مقدمة حول أسس منهجية في تطوير مهارة الخطابة
تصطرع في الساحة الفكرية اليوم الأفكار والرؤى، والثوابت والمرتكزات، يحاول كل طرف بما أوتي من وسائل القوة أن يؤثر على المجتمع بأفكاره وأن يحشد الناس حول فكرته ورؤيته.
أفكار صائبة وأخرى خاطئة، ومتحدثون يملؤون شاشات التلفزة والإذاعات والندوات والمؤتمرات والحشود الجماهيرية على مدار الساعة، فهل يمكن لنا أن نتحدث هنا عن الكلمة وأثرها؟ أم أننا أمام تحدي بناء النخب الواعية لقيادة الجمهور.
الأمر لا يختلف، فمن أراد التأثير في المجتمع، خيراً أو شراً، فعليه أن يحسن خطاب الناس، وخطاب الناس يعتمد على أسس ومنطلقات وثوابت علمية، تجمع بين قوة الشخصية ونبرة الصوت وحجم الوعي الفردي والجماعي، والقدرة التمثيلية، وفهم علم النفس السلوكي والنفس –حركي، وهي عوامل جامعة مؤثرة في الناس دون أدنى شك.
لقد أمرنا كمسلمين أن نخاطب الناس ونبصرهم بدروب الخير ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾، "بلغوا عني ولو آية"، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في هذا الاتجاه من خطاب القبائل في مكة وخطاب الوفود وإرسال السفراء والرسائل والبعثات للملوك والبلاد، وكل ذلك يعتمد على الكلمة المنطوقة والمكتوبة وفحوى الخطاب ومصداقيته وبلاغته ومستويات تأثيره في القلوب والعقول التي تسمع.
وهنا، لا بد لنا من فهم طبيعة الكلمات وما هي عوامل القوة فيها، وكيف نبدأ كلماتنا وكيف نؤثر في الناس من خلالها..
بالطبع هذا علم تخصصي، علم قائم بذاته، يعتمد على مقومات ومؤهلات، ولكنه علم يتم اكتسابه من خلال الممارسة والتحضير والاستعداد، والعلوم عامة يتم بناؤها من خلال المكتسبات المعرفية التي تؤصل للإبداع والتميز.
لقد حاولت من خلال هذا الجهد المتواضع أن أجمع ما استطعت من العلوم والفنون، وأن أجعلها مختزلة قصيرة واضحة بلغة يفهما الصغير والكبير.
وقد استفدت من خبرات الأستاذة المبدعين من العالم العربي والغربي على حد سواء، وضمنت هذه الأوراق مجموعة من التوجيهات المتصلة بعلوم السياسة والتواصل والاتصال والخبرة البلاغية ومحددات الخطابات العامة ونحوها مما يثري معرفة الإنسان بالواقع الذي يعيشه ويبصره بطريق التميز في الخطاب والتأثير.
لا أزعم هنا التميز، ولكنه جهد أرجو أن يكون باكورة عمل مثمر، يقوم من خلاله أصحاب العقول المعقولة والأفكار الإبداعية بتطوير مهارات الكلام وملكات الخطاب لديهم بحيث يضيفوا كل جديد.
التعليقات