استهداف المساجد.....ظاهرة تتضخم عالميا
د. زياد الشامي
حقيقة يمكن الجزم بها بمجرد الإطلاع على عناوين الأخبار في المواقع الالكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي التي تعج بحوداث الاعتداء على أماكن عبادة المسلمين ماديا ومعنويا حتى أضحت مادة يومية وخبرا روتينيا معتادا لا يثير أي ضجة أو حتى مجرد استنكار واستهجان .
يكفي دليلا على ذلك ما تناقلته وسائل الإعلام بالأمس عن حوادث الاعتداء على المساجد واستهدافها في شتى بقاع الأرض , حيث يمكن اعتباره نموذجا لتضخم ظاهرة ليست بالجديدة أو الحديثة وشاهدا على مدى تغولها وتحولها إلى عمل ممنهج وسياسة محددة الأهداف من قبل أعداء الإسلام .
البداية كانت من ألمانيا التي شهدت بالأمس اعتداء محموما على أربعة مساجد في مناطق مختلفة من البلاد , حيث كتب عنصريون عبارة "جميع الأجانب إلى الخارج. يعيش هتلر" على جدار مسجد "حاجي بيرم" بمدينة "هرنه" وسط ولاية شمال الراين – وستفاليا (شرق).
بينما رسم متطرفون آخرون صليبا معقوفا على جدار المسجد التابع للاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (DİTİB) خلال ساعات الليل.
وفي مدينة "آمبرغ" التابعة لولاية بافاريا (جنوب شرق) اعتدى أنصار تنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابي على مسجد "أولو" التابع أيضًا لـ"DİTİB". وكتب أنصار التنظيم شعارات سياسية على جدران المسجد حسبما أوردت وكالة الأناضول.
من جهة أخرى تعرض مسجد "يونس أمرة" التابع لاتحاد الأتراك الأوروبيين في مدينة "كاسيل" بولاية هاسين الألمانية لاعتداء بزجاجات حارقة (قنابل مولوتوف) وأسفر عن أضرار مادية في المسجد الكائن ضمن مبنى مركز محسن يازجي أوغلو الثقافي .
وفي الــ9 من مارس الجاري تعرض مسجد في مدينة "لاوفن" بولاية بادن فورتمبيرغ جنوب غربي ألمانيا إلى هجوم بزجاجات حارقة على يد مجهولين تبنته منظمة "بي كا كا" الإرهابية في وقت لاحق , كما أقدم مجهولون في ليل اليوم التالي على إضرام النار بمسجد "قوجه سنان" التابع لرئاسة الشؤون الدينية التركية في العاصمة الألمانية برلين.
ومنذ مطلع العام الجاري تعرض أكثر من 40 مسجدا في ألمانيا لاعتدءات مماثلة، وسط توقعات بوجود اعتداءات عديدة لم تُسجّل...وهو ما يعكس مدى تفاقم هذه الظاهرة ليس في ألمانيا فحسب بل في عموم دول القارة العجوز من غير أن تواجه من قبل الحكومات بشيء من الحزم أو الردع وهو ما يوحي بالتواطؤ أو بمنح الضوء الأخضر للاستمرار بها على أقل تقدير وهو ما يفسر ربما تنامي هذه الظاهرة وزيادة معدلاتها بدلا من انخفاضها وتراجعها لو تمت مواجهتها بالردع والحزم المطلوب .
وإذا انتقلنا إلى شرق وجنوب آسيا فظاهرة استهداف المساجد والاعتداء عليها وعلى أهلها تبدو أكثر وضوحا , فقد أعلنت الشرطة السريلانكية أمس أن مجموعة من البوذيين هاجمت مسجدا فى إقليم "ديجانا" ما أدى إلى وقوع أضرار مادية أصابت المسجد المذكور .
لا يختلف حال مساجد الروهينغيا في أراكان من حيث تعرضها للاستهداف والاعتداء عن غيرها بل ربما تكون الأسوأ حالا في الإقليم , فقد تعرضت للحرق والتدمير والتجريف من قبل حكومة ميانمار والمليشيات البوذية التابعة لها دون أن يكون هناك أي موقف دولي رادع
ويأتي واقع حال ما تتعرض له المساجد في الدول العربية والإسلامية التي يشكل فيها المسلمون أكثرية ساحقة كرد صاعق على من يظن أن حال المساجد في الدول الإسلامية أفضل حالا وأكثر أمنا وأمانا من غيرها , فما تعرضت له مساجد العراق والشام على يد المليشيات الصفوية وطاغية الشام خير شاهد على شمول الاستهداف جميع مساجد المسلمين أينما كانت .
لم يقتصر استهداف المساجد عموما على الاعتداء المعنوي والتخريب والنهب والهدم والحرق و و....المادي , بل تعداه إلى استهداف رواد المساجد والقائمين على أمرها من أئمة ودعاة ومؤذنين .
ففي صربيا تعرض نذير صالحوفيتش (63 عاما) إمام مسجد (حجي حرم) بمدينة "نوفي بازار" لمحاولة اغتيال فاشلة بعد أن تم ضربه أمس بشكل مبرح أثناء عودته من المسجد إلى بيته , لينقل على إثرها إلى المشفى حيث أكد الطبيب إصابة الرجل المسن بجروح في الوجه والرأس واليد والركبة وكسور في القفص الصدري .
تفاقم ظاهرة الاعتداء على المساجد في مختلف دول العالم لم تكن لتتسارع بهذا الشكل وتتضخم بهذه الوتيرة لولا الرضا والمباركة الضمنية من قبل الحكومات والدول المعادية للإسلام التي تحاول التظاهر بعكس ذلك دون أن تفلح أو تنجح من شدة وضوح تواطئها وانفضاح كذبها .
التعليقات