فضائل الحج (2-2)
خالد بن حسين بن عبد الرحمن
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على خير البريات خير من طاف وصام وحج البيت الحرام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم البعث والقرار أما بعد:
أحبتي في الله ما زال الحديث موصولاً معكم عن فضائل الحج العظام, ومناقبه الجسام تحفيزاً للهمم, وإثارة للمشاعر, وتشويقاً لزيارة هذه البقاع الطاهرة والأماكن المقدسة, وترغيباً في أداء تلك الفريضة الغالية فمستعيناً بالله أقول:
7. الحجاج وفد الله:
· عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وفد الله ثلاثة, الحاج والمعتمر والغازي " ([1]).
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحجاج والعمار وفد الله, إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم " ([2]).
· وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحُجَّاج والعُمَّار وفد الله, دعاهم فأجابوه, وسألوه فأعطاهم "([3]).
8. يُغفر للحاج:
· عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يُغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج "([4]).
9. من مات وهو محرماً بالحج بُعِثَ يوم القيامة ملبياً:
· عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال : بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فأقعصته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اغسلوه بماء وسدر وكفنوه بثوبيه, ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يُبْعَثُ يوم القيامة مُلَبياً "([5]). وفي رواية عند مسلم " فإنه يُبْعث وهو يُهِلُّ ".
10. الحاج في ضمان الله:
· عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجدٍ من مساجد الله عز وجل, ورجل خرج غازياً في سبيل الله, ورجل خرج حاجاً "([6]).
11. الحج يرفع الدرجات ويحط الخطايا:
· عن ابن عمر -رضي الله عنهما -قال: أن رجلاً من الأنصار سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحج فقال له صلى الله عليه وسلم: " لك بكل خطوة تخطوها راحلتك حسنة تَحُط عنك بها سيئة, وترفع لك بها درجة "([7]).
12. النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله:
· عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله, بسبعمائة ضعف " ([8]).
أخي الكريم:
هذه بعض فضائل الحج العظيمة - وهي كثيرة -وتلك هي بعض ثماره اليانعة, وظلاله الوافرة, ورياضه النضرة, فاغتنم الفرصة قبل فوات الأوان.
فإذا أردت أن يكتمل لك إسلامك, ويغفر الله لك ذنبك وترجع كيوم ولدتك أمك, خالياً من الآثام, متطهراً من الأوزار فالحج هو السبيل.
وإذا أردت أن تكون في ضمان الله وكفالته ورعايته وحفظه, وأن تكون من وفد الله الذين إذا دعوه أجابهم وإذا سألوه أعطاهم فاقصد بيته العتيق وانتظم في ركب الحجيج وقل:
إليك قصْدي لا للبَيْتِ والأثر ولا طوافي بأركان ولا حجر
صَفا دمعي الصَّفا ليّ حين أعُبرُه وزمزمي دمعة تجري من البصر
وَفيكَ سَعْي وتعْميري ومُزْدلفي والهدْيُ جسمي الذي يُغني عن الجزر
عِرفانُه عَرفاتي إذ مِني منَني وموْقفي وقفة في الخوف والحذر
وجَمْرُ قلبي جمارٌ نبذهُ شررٌ والحرَمُ تحْريمي الدنيا عن الفكر
ومسجدُ الخيفِ خوْفي من تباعُدكم ومَشْعري ومقامي دونكم خطري
زادي رجائي لهُ الشوقُ راحلتي والماءُ من عَبراتي والهوى سَقري ([9]).
وإذا أردت أن يحط الله عنك الخطايا ويرفع لك الدرجات ويزيد لك في الأجر وينمي لك الصدقات, فالسبيل إلى ذلك حج بيت الله الحرام.
وإذا أردت الجنة ونعيمها والخلد فيها, فاعلم بأن الحج المبرور هو الطريق الموصل لهذه الغاية, ثم بشراك بشراك, إذا ختم الله لك بخاتمة طيبة وقُبضت روحك وأنت في الحجيج مُحْرِماً ومُلَبِياً ومُهَلِلاً ومُكَبِراً وذَاكِراً فإنك تُبعث يوم القيامة مُلبياً, الله أكبر! فأنعم بها من ميتة.
هذا والله أعلم وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وللمزيد انظر كتابي رفيقك في الحج والعمرة والزيارة ص (38-41).
[1] . حسن: أخرجه النسائي (5/113), (6/16), والحاكم (1/441), والبيهقي (5/262) وابن خزيمة (2511) وأبو نعيم في الحلية (8/327) وإسناده حسن إن سلم من الإنقطاع ؛ لأن فيه: مخرمة بن بكير عن أبيه؛ وفي سماعه منه خلاف كبير, انظر جامع التحصيل للعلائي والتهذيب ترجمة مخرمة بن بكير.
[2]. حسن: أخرجه النسائي (5/113), وابن ماجة (2892), وابن خزيمة (2511), وابن حبان (965 موارد ).
[3] . حسن: أخرجه البزار في كشف الأستار (1153), وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/211)؛ رواه البزار ورجاله ثقات.
[4] . حسن: أخرجه البزار في كشف الأستار (1155) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/211): رواه البزار والطبراني في الصغير, وفيه شريك بن عبد الله النخعي وهو ثقة وفيه كلام, وبقية رجاله رجال الصحيح, ورواه ابن خزيمة (2516), والحاكم(1/441).
[5] . متفق عليه: أخرجه البخاري (1267), ومسلم (1206).
[6] . سنده صحيح: أخرجه أبو داود عن أبي أمامة رضي الله عنه, والحميدي في مسنده رقم (1090), وأبو نعيم في الحلية (9/251), ورجال الحديث رجال الشيخين, وصححه العلامة الألباني في مشكاة المصابيح (1/226-227) وفي صحيح الترغيب والترهيب (1/319).
[7]. هو جزء من حديث طويل في فضل الحج وثوابه, رواه الفاكهي في ( أخبار مكة )
(1/423-424) عن ابن عمر, وكذلك البزار في (كشف الأستار ) من هذا الطريق
(2/98), وقال البزار: قد روي هذا الحديث من وجوه, ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق, وذكره المحب الطبري في القرى ونسبه لابن الجوزي (35), ورواه الأزرقي في (أخبار مكة ) عن أنس بن مالك (2/7) وما بعدها, وكذلك البزار في (كشف الأستار (2/9-11) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في (الأوسط) وفيه محمد بن عبد الرحيم بن شروس, ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً, ومن فوقه موثوقون (3/277).
[8] . حسن بشواهده , قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/208): رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه.
[9]. انظر: مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن (2/13) لابن الجوزي, والقصيدة لـ محمد بن أحمد الشيرازي, كما ذكر ابن الجوزي في المصدر المشار إليه.
التعليقات