ما حكم وضع الستائر في المساجد؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فمن الأمور التي كانت قديماً وحديثاً وضع الستائر في المساجد إما لكف حرارة الشمس أو شدة الضوء أو نحو ذلك، فهل هذه الأمور من المباح أو من القرب أو من الممنوعات؟
لقد ذكر بعض الفقهاء -رحمهم الله تعالى- مسألة الستائر في المساجد، ووقفها على المساجد.. واختلف في وقفها على قولين:
القول الأول: يجوز وقف الستائر في المساجد, قال بهذا العز بن عبد السلام والزركشي، وحُكِيَ عن بعض الحنابلة.
القول الثاني: لا يصح وقف الستور لغير الكعبة، ويبطل إن أوقفه لغيرها، قال به ابن عقيل، وابن الزاغوني، وأبو الخطاب من الحنابلة، إلا أن أبا الخطاب قال بصحة الوقف، وينفق ثمن الستائر على عمارته ولا يستر.
الأدلة:
استدل القائلون بالجواز بأن الكعبة تستر وهي مسجد، والمساجد بيوت الله مثلها، فيجوز سترها واستدل المانعون بأنه بدعة لم يحدث في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أحدثه الصحابة من بعده.
قال الخضيري: والمتأمل لهذه الستائر يجد فيها أنواعاً تحتوي على الزخرفة، فوضعها في المسجد له حكم الزخرفة، وأنواعاً أخرى توضع لحفظ البرودة أو لاتقاء الحرارة، فهي من مصلحة المسجد لا حرج فيها، وهكذا لو عملت فاصلاً بين الرجال والنساء، فأما إذا لم تكن لمصلحة فهي من الإسراف المنهي عنه إن لم تشتمل على زخارف.
فهذا فيما يتعلق بالستائر التي ليس فيها إشارة إلى شرك أو بدعة، بل لمجرد المنفعة المحضة التي لا يشوبها شر.
أما الستائر التي تحوي أموراً شركية وألفاظاً مخالفة للتوحيد فهذا منكر لا يجوز وقفه، ولا تركه، بل يجب إتلافه وهو من النهي عن المنكر المأمور به شرعاً.
وقد ذكر القاسمي أن بعض المساجد -في بعض البلدان- يوجد بها ستائر على زوايا المسجد، أو على جانب حائط، أو على عمود، ويزعمون أنها لمقام فلان، أو أنه كان يحضر حياً في هذا المكان، فيقدسونه لأجل ذلك، وربما تمسحوا به، وربما زعموا أنه قبره، وربما عبدوه من دون الله، نعوذ بالله من الشرك, ثم ذكر حوادث تؤيد قوله.
وذكر غيره: أن هذه الستائر تحوي كلمات فيها شرك كالاستغاثة بغير الله، فكل ما كان من هذا القبيل فلا يجوز تركه، بل يجب إزالته وإتلافه.
وصلى الله على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلم تسليماً كثيراً, والحمد لله رب العالمين.
التعليقات