وفاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
السيدة عائشة وشرف نسبها:
هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهر نسائه. ولدت -رضي الله عنها- سنة تسع قبل الهجرة، كنيتها أم عبد الله، ولُقِّبت بالصِّدِّيقة، وعُرِفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها. وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية -رضي الله عنها-.
حال السيدة عائشة في الجاهلية:
ولدت عائشة رضي الله عنها في الإسلام ولم تدرك الجاهلية، وكانت من المتقدمين في إسلامهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين".
زواج السيدة عائشة من النبي:
وقد تمت خطبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت سبع سنين، وتزوجها وهي بنت تسع.
روي عنها أنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب بالبنات، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان. فضحك.
وقد تمَّ هذا الزواج الميمون في شوال سنة اثنتين للهجرة، وانتقلت عائشة إلى بيت النبوة.
أهم ملامح شخصية السيدة عائشة:
أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت: أتيت السيدة عائشة رضي الله عنها بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة، فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحمًا تفطرين عليه!! فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت.
العلم الغزير:
فقد كان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض؛ قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة. قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علمًا.
وقال عروة بن الزبير بن العوام: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
ذات مكانة خاصة:
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كان الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة؛ يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سلمة أنه قال: إن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله r يومًا: "يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام". فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعض المواقف من حياة السيدة عائشة مع الرسول صلى الله عليه وسلم
ذكر ابن سعد في طبقاته عن عباد بن حمزة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا نبي الله، ألا تكنيني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتني بابنك عبد الله بن الزبير"، فكانت تكنى بأم عبد الله.
وعن مسروق قال: قالت لي عائشة رضي الله عنها: لقد رأيت جبريل واقفًا في حجرتي هذه على فرس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيه، فلما دخل قلت: يا رسول الله، من هذا الذي رأيتك تناجيه؟ قال: "وهل رأيته؟" قلت: نعم. قال: "فبمن شبهته؟" قلت: بدحية الكلبي. قال: "لقد رأيت خيرًا كثيرًا، ذاك جبريل". قالت: فما لبثت إلا يسيرًا حتى قال: "يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام". قلت: وعليه السلام، جزاه الله من دخيلٍ خيرًا".
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: يابن أختي، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يخفى عليَّ حين تغضبين ولا حين ترضين". فقلت: بمَ تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: "أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين: لا ورب محمد، وأما حين تغضبين فتقولين: لا ورب إبراهيم". فقلت: صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السيدة عائشة رضي الله عنها والإفتاء
قضت السيدة عائشة رضي الله عنها بقية عمرها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كمرجع أساسي للسائلين والمستفتين، وقدوة يُقتدى بها في سائر المجالات والشئون، وقد كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيختهم يسألونها ويستفتونها.
كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قد استقلت بالفتوى وحازت على هذا المنصب الجليل المبارك منذ وفاة النبي رضي الله عنها، وأصبحت مرجع السائلين ومأوى المسترشدين، وبقيت على هذا المنصب في زمن الخلفاء كلهم إلى أن وافاها الأجل.
وفاة أم المؤمنين عائشة:
قيل: إنها توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تُدفن ليلًا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
التعليقات