فتح حمص

 

 بدأ الجيش الإسلامي بقيادة خالد بن الوليد في الاتجاه نحو مدينة حمص في 21 ربيع الآخر سنة 15 هـ - مايو 636 م التي يقول الإصطخري (أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجريين) في المسالك والممالك عنهـا:

من أصح بلاد الشام تربة، في أهلها جمال مفرط، وليس بها عقارب ولا حيات، ولها مياه وأشجار وزروع كثيرة، وبها كنيسة من أعظم كنائس الشام، ويأتي القزويني بعده بـ 400 سنة في القرن السابع الهجري ليصفها في (آثار البلاد وأخبار العباد) بأنها: "مدينة حصينة بأرض الشام، أصح بلاد الشام هواءً وتربة، وهي كثيرة المياه والأشجار، وأهلها موصوفون بالجمال المفرط"، ويذكر ابن بطوطة في (تحـفـة النـظـار) أنها: "مدينة مليحة، أرجاؤها مونقة، وأشجارها مورقة، وأنهارها متدفقة، وأسواقها فسيحة، وأهل حمص عرب، لهم فضلٌ وكرم".
اتجه الجيش الإسلامي من بعلبك إلى حمص، وعلى أبواب حمص يُخرِجُ لهم الروم قوة كبيرة نسبيًّا، تقابل المسلمين في بلدة تسمى (جوسيه) على بعد 30 كلم جنوب غربي حمص، فيقابلهم المسلمون، ويحمسهم خالد بن الوليد، قائلاً: يا أهل الإسلام الشدة، الشدة.. فانطلقت أسياف المسلمين تعمل في رقاب الروم، فهُزِمَ الرومُ هزيمةً نكراء، وفروا إلى داخل الحصن، فتتبعهم المسلمون.
وبعد أن حقق المسلمون هذا النصر على هذه القوة الرومية التي قابلتهم على أبواب حمص، وفَرَّ بقية الروم، إلى داخل الحصن، ذهب المسلمون وحاصروا حمص، وكان حصنًا شديدًا منيعًا، وعلى قوته، فقد حاصره المسلمون 18 يومًا، ثم أعلن أهل حمص الاستسلام للمسلمين، وقبول المعاهدة، ودفع الجزية وسلموا حمص للجيش الإسلامي، وتخلت بذلك الحامية الرومية مرة ثانية عن مدينة من أقوى المدن الشامية التي ظلت حصينة حتى القرن السابع الهجري, ولا بد أن يكون لذلك تفسير، ومبرر، إذ كيف يستسلمون هكذا بكل يسر، وقد قاتلوهم من قبل بشدة في أجنادين، وصبروا على حصارهم 4 أشهر في دمشق!! وقاتلوهم في أجنادين وبيسان، فكيف يتركون لهم هذه المدن الحصينة؟
بعد أن دخل المسلمون مدينة حمص، قدموا معاهدة لأهلها، كما فعلوا مع أهل بعلبك، وطالبوهم بدفع الجزية، التي بلغت 170 ألف دينار في السنة، (4 دنانير لكل شخص، مما يدل أنه كان بها أكثر من 40 ألف نسمة) وقد كانت من البلاد الكبيرة.
وبعد أن سيطر المسلمون على مدينة حمص مباشرة، أرسل أبو عبيدة بن الجراح قوة إسلامية نحو الشرق بقيادة شرحبيل بن الصَّلْت إلى الجزيرة "بلاد فارس"، وأرسل قوة أخرى من حمص إلى الشمال، بقيادة ميسرة بن مسروق لفتح حلب، في أقصى شمال الشام، وبعد أن أرسل هاتين القوتين، أرسل رسالة إلى عمر بن الخطاب، يبشره فيها بالنصر، كان مما جاء فيها: "الحمد لله الذي أفاء علينا وعليك يا أمير المؤمنين، أفضل كورة في الشام، أهلاً وقلاعًا، وأكثرهم عددًا وجمعًا وخراجًا، وكانت أيسرهم على المسلمين فتحًا".. وختم رسالته بقوله: "ونسأل الله مالك الملوك وناصر الجنود أن يعز المسلمين بنصره، وأن يُسلمَ المشركَ الخاطئَ بذنبه", وهذا مفهوم راقٍ جدًّا من أبي عبيدة، فهو يعلم أن هذا المشرك قد سلمه اللهللمسلمين، لخطأ هذا المشرك بذنبه، وأن المسلمين يعبدون الله، هذا هو ما جعل المسلمين ينتصرون..
 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.