الدعوة الفردية جدل جديد بين علماء الأمة
إسماعيل: الرسول صلي الله عليه وسلم أول داعية فردي
أبوليلة: الدعوة واجبة علي كل مسلم وبها انتشر الإسلام
عبداللطيف: تهتم بالأمور السطحية وفاقد الشيء لا يعطيه
عاشور: لا يوجد ما يسمي دعوة فردية والعلم بالفقه والحديث شروط هامة
اختلف علماء الدين في تعريف الدعوة الفردية فأحدهم قال أنها أساس الدعوة لأنها قائمة علي الحوار والنقاش لمن هم أهل للحوار، إن كل مسلم داعية فردي لدينه بعمله وأدائه لأركان الإسلام وفروضه فيما اختلف معهم وكيل الأزهر السابق، مشددًا علي عدم وجود شئ اسمه دعوة فردية لأنها تحتاج صفات لا تتوفر في الداعية الفردي.
في البداية قال الدكتور يحي إسماعيل، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، في حديثه لـ "دليل المسجد" إن دعوة رسول الله صلي الله علية وسلم قائمة علي الدعوة الفردية وقال تعالي "قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ ۖ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا"، وهي تعني أيضًا النقاش الهادف للوصول إلي الحق وهي طريق الأنبياء.
وبدأ النبي في أوائل البعثة بدعوة من يحوزون ثقته فدعا زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها ثم صاحبه أبو بكر الصديق ثم ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وانتقلت فكرة الدعوة إليهم وتمكن سيدنا أبو بكر من دعوة عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما وغيرهم، وكان الصحابة الأوائل رضوان الله عليهم يجتمعون في دار الأرقم ليتدارسوا الجديد ثم شع النور في أرجاء مكة وانتقلوا بعدها للمدينة لينتشر الإسلام في العالم أجمع.
خديجة عمود الدعوة الثاني
وحدد إسماعيل، صفات الداعية في أن يكون أولا مؤمنًا بفكرته إيمانًا متأصلًا في كيانه ووجدانه ذلك أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال "الكلمة إذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان، وإذا خرجت من القلب دخلت القلب" ثانيا وضوح الفكرة , حسن العرض ,المثابرة على الفكرة والثبات عليها لأن الثبات دعوة فى حد ذاتها فحين يرى الناس الداعية متمسك بفكرته سيرغبون فى معرفة المزيد عنها, وبنجاح الفكرة سينتقل لهيبها إلى الغير كما انتقلت من رسول الله إلى زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها والتى أصبحت عمودا ثانيا من أعمدة الدعوة وساندت الرسول حين قالت له "والله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر".
وأكد أستاذ الحديث، أن الدعوة ليست بها عيوب فالداعية إذا وجد أحد مقبل عليه ولديه رغبة فى المعرفة يدعوه؛ ولكنها ليست وظيفة فما يقال عن الداعية يظل مع شخص واحد لسنوات لا يمكن أن تتحقق لأن الداعية أمامه الكثير من أهل الأمة الإسلامية في حاجة إلي الدعوة.
الدعوة الجماعية للتذكير فقط
وشدد على أن الدعوة الفردية تعمل على تأسيس الفكرة بين اثنين أو ثلاثة أشخاص ولكن الدعوة الجماعية قائمة على التذكير كما يحدث فى صلاة الجمعة والخطب والندوات وكما قال الشيخ سيد قطب" إن آفة الدعوة الجماعية أنه يميل الكل حيث يميل البعض" فالاستجابة من الحضور تكون سريعة لإظهار المجاملة والتحصيل المسبق لدي الشيخ أو الداعية.
لا إكراه في الدين
ومن جانبه قال الدكتور محمد أبوليلة، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لـ "دليل المسجد" إن الدعوة واجبة على كل مسلم قادر عليها سواء بالحال أو المقال بأن يكون فى نفسه مسلما عاملا بالحد الأدنى, ثم يدعو غيره أن يعمل بالإسلام ويتخلق بأخلاق ديننا القويم, بالإضافة إلي دعوة غير المسلم للإسلام ولكن دون إلحاح أو إكراه وقال تعالى " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ", وقال تعالى أيضا " أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" كذالك لم يكره النبى أحد على الدخول فى الإسلام.
الاحترام المتبادل أساس الدعوة
وأضاف أبو ليلة، أن من الدعوة إلى الله رد الطعن والتشكيك فى الإسلام والرد عليها بالحجة الدينية وبيان حقيقة الإسلام للناس، منوهًا بأن علاقة الداع بالمدعو لابد أن تكون قائمة على المودة والاحترام المتبادل بين الطرفين فلابد من احترام عقل الشخص وأن كان ضال.
وشدد على أن القاعدة الإنسانية في الدعوة هي تصويب الشخص وعدم التقليل من شأن البعض وإن أخطئوا فى حق الله، لافتًا إلي أن الوضع أصبح خطيرة خاصة مع كثرة الخبث والمغريات وفى المقابل انعدمت الثقافة الدينية وضعف الوازع الدينى. وأكد على أن الدعوة يجب أن يساندها علم الدين وعلم معرفة النفس البشرية لمعرفة ما يقال وما لا يقال.
دعوة سطحية
وبدوره قال شوقي عبد اللطيف، وكيل وزارة الأوقاف ورئيس القطاع الديني، في حديثه لـ " دليل المسجد " إن الدعوة الفردية لابد أن يكون لها متخصصون وأصحاب فكر معتدل درسوا وتأهلوا وتعلموا لأن فاقد الشئ لا يعطيه، فالدعوة الفردية تهتم بالأمور السطحية التي لابد لكل فرد في الأمة أن يسلم بها ولأننا نهتم بظواهر الأمور حيث قال الرسول صلي الله عليه وسلم "بلغوا عني ولو بآية"، والمسلم يعلم أن الصلوات الخمسة فرض والصوم فرض بالإضافة إلي علمه بباقي أركان الإسلام ويؤديها ويدعو غيره في إطار الموعظة الحسنة لتأديتها وهذه هي الدعوة الفردية.
فيما قال محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، لـ "دليل المسجد " إنه لا يوجد ما يسمي دعوة فردية، فالداعية يجب أن يكون تقي ورع حافظ لكتاب الله عالمًا بالفقه وبدرجات الحديث.
وأما من يقول أن النبي بدأ وحده في الدعوة فالرد هنا، أن الرسول كلفه ربه وأمره بذلك فهو موجه من رب العزة جل وعلا وساعده الصحابة وساندوه بعد ذلك حتي بني مجتمع إسلامي قوي.
التعليقات