زواج النبي صلى الله عليه وسلم من جويرية
جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك ابن جذيمة، وجذيمة هو المصطلق من خزاعة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، سباها رسول اللهصلى الله عليه وسلميوم المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وقيل: في سنة ست، ولم يختلفوا أنه أصابها في تلك الغزوة، وكانت قبله تحت مسافع بن صفوان المصطلقي.
وعن بن إسحاق قال: وجويرية بنت الحارث كان اسمها برة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة، من خزاعة، كانت عند بن عم لها يقال له: مسافع بن صفوان بن ذي الشفر.
وعن زينب بنت أبي سلمة عن جويرية بنت الحارث أن اسمها كان برة وغيّرهصلى الله عليه وسلمفسماها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة.
حال جويرية بنت الحارث في الجاهلية :
كانت سيدة نساء قومها، وكان أبوها قائد بني المصطلق الذين كانوا يجمعون للنبيصلى الله عليه وسلم، ولما بلغ رسول اللهصلى الله عليه وسلمأن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث زوج النبيصلى الله عليه وسلم، خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له "المريسيع" من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق، وقتل الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية، وقتل من قتل منهم ونفل الله رسوله أبناءهم ونساءهم، وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلمأصاب منهم سبيًا كثيرًا قسمه في المسلمين، وكان فيما أصاب يومئذ من النساء جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيدة نساء قومها.
عمر جويرية بنت الحارث عند الإسلام :
قال ابن عمر: وأخبرني محمد بن يزيد عن جدته -وكانت مولاة جويرية بنت الحارث- عن جويرية رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول اللهصلى الله عليه وسلموأنا ابنة عشرين سنة، قالت توفيت جويرية سنة خمسين وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم.
قصة إسلام جويرية بنت الحارث :
كانت جويرية رضي الله عنها ضمن سبي بني المصطلق الذين غزاهم الرسولصلى الله عليه وسلم، وكان قد قتل زوجها في هذه الغزوة، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عمه، فكاتبت على نفسها لكونها أبية وسيدة نساء قومها، ولم يكن معها ما كاتبت عليه فذهبت إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلمليعينها على ذلك، فرد عليها بما هو أفضل؛ إذ عرض عليها الزواج منها وقضاء مكاتبتها، فأجابت بالقبول وأسلمت وحسن إسلامها.
أثر الرسولصلى الله عليه وسلمفي تربية جويرية بنت الحارث :
كان لا بد أن يكون للرسولصلى الله عليه وسلمأثر كبير في تربيتها، حتى أعدها لتكون أمّا للمؤمنين، فتأثرت به رضي الله عنها في عبادتها، فكانت تصوم من النوافل الكثير، حتى صامت يوم جمعة منفردا وأمرها الرسولصلى الله عليه وسلمبأن تفطر، وكانت تظل تذكر الله بعد الفجر حتى الشروق كما كان الرسولصلى الله عليه وسلميفعل ذلك.
أهم ملامح شخصية جويرية بنت الحارث :
أعظم امرأة بركة على قومها :
عن عائشة قالت: لما سبى رسول اللهصلى الله عليه وسلمسبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عمه، فكاتبت على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول اللهصلى الله عليه وسلمتستعينه في كتابتها، فوالله ما هو إلا أن وقفت على باب الحجرة فرأيتها كرهتها، وعرفت أن رسول اللهصلى الله عليه وسلمسيرى منها مثل ما رأيت، فقالت جويرية: يا رسول الله، كان من الأمر ما قد عرفت فكاتبت نفسي فجئت رسول اللهصلى الله عليه وسلمأستعينه، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم "أو ما هو خير من ذلك؟" فقالت: وما هو؟ قال: "أتزوجك وأقضي عنك كتابتك"، فقالت: نعم، قال: "قد فعلت".
قالت عائشة: فبلغ المسلمين ذلك قالوا: أصهار رسول اللهصلى الله عليه وسلم! فأرسلوا ما كان في أيديهم من سبايا بني المصطلق، قالت: فلقد عتق بتزويجه مائة أهل بيت من بني المصطلق، قالت: "فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها".
حليمة.. تعتق من حر مالها
عن مجاهد عن جويرية زوج النبيصلى الله عليه وسلمأنها قالت: يا نبي الله، أردت أن أعتق هذا الغلام، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: "بل أعطيه أخاك الذي في الأعراب يرعى عليه؛ فإنه أعظم لأجرك".
ومن الذاكرات:
فقد ورد أنها كانت تذكر الله من بعد الفجر وحتى شروق الشمس، وجاء في الحديث أن النبيصلى الله عليه وسلمخرج من عندها وهي في مصلاها، ثم رجع حين تعالى النهار وهي ما زالت في مكانها تذكر الله، فقال لها: "لم تزالي في مصلاك منذ خرجت؟"، فأجابته: نعم، فقال لهاصلى الله عليه وسلم: "قد قلت بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".
ألم أعظم صداقك؟
عن مجاهد قال: قالت جويرية بنت الحارث لرسول اللهصلى الله عليه وسلم: إن أزواجك يفخرن عليّ، يقلن: لم يتزوجك رسول اللهصلى الله عليه وسلمإنما أنت ملك يمين، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم": ألم أعظم صداقك؟ ألم أعتق أربعين رقبة من قومك؟".
بعض الأحاديث التي روتها جويرية بنت الحارث عن النبيصلى الله عليه وسلم:
عن الطفيل بن أخي جويرية عن جويرية أن النبيصلى الله عليه وسلمقال: "من لبس الحرير في الدنيا لبسه الله ثوبًا من نار".
عن مولى لجويرية عن جويرية أن النبيصلى الله عليه وسلمكان يكره أن يأكل الطعام حتى يذهب فورة دخانه.
وفاة جويرية بنت الحارث :
توفيت جويرية بنت الحارث زوج النبيصلى الله عليه وسلمفي شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين في إمارة معاوية، وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة.
التعليقات