استخدام وسائل الإيضاح المرئية والإلكترونية في خطبة الجمعة
مخطئ من يظن أن الإسلام يتعارض في أحكامه مع " التطور " التقني ، والاختراعات الحديثة ، وما استعمال الإنترنت، والقنوات الفضائية، وأدوات الاتصال الحديثة إلا أدلة يسيرة على صدق هذا القول ، لكن ذلك مشروط بموافقته للشرع ، وعدم وجود محاذير ، أو آثار سلبية .
والذي نراه أن استعمال " البروجكتر " في خطبة الجمعة لا يتوافق مع الشرع ؛ لأسباب :
1/أن خطبة الجمعة لها هيبتها ، ومنزلتها التي سماها الله تعالى في كتابه " ذكر الله " ، فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الجمعة/ 9 .
وإن استعمال جهاز العرض ذاك يقلل هيبتها ، أو يُذهبه ، ولا يتناسب مع كون الخطبة ذِكراً لله تعالى .
2/أن السنَّة في خطبة الجمعة أنها تكون قصيرة ، ومن شأن استعمال جهاز العرض فيها أن يطوِّلها ، وهو مخالف للهدي النبوي .
قَالَ أَبُو وَائِلٍ : خَطَبَنَا عَمَّارٌ – أي : ابن ياسر - فَأَوْجَزَ ، وَأَبْلَغَ ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا : يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ – أي : أطلتَ - ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ ، وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْراً) .رواه مسلم ( 869 ) . وانظر جواب السؤال رقم (122701 ) .
3/أن من شأن ذلك الاستعمال أن يكون لأناس دون آخرين ، ومن شأنه أن يحرم طائفة من المصلين ، كالنساء ، أو من يجلسون في مكان لا يمكنهم فيه المشاهدة ، من هذا العرض ، الذي سيكون ـ في هذه الحالة ـ جزءا من الخطبة ، متمما لكلام الخطيب !!
4/وإن من شأن استعمال جهاز العرض ذاك أن تُطفأ الأنوار ! وأن تشغل أنوار جهاز العرض ، وهو ما سيتسبب في حركة بعض المصلين الحاضرين في الإطفاء ، والتشغيل ، وإشغالهم بطريقة العرض ، والصور المعروضة ، أو الصوت الخارج منها ، وهو ما يتنافى مع أحكام الجمعة ، وقد حرَّم النبي صلى عليه وسلم مسَّ الحصى أثناء الخطبة ، وجعل من فعل ذلك متعمداً أنه يُحرم من أجر الجمعة ، بل حرم العبث بالحصى الذي يكون ـ عادة ـ في أرض المسجد : ( وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا ) رواه مسلم (857) من حديث أبي هريرة .
فالذي نراه : هو عدم جواز استعمال جهاز العرض الضوئي في خطبة الجمعة ، وأما في الدروس والمواعظ والمحاضرات : فالأمر فيه واسع ، ولا حرج في استعماله .
التعليقات