قصة ضياع ( الإمام المنحرف)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
فضيلة الشيخ: أنا حافظ للقرآن منذ مدة طويلة ولله الحمد، وإمام مسجد منذ عدة سنوات ولله الحمد، وحفظت متون علمية كثيرة ولله الحمد، وأعتبر في أسرتي ملتزم بل أحياناً يستفتوني في أمور فقهية، مشكلتي في المواقع الإباحية لم أستطع تركها، وقد تطور الوضع وذهبت للزنا في إحدى الدول ، ثم الغزل في الأسواق، وقد حادثت فتاة عن طريق الجوال فعلمت بي زوجتي فعاهدتها على الإقلاع، لكني ما زلت متشوق لذلك، علماً أني أحاول أن أتوب أحياناً فما ألبث أن أرجع... دلني أحسن الله إليك .. وخذ بيدي.
أجاب على السؤال فضيلة الشيخ / خالد بن حسين بن عبدالرحمن.
مقدمة:
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، والصلاة والسلام على سيد التائبين، وإمام القانتين وقدوة الخائفين لله رب العالمين القائل في الحديث الصحيح: " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " ([1]). صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أخي العزيز لقد قرأت رسالتك مرة تلو أخرى، وفي كل مرة أشعر أنه قد ساءني جداً ما وقعت فيه من معاصي، ومنكرات، وكبائر عظام، وذنوب موبقات، وآثام مهلكات.
لقد وقعت الكلمات التي جاءت في رسالتك البائسة على نفسي وقع الصاعقة على عاد وثمود، تكاد قواي تخور وأنا أسطر لك هذه الكلمات من هول ما جاء في رسالتك؛ لأن القضية -يا حافظ القرآن – تتعلق بمعصية الجبار جل جلاله، والتعدي على حدوده، فالزنا تلك الجريمة البشعة، والكبيرة المهلكة، والمعصية الموبقة، والتي هي عدوان على العرض، وهتك للستر، وتدنيس للشرف، وقتل للفضيلة، ووأد للعفاف، وتمزيق للحشمة، ونشر للرذيلة، وإضاعة للأحساب، واختلاط بشع ومريع في الأنساب، وعار وشنار على صاحبها تلاحقه أينما حل وارتحل، وتطارده في نومه ويقظته، وتنغص عليه حياته، وتكدر عليه صفو عيشته، وإذا استمر على ذلك ومات عليها كان من الخاسرين، فكان له من العذاب العظيم، والهوان الأليم، والمآل الوخيم يوم القيامة،
يا مسكين أتدري ماذا أعد الله للزناة والزواني يوم القيامة؟ أعد لهم ناراً تلظى لا يصلاها إلى الأشقى، نسأل الله السلامة.
أخي يا من منّ الله عليه بحفظ كتابه منذ سنوات عديدة، إن هذه الجريمة التي وقعت فيها تنافي الإيمان وتجافيه.
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" ([2]).
وعنه أيضاً – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان كالظلة فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان". ([3]).
ولذلك نجد الرب جلا وعلا أمرنا بالابتعاد عن تلك الجريمة الشنعاء بل أمرنا بعدم الاقتراب إلى الأسباب الموصلة إليها فقال تعالى" { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}( الإسراء:32).
ولا حظ هنا أنه سبحانه قال: { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا... } ولم يقل سبحانه { ولا تزنوا } أي لا تقتربوا من الأسباب والدوافع التي تدفعكم وتوصلكم إلى الزنا، فاحذر يا رعاك الله من الأسباب التي توصلك إلى الزنا والعياذ بالله.
تلخيص المشكلة:
أخي من خلال قراءتي لرسالتك يمكن لي أن ألخص مأساتك في النقاط التالية حتى تتضح لنا الصورة أكثر فأكثر فأقول:
1. أنت شاب منّ الله عليه بالهداية منذ سن مبكر، وتوجت هذه الهداية بأن يسر الله لك حفظ كتابه منذ سنوات طويلة.
2. نتيجة لحفظك لكتاب الله يسر الله لك بأن تكون إماماً للناس منذ بضعة سنوات.
3. توالت نعم الله عليك فسلكت طريق طلب العلم فحفظت 14 متناً علمياً حتى غدوت في مصاف طلبة العلم، وأصبحت قدوة بين أسرتك، وبين الناس، حتى أصبح الناس يأتون إليك ويستفتونك في أمور دينهم؛ لما يرون فيك من الصلاح، والخير، والعلم.
4. لكن لم يستمر الأمر على ذلك، فقد وصلت إلى عالم الرذيلة، وذلك بالنظر إلى المواقع الإباحية، والتي يبارز أصحابها الجبار جل جلاله، ولا أدري كيف وصلت إلى هذا المنحدر الخطير، وإلى تلك الهاوية الساحقة من السبب ومتى وكيف ....؟؟؟
5. وفي غياب مراقبة الله جل وعلا، وموت القلب، ومباركة الشيطان، وصلت إلى مستنقع آسن، ودخلت حلبة قذرة، وعالم مشين ألا وهو عالم الزناة والزواني، نسأل الله السلامة والعافية.
6. سعيت وراء الشيطان، وأغضبت الرحمن، ونزعت عن نفسك الحياء، بعدما نزعت من قلبك الإيمان، وذهبت إلى مواطن الخنا والفجور، وأصبحت في عداد الزناة، وسُجلت في سجلهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
7. ذهبت تتسكع في الأسواق لكي تسطو على أعراض المسلمين تغازل هذه، وتنظر إلى تلك، وترقب هذه، تريد التصيد في مستنقع الرذيلة الآسن القذر.
8. وفي مرة من المرات فضحك الله أمام زوجتك وأنت تغازل إحدى الساقطات، فدب الرعب في قلبك، والخوف في نفسك؛ لأن زوجتك اكتشفت شيء من أمرك، فما كان منك إلا أن عهدتها بعدم العودة إلى تلك القبائح، وكان الأجدر بك والأليق أن تخاف من ربك الذي خلقك، ورزقك، ومن كل نعيم أعطاك، وكان من الأجدر بك أن تعاهد ربك أولاً على التوبة، ولكن للأسف الشديد خفت من المخلوق ولم تخف من الخالق، وجعلت نظر الله أهون الناظرين إليك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
9. لكن على رغم ذلك ما زال فيك بقية من خير تدعوك للتوبة، وتريد أن تتوب، لكن غلبة الهوى وصولته وسطوته عليك قوية، تحول بينك وبين تحقيق التوبة والأوبة والرجعة إلى الله عز وجل، وذلك لموت قلبك ، وقلة جيوش المناعة عندك، وتمكُن فيروس المعاصي من قلبك، فأفسده بل قضى عليه، إلا بقية قليلة، لعل أن يكون فيها نجاتك.
خطاب العقل والفطرة السليمة:
أخي الداعية: بعد هذا العرض السريع لمأساتك، وما آل إليه أمرك من انتكاسة للفطرة، وارتكاسة في إيمانك، لا أخاطبك خطاب الواعظ فأنت في عداد الواعظين، ولا أخاطبك خطاب المذكرين فأمطرك بوابل من الآيات والأحاديث التي تدل على شناعة، وفظاعة ما قمت به، وما أنت عليه الآن، فأنت بهذه النصوص عالم وبها عارف، وربما كنت أعلم بها مني، فأنت تعلم علم اليقين بحرمة ما أنت عليه من معاصي ومنكرات، ولكن أخاطبك خطاب العقل الصحيح، والفطرة السليمة، هذا الخطاب الذي خاطب به النبي صلى الله عليه وسلم ذلكم الشاب القوي الفتي الذي جاء إلى الحضرة النبوية حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين أصحابه الكرام في مسجده المبارك في طيبة الطيبة، وهم ملتفون حوله كما تلتف النجوم الزواهر حول البدر ليلة تمامه، وقف هذا الشاب على مجلس النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً له بصوت مرتفع، يا رسول الله: ائذن لي بالزنا. وهنا وقعت الكلمات على نفس الصحابة الكرام وقع الصاعقة على عاد وثمود، فسكت الجميع في ذهول كبير، وساد المكان سكوت رهيب، فلا تسمع إلا سل السيوف من أغمادها، تنظر الإشارة من الإمام الأعظم والنبي الأكرم -صلى الله عليه وسلم - بأن تطيح برأس هذا الشاب المتجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى الشاب ذلك علم أنه مأخوذ لا محالة، فعندها ارتعدت فرائصه، واصفر لونه، وطاش عقله، فلم يرى إلا لمعان السيوف تنتظر أن تطيح برأسه، ولكن ماذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل وبخه؟ هل شتمه؟ هل سبه؟ هل أمر بقتله؟ هل أمر بحبسه؟، هل أمر بجلده؟ أم ماذا حدث؟ لم يحدث شيء من هذا كله، بل أشار للناس أن اسكتوا، وأشار للفتى قائلاً له: أدن مني يا فتى، فدنى الفتى حتى اقترب، وجلس بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حتى كان وجه الفتى تلقاء وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فإذا بالفتى يرى وجهاً يتلألأ منه النور، ويشع منه الضياء، فلم يستطع الفتى مقاومة هذا الضياء المحمدي فنكس رأسه حياءً وخجلاً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. ثم ماذا؟
هل عنفه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هل أمطره بوابل من الآيات والأحاديث التي تُبين فداحة وفظاعة ما يريد القيام به ؟ لا، لأن أمر التحريم لهذه الجريمة والعلم به هو حاصل عند الفتى بلا شك، بدليل أنه جاء يستأذن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ممارسة هذه الجريمة البشعة، فكيف تعامل معه النبي -صلى الله عليه وسلم -؟، وكيف كان خطابه معه؟
لقد خاطب النبي -صلى الله عليه وسلم - هذا الشاب خطاب العقل الصحيح، والفطرة السليمة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - سائلاً الشاب: يا فتى أتحبه لأمك؟ قال الفتى : لا والله، جعلني الله فداك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، ثم قال: أفتحبه لا بنتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك . قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم . ثم قال: أفتحبه لأختك.. أفتحبه لعمتك.... أفتحبه لخالتك..... وفي كل مرة يجيب الفتى بقوله لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك. فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم.... ولا لعماتهم ... ولا لخالاتهم.
فأنا يا أخي أخاطبك كما خاطب النبي -صلى الله عليه وسلم - هذا الشاب المفتون أتحب هذا الفعل لأمك ... لابنتك، لأختك، لعمتك، لخالتك لزوجتك لأي امرأة من محارمك؟ الإجابة معروفة ستقول لا. أقول وكذلك الناس لا يحبونه لمحارمهم فكيف لا ترضاه لنفسك وترضاه لغيرك؟. فإن من تزني بها إما أُماً أو بنتاً أو أختاً أو عمة أو خالة أو زوجة لأحد الناس، فكيف ترضى بهذا الظلم والضيم للناس، ولا ترضاه لنفسك؟، تخيل نفسك لو وقع بك ما توقعه بالناس ماذا يكون حالك؟ اتق الله يا عبد الله في نساء المسلمين، يتقي الناس الله في نساءك ، واحذر من سداد الدين.
وصدق الإمام الشافعي حيث يقول:
إن الزنا دين لو أقرضته * كان السداد لأهل بيتك أقربُ
ثم ماذا حدث مع النبي – صلى الله عليه وسلم – والفتى المفتون؟، يقول الراوي : فوضع النبي – صلى الله عليه وسلم يده على صدر الفتى ودعا وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه، وأنا لو كنت عندك لفعلت بك مثلما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – بالفتى المفتون، ولكن حسبي أن أدعو لك بما دعا به النبي -صلى الله عليه وسلم - فأقول: اللهم اغفر ذنب أخي، وطهر قلبه وحصن فرجه اللهم آمين اللهم استجب يا رب العالمين.
يقول الراوي: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.([4])
النتائج والآثار:
أخي إمام المسجد: إن ما تعاني منه من اشتياق للحرام بعد ممارسته حالة مرضية خطيرة لم تكن وليدة اليوم، بل هي نتيجة لموجة عارمة من فيروس المعاصي، والمنكرات، هجم عليك، وصادف غيبة من جنود المناعة التي عندك، والمتمثلة في الطاعات، وأخذ هذا الفيروس منك مأخذاً عظيماً، حتى كاد أن يقضِ عليك، وأصابك في مقتل، وسبب لك مرضاً عظيماً، وجرحاً غائراً ألا وهو قسوة القلب، مما جرأك على معصية الرب جل وعلا، الذي أنعم عليك بنعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، وإن لم يكن من هذه النعم إلا حفظك لكتاب الله جل وعلا لكفى، ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، ألم تدرك مدى نعم الله عليك { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ...} (النحل: 53). وقال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا...} (النحل: من الآية 18).
فبدلاً أن تشكر الله على هذه النعم وتحافظ عليها، وتستعملها في طاعة الله، كان الأمر على عكس ذلك تماماً، استعملت هذه النعم في معصية الله جل وعلا، وبارزته بالمعاصي ليل نهار، بل سعيت سعياً حثيثاً لتحصيل الحرام، وقد أغناك الله بالحلال، فبدلاً من أن تستمتع بالحلال مع زوجتك ذهبت لتقترف الحرام في أحضان الزواني والمومسات، استبدلت الذي هو أدنى، وأحقر، وأخبث، بالذي هو خير، وأطيب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
علاج المشكلة :
أخي العزيز: معذرة إن كنت أثقلت عليك، فأنت لست كبقية الناس أنت حامل للقرآن، أنت إمام للناس، أنت طالب علم، أنت قدوة وأسوة للناس، فالأمر خطير بالنسبة لك، فأنت لست كآحاد الناس، لذلك كان حديثي معك فيه شيء من الشدة والتعنيف، ولكن يعلم الله أني لك ناصح، وعليك مشفق، ولك محب، فتحمل حديثي معك يا رعاك الله. أخي لا تقنط من رحمة الله، وأنت تعلم بأن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن الله سبحانه وتعالى جعل للعاصين أمثالنا باب يلجون منه إنه باب التوبة، والإنابة، والرجعة إلى الله سبحانه وتعالى، فبادر بذلك، وأسرع الخطى إلى الله، وتأكد بأن الله يتوب على من تاب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وأن الله يفرج بتوبة عبده إذا تاب ورجع إليه كما صح بذلك الخبر عن الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم –في الحديث المتفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه واللفظ لمسلم.
وعلاجك يا أخي الكريم يكون من خلال عدة نقاط.
الأولى: علاج قسوة القلب
فاجتهد يا رعاك الله في علاج قسوة قلبك فإذا صلح قلبك صلح باقي جسدك كما قال صلى الله عليه وسلم " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" ([5]).
فالقلب هو الباطن، والجسد هو الظاهر، فعندما ما يصلح باطنك يصلح ظاهرك بإذن الله تعالى. فعليك بصلاح قلبك واقرأ في الكتب التي عنيت بذلك وأهمها كتاب الله وسيرة رسوله – صلى الله عليه وسلم ولعلك ترجع إلى استشارة لي منشورة في موقع الإسلام اليوم بعنوان " أعاني قسوة قلبي ".
ثانياً التوبة:
عليك بالمسارعة بالتوبة، والأوبة، والرجعة إلى الله تعالى، وأنت تعلم شروط التوبة، وأركانها، ولعلك ترجع إلى الكتب التي عنيت بذلك ومن أهم هذه الكتب كتب ابن قيم الجوزية، وابن رجب الحنبلي وابن الجوزي، وابن أبي الدنيا – رحم الله الجميع – واقرأ كتاب التوبة للشيخ محمد الحمد.
ثالثاً: تعظيم الله في قلبك:
من أهم وسائل العلاج تعظيم الله في قلبك، واستحضار رقابة الله جل وعلا، واستشعار أنه سبحانه مطلع عليك ويراك. ويكون ذلك بكثرة القراءة في كتاب الله، بتدبر في الآيات التي تتكلم عن تعظيم الرب جل وعلا، واقرأ في سيرة أهل المراقبة والخشية والخوف من الله جل وعلا وهناك كتب كثيرة في هذا الباب منها على سبيل المثال: كتاب الخوف من الله على ضوء الكتاب والسنة وسير سلف الأمة وهو من تأليفي فارجع إليه إن شئت غير مأمور، وكذلك كتاب: " عندئذٍ بكى النبي صلى الله عليه وسلم وهو من تأليفي أيضاً، وكذلك كتاب " البكائين " لابن أبي الدنيا وكتاب البكاء لا بن قدامة المقدسي، وكذلك نفس الكتاب لابن أبي الدنيا، وكتاب أين دمعتك في دموع البكائين لعلي بن عبد العزيز وغيرها كثير.
رابعاً: احذر من سوء العاقبة:
كن على يقين بأن الموت يأتي فجأة فاحذر يا مسكين أن يأتيك الموت وأنت في حالة المعصية، والمرء يُبعث على ما مات عليه، فاحذر أن تموت وأن تعصي الله، فتبعث يوم القيامة على هذه الحالة المزرية، وعندها لا يفيد الندم ولات حين مندم سئل الإمام الزاهد العابد العالم أبو الحسن البصري عن سبب زهده في الدنيا فقال أربعة أشياء وذكر منها: قال: علمت بأن الله يراني فاستحييت أن يراني وأنا على معصية، وعلمت بأن الموت يلاحقنني فأعددت الزاد له. فأعد الزاد يا مسكين ليوم المعاد فالموت قريب.
خامساً: استحضار العقوبة:
قد قيل من أمن العقوبة أساء الأدب، فلو استحضر المذنب والعاصي العقوبة التي تنتظره جراء ما يفعل ما أقدم على فعل المعصية، ولكي أوضح لك الصورة وأقربها إلى ذهنك أقول: هب أنه تاقت نفسك للمعصية وممارسة الفجور، وأنت تطالع هذه المواقع الإباحية الخبيثة النتنة، وقد أحضرنا لك فتاة هي أجمل ما يكون النساء في كل شيء، وقلنا لك يا فلان هذه الفتاة ملك لك افعل بها ما تشاء، ولكن انظر: هذا تنور – فرن - تتأجج فيه النيران تكاد يُغمى عليك من شدة هوله ومنظره، أضف إلى هذه النار العظيمة يوجد في هذا التنور خطاطيف وكلاليب ومناشير تمزق الأجساد، وكذلك توجد فيه حيات وعقارب ودواب وهوام قاتلة، بعدما تنتهي من هذه الفتاة الجميلة الفاتنة، وتقضي منها وطرك فإنا سنأخذك مباشرة لنضعك في هذا التنور على ما فيه من حيات، وعقارب، وخطاطيف، وكلاليب، وغيرها... فهل يا ترى ستوافق على ذلك؟ لا والله لن توافق، بل ستنطفي كل ذرة فيك، ولا تفكر إلا في الخلاص والنجاة من هول ما رأيت، فلو استحضرت يا عبد الله ما ينتظرك يوم القيامة من عظيم العذاب، وأليم العقاب، لما تجرأت على فعل ما فعلت، والعاقل خصيم نفسه، والظمآن يكفيه من الماء اليسير، واللبيب تكفيه الإشارة عن صريح العبارة وما ذكر فيه الكفاية لمن أراد الرشاد والهداية.
سادساً: الزواج أو الصوم:
إذا كنت لك نفس تواقة للنساء فتتزوج فإن لم تستطع لأي مانع فعليك بالصوم فإنه لك وجاء أي وقاية من الوقوع في الحرام كما ثبت بذلك الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه -.
ونتمنى استمرارية التواصل معنا لمعرفة أخبارك السارة.
هذا والله أعلم وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[1]. أخرجه البخاري (6307) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
[2]. متفق عليه البخاري (2475) ومسلم (57)
[3]. أخرجه الترمذي ( 2665) وأبو داود (4690) بإسناد صحيح.
[4]. أخرجه أحمد في المسند (22211) والطبراني في الكبير (7679) والبيهقي في شعب الإيمان (5032) بإسناد صحيح من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
التعليقات