د."محمد الثاني عمر": جهود أهل السنة متواصلة ومثمرة في مواجهة انتشار الشيعة والصوفية في "نيجيريا"
- الحكومة لا تضيق على أهل السنة، ولكن جماهير الصوفية هي التي تعاديهم.
- لا نحتاج في نيجيريا إلى دعاة من الخارج، وإنما إلى الدعم العلمي والمالي.
- بعض الصوفية ساندوا المرشح المسيحي في الانتخابات واعتبروه أوْلى من "الوهابية".
- الوجود الشيعي منتشر في نيجيريا بدعم وتمويل من إيران.
- الغرب يفضل المسلمين المتصوفين؛ لأنهم أطوع لهم.
وهذا نص الحوار:
وُلِدَ الدكتور "محمد الثاني عمر" في مدينة "كانو" النيجيرية وترعرع فيها، قبل أن ينتقل إلى المدينة المنورة لدراسة الحديث في الجامعة الإسلامية، حيث ترقى في مراحل دراسته حتى حصل على الدكتوراه، ثم عاد إلى نيجيريا لينشر العلم من خلال مركز الإمام البخاري للدراسات.
حول الأوضاع الإسلامية في نيجيريا، ومدى انتشار الشيعة والصوفية، وجهود أهل السنة، وموقف السلطات تجاه التيارات المتنوعة، وشؤون أخرى ذات صلة، كان هذا الحوار..
· ما رؤيتكم لحقيقة وضع الصوفية في نيجيريا؟
- الصوفية في نيجيريا موجودة ومنتشرة، وتزداد كثافتها في الشمال، وبخاصةً في "كانو"، وأغلب الطرق الصوفية الموجودة الآن هي التيجانية والقادرية، والتيجانية أكثر انتشاراً من القادرية.
ويوجد غيرها من الطرق الصوفية في جميع أنحاء نيجيريا سواء في الشمال أو الجنوب، وعددهم في الشمال النيجيري كبير جدا، وتوجد في المقابل جهود سنية عديدة فردية وجماعية للدعوة في أوساط المتصوفة.
· هل يتلقى الصوفية دعماً وترحيباً حكومياً؟
- بلا شك يتلقون دعماً، فالحكومة تقدم لهم ما يطلبون، وتبني لهم بعض المساجد وتشاركهم في بعض المناسبات التي يقومون بها وبعض الاحتفالات لاسيما في أيام الموالد.
· وفي المقابل هل يتم التضييق على الدعوة إلى السنة؟
- التضييق على الدعوة في نيجيريا في العموم غير موجود، والدعاة في نيجيريا يتمتعون بحرية قد لا تتوفر في بلدان كثيرة، فهم يتحدثون بكل حرية ويبنون مساجدهم ويقومون بأنشطتهم من حلقات علمية ونحوها، ولهم وجود في الجامعة ولهم صحف، ولديهم مشاركات في وسائل الإعلام، ولا تقوم الحكومة بمعارضتهم، فالمعارضة تكون غالبا من الجماهير الصوفية التي ترى في انتشار السنة تقليصاً لانتشارها.
· ما أسباب انتشار الصوفية في نيجيريا على وجه الخصوص، وفي أفريقيا عموماً؟
- لما دخل الإسلام أفريقيا وبخاصة هنا في نيجيريا كان مصاحباً للطرق الصوفية؛ لأنه جاء على أيدي التجار من المغرب العربي، وأغلبهم كانوا ينتمون إلى تلك الطرق الصوفية فأسلم المسلمون على أيديهم واعتنقوا ما عندهم من هذه الطرق الصوفية، ثم في الآونة الأخيرة كان للشيخ إبراهيم إلياس نضالي دور كبير جداً في إعادة نشر هذه الفرق في نيجيريا، فكان يقوم في أوقات متعددة ومختلفة بزيارة القرى والمدن ويحتشد عنده الكثير من الناس ويؤمهم في الصلاة، ويدعوهم إلى الطريقة التيجانية، وبالفعل كان لهذا الرجل دور كبير جداً في نشر الصوفية في نيجيريا، وهناك أيضاً للشيخ عمر فوتي كان له دور بارز في نشر الطريقة التيجانية.
· ما الجهود التي يقوم بها أهل السنة للقضاء على البدع في نيجيريا في الوقت الحاضر؟
- الحمد لله الجهود دائمة ولا سيما بعد قيام دعوة الشيخ "أبي بكر محمود جوني" -رحمه الله تعالى- في الستينيات حيث بدأ بدعوته إلى العودة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، ووجد مقاومة شديدة من قبل العلماء التقليدين لا سيما أتباع الطريقتين التيجيانية والقادرية ولكنه صمد ووجد دعماً أيضاً وسنداً بعد الله من رئيس وزراء شمال نيجيريا السيد "أحمد جلو"؛ الذي دعم الجوني ودعوته لنشر السنة في نيجيريا، ثم بعد ذلك توالت الجهود، وكان أبرزها الجماعة التي أسسها الشيخ إسماعيل إدريس -رحمه الله- واخذت على عاتقها مهمة نشر الدعوة إلى العقيدة الصحيحة السليمة والدعوة إلى نبذ الطرق والبدع، وكان له قبول في أنحاء البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً حتى فهم كثيرٌ من الناس هذه الدعوة.
وبعد ذلك عندما بدأ الطلاب يذهبون إلى البلاد العربية كمصر والسعودية والسودان ويتعلمون هناك ويرجعون إلى بلادهم حاملين منهج السنة، صارت لهم جهود كبيرة في تعليم الناس في المساجد والمدارس وإقامة المراكز الدعوية والتعليمية، وتنتشر الآن الدعوة السلفية على أيدي الطلاب الذين تخرجوا من الدول الإسلامية، وأصبح لهم نشاط بارز في الأساط الإسلامية على الساحة النيجيرية الآن، فالجهود متواصلة ومثمرة والحمد لله.
· هل صحيح ما تردد بشأن مساندة الصوفيين للمرشح المسيحي في الانتخابات الأخيرة؟
- نعم، الصوفية ساندوا المرشح المسيحي، وكان موقف الشيخ طاهر عثمان دوسي صريحا في انتخاب رئيس مسيحي؛ لأن هذا أولى عنده من أن يُنتخب شخص ينتمي إلى أهل السنة والجماعة، ودعا إلى انتخابه بقوة، واعتبر هذا في الأوساط السياسية على أنه شراءٌ للذمة، يعني هذا الرئيس ومن كان معه اشتروا ذمة هذا الرجل فصار ينادي في كل مكانٍ حل بأن يُصوت لهذا الرئيس المسيحي، فقد أكد "طار عثمان دوسي" على أن السياسيٍ المسيحي أولى بالحكم من الذي ينتسب إلى المذهب "الوهابي" كما يسميه، وكان لهذا الأمر تأثير محدود، فعموم الناس رفضوا هذا الطرح، ولكن التأثير الاكبر في فوز المرشح المسيحي كان بسبب التزوير الذي قام به في الانتخابات.
· هل الإسلاميون في نيجيريا بحاجة إلى دعاةٍ من بلادٍ إسلامية أم بحاجة إلى مؤسساتٍ تدعم المشروعات الإسلامية لممارسة الدعوة في وسط النصارى وغير المسلمين، وفي صفوف الصوفية؟
- المسلمون هنا في نيجيريا وخاصةً في الشمال ليسوا بحاجة إلى دعاة من الخارج، وإنما بحاجة إلى الدعم العلمي والدعم المادي، الدعم العلمي من خلال بعض الدورات وبعض البرامج العلمية، وبعض المكتبات العلمية وبعض الكتب، وبالوسائل الحديثة التي تساعدهم على توسيع دائرة معارفهم، وأيضاً بحاجة إلى المراكز الدعوية وتشغيل هذه المراكز، هم بحاجة إلى مثل هذا الدعم، خاصةً أن كثيراً من الشباب الآن تخرجوا من البلاد العربية من المملكة العربية السعودية ومن مصر، ومن السودان، وكثيرٌ منهم يحملون العقيدة الصحيحة، لكن الأرضية التي ينطلقون من خلالها في المجتمع هي التي تنقصهم وينقصهم الخبرة في التعامل مع الوسائل الحديثة في نشر الدعوة، فهم بحاجة إلى مثل هذا الدعم، لكن ليسوا بحاجة إلى أن يكون هناك دعاة من الخارج، حتى في أوساط النصارى هناك جماعات ومراكز متخصصة في دعوة غير المسلمين ويخرجون إلى الأرياف وإلى المناطق النائية يدعون غير المسلمين من الوثنيين ومن النصارى إلى الإسلام لكن تنقصهم هذه الإمكانات العلمية والمادية.
· ما أبرز الحركات الإسلامية النشطة في الدعوة في نيجيريا؟
- أبرز الحركات الموجودة الآن هي الحركة السلفية التي ينتمي إليها غالبية الشباب الذين تخرجوا من الدول العربية كالمملكة العربية السعودية مثل خريجي الجامعة الإسلامية في المدينة، ومن جامعة أم القرى وجامعة الإمام، وكذلك من السودان ومن مصر، هؤلاء الشباب أغلبهم ينتمون إلى الحركة السلفية، والحركة السلفية بهذا المسمى ليست تنظيماً يجمعهم ويوحدهم وإنما هو تيار وليس تنظيماً، لكن هذا التيار له عمقه في المجتمع وله دوره الكبير في التعليم وفي الدعوة وفي نشر الوعي الإسلامي بين المسلمين، ثم أيضاً هناك جماعة (إزالة البدعة وإقامة السنة) وهم جماعة قديمة تأسست من السبعينيات، وبدأت في الدعوة إلى تصحيح العقائد ونبذ البدع ومحاربتها وتصحيح مفاهيم الناس للإسلام، لكن كانت بداية ضعيفة من الناحية العلمية، فترتيبهم العلمي كان ترتيباً ضعيفاً جداً، ووقعوا في كثير من الأخطاء، لكن الحق يُقال: إنهم قدموا شيئاً كبيراً في محاولة تصحيح عقائد الناس ودعوتهم إلى الإسلام الصحيح من خلال برامجهم الدعوية ومن خلال مساجدهم ومنابرهم.
وهناك مراكز إسلامية موجودة، ليست تابعة لأي جماعة من الجماعات الموجودة، لكن يديرها بعض الشباب المتقرب من الجامعات العربية والإسلامية.
فهذه أبرز الجماعات التي تعمل في الساحة، وتجد أن أغلب أعمالها موجهة إلى التعليم والدعوة، التعليم من خلال الحلقات العلمية التي تكون في المساجد غالباً بعد صلاة المغرب إلى العشاء والدعوة من خلال البرامج الدعوية والتجمعات الدعوية التي يقيمونها في بعض الأماكن ويسافرون من مكانٍ إلى مكان، فهذه الصورة النمطية التي يسيرون عليها في دعوتهم، يعني إلى الآن لم تتطور الدعوة وتدخل مجالات الإنترنت، وهناك حضور في الصحافة بشكل ضئيل جداً، لكن الحضور في الإذاعات موجود، والتلفاز أيضاً حضورهم موجود أيضاً، لكن الحضور من خلال الصحافة ضعيف، وكذلك يضعف من خلال الكتب والإنترنت.
· كيف ينظر الصوفيون في نيجيريا إلى الإمام عثمان بن فودي - رحمه الله - وجهوده في نشر السنة؟
- كل طريقة تحاول أن تجعل منه رمزا لها، وكلا من الطريقة التيجانية والقادرية تتنازعان في كون الشيخ عثمان بن فودي منها، وهذا لكونه رمز للمسلمين في البلاد، وبسبب ما قام به من الدعوة لتصحيح الدين في البلاد ككل، وفي الحقيقة أن الشيخ انتمى إلى طريقة القادرية وليس التيجانية ولكنه لم يكن غالياً فيها، ولم يكن يعتقد ما تعتقده تلك الطريقة فيما يتعلق بوحدة الوجود، و الاعتقاد في بعض الصالحين، كل هذا لا يوجد أدبيات الشيخ عثمان بن فودي، ووجدنا أن الشيخ أقرب إلى دعوة السنة منه إلى الصوفية، وخاصةً فيما ألفه من الكتب، حيث سار فيها على نمط كتب أهل السنة في بيان الحق فيما يتعلق ببعض الأمور الدينية التي تعلقت بها البدع، وله كتاب بيان البدع الشيطانية وهو كتاب ينكر بشدة على كثيرٍ من الأمور التي تمارسها تلك الفرق، وهو في الحقيقة من ناحية أدبياته ومن ناحية تعاليمه وكتبه يقترب من السنة أكثر ويبتعد عن الطرق الصوفية ولكن تلك الطرق ما زالت تتجاذبه باعتباره رمزاً في نيجيريا ككل.
· وماذا عن حقيقة الوجود الشيعي في نيجيريا؟
- الوجود الشيعي في نيجيريا ظاهر وبيّن جداً، ومنذ عشرين عاما تقريبًا بدأ ظهورهم ودخلوا في الأوساط الإسلامية في نيجيريا، وقد اعتنقوا المنهج الشيعي الاثنا عشري وصاروا يدعون إليه جهاراً بعد أن كانوا في السابق يرفضون أن ينسبوا إليهم، فصاروا يدعون إليهم وبدؤوا يتكلمون في بعض الصحابة، والذي جعلهم بهذه السرعة ينتمون إلى المذهب الشيعي هم الشباب المثقف ثقافة فردية ولم يعرف من الدين إلا شيئاً قليلاً كبعض الكلمات العربية التي يرددها بين حينٍ وآخر.
والشيعة اشترت ذممهم وكسبتهم عن طريق تقديم بعض الدعم المادي إليهم، وهذا هو الذي أوقعهم في شباكهم، وبعد ذلك بدأ الشباب من هذه المجموعة يشكون فيهم؛ ولما رأوا أن المجموعة تتجه إلى مسالك الشيعة، كما دخلت حكومة إيران بشدة من خلال سفارتها ومن خلال بعض مبعوثيها هنا في دعم التيار الشيعي، ومن هنا انتشر المذهب الجعفري، وأصبح للشيعة وجود ملحوظ وظاهر ولهم مراكز، وبدؤوا يأخذون أيضاً بعض الشباب ويذهبون بهم إلى إيران ويتقربون من الحوزات العلمية للدعوة إلى المذهب الشيعي، فوجود الشيعة وجود ظاهر وأنشطتهم أيضاً في ازدياد بسبب ما يتلقونه من الدعم المادي الكبير من إيران ومن التجار اللبنانيين، الأمر الذي أنكرته الدعوة السنية في نيجيريا.
التعليقات