هل تصح صلاتها بالحفاظة وفيها النجاسة ؟

 السؤال:

امرأة كبيرة وكفيفة وتتحرك بصعوبة كبيرة ، ودورة المياه تقع خارج البيت وهي بعيدة نسبيا، ولأنها يشق عليها الذهاب إليها في الليل ، فإن زوجة ابنها تضع لها حفاظات من الليل لا تنزعها إلا الصباح لأنها لا تقدر على لبسها أو نزعها وحدها . فهي تسأل عن الصلوات التي يكون وقتها حين تكون لابسة لحفاظة قد أحدثت فيها نجاسة . هل تصح صلاتها بالحفاظة؟
أولا :
يشترط لصحة الصلاة : طهارة الثوب والبدن والمكان الذي يصلي فيه ، ولا يجوز للمصلي أن يصلي وهو يلبس ثياباً نجسة .
قال الله تعالى : (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) المدثر/4 .وروى أبو داود (650) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ : (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا : رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا . وَقَالَ : إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
قال في زاد المستقنع : "فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها ، أو لاقاها بثوبه أو بدنه : لم تصح صلاته" .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : " فمن حَمَل نجاسةً لا يُعفى عَنها ، أفادنا بقوله : لا يُعفى عنها أنَّ من النَّجاسات ما يُعفى عنه ، وهو كذلك ، وقد سَبَقَ أنه يُعفى عن يسير الدَّم إذا كان من حيوان طاهر كدم الآدمي مثلاً، ودم الشَّاة والبعير وما أشبهها، وسَبَقَ أيضاً: أنَّ شيخ الإسلام يرى العفوَ عن يسير جميع النَّجَاسات ، ولا سيَّما إذا شَقَّ التَّحرُّزُ منها مثل أصحاب الحمير الذين يلابسونها كثيراً، فلا يَسلمُ من رشاش بول الحمار أحياناً بل غالباً ، فشيخُ الإسلام يرى أنَّ العِلَّة المشقَّة ، فكلَّما شَقَّ اجتناب النَّجَاسة فإنَّه يُعفى عن يسيرها ، وكذا يقال في مثل أصحاب البويات إنَّه يُعفى عن يسيرها إذا أصابت أبدانهم مما يحول بينها وبين الماء ؛ لأنَّ الدِّين يُسر، ومثل هذه المسائل تحصُل غالباً للإنسان ، وهو لا يشعر بها أحياناً أو يشعر بها ، ولكن يشقُّ عليه التَّحرُّز منها.
مثال حمل النَّجَاسة : إذا تلطَّخ ثوبُه بنجاسةٍ ، فهذا حامل لها في الواقع ؛ لأنَّه يَحمِلُ ثوباً نجساً، وإذا جعل النَّجَاسة في قارورة في جيبه ، فقد حَمَل نجاسة لا يُعفى عنها ، وهذا يقع أحياناً في عصرنا فيما إذا أراد الإنسان أن يحلِّلَ البِرَاز أو البول ؛ فحَمَله في قارورة وهو يُصلِّي ، فهذا صلاته لا تصحُّ ؛ لأنَّه حَمَل نجاسة لا يُعفى عنها" انتهى من "الشرح الممتع" (2/ 22) .
فمن صلى بحفاظة بها نجاسة ، وهو عالم بوجود النجاسة ، ذاكر لها ، لم تصح صلاته ، إلا أن يكون صاحب سلس.
ثانيا :
يلزم الإنسان أن يتطهر من النجاسة كما سبق ، فإن لم يستطع وكان له مال لزمه استئجار من يطهره ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فإن لم يقدر على الاستئجار لقلة ماله أو لعدم من يقوم بذلك صلى على حسب حاله، ولا يكلف الله نفسا إلا سعها .
قال في "كشاف القناع" (1/102) : "وإذا وجد الأقطع ونحوه كالأشل والمريض الذي لا يقدر أن يوضئ نفسه من يوضئه أو يغسله بأجرة المثل وقدر عليها من غير إضرار بنفسه أو من تلزمه نفقته لزمه ذلك ; لأنه في معنى الصحيح . وإن وجد من ييممه ولم يجد من يوضئه لزمه ذلك كالصحيح يقدر على التيمم دون الوضوء ، فإن لم يجد من يوضئه ولا من ييممه , بأن عجز عن الأجرة أو لم يقدر على من يستأجره صلى على حسب حاله . قال في المغني : لا أعلم فيه خلافا ، وكذا إن لم يجده إلا بزيادة عن أجرة مثله إلا أن تكون يسيرة على ما يأتي في التيمم ولا إعادة عليه كفاقد الطهورين ، واستنجاءٌ مثله أي : مثل الوضوء , فكما تقدم . وإن تبرع أحد بتطهيره لزمه ذلك . قال في الفروع : ويتوجه : لا ، [ أي : لا يلزمه ذلك ] ويتيمم" انتهى.
ثالثا :
يلزم المسئول عنها أحد أمرين :
الأول : الاستغناء عن الحفاظة ، بأن تجعل بقربها إناء ونحوه تقضي فيه حاجتها ، وتستنجي أو تستجمر ولو بمنديل ونحوه .
الثاني : إزالة الحفاظة والتطهر من النجاسة قبل الصلاة .
فإن لم يمكن شيء من ذلك ولو باستئجار من يقوم على إفراغ الإناء ، أو تبديل الحفاظة ، ولم يتبرع به أحد ، صلت بالنجاسة ، وهي معذورة.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.