مغادرة المسجد بعد النداء للأذان وقبل الصلاة

 يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر ؛ لما روى مسلم (655) عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ : كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي ، فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : (أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .

ورواه الترمذي وقال عقبه : " وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، أَوْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ " انتهى .
ورواه أحمد (10946 ) بزيادة : ( ثُمَّ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ ) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
ومن الأعذار المبيحة للخروج : أن يخرج ليتوضأ إذا كان محل الوضوء خارج المسجد ، أو يخرج بنية العودة ، كما لو خرج ليوقظ أهله مثلا ثم يعود ، وكذلك الخروج للصلاة في مسجد آخر إذا علم أنه سيدرك الجماعة فيه .
قال في "غاية المنتهى" : " وحرم خروج من مسجد بعد أذان , وقبل صلاةٍ بلا عذر , أو نية رجوع ... ويتجه جواز الخروج لو خرج بعد الأذان لكن ليصلي جماعة بمسجد آخر ، لا سيما مع فضل إمامه " انتهى من "الغاية مع مطالب أولي النهى" (1/304).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في الفتاوى (2/104) : " تحريم الخروج من المسجد فيه تفصيل : إِن كان بلا داعي ولا غرض له صحيح حرم ، وذلك أَن صورته صورة من ينصرف عن المسجد لا يصلي . أَما إِذا كان يريد الصلاة في مسجد آخر أَو له عذر أَو ناويًا الرجوع والوقت متسع فلا يحرم " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم وضوء الرجل في مسجد ويصلي في مسجد آخر؟
فأجاب : "إذا كانت الميضأة خارج المسجد فلا حرج أن يتوضأ في هذه الميضأة ويصلي في مسجد آخر ، اللهم إلا إذا كان هذا المسجد قد أقيمت فيه الصلاة فالأَولى أن يصلي فيه ، وأما إذا كانت الميضأة داخل المسجد فإنه لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لسبب ؛ لأن أبا هريرة رأى رجلاً خرج من المسجد بعد الأذان فقال : (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم) ، فإن كان هناك سبب مثل أن يريد الذهاب إلى المسجد الآخر لحضور مجلس العلم أو لضرورة فلا حرج عليه أن يخرج ولو كانت الميضأة داخل المسجد " انتهى .
وسئل رحمه الله : أرى بعض الإخوة يقعدون في المسجد للدرس ، وعندما يشرع الأذان يخرجون ، حيث إنني قرأت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج عند الأذان ، فما حكم ذلك ؟
فأجاب : "في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه رأى رجلاً خرج بعد الأذان فقال : (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم) . قال أهل العلم : يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر ، ولكن الحديث هذا ليس فيه صراحة بأن الرجل خرج ليصلي في مسجد آخر ، فقد يكون خرج لئلا يصلي ، والذي نرى أنه إذا خرج ليصلي في مسجد آخر يعلم أنه يدركه فلا حرج عليه ، لكن لا ينبغي أن يفعل لئلا يقتدي به من يخرج ولا يصلي " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (9/38).
وبهذا تعلم أنه يجوز لك الخروج من المسجد بعد الأذان لتصلي في مسجد آخر إمامه أقرأ ، أو تلتقي فيه ببعض إخوانك ، إذا علمت أن خروجك إليه ستدرك معه الجماعة .

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.