كيف تحضر خطبة؟
أ/إسلام داود
قبل البدء في تحضير الخطبة لا بد من اعتبارات تمهيدية:
أولاً: اعرف مستمعيك:
أول خطوة في التخطيط للخطبة هي معرفة جمهور المستمعين فعليك مثلاً أن تعي طبيعة المجموعة التي ستتحدث إليها والقضايا التي تهم الحاضرين، ومن تحدث إليهم قبلك، وما مواقف المستمعين تجاه موضوع الحديث كما ينبغي التعرف على أي عناصر مشاكسة موجودة بين الحاضرين والعناصر "الصديقة" أو المتعاطفة مع آراء المتحدث.
ولتحقيق جو من الألفة والتواصل مع جمهور المستمعين، على المتحدث أن يصل مكان الاجتماع مبكراً، وأن يكون بين آخر المنصرفين هذا من شأنه أن يمكن المتحدث من التعرف على بعض الحاضرين واكتشاف العناصر الحليفة بينهم كما يوفر فرصة للتحدث إلى المعارضين والتعرف عليهم بصفة شخصية إذا دعت الحاجة إلى الإشارة إليهم بالاسم أثناء الحديث وإلى آرائهم كنوع من إبداء التقدير والاحترام لهم، ويمكن الاستفادة من ذلك لتعزيز وتقوية بعض النقاط التي سترد في الخطبة أو الحديث.
ثانياً: أكد مصداقيتك:
يستجيب الجمهور المستمع للمتحدث إذا اقتنع بمصداقيته ولتأكيد هذه المصداقية فإن على المتحدث أن يكون على دراية تامة بالموضوع الذي يتناوله، وأن يكون بإمكان مستمعيه أن يصدقوه فيما يطرح من أفكاره، وأن بكسبه تصرفاته حب الجمهور وإقباله عليه.
فعندما آن الأوان لأن يجهر رسول الله -عليه السلام- لأهل مكة ببعثته وأن يبلغهم رسالة ربه وقف على جبل الصفا ودعاهم للتجمع ليخطب فيهم بأن قال: "يا معشر قريش، لو أخبرتكم أن جيشاً يوشك أن يظهر عليكم من وراء هذا الجبل فهل كنتم مصدقي؟" فقالوا: "نعم"، وذلك لأنهم لم يعرفوا عليه الكذب طوال أربعين عاماً، وبعد أن أكّد مصداقيته لديهم قال لهم: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب يوم شديد".
إعداد الخطبة:
نقدم فيما يلي أنموذجاً عاماً للخطبة، وقد لا يكون مناسباً في جميع الحالات، إذ قد تملي مناسبة خاصة أو يفرض موضوع ذو ملامح معينة أنموذجاً مختلفاً، ولكن الهدف يجب أن يكون دائماً هو إعداد خطبة متكاملة تنقل أفكار المتحدث بوضوح مع العناية بجذب اهتمام المستمعين وحسن إنصاتهم وتركيزهم.
1/اختر الموضوع المناسب لخطبتك:
وحدِّد عنوانه وعناصره بدقة، وضع خطة شاملة له، مستحضراً الأسباب التي تجعلك تعتقد بأن هذه القضية هامة للمستمعين متيقناً ضرورة طرحها أمام الرأي العام، مع توضيح مرامي الخطبة.
2/حلل الموضوع:
اشرح الخلفية التاريخية واذكر دروس الماضي، وَضَعْ الموضوع في إطاره العملي والواقعي، إن من أنجع الوسائل ترتيب المادة حسب المواضيع وليس على أساس زمني أو تاريخي، كما أنه من المهم أن يعرف الجمهور بوضوح لماذا أصبحت هذه القضية هامة في هذا الوقت خاصة.
3/عرض الأمثلة:
اضرب أمثلة محددة إذا توافرت من الماضي الإسلامي وغير الإسلامي، أو قصصاً تصويرية أو لغزاً أو شعاراً، وناقش ما اقترح من حلول لوقائع تاريخية مشابهة وما حققته تلك الحلول من نجاح أو إخفاق أما إذا كانت القضية جديدة تماماً فناقش أوجه الشبه أو التباين بينها وبين حالات سابقة.
4/شخص المشكلة واقترح الحلول:
ابدأ بتشخيص المشكلة بشكل إبداعي مستشهداً بالآيات القرآنية التي تعين في التحدث عن الحل، وارجع إلى السنة الشريفة لمزيد من التوضيح، افحص إمكان تطبيق المبادئ القرآنية في واقع المسلمين اليوم، وخذ في حسابك ما طرح من اجتهادات في تفسيرها كمحاولة للتوصل إلى الحل، وقدم اقتراحات لحلول جديدة في إطار مقاصد الشريعة الغراء حين لا توجد النصوص المباشرة في القضية محل البحث.
5/الخاتمة:
هناك فرعان للخاتمة، أحدهما: علمي منهجي، والثاني: تربوي، يشتمل الأول على:
– تلخيص أساسيات الموضوع في نقاط محددة لا تتجاوز الخمس كي يسهل استيعابها واستذكارها.
– أهم النتائج العلمية والعملية التي تمخضت عنها الخطبة.
– فتح آفاق جدية للبحث والتأمل.
أما الثاني التربوي فهو أن تختتم حديثك بثلاث نقاط:
– التواضع وهو تاج الحكمة والاعتراف بقصور العلم البشري مهما اتسع.
– التفاؤل والتأكيد على أن الله -سبحانه وتعالى- قد جعل لكل شيء سبباً ولكل داء دواء وأن الأمة قادرة على اكتشاف تلك الأسباب والأدوية وإقامة مجتمع أفضل.
– التقدم بالشكر والتحية للمنظمين وللمستمعين.
التعليقات