ما المراد بـ (صفر):
للعلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا صفر» ثلاثة أقوال:
1- المراد بصفر: داءٌ يكون في البطن يُصيب الماشية والناس، وهو أعدى من الجرب عند العرب، والمراد بنفي الصفر هنا: ما كانوا يعتقدونه بسببه من العدوى، وبه قال ابن عيينة وأحمد ورجحه البخاري في صحيحه، وابن جرير الطبري، وعضدوا ترجيحهم هذا بأنه قُرِن في الحديث مع نفي العدوى.
2- المراد بصفر: داءٌ يأخذ البطن يقال إنه دود فيه كبار كالحيات، وكانوا يعتقدون أنه يعدي، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. قال به سفيان بن عيينة والإمام أحمد وابن جرير وغيرهم.
3- المراد بصفر: شهر صفر، ثم اختلفوا في تفسيره على قولين:
أحدهما: نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء، فكانوا يستحلون المحرم ويحرمون صفر مكانه، وهذا قول مالك، وأبي عبيدة
والثاني: أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر ويقولون: إنه شهر مشؤوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وهذا حكاه أبو داود عن محمد بن راشد المكحولي عمن سمعه يقول ذلك.
قال ابن رجب رحمه الله: «ولعل هذا القول أشبه الأقوال، وكثير من الجهال يتشاءم بصفر، وربما ينهى عن السفر فيه، والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها»
ثم قال رحمه الله ـ: وأما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح، وإنما الزمان كله خلق الله تعالى، وفيه تقع أفعال بني آدم، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشؤوم عليه، فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى، كما قال ابن مسعود ت: «إذا كان الشؤم في شيء ففيما بين اللحيين؛ (يعني اللسان).
التعليقات