تناسق الأفكار
من عناصر الجمال في المعاني تناسق الأفكار وترابطها ترابطا منطقيا، دون إعنات للفكر.
فينبغي أن تتكون الخطبة مشتملة على عناصر الترابط، مقدمة، ثم عرض، ثم استدلال، ثم نتيجة، وكل جزء من هذه الأجزاء مبني على الذي قبله ممهد لما بعده.
ومن الترابط المنطقي الانتقال من الجذور والأصول في الأفكار إلى الفروع الكبرى فالصغرى فالأوراق فالثمار، أما الخلط من غير ترابط منطقي فهو قبيح تنفر عنه الأذهان لأنها لا تستطيع أن تجريه في جداولها المنطقية الفطرية.
فمسايرة المخاطب في تداعي أفكاره وتسلسلها ، فيحدث ذلك في نفسه الارتياح والمسرة حين يلمس الأفكار مترابطة متناغمة أخذ بعضها بأعناق بعض.
وتأمل قول الله تعالى ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ () وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28) .
فتصور اختلاف الألوان في الثمرات يستدعي في الأفكار تصور اختلاف الألوان في الجبال لأنها هي التي تبرز اللوحة الفنية بعد النظر إلى الثمار في أشجارها، فيخطر اللون الأبيض منها على اختلاف درجاته، ثم الأحمر على اختلاف درجاته، ثم الأسود على اختلاف درجاته، ثم ينتقل الذهن إلى الألوان في الدواب والأنعام.
التعليقات