خطبة هادية
إن من لوازم وصف رسالة النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- بوصف الرسالة الخاتمة؛ يعني من بين ما يعني أنها رسالة لكل البشر، في كل زمان ومكان، فهي رسالة عالمية، تخرج عن كل القيود الضيقة مثل: المَحليَّة والقوميَّة والعِرقِيَّة والقُطْريَّة، والفئويّة، والجهويّة، والقبليّة، يقول الحق -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)[سـبأ:28].
إن خطيب الجمعة وهو يصعد درجات المنبر، إنما يصعد درجات منبر وقف على مثله خاتم الأنبياء والمرسلين –عليه الصلاة والسلام-، الذي جاء بالهداية من رب العالمين، لجميع العالمين، فميزة الخطيب المسلم من مميزات نبيه محمد –صلى الله عليه وسلم- التي أعطاه ربّه إيّاها، قال -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “أُعطِيتُ خَمْساً لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ مِنَ الأنبياءِ قَبْلي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لي الأرضُ مَسْجِداً وطَهُوراً، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتي أَدْركَتْهُ الصلاةُ فَلْيُصلِّ، وأُحِلَّتْ ليَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تُحِلَّ لأحَدٍ قَبْلي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبعث إِلَى قَوْمِهِ خاصَة وَبُعثتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّة”(أخرجاه في الصحيحين).
الخطيب الحق يعي جيّدا أن هداية الخلق مهمة الرسل والأنبياء -عليهم السلام- وأن ارتقاءه المنبر إنما هو محاكاة وأداء لهذه المهمة العظيمة التي اختص بها الله -تعالى- صفوة خلقه -عليهم السلام-، واستذكاره لهذه الحقيقة يجعله يستلهم من سيرهم العظيمة، التي وردت في القرآن الكريم، ويستذكر ما تحملوه في سبيل هداية الخلق إلى التوحيد وإفراد الله -تعالى- بالعبادة، وصرف الخوف والمحبة والرهبة إليه، وتنزيهه عن الشبيه والنظير، وتحرير الخلق من الطغيان البشري، ومن السفالة التي تنتج عن التوحل في أوحال الغرائز المستعرة.
إن الخطيب الحق وهو يرتقى خير المنابر على وجه الأرض، يدرك أن مسؤولية وصول الإسلام بشريعته السمحة، ورسالته رسالة الرحمة؛ إنما هي من مسؤولياته، فيعمل على أن يكون خطابه تحقيقا لما قاله النبي –عليه الصلاة والسلام- فعن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “لا يَبقى على ظهر الأرض بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعزِّ عزيزٍ أو ذل ذليلٍ؛ إما يُعِزُّهم الله فيجعلهم من أهلها، أو يُذلُّهم فيَدينون لها”(رواه أحمد والطبراني، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم، وغيرهما).
أيها الخطيب المبارك، صوتك الذي قد تعتقد أنه لا يجاوز آخر أبواب المسجد، أو أسوار قريتك، أو أبراج مدينتك، قد تكفّل الله -تعالى- بإيصاله وإيصال صوت الدعاة إلى كافة بقاع الأرض، فلتكن ثقتك بوعد ربك، حادية لك نحو التمسك بخطاب هادٍ عالمي، سيصل إلى كل أصقاع الأرض، والمبشرات بتحقق هذا الوعد كثيرة جدا.
إن التطور التكنولوجي والثورة الرقمية، وثورة المعلوماتية والاتصالات، وزوال الحدود وتقارب المسافات، وتناقل النّاس للخطب عبر الانترنت؛ يجعل الخطيب تحت مسؤولية كبرى، تتمثل في توجيه خطابٍ هادٍ، ليكون سببا لهداية الناس، وخروجهم من مستنقعات الضلالة والظلم والبغي، إلى جنات الراحة النفسية والطمأنينة والسعادة، ولكن هذا الأمر لن يتم بسهولة ويسر، ما لم يأخذ الخطيب المسلم بالهاء الثانية التي أشرنا فيها إلى أهمية الإعداد والتحضير، فالاستعداد والتحضير الرصين سبيل النجاح والتأثير والتغيير.
ومع انتشار العولمة وسيطرتها على العالم، حتى تكاد أن تصبح دينا يؤثر في حياة البشر جميعا؛ فإن من المهمات التي تناط بالخطباء اليوم، ممارسة التبشير والإنذار، كما مارسه الأنبياء –عليهم السّلام- وهذا هو السبيل الوحيد لمخاطبة الناس، وإيقاظهم من الغفلة والسبات الحضاري، بعد أن سيطرة حضارة الاستهلاك على النفسيات والعقول، ومسخت الوجدان والفكر، إن الخطيب وهو يعيش هذه الظروف التي صارت المسة الأولى والأعظم للحياة على هذه الأرض يستحر قوله تعالى: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)[النساء: 165].
ليست المهمة سهلة، وهذه حقيقة وسنة باقية في طريق الدعاة إلى الخير، فالشرّ وأهله قد رصدوا من الأموال الشيء العظيم، ومن الوسائل المادية والبشرية الشيء الكثير، ومن الأدوات التضليلة الأمر المعروف عند الجميع، ما يجعل رسالة المسلم والخطيب خاصّة من أصعب المهمات وأكثرها خطورة، إلا أن الخطيب الحق، لا يعجزه الواقع، وإن رأى فيه عقبات، فإنه يستمسك بموعود الله -تعالى- للعاملين في هذا الحقل الدعوي العظيم، يقول الله -تعالى-: (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[التوبة: 32-33]. كما يتمسك ببشارة النبي -عليه الصلاة والسّلام- التي بشّر بها أمته، بانتصار دين الإسلام، حتى يهيمن على الدنيا كلها، وينشر رحمته بين النّاس، ففي صحيح مسلم أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقَها ومغاربَها، وسيبلغ مُلك أُمتي ما زُوِي لي منها”.
إن الخطيب الناجح اليوم، هو ذلك الخطيب الذي لا يفرط بين الاهتمام بين أحداث حيّه ومدينته وبلده، وبين الأحداث التي تحدث في مختلف بقاع العالم الإسلامي، فهو يتفاعل تفاعلا متكاملا، لا ينغلق على ما يحدث في دائرته الضيقة حتى يخيّل للمسلمين من حوله أن هذا دين قومي، خاص بالعرب، وحتى يرسخ في عقول المصلين أن ما يحدث في الجوار والأقاليم البعيدة غير مهم، أو أنه أمرٌ لا يعني خطيبهم ولا يعنيهم، أو أن التفريط بالحديث عن الأحداث التي تحدث في العالم غير مهمة ولا مؤثرة، ولن تصلهم آثارها مستقبلا.
وإذا كان الخطيب مطالبا بالاهتمام بالأحداث والوقائع التي تجري خارج حيّه وبلده، فإنه –أيضا مأمور بعدم المبالغة في التعليق على كل ما يجري في العالم عامّة، والعالم الإسلامي خاصة.. حيث يهمل حيّه وبلده، ثم يفاجأ بحقائق خطيرة حول أخلاق أهل الحي وأحوالهم، من انتشار الآفات والمهلكات، وضعف التديّن، وانحسار الخير، وقلّة الورع، وزيادة الجرأة على الحرام، وقد حدث هذا بالفعل، بسبب المبالغة الحاصلة من بعض الخطباء؛ الذين غلَّبوا هذا الجانب على جوانب مراعاة احتياجات أهل الحيّ من التوعية والتعليم والإرشاد وتفقههم في أمور دنياهم، ولعل أبرز ما يحتج به هذا النوع من الخطباء، أن هذا من فقه الواقع، والحقيقة أن فقه الواقع لا يتجزأ، بل المعالجة هي التي تتجزأ، فليوزع الخطيب رسالته بين الحرص على رفع تدين ووعي ومنسوب الخير في أهل حيّه، وبين ربطهم بما يجري للمسلمين في كل العالم، وبما يجري للبشر على هذا الكوكب، ودعوتهم للتأثير كل بطريقته وحسب طاقته.
ولن يكون الخطيب بليغا، ما لم يتقن هذا الدور، والذي لا يمكن أن يتحقق دون استلهام حقيقة الدين الإسلامي الخاتم، ولا يمكن أن يتحقق دون أن يلمّ بالضرورة بأساسيات التحضير والإعداد.
ومع حرص الخطيب على هداية الناس، إلا أن الواجب عليه أن يستذكر هنا أنه سبب غير مباشر لهداية الناس، وأن الهادي هو الله -تعالى-، وأن المطلوب منه البلاغ، وهو في ذلك مقتدٍ بالأنبياء –عليهم السلام- قال تعالى: (مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ)[المائدة:99].
إن الهداية ليست منوطة بالمسلم، بل هي خاصة بالله -تعالى-، يقول سبحانه: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[القصص: 56]؛ فلا ييأس الخطيب من دعوة الخلق، وليصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل -عليهم السلام-، ولا يستعجل قطاف ما يغرسه ويزرعه من خير في النفوس، وليكن النّفس الطويل سمته، وليكن الجلَدُ من خصائصه، وليدع عنه استنقاص النّاس، أو شتمهم في المجالس الخاصة، فهذه صفات لا تليق بمن يصعد منبر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا يقطع حبل الرجاء منهم، وليجتهد، وليبحث عن مفاتيح أخرى توصله إلى القلوب المغلقة والنفوس المتعبة من الذنوب والسفالة والبغي والظلم.
الخاتمة:
لم تكن البشرية في السابق على ما عليه من تطور في وسائل تناقل الأخبار والصور، ولم تكن على هذا القدر من التقدم في وسائل السفر، ومع ذلك فقد كان المسلمون ينشرون خطابهم في كل العالم، كان الخطاب يصدح في دمشق، وبغداد، ويحط في الموصل، ويصل إلى سمرقند، ويتزين في بخارى، ويرحل إلى بلاد الهند والسند والصين، ولا يقف عند حدود الشرق، بل كانت معانيه ترفرف عاليا في سماء أوروبا، في قرطبة، وغرناطة، وبلنسية وطليطلة وسرقسطة، كان العالم كله يسمع برسالة الإسلام، كان علماء المسلمين يحلقون بشهرتهم في العلوم التجريبية –بلغة اليوم- وفي العلوم كافة.
لقد كان المسلم يعي مسألة العالمية فكان خطابه بليغا، يعبر عن مقتضى الرسالة، وعن مقتضى الواقع والحياة، وكان هذا أحد أسباب ريادة المسلمين، وعزتهم حتى في أحلك الظروف.
واليوم وفي ظل غياب الإسلام عن المشهد العالمي عقودا طويلة، تترنح البشرية بين عذابات كثيرة؛ في ظل سيطرة الفلسفات المادية والتيارات المنطلقة من الغريزة والمنتهية إلى الغريزة، والتي جعلت الأرض جحيما لملايير البشر؛ بعد أن حشرتهم في أنفاق التعاسة ومفاوز البؤس والفقر، والشقاء والتعب، وأتعبتهم بسلسلة من الأزمات النفسية، حتى حرمتهم من نعمة النوم، وأبدلت سكونهم وطمأنينتهم خوفا وجزعا وفزعا، وبددت آثار النبوة، حتى عششت الحيرة في العقول والقلوب؛ حتّى صار المكتفي ماديا يقدم على الانتحار والموت هربا من الفراغ الروحي والضياع الفكري، والجفاف الإيماني.
في ظل هذه الأجواء البئيسة، وفي ظل هذه الأحوال التعيسة، يتأكد دور الخطيب المسلم، من خلال الهاءات الثلاثة، حيث تحتاج البشرية اليوم إلى:
– خطاب هادئ يوقظ الفكر السليم، وينمّي الوعي بحقيقة الحياة، والغاية من الوجود، وحقيقة النهاية والمصير، خطاب هادئ يخطب الوجدان ويخاطب العقل، ولا يركز على العاطفة فقط، ولا يتخذ الحماسة غير المتبصرة منهجا في الخطاب؛ في ظل هذه الفوضى التي تعم الأرجاء، تحتاج البشرية إلى خطاب يعيد للقلوب طمأنينتها وللنفوس بهجتها، ويتغلب على كل الخطابات الصاخبة التي تصم الآذان وتقتل الروح، وتدعو إلى الاغتراف من الشهوات حل للهروب من الفراغ والضياع.
إنه الخاطب الهادئ في الحوار والمناقشة والإقناع المتحمس للخير قبل الصراخ في الفراغ وأمام عقول لم تعد تتحمل المزيد من الصراخ، بقدر ما تبحث عن مسكنات روحية أبدية.
-وتحتاج البشرية إلى دعاة وخطباء يتحملون مسؤولية المهمة التي أسندت إليهم، يعطونها حقها، ويحترمونها، فيبدعون ويؤثرون ويكونون سببا للتغيّر والصلاح والفلاح، ولا شك أن الذي يعي ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه يدرك جيدا أن التحضير والإعداد لخطابه، والبعد عن العشوائية وتمييع الخطاب وتسطيحه، والبعد عن التذمر، هو السبيل الوحيد للنهوض بالخطاب الإسلامي؛ المطالب دوما بمواجهة الواقع وتحدياته، والتصدّي لأكبر تشويه عرفته البشرية، ويجابه أحد أخطر الأزمنة عبر التاريخ، وإن الله لا ينصر من لا ينصره، ويخذل من يخذله، فمن لم يعط منصب الخطابة حقه ومستحقه، لم يكن مستحقا للشكر في الأرض ولا في السماء، ولم يتأهل لنيل نصر الله له، خاصة أن التردي الذي تعيشه الأمة في عصرنا هذا، وفي مختلف الميادين والحقول، ومنها الحقل الدعوي، ما هو إلا نتيجة مباشرة لترك المسلم معاني الجدية والمسؤولية وراء ظهره، حتى ترسخت البلادة في النفوس والعقول.
إن الخطيب الجدي الحريص هو المؤهل لينصر الله به الخير والحق، وهو الذي يستحق أن يكون ممن يتم الله بهم الرسالة، مصداقا لقوله عزّ وجلّ: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصف: 8-9].
-أخيرا فإن أهم ما تحتاجه البشرية على الإطلاق هو الهداية الربانية، التي جاء بها الإسلام، وأشد ما تحتاجه هو الرحمة التي تغتسل بآثارها الأرواح المتعبة، والنفوس المرهقة من ضنك الحضارة الغربية الموغلة في التوحش.
فبعد أن كانت البشرية خلال القرون الماضية تنعم بنوع من الهدوء والاستقرار على المستوى الأخلاقي والروحي؛ بسبب انتشار رسالة الإسلام، وتواجده في الحياة، إلا أن الحضارة الغربية بكل ما تحتويه من نظم تشريعية ضخمة، ونظم حكم وسياسة، ومع كل ما حققته في مجال السياسة المدنية؛ إلا أنها قضت على الطمأنينة والسكينة التي كانت تعم العالم إلى حد ما، فعلى سبيل المثال كانت الفضيلة مرعية حتى في دول النصارى وممالكهم، وهذا ما لم يعد متحققا اليوم، حيث أتت الحضارة الغربية على الأخلاق، ونشرت طباع الغاب بين البشر، وأسست فراغا رهيبا، لا يملؤه إلا الإيمان، ورسالة الإسلام.. هذا الدين الخاتم هو حب النجاة الأخير أمام البشرية، بعد أن غرقت في ظلمات الجهل والتوحش والظلم، وفي وحل البهيمية والغريزة، إنه الرحمة التي تنتظرها البشرية، والمنقذ من الضلال والتيه الحضاري، وهو الذي يناسب القلوب والعقول والنفوس، فهو من عند الخبير اللطيف، قال تعالى:(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير)[الملك: 14].
وإن أهم من يحمل الهداية للناس اليوم العلماء والخطباء وطلاب العلم، ولعل الدور الأكبر يقع على فئة الخطباء، لأسباب كثيرة بيناها في مقالات ومواضع سابقة، ونكتفي هنا ببيان أمر واحد؛ يدل على خطورة وأهمية الخطيب في العالم، ألا وهو عدد المساجد في العالم، فآخر إحصائية تقول: أن عدد المساجد في العالم ثلاثة ملايين مسجد، وهذا دون إحصاء المصليات، وهذا رقم هائل جدا، يوضح حجم وعدد منارات الهدي والهدى المنتشرة عبر أصقاع الأرض، والتي لو استغلت حق الاستغلال؛ لتغيرت الأرض، وتغيرت النّفوس، وشاعت الرحمة، وتنزلت البركة. وهذا ما يمكن أن يتحقق لو تحققت نسبة محترمة من الآمال المعقودة على الخطباء، الذين يحققون بلاغة الخطاب ويتمثلون حضورا معنى الخطيب البليغ.
التعليقات