فضل الإمامة

للإمامة فضل عظيم ، وأجر كبير ، لمن سألها رجاء ثوابها ، مخلصاً في ذلك ، لا يريد عرضاً من الدنيا .

وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله هذا السؤال :

عن الإمامة هل فعلها أفضل ، أم تركها ؟

فأجاب : بل يصلي بهم ، وله أجر بذلك ، كما جاء في الحديث : " ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة : رجل أم قوماً وهم له راضون " [ أخرجه أحمد ، والترمذي ، وهو حديث ضعيف ] [ مجموع الفتاوى 23/340 ] .

ففضل الإمامة لا ينكره أحد البتة للأمور التالية :

أولاً / الإمامة فضيلة وشرف :

قال صلى الله عليه وسلم : " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله " [ أخرجه مسلم ] ، والأقرأ هو الأفضل ، فالإمام دائماً يُنظر إليه على أنه أفضل الناس خلقاً ، وديناً ، وعلماً ، وفضلاً وكفى بها مناقب للإمام إذا أحسنها وأتقنها ، واتقى الله فيها ، فالإمامة رفعة في الدنيا ، وشرف في الآخرة ، ولهذا لم يتولاها إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلفاؤه من بعده ، وأهل العلم والفضل في كل زمان ، حتى وصلنا إلى هذا الزمان ، ففقدت الإمامة مقصدها الشرعي ، وأضحى الهدف منها هدف دنيوي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ثانياً / الإمام قدوة :

لا أحد ينكر فضل الإمامة ، وفضل الإمام ، فهو المقتدى به في الصلاة وخارج الصلاة ، فالناس ينظرون إليه نظرة احترام وتوقير وإجلال ، فهو من أهل القرآن ، الذين هم أهل الله وخاصته ، ومن إجلال الله تعالى ، إكرام حافظ القرآن غير الغالي فيه ، أو الجافي عنه ، فالناس ينظرون إليه على أنه قدوة لهم ، وهو من يحل مشكلاتهم بعد الله عز وجل ، فمسؤولية الإمام عظيمة وكبيرة .

قال تعالى : (( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً )) [ الفرقان 74 ] ، فالمعنى : اجعلنا أئمة يُقتدى بنا في الخير ، وقيل : اجعلنا هداة مهتدين ، دعاة إلى الخير ، وقيل : نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا [ أحكام القرآن للجصاص 3/449 ، أحكام القرآن لابن العربي 3/346 ، الطبري 9/425 ، ابن كثير 4/616 ، القرطبي 14/81 ] .

ثالثاً / دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة بالإرشاد :

وهو أول طرق الخير ، فالإنسان إذا رشد في عمله فإنه إلى خير ، قال صلى الله عليه وسلم : " الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين " [ أخرجه أبو داود وصححه الألباني 1/105 ]

 

رابعاً / الإمامة معينة على طلب العلم :

كثير من الأئمة المخلصين الذين يرجون ثواب الله تعالى ، تقدموا للإمامة ، لا لأجلها هي ، ولكن لأنها تعين بعد الله تعالى على طلب العلم الشرعي ، وعلى حفظ كتاب الله تعالى ، وتعين على المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في بيوت الله تعالى ، لا سيما ونحن في زمن فسد فيه كثير من الناس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وعلى طلبة العلم أن يحرصوا على طلب الإمامة ، لدعوة الناس إلى الحق ، وترك الباطل ، فهي وظيفة دينية مهمة ، تولاها قبلهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، فينبغي على طلاب العلم أن يهبوا للقيام بها ، ولا يتركونها لهمل الناس وسقطهم الذين لا هم إلا جمع المال ، واللهث وراء مغريات الحياة الدنيا ، فهنا لابد من إقفال الطريق عليهم ، والحرص على إمامة المسلمين ، وتعليمهم العلم الشرعي ، لا كما نشاهده اليوم حتى من بعض طلاب العلم ، وأصحاب الشهادات الشرعية ، وكأنهم خرس بعد الصلاة ، لا يأمرون ولا ينكرون ، يصلون ويهربون ، ليس هذا هو القصد من الإمامة ، بل القصد أعظم وأشمل من ذلك بكثير ، فهي أمانة يجب أن تؤدى على أكمل وجه وأحسنه ، وعليهم ألا يخجلوا أو يتهيبوا ذلك الموقف فلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة ، وعليهم بقراءة سير السلف الصالح وكيف كانوا دعاة للخير ، دعاة إلى الله تعالى ، يعلمون الناس العلم المستمد من الكتاب والسنة .

يحيى بن موسى الزهراني

إمام الجامع الكبير بتبوك ( سابقاً )

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.