إذا مات وعليه صيام، فهل يجوز لغير قريبه أن يصوم عنه؟

 لابد لثبوت الصيام في ذمة الميت أن يكون قد تمكن من القضاء، ولم يفعل، ففي هذه الحالة يُصام عنه.

أما إذا مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا شيء عليه ولا يُصام عنه؛ لأنه لم يثبت في ذمته الصوم لعدم تمكنه من القضاء.
قال النووي رحمه الله:
"فيمن مات وعليه صوم فاته بمرض أو سفر أو غيرهما من الأعذار ولم يتمكن من قضائه حتى مات.
ذكرنا أنّ مذهبنا أنه لا شيء عليه ‌ولا ‌يصام ‌عنه ‌ولا ‌يطعم ‌عنه ‌بلا ‌خلاف ‌عندنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور قال العبدري وهو قول العلماء كافة" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (6/ 372).
وقال ابن قدامة رحمه الله:
" وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يَخلُ من حالين:
أحدهما: أن يموت قبل إمكان الصيام، إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض، أو سفر، أو عجز عن الصوم: فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن طاووس وقتادة أنهما قالا: يجب الإطعام عنه، ثم ذكر علة ذلك وأبطلها....
الحال الثاني: أن يموت بعد إمكان القضاء، فالواجب أن يُطعَمَ عنه لكل يوم مسكين، وهذا قول أكثر أهل العلم، رُوي ذلك عن عائشة وابن عباس، وبه قال مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، والحسن بن حي، وابن علية، وأبو عبيد، في الصحيح عنهم" انتهى من "المغني" (4/ 398).
 
والأصل في الصيام التي تعلقت به ذمة الميت أن يصوم عنه وليه -قريبه- استحبابا وإحسانا ليس وجوباً لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ رواه البخاري (1952)، ومسلم (1147) .
فإن لم يصم عنه وليه فإنه يجوز للأجنبي -غير أقارب الميت- أن يصوموا عن الميت.
قال الزركشي رحمه الله:
"ولو صام عنه قريبه غير الوارث، أو وارثه غير القريب أو ‌أجنبي أجزأ عنه، كما لو قضى عنه دينه" انتهى من "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (7/ 225).
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله:
«وقيل -أي قضاء الصوم عن الميت-يختص بالولي فلو أمر أجنبيا بأن يصوم عنه أجزأ كما في الحج، وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك وذكر الولي لكونه الغالب وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير وبه جزم أبو الطيب الطبري وقواه بتشبيهه صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين والدين ‌لا ‌يختص ‌بالقريب" انتهى من "فتح الباري لابن حجر" (4/ 194).
وقال ابن قاسم رحمه الله:
" قوله (‌صام ‌عنه ‌وليه) أي ليصم عنه وليه. خبر بمعنى الأمر. وفي البزار بسند حسن "فليصم عنه وليه إن شاء".
فدل الحديث على أنه يصوم الولي. وهو كل قريب عصبة كان أو نسبًا وارثًا أو ‌غير ‌وارث قال البيهقي : هذه السنة ثابتة لا أعلم خلافًا بين أهل الحديث في صحتها وإن صام غير ولي الميت جاز مطلقا بإذن الولي والورثة وعدمه. لأن الصيام من الأجنبي تبرع فجاز منه كقضاء الدين لتشبيهه به كما يأتي ولا يجب على الولي اتفاقًا" انتهى من "الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم" (2/ 265).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/289) فيمن وجبت عليه كفارة قتل الخطأ، ثم مات هو قبل أن يكفّر:
" صيام الشهرين الذي كان واجبا على أخيك كفارة عن قتل الخطأ لكنه مات قبل أن يتمكن من أدائه يكون باقيا في ذمته، ولا يلزم أحدا أن يصوم عنه، لا أولاده ولا غيرهم، ولكن من تبرع بذلك وصام عنه فله الأجر، وتبرأ به ذمة الميت إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، والولي هو القريب " انتهى.
وعليه:
فإنه إذا استقر الصيام بذمة زميلتك  -رحمها الله-بحيث إنها تمكنت من القضاء ولم تفعل جاز لكِ الصيام عنها، وإن ماتت قبل أن تتمكن من القضاء فلا شيء عليها ولا يُصام عنها.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.