لجمع عند الذهاب إلى المسجد بالسيارة دون مشقة عند نزول المطر

إذا اختلفت حال جماعة المسجد عن نزول المطر، فبعضهم بيته قريب من المسجد، لا يتأذى بنزول المطر، أو عنده سيارة يمكنه الذهاب بها، والبعض الآخر يحضر إلى الصلاة في المطر؛ فذهب جماهير أهل العلم إلى الأخذ برخصة الجمع بين الصلاتين، عند وجود سببها، للجماعة كلهم؛ سواء كان الذهاب إلى المسجد فيه مشقة على جميع المصلين أو على بعضهم دون بعض. لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الصلاتين، ولم يكن يتضرر بالمطر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "جمع صلى الله عليه وسلم بالمدينة للمطر، وهو نفسه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتضرر بالمطر، بل جمع لتحصيل الصلاة في الجماعة، والجمع لتحصيل الجماعة خير من التفريق والانفراد" انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/452).
في "البيان والتحصيل" (1/403- 404) : "سئل الإمام مالك – رحمه الله – عن القوم يكون بعضهم قريب المنزل من المسجد إذا خرج منه دخل إلى المسجد من ساعته ، وإذا خرج من المسجد إلى منزله مثل ذلك ، يدخل منزله مكانه ,ومنهم البعيد المنزل عن المسجد ، أترى يجمعوا بين الصلاتين كلهم في المطر ؟
فقال: ما رأيت الناس إذا جمعوا إلا القريب والبعيد فهم سواء يجمعون.
قيل : ماذا؟
فقال: إذا جمعوا جمع القريب منهم والبعيد" انتهى.
وقال ابن رشد الجد بعد كلام الإمام مالك: " وهذا كما قال؛ لأن الجمع إذا جاز من أجل المشقة التي تدخل على من بعُد، دخل معهم من قرُب إذ لا يصح لهم أن ينفردوا دونهم فيصلوا كل صلاة في وقتها جماعة لما في ذلك من تفريق الجماعة "انتهى.
وقال ابن رشد الجد بعد كلام الإمام مالك: " وهذا كما قال؛ لأن الجمع إذا جاز من أجل المشقة التي تدخل على من بعُد، دخل معهم من قرُب إذ لا يصح لهم أن ينفردوا دونهم فيصلوا كل صلاة في وقتها جماعة لما في ذلك من تفريق الجماعة "انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
عند هطول المطر وخاصة في المساء يؤذن لصلاة المغرب، وبعد تأدية الصلاة تقام صلاة العشاء جمعا؟ وذلك رأفة بالمصلين من أجل المطر، هل يجوز ذلك مع أن الوقت تغير عن الماضي وأصبح كل شيء مجهزا لدى البعض مثل المواصلات وما أشبه ذلك؟
فأجاب: هذه رخصة من الله فإذا نزل المطر فلا بأس بالجمع وذلك رخصة يستحب الجمع؛ من أجل رحمة الناس والتيسير عليهم وعدم إلجائهم إلى التأذي بالخروج ولو لم يجمعوا جاز للإنسان أن يصلي في بيته، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصلاة في البيوت عند وجود المطر وقال: صلوا في رحالكم. رواه البخاري (632)، ومسلم (697).
فالحاصل أنه إذا نزل مطر وصار دحضاً في الأسواق وزلقاً وطيناً فإن السنة الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ومن لم يجمع وشق عليه الخروج فله الصلاة في بيته فيعذر بترك الجماعة للحديث المذكور" انتهى "مجموع فتاوى ابن باز" (30/223).
والخلاصة:
يجوز الترخص بالجمع عند نزول المطر الذي تبتل به الثياب، ولو لم يشق على راكبي السيارات، لأن الرخصة في حقهم تثبت تبعا لمن يشق عليه المجيء إلى المسجد في المطر، ولئلا تتفرق الجماعة، فبعضهم يجمع، وبعضهم يصلي الصلاة في وقتها.
يجوز الترخص بالجمع عند نزول المطر الذي تبتل به الثياب، ولو لم يشق على راكبي السيارات، لأن الرخصة في حقهم تثبت تبعا لمن يشق عليه المجيء إلى المسجد في المطر، ولئلا تتفرق الجماعة، فبعضهم يجمع، وبعضهم يصلي الصلاة في وقتها.
وإذا شق عليه أصل المجيء إلى المسجد، إما لشدة المطر، أو لبعد منزله، أو لغير ذلك؛ جاز له أن يصلي في بيته، ويجمع بأهل بيته: أحسن له ولهم.
التعليقات