زخـــــرفة المســــاجد
يقول الأستاذ/ مَاجد إسلام في كتابه "الثواب في بناء المساجد": الزخرفة في اللغة: هي النقش والتزويق، ويكون على جدران المسجد أو السجاد ، وهي مما يتزين به، وقال ابن الأثير : الزخرفة النقوش والتصاوير . قال الراغب الأصفهاني: الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف، وفي الصحاح الزخرف الذهب أ.ه وأصل الزخرف الذهب ثم استعمل في كل ما يتزين به، ومنه قوله تعالى:{وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} . ثانيا: بعض مظاهر الزخرفة ( نقلا عن موقع إمام المسجد ): إن الزخرفة تعني وضع الزينة في المسجد بأي مظهر من المظاهر التالية: 1- تزين الجدران بالذهب والفضة. 2- نقش الجدران بالألوان والأصباغ المختلفة. 3- وضع التصاوير وأنواع السجاد والنقوش والقناديل والستائر على المنائر. 4- وضع السرج الكثيرة في ليال محدودة، أو في أعياد بدعية؛ كما قال الإمام النووي- رحمه الله - ومن البدع المنكرة ما يفعله الناس في كثير من البلدان من إيقاد القناديل الكثيرة العظيمة في ليال معروفة من السنة؛ كليلة النصف من شعبان، فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة، منها: مضاهاة المجوس في الاعتقاد بالنار، والإكثار منها، ومنها: إضاعة المال في غير وجهه، ومنها: ما يترتب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم، ورفع أصواتهم، وامتهانهم في المساجد، وانتهاك حرماتها، وحصول أوساخ فيها، وغير ذلك من المفاسد التي يجب صيانة المسجد من أفراده2. وإضافة إلى ما ذكره الإمام النووي من اختلاط الرجال والنساء، وشرب الدخان، والرقص والطرب والتمايل يمنة ويسرة، وذلك عند التواشيح البدعية والشركية التي يزعمون أنهم يمدحمون النبي - صلى الله عليه وسلم- بها . عمارة المساجد وبناؤها ، وتعظيمها وصيانتها ، من العبادات العظيمة ، والقربات الجليلة عند الله. وليس من عمارتها المطلوبة كتابة الآيات ، والأحاديث ، والأدعية على الجدران ، لأن المقصود بالكتابة هو الزينة المتباهى بها ، والتي تشغل المصلين في صلاتهم ، والتي تجعل المساجد متاحف ، وأماكن للسياحة ، كما يحدث – للأسف – في كثير من البلدان ، وليس هذا الأمر مما يفتخر به المسلمون ، وإنما فعله من ركن إلى الدنيا ، وأراد منافسة الكفار في بنائهم ، أو مباهاة غيره من الحكام ، وإنما عمارة المساجد عندنا : إقامة الصلاة فيها ، والاعتكاف ، والتعليم ، وذِكر الله ، وليس هو تشييدها بأنواع الحجارة ، ولا طليها بمختلف الألوان ، ولا تزويقها بأشكال من الخطوط تُرسَم فيها الآيات ، وتُكتب فيها الأحاديث والأدعية . يقول الشيخ / عبدالله بن محمد العسكر : أباح بعض أهل العلم زخرفة المساجد ونقشها وتلوينها ؛ لما فيه من تعظيم المساجد والرفع من شأنها () وأغلب أهل العلم يقولون بالكراهية ، بل عدّ الشوكاني ذلك بدعة () . وقد وردت نصوص وآثار تدل على أن زخرفة المساجد من الأمور المنكرة في الشرع منها : عن أنس رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد " () قال ابن عباس _ رضي الله عنهما _ : " لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " وقال أنس _ رضي الله عنه _ : " يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً " (). 3- لما أمر عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ البنَّاء بتجديد المسجد النبوي قال له : " أكنَّ الناس ( أي: استرهم واحفظهم ) من المطر ، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس)() . 4- عن أبي الدرداء _ رضي الله عنه _ قال : " إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم ) وفي رواية ( فالدبار عليكم " (). قال الشيخ يوسف الوابل تعليقاً على قول عمر : " رحم الله عمر ، فإن الناس لم يأخذوا بوصيته ولم يقتصروا على التحمير والتصفير بل تعدوا ذلك إلى نقش المساجد كما ينقش الثوب ، وتباهى الملوك والخلفاء في بناء المساجد وتزويقها حتى أتوا في ذلك بالعجب ... ولا شك أن زخرفة المساجد علامة على الترف والتبذير وعمارتها إنما تكون بالطاعة والذكر فيها ويكفي الناس ما يكنهم من الحر والقر والمطر )(). ويقول الشيخ / عبدالله بن صالح الفوزان : ويجب الحذر من زخرفة المساجد والتباهي بذلك – كما هو الواقع اليوم – وذلك من علامة الساعة، وقد نصّ العلماء على كراهة ذلك، وصرح بعضهم بالتحريم(). وقد ورد عن أنس – رضي الله عنه – أن النبي e قال: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد"(). قال البخاري: قال أنس: يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. اهـ. والتباهي بها: العناية بزخرفتها، والتسابق في ذلك. وقد نهى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن زخرفة المساجد؛ لأن ذلك يشغل الناس عن صلاتهم، مع ما فيه من الإسراف والتبذير، فقال – رضي الله عنه – عندما أمر بتجديد المسجد النبوي – مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال -: "أكنّ الناس من المطر، وإياك أن تحمّر أو تصفّر، فتفتن الناس"(). قال النووي: (يكره زخرفة المسجد ونقشه وتزيينه؛ للأحاديث المشهورة، ولئلا يشغل قلب المصلي)(). ولعل المراد بذلك كراهة التحريم لما في ذلك من إضاعة المال، والتسبب في إشغال المصلين، وإبعادهم عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى. وقد ذكر كثير من أهل العلم زخرفة المساجد من البدع في الدين(). وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : عن مشروع يتبنى " زخرفة المساجد " ؟ فأجابوا: هذا العمل غير مشروع ؛ للأحاديث الصحيحة في النهي عن زخرفة المساجد ، ولأن في ذلك إشغالاً للمصلين عن صلاتهم بالنظر ، والتفكر في تلك الزخارف ، والنقوش . الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد . " فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية. قد يستغرب البعض عندما يسمع أن الزخرفة للمساجد من البدع المحرمة؛ وذلك لأن كثيراً من مساجد المسلمين اليوم لا تخلو منها - إلا ما شاء الله- ولأن الناس اليوم قد أحدثوا في الدين مالم يأذن به الله، ومن براهين ذلك: الدليل الأول: ما رواه أبو داود السجستاني عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أمرت بتشييد المساجد" . يخبر النبي أنه لم يأمره الله بتشييد المساجد، وكل مالم يأمر بالله ورسوله، فهو مردود على صاحبه غير مقبول منه؛ كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم. قال العلامة الصنعاني - رحمه الله : وقوله- صلى الله عليه وسلم – "ما أمرت" إشعار بأنه لا يحسن ذلك، فإنه لو كان حسناً لأمره الله به. الدليل الثاني: ما أخرجه ابن المبارك في الزهد، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (585) عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: " إذا زخرفتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم". في هذا الحديث يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المسلمين إذا زخرفوا المساجد، وخالفوا أمر الله ورسوله؛ وذلك لأنه كما سبق لم يأمر بزخرفتها، فإن الدمار عليهم، وقد يكون هذا دعاءٌ من النبي على من زخرف المساجد، فتخيل حال من دعا النبي - صلى الله عليه وسلم عليه بالدمار؟! لا شك أن حاله إما فتنة في دينه أو دنياه، وفي الآخر عذابٌ أليم، قال الله- تعالى-:{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم}. الدليل الثالث: أن في الزخرفة وتشيد المساجد ضرب من التباهي المذموم، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من علامات الساعة التباهي بالمساجد، فعن أنس – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد". وقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم - فلقد تباهى الناس بالمساجد، فتجد البعض من الأمراء والقادة والوزراء ورجال الأعمال يبنون المساجد ويزخرفونها، ثم لا يصلون فيها إلا في مواسم معينة،وربما أعلنوا عن بنائهم لذلك المسجد عبر وسائل الإعلام المختلفة. قال العلامة ابن رسلان – رحمه الله- : هذا الحديث فيه ظاهرة لإخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يقع فإن تزيين المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان.. بأخذهم أموال الناس ظلماً وعمارتهم بها المد راس على شكل بديع، نسأل الله السلامة والعافية. ولكن لا يفهم من ذلك ذم بناء المسجد بحد ذاته، ولكن المقصود ذم ما أحدثه الناس فيه من البدع والمباهات التي تغضب الجبار تبارك وتعالى. الدليل الرابع: أن في زخرفة المساجد إتباع لسنن اليهود والنصارى، فما من كنيسة ولا معبد يهودي إلا وفيه أنواع الزخارف والنقش والتصاوير؛ حتى أنهم يصورون صور أنبيائهم على جدران معابدهم، وقد سار بعض جهلة المسلمين على طريقتهم؛ حتى أن بعض المساجد التي يقوم عليها بعض الفرق الضالة من تعلقون صور مشايخهم في نحو القبلة، وعلى جوانب المساجد، وهذا ما أخبرني به من اثق بديانته أنه دخل بعض مساجدهم ورأى ما فيها من البدع والصور، وصدق الصادق المصدوق حيث قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ لتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن" رواه البخاري ومسلم. وقال حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس- رضي الله عنه- كما في البخاري موقوفاً:- لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى. وقال الشيخ حمود التو يجري: النوع العشرون: ومن التشبه بأعداء الله - تعالى - ما ابتلي به كثير من المسلمين قديماً وحديثاً من تشييد المساجد وزخرفتها، والتباهي بها قديماً وتشيد الماضين وزخرفتهم ومباهاتهم لا شيء بالنسبة إلى تشييد أهل زماننا وزخرفتهم بعضهم بعضاً، وهذا من أشراط الساعة. الدليل الخامس: أن الزخرفة تؤدي إلى مفاسد كثيرة، منها إفساد الخشوع على الناس في صلاتهم، وقد كان النبي من أحرص الناس على الخشوع في الصلاة، فلقد دخل ذات يوم بيتاً، فرأى فيه قرني الكبش، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن طلحة فقال له: " إني كنت رأيت قرني الكبش حيث دخلت، فنسيت أن آمرك أن تخمرها، فخمرها، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي" رواه أحمد. قال الشوكاني: والحديث يدل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير أو غيرهما مما يلهي، وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي هي فيه لارتفاع العلة، وهي اشتغال القلب المصلي بالنظر إليه6. هذا إذا كان في البيت، والذي لا يشرع فيه إلا صلاة النافلة، وأهل البيت الذين عددهم قليل جداً، فكيف بالمساجد التي يصلى فيها الصلوات الخمس المفروضة، وعدد المصلين فيها بالمئات، بل بعضها يكون عدد المصلين بالآف، والذي يعد الخشوع فيها ركن من أركان الصلاة، ؟ لا شك أن الأمر أشد من ذلك وأخطر. ومما يؤيد أن الزخارف والنقوش تلهي المصلي في صلاته، ما رواه البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : " كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لها: " أميطي قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي" وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بـ: باب إذا صلّى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته وما ينهى عن ذلك. وما رواه - أيضاً - البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها- في الخميصة التي كان لها أعلام فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فلما انصرف، قال صلى الله عليه وسلم: " اذهبوا بخميصتي – والخميصة كساء مربع له أعلام- هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي". فكيف بالمسجد الذي بداخله أنواع النقوشات والألوان والساعات المتحركة، والرسوم المختلفة؟ فما حال صلاة من يصلي فيه؟ وماذا يقال فيمن فعل ذلك؟!! الدليل السادس: أن الزخرفة مظهر من مظاهر السرف وإضاعة المال، وقد حذرنا الله من ذلك فقال: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}. وفي البخاري ومسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " إن الله حرم ثلاثاً، ونهى عن ثلاث، حرم عقوق الوالدين، ووأد البنات، ومنعاً وهات، ونهى عن ثلاث عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال". وعن أبي برزة الأسلمي – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : " لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن عمله ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (7300). يقول الشيخ / عبدالله بن جبرين: وقد كثر التباهي في هذه الأزمنة بالمساجد، وأسرفوا في زخرفتها وكثرة الإنفاق عليها، وقد أفتى المشايخ بجواز تشييدها إذا شيدت المساكن والمنازل، حتى لا تكون المساجد مشوَّهة حقيرة بالنسبة إلى البيوت والمنازل، لكن بدون الإسراف والمبالغة في الزخرفة والرفع، وكثرة الإنفاق والألوان والأصباغ، والتنوع في ما يصرف فيها من الخزف والبلاط، والفرش مما لا حاجة إليه فهناك مساجد بحاجة إلى أدنى عمارة. ويقول الشيخ / سعيد بن علي القحطاني: وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن المسجد كان على عهد رسول الله مبنيّاً باللبن، وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر وبناه على بنياه في عهد رسول الله : باللَّبِن والجريد، وأعاد عمده خشباً، ثم غيره عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجار المنقوشة والقصة()، وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسقفه بالساج()))(). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - يقول: ((فعل عثمان يدل على تحسين المسجد بالحجارة المنقوشة، والأخشاب الطيبة، والقصة يعني صبغ الجدار لا بأس بذلك، وإن كان حياة السلف أولى وأفضل، لكن إذا حسَّن الناس مساكنهم، ونفروا من البنايات القديمة، وصار ترك المسجد على حالته القديمة قد ينفرهم من الصلاة والاجتماع في المساجد، فلا بأس أن يفعل مثل ما فعل عثمان للترغيب في المساجد، أما للمفاخرة فلا، ويكره أن يكتب في المسجد فالأولى أن يكون سادة))(). ويقول د. عبد المجيد البيانوني : وتكره زخرفة المسجد وتلوينه ، ونقشه وتزيينه ، إذا كان ذلك من ماله الخاصّ لما فيه من إهدار المال وتضييعه بغير نفع ، ولما فيها أيضاً من مشابهة اليهود والنصارى ، وقيل : لا بأس بذلك إذا لم يكن في جدار القبلة، ويحرم ذلك إذا كان من مالٍ موقوف على المسجد () ، لحديث ابن عبّاس يرفعه إلى النبيّ : ( ما أمرت بتشييد المساجد ) ، وقال ابن عباس : " لتزخرفنّها كما زخرفت اليهود والنصارى " () . " سئل الإمام مالك عن المساجد ، هل يُكره أن يكتب في قبلتها بالصبغ مثل آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين ونحوها فقال : " أكره أن يكتب في قبلة المسجد شيء من القرآن والتزويق وقال إن ذلك يشغل المصلي وكذلك ينبغي له أن يغير ما أحدثوه من إلصاق العمد في جدار القبلة وفي الأعمدة أو ما يلصقونه أو يكتبونه في الجدران والأعمدة وكذلك يغير ما يعلقونه من خرق كسوة الكعبة في المحراب وغيره فإن ذلك كله من البدع لأنه لم يكن من فعل من مضى" قال الإمام النووي رحمه الله : " لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس وتكره كتابته على الجدران عندنا " انتهى من "التبيان في آداب حملة القرآن" ص (110) وقال ابن الهمام الحنفي : " تُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالْمَحَارِيبِ وَالْجُدْرَانِ وَمَا يُفْرَشُ " انتهى من "فتح القدير" (1/310) . وسئل فضيلة الشيخ ابن العثيمين - رحمه الله - : ما حكم كتابة الآيات والأحاديث على جدران المساجد ؟ .فأجاب: هذه تشوِّش على النَّاس ، أما كتابة الآيات على الجدران سواءً في المساجد ، أو غيرها : فإنها من البدع ، لم يوجد عن الصحابة أنهم كانوا ينقشون جدرانهم بالآيات ، ثم إن اتخاذ الآيات نقوشاً في الجدران : فيه شيء من إهانة كلام الله ، ولذلك نجد بعضهم يكتب الآيات وكأنها قصور ، أو مآذن ، أو مساجد ، أو ما أشبه ذلك ، يكيف الكتابة حتى تكون كأنها قصر ، ولا شك أن هذا عبث بكتاب الله عز وجل ، ثم لو قدِّر أنها كُتبت بكتابة عربية مفهومة : فإن ذلك ليس من هدي السلف ، وما الفائدة من كتابتها على الجدار ؟ يقول بعض الناس : يكون تذكيراً للناس ، فنقول : التذكير يكون بالقول ، لا بكتابة الآيات ، ثم إنه أحياناً يكتب على الجدار : ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) الحجرات/ 12 ، وتجد الذين تحت الآية هذه يغتابون الناس ، فيكون كالمستهزئ بآيات الله . إذاً : كتابة الآيات في المساجد ، وعلى جدران البيوت كلها : من البدع ، التي لم تكن معهودة في عهد السلف . أما كتابة الأحاديث : ففي المساجد إذا كانت في القبلة : لا شك أنها توجب التشويش ، وقد يكون هناك نظرة ، ولو من بعض المأمومين إليها في الصلاة ، وقد كره العلماء رحمهم الله أن يكتب الإنسانُ في قبلة المسجد شيئاً ، أما في البيت : فلا بأس أن يَكتب حديثاً يكون فيه فائدة ، مثل كفارة المجلس : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليه ) هذا فيها تذكير ." لقاء الباب المفتوح " ( 197 / السؤال رقم 8 ) . وسئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - : ما حكمُ تعليقِ الآيات القرآنية على الجدران ؟ .فأجاب : يجبُ تعظيمُ القرآنِ الكريمِ ، وتلاوته ، وتدبُّره ، والعمل به ، أما تعليقه على الجدران : فهو من العبث ، وقد يؤدي ذلك إلى امتهانه . وأيضاً : قد يتَّخذُ ذلك من باب تجميل الجدران بالديكورات ، والرسومات ، والكتابات ، فيُجعل القرآن ضمن ذلك ، وقد يُكتب على شكل نقوش يُقصد منها المناظرُ فقط . وعلى كل حال : فالقرآن يجب أن يُصان عن هذا العبث ، وما كان السَّلف يعملون هذا ، والقرآن لم ينزل ليُكتب على الجدران ، وإنما أنزل ليُكتب في القلوب ، ويظهر أثره على الأعمال والتصرُّفات ." المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 2 / 77 ) . وأما كتابة الأحاديث والأدعية على جدران المسجد : فالأحوط تركه ؛ لأنه لا يراد به – عادة وغالباً – إلا الزينة ، وإذا كان المراد به الفائدة للناس لحفظها والتذكير بألفاظها : فيجوز إذا التزمت الشروط التالية : 1. عدم جعل الأحاديث والأدعية مكتوبة على الجدران رسماً ؛ لأنها لا تزال ، فلا يستفاد من مكانها إن حفظها المصلون ، بل تكتب على ورق حائط ، يسهل تعليقه ونزعه ، وخاصة فيما يحتاجه المسلمون من معرفة ما يُكتب في مناسباتهم الموسمية . 2. أن لا تكون في قبلة المصلين ؛ حتى لا تشغلهم في صلاتهم . 3. أن لا تستعمل الزينة في الكتابة بما تفقد الحديث والدعاء هيبته . 4. تجنب كتابتها بشكل غير مقروء ، أو جعلها على شكل طائر ، أو رجل ساجد ، وما يشبهه . 5. أن تغيَّر باستمرار ، بحسب حاجة الناس ، لإزالة جهل ، أو تذكير بفضل ، أو تثبيت حفظ . يقول الشيخ / عبدالله بن صالح الفوزان قال ابن بطال بعد أن ذكر آثاراً تدل على كراهية المغالاة في تشييد المساجد وتزيينها قال: وهذه الآثار مع ما ذكر البخاري في هذا الباب تدل على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تشييدها خشية الفتنة والمباهاة ببنائها . . وكان عمر رضي الله عنه قد فتح الله الدنيا على أيامه ومكنه من المال فلم يغير المسجد عن بنيانه الذي كان عليه في عهد النبي e، ثم جاء الأمر إلى عثمان، والمال في زمانه أكثر، فلم يزد أن جعل في مكان اللبن حجارة وقصّة()، وسقفه بالساج مكان الجريد، فلم يقصّر هو وعمر عن البلوغ في تشييده إلى أبلغ الغايات إلا عن علم منهما من الرسول بكراهة ذلك، وليقتدى بهما في الأخذ من الدنيا بالقصد والكفاية، والزهد في معالي أمورها، وإيثار البلغة منها(). تاسعا: واجب العلماء وولاة الأمر: (نقلا عن موقع إمام المسجد): إن الواجب على العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبيان للناس البدع التي عمت وطمت كثير من المساجد، ومنها هذه البدعة التي سبقت أدلتها، ولما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" فعلى العلماء البيان باللسان، وعلى ولاة الأمر التغير باليدان،كما كان محمد - عليه الصلاة والسلام – فقد رأى نخامة في قبلة المسجد فحكها بيده الشريفة، وقد علق الحافظ ابن حجر على حديث النخامة في المسجد وحك النبي لها، بقوله: وفي هذا الحديث من الفوائد تفقد الإمام أحوال المساجد وتعظيمها وصيانتها، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم – هذا دل على عظيم تواضعه زاد ه الله تشريفاً وتعظيماً 7. وقال العلامة ابن الحاج: وينبغي له – أي لولي الأمر- أن يغير ما أحدثوه – أهل البدع والأهواء- من الزخرفة في المحراب وغيره، فإن ذلك من البدع، وهو من أشراط الساعة8. ولما رأى عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - ابناً له كتب في الحائط – أي المسجد- بسم الله الرحمن الرحيم ضربه. فكيف لو رأى عمر بن عبد العزيز مساجد المسلمين اليوم وما فيها من الكتابات والنقوش والرسوم، والساعات المتحركة الضخمة والتي ينبعث منها تلك الرنات المحرمة في خارج المسجد، فضلاً عن داخله، فما عساه أن يقول؟ وما عساه أن يفعل؟!! اللهم! أصلحنا وصلح بنا وجعلنا ومساجدنا قائمين على السنة. اللهم! ثبت قلوبنا على الإيمان واليقين، واهدنا سبل السلام، واصرف عنا البدع وأهلها،إنك جواد كريم!. المراجع : كتاب ( الثواب في بناء المساجد والمشي إليها ويليه ) للمؤلف/ مَاجد إسلام البنكاني كتاب ( أحكام حضور المسجد ) عبدالله بن محمد العسكر كتاب ( أحكام حضور المساجد ) عبدالله بن صالح الفوزان كتاب ( فصول ومسائل تتعلق بالمساجد ) عبدالله بن جبرين كتاب ( المساجد .. في ضوء الكتاب والسنة ) سعيد بن علي القحطاني كتاب ( تذكرة العابد بحقوق المساجد ) د. عبد المجيد البيانوني موقع (الإسلام سؤال وجواب ) بتصرف يسيرأولاً : معنى الزخرفة :
ثالثا: هل الزخرفة مما يحمد فعله ويفتخر به؟
(نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب):
رابعا : حكم الزخرفة :
خامسا: سبب التحريم لدى المانعين :
(نقلا عن موقع إمام المسجد):
سادسا: جواز التشييد والزخرفة بشرط عدم المبالغة وأن لا تكون في قبلة المسجد:
سابعا : حكم كتابة الآيات والأحاديث على جدران المساجد:
( نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب):
ثامنا: الآثار المترتبة على الزخرفة :
التعليقات