الإلقاء.. براعة وفن (4-4)
وبعد أن تحدثنا في الحلقات السابقة عن: الخطابة في الإسلام وتعرّفنا على صفات الخطيب المتميز وذكرنا أهمية وجود هدف إلقائي وتعلّمنا طريقة عملية في كتابته.. وتناول بشيء من التفصيل طرق التحضير وأشكاله وتعرفنا على أهمية التدرب وبعض المهارات الإلقائية الخفية .. ها نحن اليوم نكمل في حلقتنا الرابعة والأخيرة عن كيف تعرف سرعتك الالقائية؟ وماذا تفعل عند الخوف والارتباك؟ ونختم ببعض النصائح العامة.
مهم تنويع السرعة في الكلام فكل حسب موقفه مثل:
1- تحتاج أن يكون كلامك بطيئا في المواضع التالية:
أ. الفكرة المعقدة ب. الفكرة الجادة ج. لنهاية النكتة د. للاثارة.
2- وتحتاج أن يكون كلامك سريعا عند بداية النكتة.
3- تحتاج أن تقف عند تفاعل الجمهور ( ضحك – اندهاش (.
وهكذا الآن تعرّف على سرعتك الإلقائية ؟ فإليك هذه الطريقة العملية:
تعرف على سرعتك الإلقائية:
خذ جزء من موضوعك أو خطبتك ثم القها بصوت واضح وكأنك أمام الجمهور وعلى عادتك وسجّل ذلك بجهاز التسجيل الصوتي.. ثم احسب عدد الكلمات التي قرأتها في الدقيقة ( واعلم أن المعدل الطبيعي 130 – 140 كلمة في الدقيقة وأعد التسجيل حتى تصل إلى هذا المعدل.
يجب أن يكون مظهرك لائقا ومرتباً.. فلقد بوب البخاري في كتاب الخطبة بابا سماه (يلبس أحسن ما يجد).
نظرات الملقلي.. وما أدراك ما نظراته ؟ من المهم أن تنظر إلى جميع الحضور وأن تشعر كل واحد منهم وكأنك تتحدث له ثم انتقل عشوائيا بين الحضور بعينيك وتوقف بهما عند كل شخص لثلاث أو اربع ثوان ثم انتقل إلى غيره.
ابتسم.. ابتسم.. ابتسم..
أما عن حركة اليدين فضعهما إلى جانبك فهو أفضل مكان لهما حتى تشعر أنك غير قادر على الاحتفاظ بهما فاجعلهما تتحركان بطبيعتهما.
لا تُشر بإصبعك إلى الجمهور فهذا يجعلك تبدو ديكتاتوريا.
لا ترفع يديك عن مستوى كتفيك.. إلا في مواضع معدودة.
من الجميل والرائع إذا كان هناك تعداد لنقاط أن يقوم الملقي بعدها على أصابعه واحدة واحدة. فلها بالغ الأثر.
من التجربة فإن الأفضل بأن يتحدث الملقي واقفا فهو ادعى لاتصاله أكثر بالجمهور.
أما عن وقوف الملقي وتحركه فالأفضل الوقوف في مكان واحد والمشي للحاجة والتحرك بهدؤ نحو هدف معين.. أو لحاجة الموضع الذي وصلت إليه من الكلام بأن تتحرك فتحرك بما يقتضيه الحال.
قف على كلتا رجليك.. ولا تقف على أحدهما دون الأخرى فهي ليست الوقفة الصحيحة المستقيمة للملقي.. ومن ناحية صحية فهي أيضا غير جيدة..
قف مستقيما وارفع رأسك.
تفاعل مع حديثك بصوتك وحركاتك واجعله نابعاً من داخلك وليكن إيمانك به عظيماً.. حتى يؤثر في الآخرين.
– ماذا تفعل عند الخوف والارتباك:
في استبيان وجد أن 70 % من الناس يخافون عند مواجهة الجمهور.. فالخوف طبيعي ويمر به كل الناس حتى المحترفين ، فهذه الظاهرة يمكن التغلب عليها.. وهاك علاج الخوف:
يقول د. علي الحمادي: ( إذا كنت خائفاً لسبب أو لآخر.. فخذ نفسا عميقا وأخرجه ببطء.. ثم وجه نظرك لبعض الوقت فوق رؤوس الجمهور ولا تنظر إلى أعينهم كما يمكنك أن تحدث نفسك إن الأمر هين ويسير ، وحاول كذلك أن تتصنع الابتسامة.. وقبل هذا وذاك.. استعن بالله وأسأله التيسير).
افرك يدك قبل دخولك للجمهور.
إن قراءتك للخطبة عدة مرات.. يزيد ثقتك بنفسك مما يجعله يطرد الخوف عنك.
وقد تخطئ في كلمة فلا ترتبك وأكمل فهذا طبيعي – وإن وجدت سخرية – ولا تجعلها حاجز ، يُحكى أن خالد بن عبد الله القسري من الخطباء المعروفين أجهدته الخطبة على المنبر فقال: ( أطعموني ماء ) فاتخذها الناس سخرية.. حتى قال فيه الشاعر:
بل المنابر من خوف ومن هلع *** واستطعم الماء لما جد في الهرب
نصائح عامة:
يقول صاحب كتاب قوة الكلمة: ( التوقف أو التشديد على كلمة أو عادة استخدام التشديد هو الترياق الشافي لمعالجة الملل).
توقف عندما تنتهي من الموضوع ولا تتكلم لتملأ الوقت فقط.
حاول أن يكون المكان جيد.. في حجمه وتهويته وأن تكون مقاعد الجمهور مريحة لهم.
حاول استخدام وسائل الإيضاح ( الشفافيات – عروض الكمبيوتر – الشرائح – البورجكتر – الأوراق الكبيرة – أفلام الفديو – الخرائط والرسوم البيانية – جهاز التسجيل السمعي – السبورة… الخ.
التمارين.. تحرك الجمهور وتجعله يتفاعل معك أكثر وأكثر.
أكثر من ضرب الأمثلة فهي تجعل الصورة أقرب في أذهان المستمعين.
أكثر من ذكر القصص فقد جبلت النفوس على حبها.. ولكن اذكر فقد ما يتعلق بموضوعك.
حتى تجعل صوتك جميلا ورائعاً.. ما عليك إلا أن ترطب حبالك الصوتية بشرب كوب من الشاي الساخن قبل اللقاء بدقائق.. وأيضاً مما يفيد في تحسين الصوت واستمرار المتحدث لأوقات طويلة براحة تامة تناول شيء من العسل أو مما يغلب عليه السكريات.
في ختام اللقاء لخص أهم الأفكار التي طرحتها وكيفية الاستفادة من هذا الموضوع في الواقع العملي.. وكذلك حاول ختام لقاءك بطرفة أو مرح لأن الناس يبقى لديها انطباع آخر لحظات فتحكم عليك من خلاله.
وبعد.. فهذه مهارات ومعلومات لن تنفع وستبقى حبراً على ورق إن لم يحاول ويجرّب الإنسان الطموح لتطوير ذاته تدريب نفسه بنفسِه عليها. وإغلاق باب غرفته عليه – وإن وجد في ذلك بعض الهمز واللمز – ومحاولة تطبيقها واجداً واحداً وملاحظة ما اتقنه وما يحتاج إلى تعلّمه ثم استشارة من يثق فيه من المربين والأساتذة فهم أصحاب الخبرة والسبق في ذلك.
وأخيراً.. يسعدني كثيراً موافاتي بكل ما هو جديد ومفيد في ما يتعلق بالإلقاء والخطابة ولا تنسونا من صالح دعائكم..فهذا جهد بشري مقل معرّض للخطأ لا محالة أرجو من الله قبول هذا العمل ثم أن يحوز على رضاكم..
نسأل الله أن يوفقنا للتأثير في الناس وتغييرهم للأفضل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه..
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعليقات