سـنـة الـوفـود 9 هـ
لما أكرم الله رسوله بإدخاله في المسجد الحرام ، وبتسليطه على كفار مكة ، ولم يبق عندهم أدنى شك في كونه رسولاً حقاً ، فبدأت القبائل العربية تتوافد إليه تترى .
- معظم هذه الوفود كان أعضاؤها سادات القبائل ، ورؤساءها ، ورجالا من أهل الحل والعقد منها ، وربما توافد الرجل وحده ، أو توافد ومعه رهط صغير .
- الغرض المطلوب من الوفادة فكان يختلف من وفد إلى وفد :
- فمنهم من جاء يريد رد السبايا والمأخوذين ، كوفد هوازن ، ووفد تميم .
- ومنهم من جاء يريد الأمان لنفسه فقط ، أو لنفسه وقومه كليهما .
- ومنهم من جاء يفاخر ويباهي ، أو يناظر ويجادل .
- ومنهم من جاء يطلب رد الجيش الإسلامي كيلا يهجم على قومه .
- ومنهم من جاء يقر بالطاعة والجزية.
- ومنهم من جاء يبدي رغبته في الإسلام ، ويبدى رجاء ذلك من قومه.
- ومنهم من جاء مسلماً طائعاً ممثلاُ لقومه ، يرغب في معرفة تعاليم الإسلام وأحكامه .
وفد عبد القيس:
- كانوا من سكان شرق الجزيرة العربية .
- ومن أول من أسلم خارج المدينة .
- مسجدهم أول مسجد أقيمت فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله.
- وقد توافد بنو عبد القيس مرتين.
- والوافدون في المرة الأولى كانوا ثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلاً ، وكان فيهم عبدالله بن عوف الأشج ، وكان أصغرهم سناً ، فتخلف عند الركائب حتى أناخها ، وجمع المتاع ، وأخرج ثوبين أبيضين فلبسهما ، ثم جاء هونا حتى سلم على رسول الله ، فقال له رسول الله :" إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة " .
قبل وصولهم إلى المدينة : سيطلع عليكم ركب هم خير أهل المشرق ، لم يكرهوا على الإسلام ، وقد أنضوا الركائب ، وأفنوا الزاد ، اللهم اغفر لعبد القيس . فلما جاؤوه قال ": مرحبا بكم غير خزايا ولا ندامى ". فأمرهم بأربع : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان . ولم يكن قد فرض الحج إذ ذاك فلم يأمر به ، وطلب منهم أن يعطوا من المغنم الخمس ، ونهاهم عما يسكر من الأشربة ، وكانوا يكثرون منها ، ونهاهم أيضاً عن الأواني التي كانوا ينتبذون فيها .
- أما الوفادة الثانية فكان فيها أربعون رجلاً ، فيهم الجارود بن العلاء العبدي ، كان نصرانياُ فأسلم ، وحسن إسلامه .
وفود ضمام بن ثعلبة من بني سعد بن بكر:
-كان رجلاً جافياً من أهل البادية ، ذا غديرتين وقدم المدينة فأناخ بعيره في المسجد ، وعقله ، ثم قال : أيكم ابن عبدالمطلب ؟ فدلوه عليه ، فدنا منه وقال : يا محمد ! إني سائلك ، فمشدد عليك في المسألة ، فلا تجد علي في نفسك ، فقال :" سل ما بدا لك".
فقال : أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك .
قال : " صدق " .
قال : فمن خلق السماء ؟ قال :" الله " . قال : فمن خلق الأرض ؟ قال : "الله" . "قال" : فمن نصب هذه الجبال ، وجعل فيها ما جعل ؟ قال :"الله " .
قال : فبالذي خلق السماء ، وخلق الأرض ، ونصب هذه الجبال ، الله أرسلك ؟ قال :" نعم".
قال : وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا ، قال : " صدق " . قال : فبالذي أرسلك . آلله أمرك بهذا ؟ قال :" نعم".
قال : وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا ، قال :" صدق " . قال : فبالذي أرسلك . آلله أمرك بهذا ؟ قال :" نعم " . قال : فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا ؟ قال : " نعم "
قال : وزعم رسولك أن علينا صوم رمضان في سنتنا ، قال : " صدق " قال : فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا ؟ قال : " نعم " .
قال : وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً . قال : " صدق " .
قال : فبالذي أرسلك ، آلله أمرك بهذا ؟ قال : " نعم".
ثم ولى . فقال : والذي بعثك بالحق ، ولا أزيد عليهن ، ولا أنقض منهن .
فقال النبي : " لئن صدق ليدخلن الجنة".
- ولما رجع إلى قومه وقد خلع الأنداد، وأخبرهم بما أمرهم به ونهاهم عنه رسول الله، ما أمسى من قومه رجل ولا امرأة إلا مسلماً، وبنوا المساجد، وأذنوا بالصلاة ، فلم يكن وافد أفضل من ضمام بن ثعلبة .
وفد عُذْرَة وبلِى:
• في شهر صفر سنة 9هـ قدم اثنا عشر رجلاً بني عذرة :
- وذكروا قرابتهم من قصي .
- ونصرتهم له في إخراج بني بكر وخزاعة من مكة .
- فرحب بهم النبي ، وبشرهم بفتح الشام .
- ونهاهم عن السؤال الكاهنة ، وذبائح النصب ، وقد أسلموا وأقاموا أياماً ثم رجعوا .
• وعلى إثرهم جاء وفد بلى – وفي ربيع الأول سنة 9هـ فأسلموا وأقاموا ثلاثاً ثم رجعوا .
وفد بني أسد بن خزيمة:
- قدم عشرة منهم في أول سنة تسع .
ورسول الله في المسجد مع أصحابه ، فسلموا ، وقال متكلمهم : يا رسول الله ! إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له ، وأنك عبده ورسوله ، وجئناك يا رسول الله ولم تبعث إلينا بعثاً ، فأسلمنا ولم نقاتلك ، كما قاتلك بنو فلان ، ونحن لمن وراءنا سلم ، فأنزل الله : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِين{.
- وسألوه عما كانوا يفعلونه في الجاهلية من العيافة ، وهي زجر الطير – والكهانة ، وضرب الحصباء ، فنهاهم عن ذلك .
- وسألوه عن الرمل ، فقال : علمه نبي ، فمن صادف مثل علمه فذاك وإلا فلا . ومعلوم أن المصادفة مستحيلة المعرفة .
- ومكث أهل الوفد أياماً يتعلمون الفرائض ، ثم انصرفوا وقد أجيزوا .
وفـد تجيب:
- تجيب فرع من قبيلة كِندة .
- وقد جاء هؤلاء بصدقات قومهم مما فضل عن فقرائهم ، فسر بهم رسول الله ، وأكرم مثواهم .
- وقال أبوبكر : ما قدم علينا وفد من العرب مثل هذا .
- وكانوا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها ، ثم أرادوا الرجوع فأجازهم رسول الله بأفضل ما كان يجيز به الوفود .
- وسألهم هل بقى منهم أحد ، قالوا : غلام خلفناه في رحلنا ، هو أحدثنا سنا ، قال : أرسلوه فأقبل وقال : يا رسول الله ! أنا من الرهط الذين أتوك آنفا ، فقضيت حاجتهم فاقض حاجتي . قال : وما حاجتك ؟ قال : تسأل الله أن يغفر لي ويرحمني ويجعل غناي في قلبي . فدعا له بذلك ، وأمر له بمثل جائزة أصحابه .
فكان أقنع الناس ، وثبت في الردة على الإسلام ، ووعظ قومه فثبتوا عليه .
وفد بني فُزارة:
- جاء هذا الوفد بعد مرجعه من تبوك ، في بضعة عشر رجلاً ، مقرين بالإسلام.
- فسألهم النبي عن بلادهم فشكوا جدبها ، وقالوا : فادع الله لنا ربك يغيثنا ، واشفع لنا إلى ربك ، وليشفع لنا ربك إليك ، فقال : سبحان الله ، ويلك هذا ، أنا أشفع إلى ربي ، فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه ؟ لا إله إلا هو العلي العظيم ، وسع كرسيه السماوات والأرض ، فهي تئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الحديث . ثم صعد المنبر ، ودعا الله ، حتى أغاثهم بالمطر الغزير والرحمة التامة .
وفــد نجــران :
- نجران منطقة كبيرة على حدود اليمن .
- تشمل على ثلاث وسبعين قرية ، فيها عشرون ومائة ألف مقاتل ، كلهم على دين النصارى .
- كتب رسول الله إلى أسقفهم يدعوهم إلى الإسلام ... فأرسلوا وفداً يتكون من ستين رجلاً ، فجاؤوا النبي وقد لبسوا حللاً من حبرة يجرونها، وأردية من حرير ، وخواتيم من ذهب ،فلم يكلمهم رسول الله
فأشار عليهم بعض كبار الصحابة أن يغيروا حللهم ، ويضعوا خواتيمهم ، ففعلوا ، فكلمهم رسول الله ، ودعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ،
وقالوا : كنا مسلمين قبلكم . فقال لهم رسول الله : يمنعكم عن الإسلام ثلاث : عبادتكم الصليب . وأكلكم لحم الخنزير . وزعمكم أن لله ولداً . قالوا : فمن مثل عيسى ؟ خلق من غير أب . فأنزل الله في ذلك : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ{.
- فتلاها عليهم رسول الله ودعاهم إلى المباهلة ، فطلبوا منه فرصة ، واستشاروا فيما بينهم ، فقالوا : إن كان نبياً ولا عناه لا يبقى منا شعر ولا ظفر إلا هلك ، فرضوا بإعطاء الجزية .. وجعل لهم الذمة والأمان ، والحرية في الدين ، ثم قالوا : أرسل معنا رجلاً أميناً ، فأرسل معهم أبا عبيدة عامر بن الجراح ، فسمى بأمين هذه الأمة .
- وفي عودتهم إلى نجران أسلم اثنان منهم ، ثم بدأ الإسلام يفشو فيهم حتى أسلم جمع منهم .
وفد أهل الطائف:
- سبق أن النبي حاصر أهل الطائف بعد غزوة حنين ، ثم تركهم في أماكنهم ، ورجع ، فلما رجع تبع أثره عروة بن مسعود الثقفي حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة ، فأسلم ، ثم رجع ودعا قومه إلى الإسلام – وكان أحب إليهم من أبكارهم ، فظن أنهم يطيعونه – فرموه بالنبل من كل جانب حتى قتلوه. ، ثم ائتمروا بينهم ، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب .
- فبعثوا عبد ياليل بن عمرو ، ومعه خمسة آخرون من أشرافهم ، في رمضان سنة 9هـ .
- فلما قدموا المدينة ضرب عليهم رسول الله قبة في ناحية المسجد ليسعوا القرآن ، ويروا الناس إذا صلوا .
- ومكثوا يختلفون إلى رسول الله ، يدعوهم إلى الإسلام ، وهم لا يسلمون ، حتى طلبوا منه أن يسمح لهم بالزنا وشرب الخمر وأكل الربا ، وأن لا يهدم اللات ، ويعفيهم عن الصلاة ، وأن لا يكسروا أصنامهم بأيديهم ، فأبى ، وأخيراً رضخوا له ، وأسلموا واشترطوا أن يتولى هو بهدم اللات ، وأن ثقيفاً لا يهدمونها بأيديهم أبداً . فقبل ذلك .
- وكان عثمان بن أبي العاص الثقفي أصغرهم سناً ، فكانوا يختلفونه في رحالهم ، فكان إذا رجعوا يذهب إلى النبييستقرؤه القرآن ، وإذا رأه نائماً استقرأ أبا بكر ، حتى حفظ شيئاً كثيراً من القرآن ، وهو يكتم ذلك عن أصحابه ، فلما أسلموا أمره عليهم رسول الله لحرصه على الإسلام وقراءة القرآن وتعلم الدين .
- ورجع الوفد إلى قومه فكتم عنهم إيمانه ، وخوفهم الحرب والقتال ، وقالوا : جئنا رجلاً فظاً غليظاً قد ظهر بالسيف ، ودان له الناس ، فعرض علينا أموراً شديدة ... فأخذتهم النخوة ، واستعدوا للقتال يومين أو ثلاثة أيام ، ثم ألقى الله في قلوبهم الرعب فقالوا للوفد : ارجعوا فأعطوه ما سأل . فقال الوفد : قد قاضيناه وأسلمنا فأسلم ثقيف .
- وبعث رسول الله خالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة الثقفي في رجال إلى الطائف ليهدموا اللات ، فكسروها وهدموا بنيانها .
وفد بني عامر بن صعصعة :
- كان في هذا الوفد عدو الله عامر بن الطفيل الذي غدر بأصحاب بئر معونة ، وأربد بن قيس وجبار بن أسلم ، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم .
- وقد تأمر عامر وأربد بن قيس على اغتيال النبي ، .. فقال عامر- وهو المتكلم عن الوفد -: أخيرك بين خصال ثلاث : يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر . أو أكون خليفتك من بعدك ، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر ، وألف شقراء . فرفض رسول الله كل ذلك ، وقال : اللهم اكفني عامراً واهد قومه .
- فلما رجعوا وكانوا ببعض الطريق نزل عامر عند امرأة من قومه من بني سلول، ونام في بيتها ، فبعث الله عليه الطاعون ، وأخذته غدة في حلقه ، فقال : أغدة كغدة البعير ، وموت في بيت سلولية ؟ ائتوني بفرسي ، فركب فمات على فرسه .
- وأما أربد فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتها ، وفي ذلك أنزل الله تعالى : { وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ{.
وقد روى قصتهما موئلة بن جميل الصحابي – أحد رجال قبيلتهما بني عامر – وكان هو أيضاً قد أتى النبي فأسلم وهو ابن عشرين سنة ، وبايعه ، ومسح يمينه ، وساق إبله إلى رسول اللهفصدقها بنت لبون ، ثم صحب بعده أبا هريرة ، وعاش في الإسلام مائة سنة ، وكان يسمى ذا اللسانين لأجل فصاحته .
وفد بني حنيفة:
- كانت وفادتهم سنة 9هـ وكانوا سبعة عشر رجلاً ، فيهم مسيلمة الكذاب .
- ونزلوا في بيت رجل من الأنصار ، ثم جاءوا النبي فأسلموا ، أما مسيلمة فيقال: إنه أيضاً أسلم معهم ، ويقال : إنه تخلف ولم يحضر ، وقال : إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته
- وكان النبي قد أري قبل ذلك في المنام أنه أتي بخزائن الأرض ، فوقع في يديه سواران من ذهب ، فكبروا عليه وأهماه ، فأوحى إليه أن انفخهما ، فنفخهما فذهبا ، فأولهما كذابين يخرجان من بعده .
- ورجع الوفد فلبث مسيلمة يسيراً ثم ادعى أنه أشرك في الأمر مع النبي وادعى النبوة ، ولفق السجعات ، وأحل لقومه الخمر والزنا ، وافتتن به قومه ، وتفاقم أمره ، حتى توفي رسول الله وهو على ذلك ، فازداد قومه افتتاناً به ، فأرسل إليه أبو بكر الجيوش بقيادة خالد بن الوليد ، فجرت بينه وبين المسلمين حروب شديدة ، قتل فيها مسيلمة ومعظم جنوده ، وقضي على فتنته ، وكان الذي قتله وحشي بن حرب قاتل حمزة – رضي الله تعالى عنه -.
وفود رسول ملوك حمير ، وبعث معاذ بن جبل ، وأبي موسى الأشعري :
- وبعد مرجعه من تبوك قدم مالك بن مرة الرهاوي ، يحمل معه كتاب ملوك حمير ، وهم : الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد الكلال ، والنعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان . وكانوا قد أسلموا وأرسلوه بذلك ، فكتب إليهم رسول الله كتاباً بين لهم فيه ما لهم وما عليهم ، وأعطى الذمة للمعاهدين .
- ثم أرسل إليهم معاذ بن جبل في رجال من أصحابه ، على الكورة العلياء.. وكان قاضياً وحاكماً في الحروب ، وعاملاً على أخذ الصدقة والجزية ، ويصلي بهم الصلوات الخمس ، وبعث أبا موسى الأشعري على الكورة السفلى .. وقال : يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا ، وتطاوعا ولا تختلفا .
- وقد مكث معاذ باليمن حتى توفي رسول الله ، أما أبو موسى الأشعري فقدم عليه في حجة الوداع .
وفد همدان وبعث خالد وعلي :
- همدان قبيلة مشهورة باليمن ، وقد وفدها سنة 9هـ بعد مرجعه من تبوك ، وفيهم مالك بن النمط ، وكان شاعراً مجيداً.
- فكتب لهم رسول الله كتاباً وأقطعهم فيه ما سألوه ، واستعمل مالك ابن النمط على من أسلم من قومه.
- ثم بعث خالد بن الوليد يدعو بقيتهم إلى الإسلام ، فمكث فيهم ستة أشهر ولم يسلموا .
- ثم بعث إليهم علي بن أبي طالب ، وأمره أن يقفل خالداً ففعل ، وقرأ عليهم كتاباً لرسول الله ، ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا ، فكتب البشارة إلى رسول الله فخر ساجداً . ثم رفع رأسه فقال :" السلام على همدان ، السلام على همدان ".
وفد بني عبد المدان :
- ثم بعث رسول الله خالد بن الوليد في ربيع الآخر سنة 10هـ إلى بني عبد المدان بنجران من أرض اليمن ليدعوهم إلى الإسلام ثلاثة أيام ، فإن أبوا قاتلهم .
- فلما قدم إليهم بعث الركبان في كل وجه ، يدعون إلى الإسلام ، وكتب بذلك إلى رسول الله، فأرسل إليه أن يقدم بوفدهم ففعل ، ولما اجتمعوا به قال لهم : بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية ؟ قالوا : كنا نجتمع ولا نتفرق ، ولا نبدأ أحداً بظلم ، قال : صدقتم .
- وأمر عليهم قيس بن الحصين . ورجعوا إلى قومهم في بقية شوال أو صدر ذي القعدة .
- ثم أرسل إليهم عمرو بن حزم ليفقههم في الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ، ويأخذ منهم صدقاتهم وكتب له كتاباً . وهو كتاب مشهور جداً .
إسلام بني مذحج :
- وهي أيضاً قبيلة يمانية.
- أرسل إليهم رسول الله علي بن أبي طالب في رمضان سنة 10هـ ليدعوهم إلى الإسلام ، وأمره أن لا يقاتلهم حتى يقاتلوه .
- فلما انتهى إليهم، ولقي جموعهم دعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ورموا المسلمين بالنبل ، فصف على مع أصحابه ، وقاتلهم حتى هزمهم ، فكف عن طلبهم قليلاً ، ثم لحقهم ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا ، وبايعه رؤساؤهم ، وقالوا : نحن على من وراءنا من قومنا ، وهذه صدقاتنا ، فخذ منها حق الله ، ففعل، ثم رجع إلى رسول الله فوافاه بمكة في حجة الوداع .
وفد أزد شنوءة:
- هي أيضاً قبيلة مشهورة في جهة اليمن .
- توافدوا برئاسة صرد بن عبدالله الأزدي ، فأسلموا ، فأمره عليهم ، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من يليه من أهل الشرك .
وفود جرير بن عبدالله البجلي وهدم ذي الخلصة :
- وقدم على رسول الله جرير بن عبدالله البجلي ، وهو من مشاهير الصحابة .
- وكان لقبيلته بجيلة وخثعم صنم ومعبد كبير يسمونه ذا الخلصة ، يضاهون به الكعبة ، فكانوا يقولون للكعبة الكعبة الشامية ، ولمعبدهم الكعبة اليمانية .
- فقال رسول الله يوماً لجرير : ألا تريحني من ذي الخلصة ؟ فشكا إليه أنه لا يثبت على الخيل ، فضرب بيده الكريمة في صدره وقال : اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً ، فلم يسقط بعد ذلك عن فرس .
- ونفر جرير إلى ذي الخلصة في خمسين ومائة راكب من قومه أحمس – فرع من بجلية – فخرب ذلك البيت ، وأحرقه وتركه مثل الجمل الأجرب.
- وبعث أبا أرطاة إلى رسول الله يبشره بذلك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة لخيل أحمس ورجالها ، خمس مرات .
التعليقات