معركة نهاوند (فتح الفتوح)
قائد المسلمين: النعمان بن مقرن ومعه ثلاثون ألفًا.
قائدها من الفرس: ذو الحاجب، وقيل: الفيرزان، ومعه مائةٌ وخمسون ألفًا.
سُمِّيت فتح الفتوح؛ لأن الفرس بعد هزيمتهم في هذه المعركة لم تَقُم لهم قائمة، ولم يستطيعوا أن يعبئوا مِثلَ هذا العدد فيما بعد، بل تشتَّتوا في البلاد، ومالوا إلى الدسائس والمؤامرات على المسلمين.
سبب هذه المعركة: أن مَلِك الفرس قد جمع جموعًا عظيمة بنهاوند وجعل عليهم ذا الحاجب قائدًا، فلما بلغ ذلك عمرَ بن الخطاب، أرسل إلى النعمان يولِّيه قيادة الجيش المتَّجِه إلى نهاوند، وكان معه عددٌ من الصحابة مثل: حُذيفة بن اليمان، وعبدالله بن عمر، وجَرير بن عبدالله البَجَلي، والمُغيرة بن شعبة، وغيرهم من أبطال العرب، ولما وصل الجيش إلى نهاوند إذا بحسكِ الحديد يدخل في حافر فرس، فتوقَّف الجيش، ثم اكتشفوا أن العجم قد بثوا الحسك في الطريق، فاستشار النعمان أصحابه فيما يفعله، فقالوا: نريهم أننا منهزمون ثم نكرُّ عليهم، ففعلوا ذلك، فخرج الفرس في إثرهم بعد أن كنسوا الحسك، فانعطف عليهم المسلمون بعد أن عبأ النعمان كتائبَه وصلَّى بالمسلمين الذين معه الجمعة، ودارت معركةٌ حامية بين الطرفين، وكان الفرس قد شدُّوا جنودهم بالسلاسل؛ حتى لا يفرُّوا، لكن الدائرة دارت عليهم وبدا تفوق المسلمين، وفي خضمِّ هذه المعركة أصيب النعمان بسهم قاتل، فسقط شهيدًا، وكان بجانبه أخوه سُويد، فلبس ثيابه وقاتَلَ وهو يكتم خبر استشهاد أخيه؛ حتى لا يصاب الجند بالجزع والتردد فتنقلب نتيجة المعركة، ولما فتح الله على المسلمين نهاوند، دفع سويد الرايةَ إلى حذيفة بن اليمان؛ حيث أوصى له النعمان بالقيادة إن استشهد.
وفي هذه المعركة أصيب الفرس إصابةً لم يرَوا مثلها، وفقدوا أكثر من مائة ألفٍ سوى مَن قُتلوا في الطلب، وسقط منهم في "اللهب" - وهي حفرة كبيرة - المسلسلون، وفر الفيرزان، فأتبعه نعيم بن مقرن أخو النعمان، فأدركه قرب ثنيَّة همذان، وفي الثنية بِغالٌ كثيرة محمَّلة بالعسل قد سدت الطريق بكثرتها فحبَسته عن الهرب، فأدركه نعيم وقتله على الثنية (مرتفع)، فقال المسلمون: "إن لله جنودًا من العسل"؛ حيث حبس بسببهم وغنم المسلمون الأحمال، واستسلمت نهاوند ومدن همذان وخراسان وفارس.
وهناك رواية أخرى حول استشهاد النعمان جاء فيها:
وقاتلهم المسلمون يومي الأربعاء والخميس والحرب سِجالٌ، ثم إنهم دحروا يوم الجمعة فاختبأ الفرس خلف خنادقهم، وطال الحصار والفرس لا يخرُجون، ثم استشار النعمان أصحابَه في حيلة لكي يخرجوهم من حصونهم وخنادقهم، فكان رأي طُليحة بن خُويلد بأن تتحرَّش الخيل بهم ثم تفر أمامهم، ففعلوا ذلك وأطمعوهم بالهزيمة، فخرج الفرس وكان القتال على أَشُدِّه، وكثر القتلى من الفرس، حتى زلقت الأرض بالناس والدواب من كثرة الدماء، وقيل: إن فرس النعمان زلقت به فسقط وصُرع رحمه الله.
التعليقات