مفاهيم ومهارات في القراءة ومراجعة الكتب
دعاني نادي الاقتصاد الإسلامي بجامعة الكويت لإلقاء محاضرة ضمن برنامج مهارة الذي يقيمه النادي النشط علميًا وثقافيًا ومهاريًا، وقد تم هذا اللقاء اليوم الثلاثاء منتصف ربيع الآخر ونهاية أكتوبر، وكان الاتفاق على أن يكون الحديث عن بعض المفاهيم والمهارات حول القراءة، والكتابة عن المقروء من الكتب. وقد بنيت المحاضرة على أن المستمعين إليها هم من القراء أصلًا، وهذا يعني أن أتجاوز كثيرًا من المقدمات المعروفة والمطروقة.
أولًا: مفاهيم ومهارات في القراءة:
· القراءة فعل من أفعال الحرية؛ فلا أحد يجبرك على قراءة كتاب، ولا أحد يمنعك من أي كتاب، وهذا المفهوم يزداد مع كثرة الخيارات المتاحة للقراءة والاطلاع.
· القراءة فعل من أفعال رفع الوعي وتوسيع الآفاق، وليس مجرد حفظ للمعلومات وحشو للمعارف.
· القراءة فعل من أفعال المقاومة؛ لأن القارئ يقاوم دعاوى الأعداء، وإفك المبطلين، ويتسامى عن الوحل الذي يريد المفسدون غمس الأجيال فيه.
· القراءة من أسباب السعادة والانشراح لكل أحد، وللمريض والسجين والمهموم على وجه الخصوص.
· الحرمان من القراءة من أعظم الفواجع والنوازل، وهذا الحرمان يكون لأسباب صحية أو معيشية، أو سوء تقدير من الإنسان، أو باعتباره نوعًا من العقوبة.
· واجب على معاشر القراء الدفاع عن القراءة وما يرتبط بها من مكتبات وكتب ونوادي ومجتمعات ومناسبات.
· مع تيسر سبل القراءة وما يقوم ببعض مقامها مثل الكتب الإلكترونية، والمنصات السمعية والمرئية عبر قنوات عدة، لم تعد دعوى مزاحمة هموم الحياة لفعل القراءة حجة معتبرة.
· الثبات على القراءة يقلل مساحة الغثاء والتفاهة، ويجعلها في انحدار وتراجع كي لا تغشى الكافة.
· في القراءة قاعدة لطيفة هي: (6/4/3) وتعني هذه الأرقام أن تجعل القراءة السادسة بعد الصلوات الخمس المفروضة، ورابعة الوجبات الغذائية اليومية، والمكان الثالث للإنسان بعد البيت والعمل، والحال الثالثة مع الاستيقاظ والنوم.
· ما أجمل الاحتفاء الفردي والمجتمعي والرسمي بالكتاب والمؤلف والناشر ومعارض الكتب.
· إن الدخول للمكتبة والجلوس فيها يجلو البصر ويشرح الخاطر ويعود الناشئة على القراءة وصحبة الكتاب.
· ما تقرؤه يمثل سيرتك القرائية، وقد تصدر لاحقًا في كتاب، يعبر عن حياتك وتطوراتك الفكرية، وهذه السيرة إما عن قصتك مع الكتب، أو عصارة لما أفدته منها وهو الأسلوب الأمتع، أو جمع لما كتبته عنها.
· الحوارات مع بعض المؤلفين جمعت لباب أفكارهم المبثوثة في كتب عديدة، وربما تغني عن قراءة تلك الكتب.
· تكرار قراءة الكتاب الواحد مفيدة نظرًا لاختلاف أحوال القارئ النفسية والعمرية والذهنية.
· من المناسب تحديد مجموعة من الكتب المركزية لإعادة قراءتها.
· حدد مجموعة من الكتب تفتح لك إذا عييت أو حصرت أو حبست أو استغلق عليك.
· اترك ما لا يروق لك من الكتب ولو أثنى عليه الإنس والجن!
· كن على تحوط عندما تقرأ الكتب خاصة المترجمة والمحققة.
· السرعة والحفظ ليسا مطلبًا في القراءة دومًا، وإنما العمدة على الفهم والهضم.
· احرص على تعظيم الفائدة أثناء القراءة، وهذا يكون بتجاوز البحث عن المعلومة والمعرفة إلى الإفادة من الأسلوب واللغة والمنهج وإخصاب الخيال.
· إذا وقع الكتاب بين يديك فعامله مثل كنز محكم الإغلاق، واحرص على كسب أكبر نسبة ممكنة منه.
· ناقش المؤلف واجعل نسختك فريدة ولا تتركها نظيفة؛ فالقارئ الحاذق شريك مع الكاتب، وجزء من تاريخ الكتاب.
· إذا لم يكن لديك مكان أو زمان للقراءة فاصنعهما ولو كنت محشورًا في قطار أو زحام.
· لا تكتفِ من أي كتاب بالفكرة فقط على أهميتها، وابحث عن أسلوب التفكير وإطاره.
· اقرأ ثمّ توقف من أجل التأمل فيما قرأت لاكتساب قريحة مستقلة.
· أتقن فن تجاوز الاستطرادات من المؤلفين التي سيقت لغايات تضخيم الحجم؛ فهي كثيرة العناء قليلة الغناء.
· إذا عشت متعة الخلوة مع الكتاب فابتعد عن المنغصات وأهلها قدر المستطاع.
· تقسيم الكتاب الواحد جائز وليس شرطًا القراءة المتواصلة دون توقف.
· التنقل بين عدة كتب في وقت واحد جائز بعد امتلاك الخبرة ووجود الداعي.
· تدريب الآخرين على القراءة عمل مبرور ولك أجره بإذن الله.
· ليكن من ضمن برنامجك في القراءة النظر في كتب من حضارات إفريقية وآسيوية ولا تكن أسيرًا للغرب.
· كما أن الاستماع للكتب المقروءة عمل نافع فكذلك القراءة للآخرين وللأطفال.
· من فوائد القراءة إمكانية متابعة فكرة أو لفظ أو تغير مجتمعي أو تطور مفهوم.
· لا تستهن بالكتب؛ فكم من كتاب له أعظم أثر وتأثير على حضارات ودول وأفراد.
ثانيًا: مفاهيم ومهارات في كتابة مراجعة عن الكتب المقروءة:
· ليس بالضرورة أن تكتب عن كل كتاب قرأته.
· بعض الكتابة عن الإصدارات واجبة للإشادة والتشجيع، أو للبيان والدحض، أو للتعريف بالنادر من الكتب أو ما يصعب الوصول إليه.
· الكتابة عن كتاب لا تعني أبدًا التوافق التام معه أو مع مؤلفه وناشره.
· من المهم وصف الغلاف الأمامي والخلفي للكتاب إن كان فيهما ما يستحق التّنويه.
· أهمّ ما ينتظره القارئ هو أن يعي ما يرمي إليه الكتاب من أفكار وآراء، وماهي أسئلته وافتراضاته، وعمّ يجادل، وإلام يريد الوصول.
· من الحسن بيان إن كان في الكتاب سرقات أكيدة أو سرق منه غيره، فأعمال السطو الفكري قبيحة مستهجنة، ومقاومتها واجب.
· لا تكتب عرضًا عن كتاب دون قراءة سابقة له، ولا تصدق ما قاله فيلسوف فرنسي بهذا الخصوص.
· يجب أن يكون في الكتابة إضافة مثرية لمحتوى الكتاب أيا كان نوع المراجعة: عرض وتعريف، أو تلخيص واختصار، أو نقد وتقييم.
· اقرأ ثم اكتب من ذهنك مباشرة بكلماتك وأسلوبك، وعقب ذلك ارجع للكتاب للمقارنة والتأكد من صحة فهمك وأنه لم يفت عليك شيء ذو بال.
· يمكن أن يكون العرض بالطريقة المكتوبة، أو المسموعة، أو المرئية، وربما أحيانًا بالرسم والصور.
· ضع لقارئك إن استطعت خلاصة مكثفة جامعة عن الكتاب يشكرك عليها.
· من الإثراء الدلالة على كتب أخرى في موضوع الكتاب مؤيدة له أو معارضة.
· من التوفيق التنبيه على ثغرات في التأليف تفتح الباب لمزيد بحث ونظر وكتابة.
كانت هذه أبرز الأفكار التي قيلت في لقاء النادي، ومن الطبيعي أن يكون فيما جاء أعلاه إضافة وإعادة صياغة وحذف ودمج، مع الإفادة مما ورد عقب نهاية المحاضرة من تعليقات وأسئلة، والشيء المهم أن يقرأ المرء يوميًا ولو بمقدار دقائق عشر فقط أول الأمر، ومن الرائع أن يزيد هذا الكم، ويتعمق في الكيف، وأن يتبع هذا العمل الجليل والصنيع الرشيد منتجات فكرية صادرة من القارئ عما قرأه أو بناء على ما اختمر في ذهنه بعد معالجة ما يسر الله له قراءته من كتب وأحداث وبشر.
التعليقات