يا تارك الصلاة.. ليس لك حظ في الإسلام

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أعلم أن حديثي هذا ربما يكون صادما للكثير منكم، لكنني - وعلى الرغم من هفواتي – لازلت صادقا مع نفسي، فأن شاب متهاون في الصلاة بدرجة كبيرة جداً، وأثناء الصلاة أفكر وأسهو كثيراً، وبعض الأحيان يخرج البول والغائط بدون أن أتحكم به، وأنا أسمع الأغاني بكثرة، حتى أصبحت مدمناً لها، وقد قررت الذهاب إلى مكة المكرمة لمقابلة ربي، ولا أعلم ماذا أفعل. أرجو الرد سريعاً وشكراً. وأريد بعض الأدعية والأذكار.

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة السلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. وبعد:

إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد قرأت رسالتك، وساءني جداً تهاونك في أداء الصلاة، ثم إدمانك لسماع الأغاني، ولعل هذا من ضمن الأسباب التي تجعلك تتهاون في أداء الصلاة، وربما وصفك لنفسك غير دقيق، فهي ليست بالهفوات، بل ذلات، وإذا صليت فأنت كثير التفكير في أمور الدنيا واللهو، وكذلك كثير السهو في صلاتك ولا حول ولا قوة إلى بالله العظيم.

فإلى من تهاون في أداء الصلاة، وضيع حدود الله أقول:

اعلم –هداني الله وإياك – إن الصلاة عماد الدين، والركن القويم، والفارق بين الكفار والمؤمنين، فمن أداها وحافظ عليها فهو الفائز المنصور، ومن ضيعها وتكاسل عن أدائها فهو الخاسر المهزوم، كيف لا وقد حفل القرآن الكريم بآيات كثيرة يحثنا فيها المولى – جل وعلا- على أداء الصلاة والمحافظة عليها؟ قال – تعالى -: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين" [البقرة: 43]، وقال –تعالى-: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" [البقرة: 238]، وقال – تعالى-: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود: 114].

وقال – صلى الله عليه وسلم- "بُني الإسلام على خمس..." الحديث وذكر فيه الصلاة، متفق عليه عبد البخاري (8)، ومسلم (16) عن ابن عمر – رضي الله عنها-.

وعنه أيضاً قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة" متفق عليه عند البخاري (25) ، ومسلم (22) من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما - .

فالصلاة أمرها عظيم، وشأنها جليل، ومن عظيم شأنها وعلو مكانتها قد فرضها الله على عباده يوم أسرى برسول الله – صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لعظيم شأنها وعلو قدرها ومكانتها.

قال – صلى الله عليه وسلم-: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم في صحيحه (82) عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما-.

وعن بريدة بن الحصيب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2621) وغيره وقال: حديث حسن صحيح.

واعلم يا من تركت الصلاة، أنك مغبون مخذول، ليس لك حظ في الإسلام، قال عبد الله بن مسعود– رضي الله عنه-: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة".

وعن شقيق بن عبد الله التابعي الجليل قال: "كان أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" أخرجه الترمذي (2622) بإسناد صحيح.

واعلم - أيها المسكين - أنك إلى الله راحل وبين يديه واقف، وأنك لا محالة مسؤول فأعد لكل سؤال جواباً، وللجواب صواباً، قال – صلى الله عليه وسلم-: "أن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال: يقول: ربنا – جل وعز – لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان أنقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع، فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم" رواه أبو داود (864) والنسائي (466) وابن ماجة (1425) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وفي رواية: قال: "فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت خاب وخسر" عند الترمذي (413)، والنسائي (465).

واعلم أيها المتكاسل عن الصلاة، أن الصلاة طريقك إلى الجنة، فاحذر أن يغلق هذا الباب في وجهك.

قال – صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد..." الحديث أخرجه أبو داود (1420)، والنسائي (461) وابن ماجة (1401) وغيرهم من حديث عبادة بن الصامت –رضي الله عنه-.

فيا أخي الكريم: تب إلى الله، وارجع إليه، وحافظ على صلاتك تكن من الفائزين في الدنيا والآخرة، واحذر من الشيطان؛ فإنه يريد لك الضلال، والغواية، والخسران في الدنيا والآخرة، فكن على حذر منه، إنه عدو مبين.

أما بالنسبة لسماعك الأغاني والموسيقى، فهذه طامة كبرى، وبلية عظمى، فالغناء بريد الزنا، ومزمار الشيطان، وجاسوس القلوب، وهو لهو الحديث الذي يضل عن السبيل كما قال ربنا: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين" [لقمان: 6].

قال ابن مسعود –رضي الله عنه- الصحابي الجليل في تفسير هذه الآية: "والله إن لهو الحديث هو الغناء".كررها ثلاثاً، وتفسير الصحابة حجة؛ لأنهم أعلم بالقرآن معناً ولفظاً، حتى قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع .

فاتق الله أخي الكريم واحذر هذا الداء العضال، والمرض الفتاك، فإن خطره عظيم على القلب، وإذا فسد القلب فسد سائر الجسد كما في الحديث المتفق عليه عند البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" فعليك بإصلاح قلبك، وذلك بفعل الطاعات، وتركك المنكرات، ومن جملة هذه المنكرات سماع الأغاني وما في حكمها.

أما بالنسبة لما ذكرت من خروج البول والغائط منك دون تحكم، فإن كان ذلك حالة مرضية مستمرة معك فلا حرج عليك، ولكن عليك بالطهارة قبل كل صلاة، هذا الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أما إذا كان هذا الأمر ليس بصفة مستمرة، فعليك أن تتوقى منه، وإذا خرج أثناء الصلاة فالراجح من أقوال أهل العلم في ذلك عليك بإعادة الصلاة، هذا والله أعلم، وننصحك والحالة هذه مراجعة طبيب مختص في ذلك حتى يتم علاجك، ونسأل الله لك الشفاء العاجل.

أما بالنسبة للأدعية والأذكار فعليك بكتاب حصن المسلم للشيخ سعيد القحطاني – حفظه الله تعالى- فهو كتاب صغير الحجم، قليل ثمنه، عظيم نفعه – بإذن الله تعالى-.

هذا والله أسأل أن يوفقنا وإياك لكل خير وبر، ويصرف عنا كل سوء وشر.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.