المسجد الأقصى يترنح .. بيانات استنكار إسلامية دون خطة حقيقة
تتسارع الخطى الإسرائيلية نحو تهويد المسجد الأقصى، فتارة تقوم القوات الإسرائيلية باقتحامه، وتارة أخرى تمنع المسلمين من الصلاة فيه، والأخطر هو عمليات الحفر المستمرة أسفله، تحت دعاوى إقامة الهيكل المزعوم.
لا معنى للقدس بدون الهيكل:
الكيان الصهيوني لا يسعى فقط إلى تهويد المسجد الأقصى، بمعنى إزالة الطابع الإسلامي، وإضفاء الطابع اليهودي عليه، مثل ما هو الحال في الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، لكن الأمر يتعدى هذه المسألة إلى تنفيذ استراتيجية " لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل"، أي أن إسرائيل تحاول بشتى الوسائل إلى شطب المشهد القدسي الإسلامي بأكمله وبناء الهيكل المزعوم.
وتنفيذاً لهذه السياسة الصهيونية، فقد جهز اليهود مؤخراً 6 ملايين حجر في كسارة على بعد 25 كم جنوب بئر السبع ورقموها، وذلك لبناء الهيكل مكان الأقصى، وهم يعملون بكل ما أوتوا من قوة ومال لتغيير معالم المسجد الأقصى وضم أراضٍ جديدة إليه، وفقاً للباحث الفلسطيني سمير سعيد.
الخبير الأثري الفلسطيني أكد كذلك على تعرض المسجد الأقصى لأكثر من 320 اعتداء صهيوني كبير منذ العام 1967م، مشيراً إلى أن وتيرة هذه الاعتداءات في تصاعد، حيث بلغت خلال العام الماضي وحده 63 اعتداء على شكل حفريات وتجاويف أسفل المسجد الأقصى وفي جنباته، والعديد من أشكال الاعتداءات الخطيرة الأخرى، ما يجعله عرضة للانهيار في أية لحظة.
وإذا كان الكيان الصهيوني يقوم في السابق بمنع المسلمين عن الصلاة في المسجد الأقصى، فإن هذا الأمر تطور في الوقت الراهن، وأصبح الكيان هو المسيطر الفعلي عليه، يضع الشروط والعقبات للحيلولة ضد دخول المسلمين، وفي نفس الوقت يتخذ من الإجراءات التي تكشف عن مخططاته الراميه إلى تقسيمه زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية محور المعالم الإسلامية عنه.
الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) ناقش في مايو الماضي، قراراً اعتبره المراقبون الأخطر منذ احتلال القدس عام 1967، تحت اسم " صلاة اليهود في جبل الهيكل"، إذ يمنح هذا القرار كل اليهود حرية تأدية الطقوس التوراتية داخل الأقصى، وإقامة الصلوات التلمودي بشكل علني دون أي قيود وإدخال كل لوازم الصلاة إلى داخل المسجد الأقصى، ولبس تمائم التوراة ورفعها داخل المسجد.
رد الفعل الإسلامي.. ما أشبه الليلة بالبارحة:
وإزاء هذا الوضع الخطير الذي يتعرض المسجد الأقصى المبارك، لم يخرج رد الفعل العربي والإسلامي عن بيانات شجب واستنكار، لا يتغير أسلوبها وكلماتها تقريباً عن نفس البيانات التي صدرت منذ سنوات.
الجامعة العربية التي تمثل بيت العرب، حذرت مؤخراً إسرائيل من المضي قدماً في تنفيذ قرار "صلاة اليهود في جبل الهيكل"، مؤكدة على أن هذا القرار انتهاك صارخ لحرمة المسجد الأقصى المبارك، رافضة استباحة المستوطنين والمتطرفين له واقتحاماتهم اليومية بقيادة غلاة المتطرفين من ساسة ورجال دين تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تقوم بإطلاق القنابل الغازية المسيلة للدموع والحارقة والرصاص الحي على صدور المصلين الفلسطينيين المرابطين داخل الأقصى للدفاع عنه، ومنددة بما تقوم به قوات جيش الاحتلال بالتعرض والعدوان الوحشي على السيدات الفلسطينيات في داخل الحرم القدسي الشريف.
بيان التحذير من الجامعة العربية ركز فقط على الإدانة والاستنكار، دون أن يضع خطة عمل عربية، إزاء الخطوات الصهيونية الغير مسبوقة.
رد فعل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيرها من المنظمات العربية والإسلامية، يتبنى ذات الأسلوب والنهج، الذي يدور في إطار الشجب والإستنكار، لا أكثر ولا أقل، وإن اختلفت الكلمات لكنها تدور دائماً في الإطار.
ما العمل؟:
لاشك في أن القدس والمسجد الأقصى المبارك، لما لهما من مكانة إسلامية مقدسة، هي قضية كل مسلم في كل أرجاء المعمورة، وهي قضية الحكومات العربية والإسلامية، المنوط بها الدفاع عنهما وعن الحقوق العربية والإسلامية التي يضرب بها الكيان الصهيوني عرض الحائط.
وهذه المسؤولية الملقاة على عاتق الشعوب والحكومات تتطلب الآن وبصورة عاجلة، إعادة المكانة والاعتبار للقدس عبر تفعيل منظمة المؤتمر الإسلامي وتحمل مسئوليتها تجاه الأقصى والمدينة المقدسة وتوفير الدعم المادي والمعنوي وكل الوسائل التي تدعم وتقوى الصمود والبقاء للسكان المحليين المقدسيين وهذا من واجب جامعة الدول العربية.
كما يتعين إيجاد إستراتيجية فلسطينية عربية متكاملة في مواجهة التهويد الإسرائيلي وحشد الطاقات الشعبية والرسمية في التصعيد من خطوات الاحتجاج والنضال بكافة الوسائل والطرق المشروعة وضمان استمراريتها في التصدي للمخططات الإسرائيلية الهادفة إلى قلب وتغيير التاريخ لفرض حقائق جديدة وهذه بحاجة الى دعم شعبي عربي وإسلامي ودولي عبر المنظمات الصديقة والداعمة لقضيتنا الإسلامية المحورية.
التعليقات