أهم أحكام شهر الله المحرم
ومن أهم أحكام هذا الشهر ما يلي:
أولًا: تحريم القتال فيه:
فمن أحكام شهر الله المحرم تحريم ابتداء القتال فيه قال ابن كثير -رحمه الله-: وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام هل هو منسوخ أو محكم على قولين:
أحدهما: وهو الأشهر أنه منسوخ لأنه تعالى قال ههنا {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} وأمر بقتال المشركين.
والقول الآخر: أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام وأنه لم ينسخ تحريم الشهر الحرام لقوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الآية. وقال: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} الآية(4).
وقد كانت العرب تعظمه في الجاهلية وكان يسمى بشهر الله الأصم من شدة تحريمه.. والصوم في شهر محرم من أفضل التطوع، فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل).
ثانيًا: فضل صيامه:
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل صيام شهر الله المحرم بقوله: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم).
واختلف أهل العلم رحمهم الله في مدلول الحديث؛ هل يدل الحديث على صيام الشهر كاملاً أم أكثره؟ وظاهر الحديث - والله أعلم- يدل على فضل صيام شهر المحرم كاملاً، وحمله بعض العلماء على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم لا صومه كله، لقول عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان) أخرجه مسلم، ولكن قد يقال إن عائشة رضي الله عنها ذكرت ما رأته هنا ولكن النص يدل على صيام الشهر كاملًا.
ثالثًا: شهر الله المحرم ويوم عاشوراء:
عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم ولهذا اليوم مزية ولصومه فضل قد اختصه الله تعالى به وحث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1- فضل يوم عاشوراء:
عاشوراء هو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً ثم صامه النبي صلى الله عليه وسلم لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن أولى بموسى منكم، فأمر بصيامه)، وفي رواية لمسلم: (فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه...)، وللنبي صلى الله عليه وسلم في صيام عاشوراء أربع حالات:
الحالة الأولى:
أنه كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كانت عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه فترك صوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء أفطر). وفي رواية للبخاري وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من شاء فليصم ومن شاء أفطر).
الحالة الثانية:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له -وكان يحب موافقته فيما لم يؤمر به- صامه وأمر الناس بصيامه وأكد الأمر بصيامه وحث الناس عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم.
الحالة الثالثة:
أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بصيام يوم عاشوراء. لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه) وفي رواية لمسلم أيضاً: (فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه ومن كره فليدعه).
الحالة الرابعة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على ألا يصومه منفرداً بل يضم إليه يوم (التاسع) مخالفة لأهل الكتاب في صيامه لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع) قال: فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التعليقات