السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: لدي جار لا يصلي في المسجد وقد أخبرني أحد الجيران أنه نصحه لكنه لا يزال على حاله وقد قمت بوضع مطويات وأشرطة على سيارته وعلى باب منزله لكن ذلك لم يغير فيه شيء وتحولت إلى رسائل الجوال وبعد إرسال عدة رسائل عن فضل صلاة الجماعة في المسجد اتصل علي وطلب مني عدم إرسال رسائل على جواله لأن هذا الأمر لايهمه وأن الصلاة بينه وبين ربه فقلت له أبشر ولكن حق الجوار يحتم علي مناصحتك. آمل منكم توجيهي وهل توجد طرق أخرى لمناصحته. والسلام عليكم.

أجاب على السؤال فضيلة الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن

الحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس شريطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:
أخي الحبيب أشكر لك حرصك الشديد على دعوة جارك إلى الصلاة لأنها عمود الدين، وهذا يدل على الخيرية التي أودعها الله في هذه الأمة حيث قال عز من قائل سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...}(آل عمران من الآية (110).

فجزاك الله خير الجزاء وأتمه على هذا الحرص والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأبشر بالخير في الدارين نسأل الله لنا ولك الثبات على الدين حتى الممات.

أخي الكريم إن ما فعلته مع جارك تُؤْجر عليه ولا شك، وقد استعملت معه طرق دعوية طيبة وصحيحة، وفيها من الحكمة والموعظة الحسنة كما أمرنا ربنا جل وعلا في دعوة الآخرين، وكونه استجاب أو لم يستجيب هذه ليست مهمتك، مهمتك هي دعوته بالطرق الصحيحة وقد فعلت، وكون قلبه لم ينشرح لما دعوته له، هذا نذير شر بالنسبة له ولكن لا تتركه وحاول معه مرة تلو أخرى وإن فشلت هذه الطرق استخدم طرق أخرى، من ذلك اجعل إمام مسجد الحي عندكم يوجه له رسالة دعوية لطيفة أو أحد وجهاء الحي ممن يحافظون على الصلاة ، لا تكثر عليه أيضاً ااأيضاًمن النصح والإرشاد، بل توقف قليلاً، أو ابحث عن آخر يقوم بهذه المهمة لكن المهم في ذلك دعوته بطريقة لا تنفره، أرى أن تقترب منه أكثر وأكثر إذا كان يهمك أمره، حاول أن تشاركه في بعض أموره الخاصة وخصوصاً إذا علمت أنه في ضائقة أو في أي مناسبة يحتاج إلى أحد يكون بجواره قف معه وتعاون وساعده إذا احتاج المساعدة، وسانده إذا احتاج المساندة، ولا تكلمه في شأن الصلاة أبداً بل اجعل الجانب التطبيقي هو الذي يدعوه بمعنى إذا كنت عنده مثلاً في أمر ما وحان وقت الصلاة قل له يا أخي استأذنك لكي أصلي، وهكذا، اعرض عليه يوماً أن تصحبه لقضاء عمرة سوياً وأكيد أنه سيصلي أثناء السفر أو تواجده في مكة، الذي أريد أن أوصله لك تعامل معه بحسن خلق في جميع معاملتك معه، وأبشر بالخير، أي ادعوه إلى الالتزام بطريقة عملية كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم، فحسن الخلق، والتعامل الطيب، والبسمة الحانية، والهدية الجميلة لها تأثيرها في النفوس، وفتح القلوب المغلقة، أنا متأكد يا أخي الحبيب إذا علم الله منك صدق النية في هدايتك جارك ورأى جارك منك حُسن الخلق، والتعامل الطيب والوقوف معه في بعض أزماته، أنا متأكد أنه لا بد وأن يقف مع نفسه وقفة ويسألها لماذا هذا الرجل يفعل معي كل هذا؟ هل يريد مني شيء؟ هل بيني وبينه قرابة أو صلة رحم، أو تجارة أو أي شيء يجعله يفعل معي ذلك؟ وفي كل مرة ستكون الإجابة بـــ"لا" هنا- والله أعلم -  يعلم أنك تريد له الهداية، الهداية فقط، لأنك تحب له الخير كما تحبه لنفسك لا تريد منه جزاءً ولا شكوراً، عندها أرى أنه سيستجيب لدعوتك والله أعلم.

ومن وسائل دعوته أيضاً معرفة البيئة التي يعيش فيها سواء داخل المنزل أو خارجه، وإن استطعت أن تغير شيئاً من ذلك بطريقة مقبولة فهذا سيؤثر كثيراً في مدى استجابته لك، فمثلاً إذا استطعت أن زوجتك تكون علاقة مع زوجته، وتطلع عن قرب عن مدى التدين والإلتزام الذي يوجد عندهم، فإن وجدت خللاً أو تقصيراً تحاول على تصحيحه وتقويته، فإذا نجحت زوجتك في هدايته زوجته مثلاً-هذا إذا كانت لا تصلي هي الأخرى – فإذا نجحت في ذلك في أن تجعل البيت تظهر فيه علامات التدين والإلتزام وإقامة الصلاة، فإن هذا سيكون له تأثير كبير على هذا الرجل، فالرجل يتأثر بمن حوله، وكذلك بالنسبة للبيئة الخارجية، حاول أن تنشأ له صحبة صالحة من جماعة المسجد الذين هم على نفس نهجك واهتمامك بصلاح جارك.

حاول أن تناقش هذا الأمر مع أحد الدعاة أو طلبة العلم ممن تعرفهم وتدراس معهم إيجاد بعض الطرق لدعوة مثل هؤلاء، وستجد بإذن الله تعالى طرقاً كثيرة غير ما ذكرنا.

وفي الختام أقول لك يا أخي اجتهد في الدعاء لهذا الجار وابذل ما في وسعك وعلى حسب جهدك، والمرء لا يلام بعد استفراغ وسعه وبذل ما في جهده، وتأكد بأن المولى جل وعلا يؤيدك وينصرك فيما أنت فيه، فإذا بذلت ما تقدم ذكره وبيانه وبذلت له النصيحة وما وجدت طريقاً إلا وسلكته، فإن استمر على ما هو عليه من الإعراض عن الصلاة، فليس عليك هداه فالله يهدي من يشاء فهداية التوفيق والرشاد لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى، أما أنت فقد أديت الذي عليك، وأحسن الله إليك وأجزل لك الأجر والمثوبة وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.