الذهاب إلى المسجد ماشياً

 ورد الأجر العظيم في المشي إلى المسجد , وأن أعظم المصلين أجراً أبعدهم منزلاً .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ , وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ , وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ) رواه مسلم ( 251) .
وعنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ ) رواه مسلم (662) .
فهذا الحديث وما قبله دليل على فضل المنزل البعيد عن المسجد ؛ لحصول كثرة الخُطَا الذي من ثمرته حصول الثواب , وكثرتها تكون ببعد الدار , كما تكون بكثرة التردد إلى المسجد .
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَجُلٌ لا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ , فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ : لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ ؟ قَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ, إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ , وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ ) رواه مسلم (663) .
فانظر أخي المسلم إلى هذا الثواب العظيم من الرب الكريم , حيث دل الحديث على إثبات الأجر في الخطا في الرجوع من الصلاة كما في الذهاب إليها , ولهذا آثر هذا الصحابي رضي الله عنه المشي على قدميه مع بعد داره عن المسجد .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً , وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً ) رواه مسلم (666) .
وعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود (561) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في دليل الفاتحين (3/558-559) : " الظُّلَم : جمع ظلمة ، وهي تعم ظلمة العشاء والفجر . وفي الحديث : فضل المشي إلى الصلاة سواء كان المشي طويلاً أو قصيراً , وفضل المشي إليها للجماعات في ظلم الليل " انتهى .
وهذا الفضل ثابت ـ إن شاء الله ـ لمن صلى العشاء والفجر مع الجماعة , ولو كانت الطرق مضاءة . لأن هاتين الصلاتين في ظلمة الليل .
فهذه الأحاديث وغيرها فيها حث للمسلم على أن يجتهد في إتيان المسجد ماشياً لا راكباً ولو كانت داره بعيدة , ما لم تكن مشقة أو عذر ككبر ونحوه , وألا يعوَّد نفسه ركوب السيارة , إذا كان المسجد تصله القدم بلا مشقة .
ومع هذه الفضائل العظيمة في المشي إلى المسجد من محو الخطايا ورفع الدرجات والأجر العظيم والنور التام يوم القيامة ؛ فإن هناك فوائد أخرى عظيمة تعود على البدن :
إن المشي إلى المسجد هو رياضة بحد ذاته , وفوائده لا تحصى ؛ وله دور كبير في تقوية الجسم وتنشيطه بإذن الله تعالى ؛ ليكون أهلاً لمقاومة الأمراض والآفات .
إن السعي إلى بيوت الله كل يوم في أوقات معلومة متقطعة يكفي لتمرين العضلات وتنشيط الأوصال وتحسين حالة الجسم , كما أن المشي إلى المساجد يساهم في الوقاية من الأمراض التي يسببها الخمول وكثرة الجلوس وعلى رأسها السمن ؛ لأن المشي يعمل على إذابة الشحوم والدهون .
كما أن المشي علاج لأمراض القلب حيث إنه يعطي القلب ـ بإذن الله ـ القدرة على العمل وتحمل الجهود , حيث تكون الدورة الدموية أكثر انتظاماً .
كما أن المشي إلى المسجد علاج للتعب الذهني والتفكير الطويل ؛ إذ إنه يعيد العقل إلى حالته الطبيعية , ويساعد على الاسترخاء العصبي والعضلي .
وبالجملة ففي المشي إلى بيوت الله تعالى من الفوائد الصحية الشيء الكثير مما أبان عنه الطب الحديث , وهي فوائد عاجلة ينعم الله تعالى بها على عبده المؤمن في الدنيا حيث لبى النداء وأجاب داعي الله , وهناك الأجر العظيم والنور التام في الدار الآخرة إن شاء الله .

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.