ينبغي للمؤمن أن يحرص ما استطاع على التبكير إلى صلاة الجمعة فقد ورد في ذلك الأجر العظيم المترتب على التبكير إليها. أما ما يخص إغلاق الملائكة الكرام للصحف التي يسجلون فيها أسماء القادمين إلى صلاة الجمعة، فقد جاء بيانه في الحديث الذي رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كان يوم الجمعة، كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة، يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاؤوا يستمعون الذكر) رواه البخاري (3039).
ورواه مسلم (850) بلفظ (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ. فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر. ومثل المهجر الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ. ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً. ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ. ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدجاجة. ثم كالذي يهدي البيضة)
فطي الملائكة الصحف التي يسجلون فيها القادمين لصلاة الجمعة، يكون عند جلوس الخطيب استعدادا للخطبة، وهو الجلوس الذي يعقبه الأذان الثاني للجمعة: (فإذا جلس الإمام، طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر) ومعلوم أنّه يُسن جلوس الخطيب على المنبر عند النداء الثاني للجمعة ، فإذا انتهى النداء ، قام للخطبة .
قال ابن الملقن رحمه الله:
"وقوله: (إذا جلس الإمام على المنبر). هذا سنة، وعليه عامة العلماء" انتهى من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (7/ 517).
وقد بينت آية الجمعة المراد بذلك.
قال الله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) الجمعة/9.
قال المفسرون: المراد بالنداء للصلاة: النداء الثاني، وبالذكر: الخطبة.
قال الطبري رحمه الله:
«إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة [الجمعة: 9] وذلك هو النداء، ينادى بالدعاء إلى صلاة الجمعة عند قعود الإمام على المنبر للخطبة...، وأما الذكر الذي أمر الله تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين، فإنه موعظة الإمام في خطبته" "تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر" (22/ 637، 642).
وروى البخاري عن السائب بن يزيد قال: "كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر" رواه البخاري (870).
قال ابن رجب رحمه الله:
"الأذان الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر هو النداء الذي بين يدي الإمام عند جلوسه على المنبر، وهذا لا اختلاف فيه بين العلماء" انتهى من "فتح الباري لابن رجب" (8/ 215).
التعليقات