخ كتاب "فضائل العشر" لابن أبي الدنيا: عن أبي عثمان، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يعظم هذه العشرات الثلاث )، وليس ذلك بمحفوظ " انتهى. "لطائف المعارف" (ص 88).
وقد ورد موقوفا عن أبي عثمان النهدي؛ ذكره محمد بن نصر المروزي؛ حيث قال:
" قَالَ هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ: "كَانُوا يُعَظِّمُونَ ثَلَاثَ عَشَرَاتٍ؛ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَالْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ" رواه المروزي كما في "مختصر قيام الليل" (ص 247).
وهذا خبر معلق، فمحمد بن نصر لم يدرك هشيم بن بشير، وبين وفاة هشيم، وولادة محمد بن نصر زمن طويل.
التعليقات