من أدوار ومهام إمام المسجد

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه ومن والاه
فنظراً لأهمية المسجد في الإسلام ؛حيث هو ملتقى المصلين؛ فيه يؤدون صلاتهم وراء إمام واحد، وفيه يتشاورون في مختلف أمورهم وقضاياهم، وفيه ينظمون شؤونهم ويحلّون مشاكلهم ويتعاونون فيه على البر والتقوى, وهو المكان الشريف الذي يعود إليه الجميع دون استثناء، وينهلون فيه بما يقربهم إلى الله عز وجل ، وله قداسة وخصوصية تختلف عن غيره من الأماكن والبقاع ، فهو مكان مبارك له عند الله حرمة وإجلالا . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أحب البقاع  إلى الله مساجدها "
وإمام المسجد له الأثر الأكبر في هذه الجموع؛ فهو القدوة وهو المعلم وهو الموجه لجماعة مسجده وأهل الحي الذي يسكنه. ودوره الحقيقي والمؤمل منه هو رفع أداء رسالة المسجد، ولهذا فهو يحتاج في جملة من المواقف لمعرفة الحكم الشرعي المختص فيها .
وفي هذه العجالة نذكر مجموعة من الأدوار والمهام الني نؤمل أن يهتم بها إمام المسجد ليكون مسجده منارة علم وهدى للناس ذكورا وإناثا، وليكون داعية إلى الله على بصيرة وفهم سليم ومنهج صحيح :
أولاً – الاهتمام بالعبادات و بيان مقاصدها لإمام المسجد :
إن المهمة الأولى لإمام المسجد هي تأدية الصلوات الراتبة و الجمع والأعياد و غير ذلك ، و هو بهذا العمل العظيم يعتبر من معمري مساجد الله تعالى قال سبحانه : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }
إن عمارة المساجد لا تعني فقط تشييدها ، و إقامة بنيانها بل العمارة تعني أيضا إقامة الصلاة ، و قراءة القرآن و الذكر و الدروس العلمية ، والمنهجية و أشباه ذلك ، فهذا هو المعنى الحقيقي للعمارة
فما فائدة البناء الكبير و الفخم إذا لم يكن هناك إمام صالح يعرف كيف يستغل هذا الصرح في بناء الإنسان المسلم وتنميته لكي يواجه كل صعوبات الحياة وفتنها وفق الشرع الحنيف وضوابطه المعتبرة .
إن المسلم يذهب إلى المسجد في اليوم والليلة خمس مرات على الأقل ، وهي فرصة كبيرة للإمام لترسيخ الأخلاق الإسلامية ، و مقاصدها ، و عقيدتها بين المصلين ، بحيث يسعى إلى ترسيخ العقيدة الإسلامية ، وإظهار صفاء الروح و خشوع الجوارح و طهارة النفس و البدن .
كما يجب على الإمام أن يسعى إلى تعميق روح التعاون وعرى التكافل بين المسلمين بحيث تنتشر الأخلاق الكريمة و تتزايد  في ظل الإخاء والتسامح و التساوي .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا و َقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } . [3]
ثانياً – الارتقاء إمام المسجد بالعلوم الإسلامية :
       يجب على إمام المسجد الارتقاء بالعلوم الإسلامية ، القرآن الكريم وعلومه والسنة النبوية الشريفة وعلومها وأحكام الشريعة ومسائل التوحيد والعقيدة وعلوم واللغة وغير ذلك من العلوم بحيث يحول المسجد ومرافقه إلى مركز علمي يستقطب فيه أكبر شريحة من المسلمين على اختلاف أعمارهم و مراكزهم الاجتماعية والعلمية .
كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجلس في المسجد النبوي الشريف لتعليم المسلمين أمور دينهم حتى كان مجلسه تنافساً بين الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين – كلهم يبغي السبق إلى حضور هذا المجلس العلمي والظفر بالنهل من سنته عليه الصلاة والسلام، وهذا  الإمام مالك بن أنس و غيره من الأئمة و الدعاة – رضي الله عنهم – يتبعوا خطى الرسول  صلى الله عليه وسلم في تعليم الناس الخير ودعوهم إليه .
 
ثالثاً – التربية الاجتماعية لإمام المسجد :
حري بإمام المسجد أن يقوم بدوره البناء في التربية الاجتماعية ، لأنه أحد أركان التوجيه و الإشعاع في المجتمع ، و منبر الهداية ، والإرشاد لجميع المسلمين على مختلف طبقاته و ألوانه .
فعلى الإمام أن يسعى أن يجعل من المسجد مكتباً للخدمات الاجتماعية ، و مساعدة الفقراء، والمحتاجين إلى جانب أداء العبادات ، و الدور العلمي .
إن وحدة المجتمع الإسلامي، و تكاتفه وقوته مستمدة من أمور عدة، لعل من أهمها عدم التفريق بين الأجناس و الطبقات و الأعمار.
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }
وقد تربى صحابة النبي عليه الصلاة والسلام ومن بعدة من الأئمة والعلماء على أن المجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى فيه عضوا تداعى له ساء الجسد بالسهر و الحمى . روى الإمام مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) و لهذا بقيت المجتمعات المسلمة قوية متماسكة بالمقارنة مع غيرها مع المجتمعات غير المسلمة ،
لذا وجب على إمام المسجد أن يسعى لذلك بكل أعماله تصرفاته الشخصية و الشرعية و الاجتماعية.
ففي ظل أي ظرف صعب أو فتنة نراه يمثل ركن الأمان الذي يلجأ إليه أفراد المجتمع في كل أحوال
والأزمان لينهلوا منه العلم ، و المعرفة و الأمن و الأمان .
رابعاً – الدعوة والتوجيه باستخدام الوسائل الإعلامية:
يستطيع إمام المسجد أن يوصل كثير من الحقائق، والأخبار إلى المسلمين ، و خصوصاً أن تلك الأخبار والمعلومات تعتبر ذات ثقة عالية عند جماعة المسجد لأنها تصدر عن إمام المسجد ، ولن تكون هناك وسيلة أقوى ، وأنجح من إمام المسجد ، لأن المسلم يرتاد المسجد في اليوم و الليلة خمس مرات على الأقل ، فيتلقى الرسالة الإعلامية بكل سهولة ويسر من إمامه الذي يصلي خلفه و يحضر دروسه ويشاركه في كثير من نشاطاته الاجتماعية والعلمية ، فيصبح ما بينهما المرسل ( الإمام ) والمرسل إليه ( مرتاد المسجد ) ثقة خاصة ليس لها مثيل في أي من المجتمعات  غير المسلمة .
فكلما جد أمر يستدعي إطلاع المجتمع عليه أو أخذ رأيه نودي أن الصلاة جامعة، فيجتمع المسلمون بالمسجد ، و يتم عرض الأمر الذي نودي من أجله على الناس إن إعلاماً أو توجيهياً او غير ذلك ،و هكذا يتبين لنا الدور الإعلامي لإمام المسجد في المجتمع المسلم ، و هو دور له أهميته البنائية والعلاجية و الوقائية للمجتمع المسلم المتحصن بحملة كتاب الله – عز وجل - و سنة رسول الله – صلى الله عليه و سلم .

 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.