" الأذان الجماعي " ، صوره ، وأحكامه ، وفيه التعليق على أذان المسجد الأموي

 السؤال: أنا من الأردن , كنت في زيارة إلى " سوريا " ، فذهبت لأصلي الجمعة في مسجد " بني أمية الكبير " ( المسجد الأموي ) ، فقبل الصلاة كان هناك مجموعة من المنشدين تنشد ابتهالات ومدائح للرسول عليه الصلاة والسلام , ثم عندما حان موعد الأذان : قاموا بالأذان جماعة ( مجموعة المنشدين في نفس الوقت ) ، وبعد الأذان صلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأكثروا من المديح , عند إقامة الصلاة أقاموها جماعة ، وكانوا يكررون المقطع مرتين ، مثل : " الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله " ، وبعد قراءة الإمام لسورة الفاتحة قام بقراءة سورة قصيرة ، لكن قام بتلاوة الثلث الأول بصوت منخفض ، والثلث الثاني بصوت أعلى قليلاً ، والثلث الأخير بصوت واضح ، مع التجويد والترتيل . فما صحة هذه الأحداث ؟ . وبارك الله فيكم . 

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الأذان من العبادات ، والأصل في العبادات المنع ، إلا بدليل ، ولا يحل لأحدٍ أن يزيد فيه أو ينقص منه ، ومن فعل ذلك وقع في البدعة ، حتى لو كان ذلك السابق أو اللاحق للأذان قرآناً أو صلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ، فالأذان الشرعي يبدأ بلفظ " الله أكبر الله أكبر " وينتهي بلفظ " لا إله إلا الله " ، وهكذا رآه الصحابي الجليل عبد الله بن زيد في منامه ، فأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلَّم وشرعه لأمَّته ، وهو شرع الله إلى نهاية الدنيا ، لا يزاد عليه ، ولا يُنقص منه .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

لوحظ أن بعض المؤذنين حين أذان الفجر ينادون في المنارة وقبل البدء في الأذان بترديد صوتين أو ثلاثة أصوات : " صلوا " ، أو " الصلاة " ، ثم يشرع في الأذان ، ويسأل : هل يقرون على ذلك أم ينكر عليهم ؟ .

فأجابوا :

لا يخفى أن الدِّين مبني على الإتباع والاقتداء لا على الابتداع والإحداث ، يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) – رواه البخاري ومسلم - ، وفي رواية : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) – رواه مسلم - ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ) – رواه أبو داود - ، كما لا يخفى أن الأذان المشروع : سبع عشرة كلمة لصلاة الفجر ، وخمس عشرة كلمة للصلوات الأخرى .

فإذا زيد على ما ثبت مشروعيته ، سواء كانت الزيادة قبل البدء به أو بعد الانتهاء منه : اعتبرت هذه الزيادة بدعة ، يتعين إنكارها ، والإنكار على من يأتي بها ، مع أن في الأذان ما هو أبلغ من هذه الكلمات وأقوى تأثيراً وإيقاظا ، وذلك قول المؤذن : " حي على الصلاة " ، مرتين ، و " حي على الفلاح " مرتين ، بعد التذكير بجلال الله ومقامه .

وعليه : فينبغي الإنكار على المؤذنين المذكورين ما يقولونه وهم في المنارة من الزيادة على الأذان قبل البدء بقول : " صلوا " ، " الصلاة " ، أو نحو ذلك ؛ حماية لجناب المشروع مما ليس مشروعا من البدع والمحدثات .

الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 499 ، 500 ) ، وينظر أيضا : فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 2 / 211 ) .

 

ثانياً:

" الأذان الجماعي " يُطلق ويراد به أمران :

الأول : أن يؤذِّن مجموعة من المؤذنين في وقت واحد ، وفي مسجد واحد ، وله صورتان :

أ. أن يؤذنوا جميعاً بصوت واحد في مكان واحدٍ – كصحن المسجد - ، وهذا لا شك أنه بدعة منكرة بلا خلاف .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وأما المؤذنون الذين يؤذنون مع المؤذن الراتب يوم الجمعة في مثل صحن المسجد : فليس أذانهم مشروعاً باتفاق الأئمة ، بل ذلك بدعة منكرة .

" الفتاوى الكبرى " ( 5 / 324 ) .

قال محمد بن الحاج – رحمه الله - :

وأذانهم جماعة على صوت واحد : من البدع المكروهة المخالفة لسنَّة الماضين ، والإتباع في الأذان وغيره : متعين ، وفي الأذان آكد ؛ لأنه من أكبر أعلام الدين .

" المدخل " ( 2 / 242 ) وقد أطال رحمه الله الكلام في إنكاره ، فانظره فيه .

وقال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله - :

وأما الأذان الجماعي - وهو الذي كان يسمَّى " أذان الحُوق " ، أو " الأذان السلطاني " - وهو : أن يقوم أربعة من المؤذنين بأذان واحد ، أُحدث في خلافة هشام بن عبدالملك ، وقد أبطله فاروق الأول بمصر بفتوى الشيخ محمد مصطفى المراغي , وكان الأذان الجماعي في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي الشريف حتى أُبطل عام ( 1400 هـ ) ، وقد أفردتُ في إنكاره جزءاً ، والحمد لله رب العالمين .

" تصحيح الدعاء " ( ص 376 ) .

ب. أن يؤذن كل واحدٍ منهم على جهة من جهات المسجد الواسع ؛ ليصل صوت أذانهم إلى أكبر قدر ممكن من الناس ممن يسكنون حول المسجد .

وقد أجاز طائفة من العلماء – كالشافعي رحمه الله - هذا الأذان حيث توجد حاجة له ، كأن يكون المسجد واسعاً ، والبيوت حوله متفرقة وبعيدة .

قال الشافعي – رحمه الله - :

وإن كان مسجداً كبيراً له مؤذنون عدد : فلا بأس أن يؤذن في كل منارة له مؤذن ، فيُسمعُ من يليه ، في وقت واحد .

" الأم " ( 1 / 84 ) .

وإذا قدر أن هذه الحاجة التي كانت موجودة تبيح هذه الصورة ، فلا شك أن هذه الحاجة قد انقطعت في عصرنا الحاضر ، وقامت مكبرات الصوت بذلك الدور المشار إليه ، دون حاجة إلى إحداث مؤذن آخر ، أو أذان جديد .

 

الثاني : أن يؤذن شخص واحد ويردد وراءه مجموعة ما يسمعونه منه .

وهذه الطريقة في التأذين لا نعلم بوجودها في مكان آخر سوى " المسجد الأموي " في دمشق ، وقد جمعوا بين الطريقتين البدعيتين في أذانهم هذا ، فهم يرددون وراء مؤذنهم من أول الأذان إلى آخر " حي على الفلاح " ، ثم يكملون جميعاً بصوت واحد آخر جملتين من الأذان ! .

وهذه الطريقة في الأذان سارية إلى وقتنا الحالي ، ولا شك في بدعيتها ، ومخالفتها لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته . وما سبق ذكره من كلام العلماء الأجلاء في وجوب الاتباع في شعيرة الأذان : كافٍ للرد على ذلك وبيان بدعيته .

 

ثالثاً:

إقامة الصلاة في ذلك المسجد جماعة ـ أيضا ـ من البدع المنكرة ، وقد سبق بيان بدعية مثل هذه الصور من الذكر الجماعي . فيراجع السؤالان : ( 10491 ) و ( 105644 ) .

وأما ألفاظ الإقامة التي نقلتَها عنهم : فهي صحيحة ، وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 111893 ) .

وأما بخصوص طريقة قراءة الإمام للسورة بعد الفاتحة التي نقلتَها عنهم : فهي طريقة مبتدعة منكرة ، لا يُقرُّون عليها .

 نسأل الله أن يصلح أحوال القائمين على المساجد ، وأن يساهموا في القضاء على بدعه ، وأن يوفقهم الله لإحياء السنَّة تعليمها وتطبيقاً .

 والله أعلم

 ____________________

الإسلام سؤال وجواب


التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.