حكم صلاة الذين يصفون آخر المسجد
السنة للمصلين أن يتراصوا ويقاربوا الصفوف . فقد روى أبو داود (667) والنسائي (815) عن أنس -رضي الله عنه- أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : ( رَاصُّوا صُفُوفَكُمْ ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا ، وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال السندي -رحمه الله-: قَوْله (رَاصُّوا صُفُوفكُمْ) بِانْضِمَامِ بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض عَلَى السَّوَاء (وَقَارِبُوا بَيْنَهَا) أَيْ : اِجْعَلُوا مَا بَيْن صَفَّيْنِ مِنْ الْفَصْل قَلِيلًا ، بِحَيْثُ يَقْرَب بَعْض الصُّفُوف إِلَى بَعْض" انتهى .
وقال المناوي رحمه الله :(وقاربوا بينها) بحيث لا يسع بين كل صفين صف آخر حتى لا يقدر الشيطان أن يمر بين أيديكم" انتهى ."فيض القدير" (4 / 7) .
والأفضل للمسلمين عموماً ـ في الصلاة وغيرها ـ أنهم إذا اجتمعوا أن يتقاربوا بأبدانهم ، حتى يكون ذلك سبباً لحصول الألفة والمحبة بينهم وتقويتها .
فعن أبي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا تَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنْ الشَّيْطَانِ) فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلًا إِلَّا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، حَتَّى يُقَالَ لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ ثَوْبٌ لَعَمَّهُمْ . رواه أبو داود (2628) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
فما يفعله هؤلاء من تركهم الصفوف الأولى ، وصلاتهم في آخر المسجد : مخالف للسنة ، وسبب من أسباب حصول النزاع والتفرق بين أهل المسجد .
وأما صحة الصلاة فصلاتهم صحيحة ، ما داموا يصلون داخل المسجد ، ويقفون صفاً ، ولا يقف أحدهم منفرداً خلف الصفوف .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :ما حكم الصلاة التي نصليها في فناء المسجد ؟ علما بأن الفناء في المسجد تابع له ؟
فأجاب" :الصلاة في فناء المسجد إن كان جميع المصلين صلوا فيه فلا إشكال في جوازها ، وأما إذا كان المصلون يصلون في داخل المسقوف وهؤلاء صاروا في خارج فيقال : خالفتم السنة ؛ لأن السنة أن تتقارب الصفوف بعضها من بعض ، وأن لا يصلوا في مكان والإمام يصلي في مكان آخر ، لكن صلاتهم على كل تقدير صحيحة" انتهى ."فتاوى نور على الدرب" (192/10).
التعليقات