لطائف.. وطرائف
لطائف.. وطرائف
أعرابي يُصارح الحجاج
عن علي بن زيد قال: قال طاووس: بينما أنا بمكة، بعث إلى الحجاج، فأجلسني إلى جنبه، وأتكأني على وسادة؛ إذ سمع مُلَبِّيًا يُلبِّي حول البيت، رافعًا صوته بالتَّلبية.
فقال الحَجاج: عليَّ بالرَّجُل.
فأُتي به. فقال: ممَّن الرَّجُل؟
قال: من المسلمين.
قال: ليس عن الإسلام سألت.
قال: فعمَّ سألت؟
قال: سألتك عن البلدان.
قال: من أهل اليمن.
قال: كيف تركت محمد بن يوسف؟ يريد: أخاه.
قال: تركته عظيمًا، جسيمًا، لبَّاسًا، ركَّابًا، خرَّاجًا، ولَّاجًا –أي: عظيم الاحتيال-.
قال: ليس عن هذا سألتك!.
قال: فعمَّ سألت؟
قال: سألتك عن سيرته؟
قال: تركتُهُ ظلُومًا، غشوُمًا، مُطيعًا للمخلُوق، عاصيًا للخالق!
فازورَّ الحجاج من ذلك، وقال له: ما حَمَلَكَ على أن تتكلَّم بهذا الكلام، وأنت تعلم مكانه مني؟!
فقال الرَّجُل: أتُراهُ بمكانه منك أعزَّ مني بمكاني من الله، وأنا وافدُ بيتِهِ، ومُصدِّقُ نبيَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقاضي دينِهِ.
فسكت الحَجاج فما أجاب إليه جوابًا، وقام الرَّجُل من غير أن يُؤذَنَ له، فانصرف!
[الأولياء: ابن أبي الدنيا (ص36)]
لو بدأت بي
قال أبو الحسن المدائني: خرج الحسن و الحسين وعبد الله بن جعفر –رضي الله عنهم- حُجَّاجًا، ففاتتهم أثقالهم –أي: ما يحتاجونه في سفرهم-، فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباء لها.
فقال أحدهم: هل من شراب؟
قالت: نعم.
فأناخوا إليها، وليس لها إلا شويهة.
فقالت: احلبوها، فاشربوا لبنها.
ففعلوا.
فقالوا: هل من طعام؟
قالت: لا؛ إلا هذه الشاة؛ فليذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم ما تأكلون.
فقام إليها أحدهم فذبحها وكشطها. ثم هيأتْ لهم طعامًا فأكلوا، وأقاموا حتى أبردوا –أي: خفت شدة الحر-، فلما ارتحلوا..
قالوا: نحن نَفَرٌ من قريش، نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمِّي بنا، فإنَّا صانعون إليك خيرًا.
فارتحلوا، وأقبل زوجها، فأخبرته بخبر القوم والشاة، فغضب..
وقال: ويحك! تذبحين شاتي لقوم لا أعرفهم، ثم تقولين: نفر من قريش.
ثم بعد مدة ألجأتهما الحاجة إلى دخول المدينة، فدخلاها، وجعلا يلتقطان البَعْر، ويعيشان بثمنه، فمرت العجوز ببعض سكك المدينة، فإذا الحسن بن علي واقف بباب داره، فعرف العجوز، وهي منكرة، فبعث إليها غلامه، فدعا بها..
فقال لها: يا أمَة الله.. أتعرفينني؟
قالت: لا.
قال: أنا ضيفك بالأمس يوم كذا وكذا!
قالت: بأبي أنت وأمي!
ثم اشترى لها من شاة الصدقة ألف شاة، وأمر لها بألف دينار، بعث بها مع غلامه إلى الحسين –رضي الله عنه- ، فأمر لها بمثل ذلك، وبعث بها غلامه إلى عبد الله بن جعفر –رضي الله عنه-..
فقال لها: بكم وصلك الحسن و الحسين –أي: كم أعطاك الحسن و الحسين-؟
قالت: بألفي شاة، وألفي دينار.
فقال لها: لو بدأتِ بي لأتعبتهما في العطاء، أعطوها عطيتهما.
فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف دينار، وأربعة آلاف شاة.
[ثمرات الأوراق: ابن حجة الحموي (2/25)]
صوم يوم عرفة
قيل لقينة: صوم يوم عرفة كفارة ذنوب سنة؛ فصامت إلى الظهر وأفطرت. فقيل لها: ما هذا؟ قالت: يكفيني ستة أشهر.
[جمع الجواهر: أبو إسحاق الحصري (ص113)]
طلق امرأته لوجه الله
ورأى أعرابي الناس بمكة وكل واحد يتصدق ويعتق ما أمكنه. فقال: يا رب، أنت تعلم أنه لا مال لي، وأشهدك أن امرأتي طالق لوجهك يا أرحم الراحمين!
[جمع الجواهر: أبو إسحاق الحصري (ص113)]
أعرابي لا يستغفر في الحج
حج أعرابي من طيء فكان يدعو ولا يستغفر، فقيل له في ذلك، فقال: إنّ تركي الاستغفار مع ما أعلم من عفو الله ورحمته لضعف، وإن استغفاري مع ما أعلم من إصراري للؤم.
[ربيع الأبرار: الزمخشري (2/356)]
أصلحت أكثر ما أحتاج إليه
قال مُزَبِّد المديني يومًا: قد عزمت في هذه السنة على الحج، وأصلحت أكثر ما أحتاج إليه. قالوا: وما الذي أصلحت؟ قال: تحفظت التلبية!!
[نثر الدر: أبو سعد الآبي (3/164)]
يا غريب الدار عن وطنه
قال جماعة من أهل البصرة: خرجنا نريد الحج، فلما كنا ببعض الطريق، إذا غلام واقف على قارعة الطريق، وهو ينادي:
أيها الناس، هل فيكم أحد من أهل البصرة؟
فملنا إليه، وقلنا له: ما تريد؟
قال: إن مولاي لِمَا به يريد أن يوصيكم.
فملنا معه، فإذا شخص ملقى على بُعْدٍ من الطريق تحت شجرة لا يحر جوابًا، فجلسنا حوله، فأحس بنا، فرفع نظره وهو لا يكاد يرفعه ضعفًا، وأنشأ يقول:
يا غريبَ الدَّارِ عن وطنِهْ مفردًا يبكي على شَجَنِهْ
كلما جدّ البكاءُ بـه دبَّتِ الأسقامُ في بَدنِهْ
ثم أغمي عليه طويلاً ونحن لجلوس حوله؛ إذ أقبل طائر، فوقع على أعلى الشجرة، وجعل يغرد، ففتح الفتى عينيه، وجعل يسمع تغريد الطائر، ثم أنشأ يقول:
ولقد زاد الفؤادَ شجىً طائِرٌ يَبكي على فَنـنِهْ
شفَّهُ ما شفَّني فبـَكى كُلُّنا يَبكي على سَكَنِهْ
ثم تنفس تنفسًا فاضت نفْسُه منه، فلم نبرح من عنده حتى غسَّلناه وكفَّناه وتولَّينا الصلاة عليه، فلما فرغنا من دفنه، سألنا الغلام عنه، فقال: هذا العباس بن الأحنف.
[وفيات الأعيان: ابن خلكان (3/26)]
حج قبل أن تحفر زمزم
شهد أعرابي عند حاكم، فقال المشهود عليه: أتقبل شهادته وله من المال كذا ولم يحج؟ فقال الأعرابي: بلى والله حججت كذا مرة، قال: سله أصلحك الله عن مكان زمزم، فسأله فقال: إني حججت قبل أن تحفر زمزم.
[ربيع الأبرار (2/297)]
هدايا الحجاج
من المعروف عند عودة الحجيج من رحلتهم المباركة أنهم يحملون معهم الهدايا للأهل والأحبة والأصدقاء؛ كنوع من المودة والذكرى؛ ولكن الشاعر عمر بن حيان الضرير لم يجد من يعيره اهتمامًا من الحجاج، ولم يجد من يتذكره بشيء من تلك الهدايا، فأنشد قائلًا:
كأن الحجيج الآن لم يقربوا منى ... ولم يحملوا منها سواكاً ولا نعلا
أتونا فما جاؤوا بعود أراكة ... ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلاً
[ربيع الأبرار (2/297)]
الحج بمال فيه شبهة
قال أبو الشمشمق في شأن أولئك الذين يحجون بمال يشوبه الشك والشبهات؛ ولكنهم يعاندون أنفسهم، ويتخيلون أن الله سيغفر لهم:
إذا حججت بمال أصله دنس ... فما حججت ولكن حجَّت العير
ما يقبل الله إلا كل طيبة ... ما كل من حجَّ بيت الله مبرور
[المستطرف: أبو التفح الأبشيهي (ص19)]
وصف خروف هزيل
أهدى الشريف الكحَّال لمحمد بن نصر الله الدمشقي المعروف بابن عنين خروفًا هزيلًا في عيد الأضحى وهو بمصر، فقال واصفًا له:
أتاني خروف ما شككت بأنه ... حليف هوى قد شفَّه الهجر والعزلُ
إذا قام في شمس الظهيرة خلته ... خيال ثرى في ظلمة ما له ظلُّ
فناشدته: ما يشتهي؟ قال: حلبة ... وقاسمته: ما شأنه؟ قال لي: الأكلُ
فأحضرتها خضراء مجَّاجة الثرى ... مسلَّمة ما مسَّ أوراقها الفتلُ
فظلَّ يرقبها بعين ضعيفة ... وينشدها والدمع في العين منهلُ
[معجم الأدباء: ياقوت الحموي (3/1404)]
لماذا انتحر الخروف؟
أحد أصدقاء الشاعر محمد الأسمر -رحمه الله- أراد أن يهدي إليه خروفًا في عيد الأضحى؛ ولكن الخروف مات قبل إرساله إليه، فقال الشاعر محمد الأسمر:
من لامه في أمره فإنني ... عذرته- والله- فمن عذر
لما أحس أنه هدية ... لشاعر فكر ثم انتحر
الحلم بامتلاك خروف
وفي موقف آخر للشاعر المرحوم محمد الأسمر يذكر أنه أرسل إلى صديق له يداعبه، بأن يرسل له خروفًا يراه فقط ويمتع عينيه منه متمنيًا مثله، آملًا أن يتحقق حلمه في واحد مثله فقال:
إن كان ذو القرنين عندك حاضرًا ... فابعث له لنرى ضياء جبينه
ولكي يجاوب - لو يمأمئ مثله ... في بيت جاري- مأمآت قرينه
وليطمئن الدائنون ويعلموا ... أني امرؤ يقضي جميع ديونه
ونرده لك بعد ذلك سالما ... بحرير فروته وعاج قرونه
وأنا الأمين عليه وهو بمنزلي ... من كل جزار ومن سكينه
ثلاثون كبشًا تفدي ديكًا
يحكي الأصمعي أن رجلًا ولي قضاء الأهواز، فأبطأت أرزاقه، ولم يكن عنده ما يضحي به، فشكى ذلك إلى زوجته..
فقالت له: لا تغتم؛ فإن عندي ديكًا عظيمًا قد سمنته، فإذا كان يوم عيد الأضحى ذبحناه.
فلما كان يوم العيد.. أرادت المرأة الإمساك بالديك لذبحه، فطار إلى بيت الجيران، وكلما أريد إمساكه طار إلى بيت آخر، فتساءل الناس عن ذلك.. وعرفوا الضيق الذي يعاني منه القاضي..
فقالوا: يا سبحان الله! كيف نضحي بالكباش وقاضينا يضحي بديك؟!
فأهدوا إليه ثلاثين كبشًا وهو بالمصلى، لا يعلم شيئًا عن ذلك، ولما سار إلى منزله، ورأى ما فيه من الأضاحي..
قال لامرأته: من أين ذلك كله؟!
قالت: أهدى لنا فلان وفلان؛ حتى سمت له الجماعة.
فقال لها: يا هذه.. احتفظي بديكنا؛ فإنه عظيم الشأن، عزيز عند الله؛ إذ فداه بثلاثين كبشًا!
وهب ثلاثين حجة
روي أن محمد بن المنكدر ـ وكان من التابعين ـ حج ثلاثا وثلاثين حجة، فلما كان آخر حجة حجها قال وهو علي عرفات: اللهم إنك تعلم أني حججت ثلاثا وثلاثين حجة، فواحدة عن فرضي، والثانية عن أمي، والثالثة عن أبي، وأشهدك يا رب أني وهبت الثلاثين حجة الأخري لمن حج ولم تقبل منه حجه..
فلما أفاض من عرفات، نودي من قبل الله -عز وجل-، وإذا بمنادي السماء يقول له: أتتكرم علي من خلق الكرم والجود.. وعزتي وجلالي لقد غفرت لمن وقف بعرفات قبل أن أخلق عرفات بألفي عام.
المقبولون ستة
روي عن أبي عبد الله الجوهري قال: كنت في عرفات، فلما أقبل الليل نمت فرأيت ملكين نزلا من السماء، فقال أحدهما للآخر: كم حاجا وقف علي عرفات هذا العام؟ فقال له: ستمائة ألف والمقبول منهم ستة! فقال له: ماذا صنع الله بالباقي؟ فقال: نظر الله إليهم فوهب لكل واحد من الستة مائة ألف فغفر لهم وقبل حجهم جميعا.
الحمد لله على نعمة الإسلام
روي أن بعض الصالحين وقف علي جبل عرفات فقال "الحمد لله علي نعمة الإسلام وكفي بها نعمة" ثم جاء العام الذي بعده وأراد أن يقولها، فسمع نداء من قبل السماء يقول له: "مهلا يا عبد الله حتي ننتهي من كتابة ثوابها من العام الماضي.
أريد الحج
وفد رجل على المأمون، وقال له: أنا رجل من الأعراب يا أمير المؤمنين!
فقال: لا عجب.
فقال: أريد الحج!
فقال له: الطريق واسعة.
فقال له: لقد أتيتك يا أمير المؤمنين مستجديًا لا مستفتيًا!
فضحك المأمون، وأحسن صلته.
حلقت نصفه.. وأبقيت نصفه
قال الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله-: شاهدت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة، وقد حلق نصف رأسه تمامًا وأبقى بقية شعره، وهو شعر كثيف أيضًا بيِّن، فأمسكت به وقلت له: لماذا صنعت هذا؟ فقال: صنعت هذا، لأني أريد أن أعتمر مرتين، فحلقت نصفه للعمرة الأولى، وأبقيت نصفه لعمرتي هذه. وهذا جهل وضلال لم يقل به أحد من أهل العلم.
مِن الكِتاب القيّم (جمهرة خطب العرب) لجامِعه: (أحمد زكي صفوت)، نقتطف هذه الثمار:
• في عرفات:
سمع أعرابي بعرفات عشية عرفة وهو يقول:
اللهم إن هذه عشية من عشايا محبتك وأحد أيام زلفتك، يأمل فيها من لجأ إليك من خلقك أن لا يشرك بك شيئاً، بكل لسان فيها يدعى، ولكلِّ خير فيها يُرجى، أتتك العُصاة من البلد السحيق، ودعتك العناة من شعب المضيق؛ رجاءَ مالا خلف له من وعدك ولا انقطاع له من جزيل عطائك، أبدتْ لك وجوهَها المصونة صابرةً على وهج السمائم وبرد الليالي، ترجو بذلك رضوانك يا غفار، يا مستزاداً من نعمه ومستعاذاً من نقمه ارحم صوتَ حزينٍ دعاك بزفير وشهيق.
ثم بسط كِلتا يديه إلى السماء وقال: اللهم إن كنتُ بسطت يدي إليك داعياً فطالما كفيتني ساهياً بنعمتك التي تظاهرت علي عند الغفلة، فلا أبأس بها عند التوبة، لا تقطع رجائي منك لما قدمت من اقتراف آثامك ...
وقال سفيان بن عيينة سمعت أعرابيا يقول عشية عرفة:
اللهم لا تحرمني خيرَ ما عندكَ لشرِّ ما عندي، وإن لم تتقبل تعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المُصاب على مصيبته.
• عند الكعبة:
قال ورأيت أعرابيًّا متعلقاً بأستار الكعبة، رافعًا يديه إلى السماء وهو يقول:
ربِّ، أتراك معذبُنا وتوحيدُك في قلوبنا؟ وما إخالك تفعل .. ولئن فعلت لتجمعنّا مع قوم طالما أبغضناهم لك.
دعاء أعرابي وقال رأيت أعرابيا أخذ بحلقتي باب الكعبة وهو يقول:
سائلك عند بابك .. ذهبت أيامُه، وبقيتْ آثامه، وانقطعت شهوته، وبقيت تباعته، فارْضَ عنه .. وإن لم ترض عنه فاعف عنه غيرَ راضٍ.
قال ودعا أعرابي عند الكعبة فقال:
اللهم إنه لا شرفَ إلا بفعالٍ، ولا فعالَ إلاّ بمال؛ فأعطِني ما أستعين به على شرف الدنيا والآخرة.
دعاء أعرابي وقال الأصمعي:
رأيت أعرابيا يطوف بالكعبة وهو يقول: إلهي، عجّت إليك الأصوات بضروب من اللغات يسألونك الحاجات، وحاجتي إليك إلهي أن تذكرني على طول البكاء إذا نسيني أهل الدنيا. اللهم هب لي حقكَ وأرضِ عنى خلقك، اللهم لا تُعْيِني في طلب ما لم تقدّره لي، وما قدّرته لي فيسِّرْهُ لي.
• في الطريق إلى مِنى:
وقال الأصمعي: خرجت أعرابيّة إلى مِنى فقُطع بها الطريق، فقالت:
يا رب، أعطيتَ وأخذت، وأنعمتَ وسلبت، وكلُّ ذلك منكَ عَدلٌ وفضل، والذي عظم على الخلائق أمرك لا بسطت لساني بمسألة أحد غيرك، ولا بذلت رغبتي إلا إليك، يا قرّةَ أعْيُن السائلين، أغنِني بجودٍ منك أتبحبح في فراديس نعمته وأتقلب في رواقِ نضرته، أحملني من الرجلة، وأغنني من العيلة، وأسدل عليّ سترَك الذي لا تخرقه الرماح ولا تزيله الرياح، إنك سميع الدعاء.
خطبة الأعرابى السائل في المسجد الحرام!
عن أبي زيد قال بينا أنا في المسجد الحرام إذ وقف علينا أعرابي فقال:
يا مسلمون إن الحمد لله، والصلاة على نبيه، إني امرؤٌ من أهل هذا الملطاط الشرقى المواصي، أسياف تهامة عكفت على سنون محش فاجتبت الذرى وهشمت العرى، وجمشت النجم وأعجت البهم، وهمت الشحم والتحبت اللحم وأحجنت العظم، وغادرت التراب موراً والماء غوراً، والناس أوزاعاً والنبط قعاعاً، والضهل جزاعاً والمقام جعجاعاً، يصبحنا الهاوي ويطرقنا العاوي، فخرجت لا أتلفع بوصيدة ولا أتفوت هبيدة، فالبخصات وقعة والركبات زلعة والأطراف قفعة، والجسم مسلهم والنظر مدرهم، أعشو فأغطش وأُضحي فأخفش، أسهل ظالعاً وأحزن راكعاً .. فهل من آمر بمير، أو داعٍ بخير؟ وقاكم الله سطوة القادر وملكة الكاهر، وسوء الموارد وفضوح المصادر، قال فأعطيته دينارا وكتبت كلامه واستفسرته ما لم أعرفه!
من طرائف الأعراب
أن أحدهم استلقى على ظهره في يوم عرفة، ثم قال: اللهم كما هديتنا للإسلام من غير أن ندعوك، فأدخلنا الجنة من غير أن ندعوك.
التعليقات