يُحدّثني حفيد من صلى التراويح مع سماحة الشيخ إبن باز ـ رحمه الله ـ يوم كان إماماً يصلي  بحامع الديرة، يقول كان جدي ممن يقوم بخدمة الجامع، ويبدأ الشيخ التراويح والناس خلفه صفين أو ثلاثة، وهو يطيل فيها، ثم  يتناقص عدد المصلين، وينصرفون واحداً تلو الآخر، حتى لم   يبقى خلفه، إلا  أنا والمؤذن ويلتفتُ علينا ويقول: "إذا ودكم تريحون فنرد عليه إنّا معك يا شيخ فيظل يصلي ويصلي في خشوع ومناجاة وطمأنينة ما شاء الله له أن يصلي".

فقلت في نفسي والحفيد يحدثني "إنها العزيمة والقوة والنشاط والثبات، يوم تقاصرت هممنا، وأصبحنا في التراويح، وهي روح رمضان وريحانته، تضعف عزيمتنا ونبحث عن الأسرع، ومن يبكر في الصلاة".

وأصبح لسان حال الكثيرين منا يقول " هذا صلاته خفيفة وهذا صلاته طويلة، فضاعفوا الجهد واقتدوا بنبيكم في تهجده وقيامه في الليل، يجافي جنبه عن مضجعه، إذا استثقلت بالناس المضاجع".

فيقول تعالى: { قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (سورة المزمل: 2-4).

فعلى المسلمون الاقتداء بالصحابة والصالحين، وهم من قال عنهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ} (سورة السجدة: 16).

إن السعيد من أحسن العمل وضاعف الجهد في مثل هذه الأيام والليالي والتي سرعان ما تنقضي لحظات وتنتهي، قبل أن يقال رحل رمضان، وإذا كان الله تعالى قال عن الشهر كاملاً: { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} (سورة البقرة: 184).

إنما هي ساعات معدودات، من تداركها أدرك فضائلها، فهي خير من ألف شهر فتفرغوا من الشواغل وأشغلوا هذه الأوقات المباركات بألوان الطاعات والمسارعة إلى الخيرات، وحسبنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:  (ويل لمن أدرك رمضان ولم يغفر له) (رواه الطبراني).

إنها التجارة الرابحة، ومن ضيعها فهي الخسارة الفادحة، ومن حرم خيرها فقد حُرم خيراً كثيراً

اللهم بلغنا ليالي العشر واكتب لنا فيها الثواب والأجر.