اقتصر الخطيب يوم الجمعة على خطبة واحدة دون جلوس
اشترط أكثر العلماء لصحة صلاة الجمعة أن يخطب قبلها خطبتين اثنتين ، ولا تكفي خطبة واحدة .
قال النووي رحمه الله: "والجمعة لا تصح إلا بخطبتين، قال القاضي : ذهب عامة العلماء إلى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة" انتهى . شرح النووي على مسلم (6/ 150).
وأما الجلسة بين الخطبتين ، فقيل : إنها سنة ، ليتحقق الفصل بين الخطبتين بها ، ويجوز ألا يجلسها ، وحينئذ يفصل بين الخطبتين بالسكوت وهو قائم .
وقيل : إنها واجبة ، ولا يتحقق الفصل بين الخطبتين إلا بها .
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله: هل تجوز صلاة الجمعة بخطبة واحدة".
فأجاب: " لابد لصلاة الجمعة من خطبتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يخطب للجمعة خطبتين، ويقول عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم).
فلو اقتصر على خطبة واحدة، لكان على غير هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فلا تصح جمعتهم.
فالجمعة لا بد فيها من خطبتين، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب خطبتين، ويفصل بينهما بجلوس؛ فلا يكفيه أن يفصل بينهما بالسكوت، بل يجلس؛ والجلوس بين الخطبتين من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم" انتهى، من فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (8/ 2 بترقيم الشاملة آليا).
وفي تعليقات الشيخ ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة:
"السائل: لو اقتصر الإنسان على خطبة واحدة فيه محظور أم لا؟
الشيخ: لابد من خطبتين.
السائل: ما حكم الجلسة بين الخطبتين؟
الشيخ: الجلوس أفضل، وإن بقي قائماً فلابد أن يأتي بما يدل على أنه افتتح الخطبة الثانية لئلا يظن أنه سكت لمانع من الكلام ثم استمر"، انتهى.
إذا خطب الخطيب خطبة واحدة ناسيا ، ونزل من على المنبر فالواجب على الجالسين أن يذكروه ، فيعود ويخطب خطبة ثانية ، ثم ينزل ويصلي .
أما إذا طال الفصل ، وذلك كما حدث في صورة السؤال ، فإنه نزل وصلى وتحدث نصف ساعة ، فكل هذه المدة تمنع بناء الخطبة الثانية على الأولى ، وكان الواجب عليه في هذه الحالة –مادام وقت الجمعة باقيا ، ووقتها ممتد إلى دخول وقت صلاة العصر – كان الواجب عليه أن يعود ويخطب خطبتين ويعيد صلاة الجمعة ، لأن الصلاة السابقة كانت غير صحيحة .
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله: " حدث أن خطب الإمام يوم الجمعة خطبة واحدة، وبعد نهاية خطبته الأولى قال للناس: قوموا للصلاة. فالناس قاموا وصلوا، ثم اختلف بعد ذلك كثير من الناس، هل الصلاة صحيحة أم لا؟ وأردنا من سماحتكم الإفادة؟".
فأجاب: " الصلاة غير صحيحة، وعليه أن يرجع ويخطب الخطبة الثانية، ثم يعيد الصلاة. فلا بد من خطبتين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهما شرط لصحة الصلاة، هذا هو الأصح، فعلى هذا الرجل أن يعيد الصلاة وأصحابه عليهم أن يعيدوا عليه وعلى أصحابه أن يعيدوا الصلاة ظهرا، وفي المستقبل لا بد من خطبتين قبل الصلاة". انتهى، من "فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر". (13/ 222).
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضا: " حصل أن سها الخطيب وخطب بالناس خطبة واحدة، صلى بعدها بالناس، والسؤال يا فضيلة الشيخ هو: هل هذه الجمعة صحيحة أم لا؟ وهل تلزم الإعادة للإمام والمأمومين، أم الإمام فقط، فيصليها ظهراً؟
فأجاب: " يجب على الإمام والمأمومين أن يعيدوها ظهراً". انتهى، من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/ 79).
أما كونه يأمر الناس بصلاة ركعتين لينضما إلى الركعتين السابقتين ، وتكون صلاة الظهر قد تمت أربع ركعات فهذا غير صحيح لسببين:
1 – أن الناس نووا في الصلاة الأولى الجمعة ، وهم الآن يتمونها على أنها ظهر ، فلم ينووا الظهر من أولها ، فلا تصح صلاتهم ظهرا .
2 – أنه لا يصح بناء الصلاة بعضها على بعض مع طول الفصل .
قال ابن قدامة في المغني: والموالاة شرط في صحة الخطبة فإن فصل بعضها من بعض, بكلام طويل, أو سكوت طويل, أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة, استأنفها، والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة .انتهى.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (19 / 178 - 180):
" واتفق الفقهاء على بعض الشروط لصحة الخطبة، وهي: … الموالاة بين أركان الخطبة، وبين الخطبتين، وبينهما وبين الصلاة، ويغتفر يسير الفصل، هذا ما ذهب إليه الجمهور" انتهى.
وبناء على هذا ؛ فالواجب عليهم الآن ، أن يعيدوا صلاتهم ظهرا ، لأن صلاة الجمعة لم تصح لعدم وجود الخطبتين ، وصلاتهم الظهر لم تصح لأنهم لم ينووها من أولها ، ولسبب آخر ، وهو أنه لا تصح صلاة الظهر لمن تجب عليه الجمعة حتى يفوت وقت الجمعة ، وهؤلاء كان وقت الجمعة لهم مازال باقيا.
التعليقات