"الخطباء" برنامج يتيح للغزيّين اختيار خطباء المساجد ووضع ملاحظاتهم عليهم إلكترونيّاً
يمكن للغزييّن منذ بداية العام الحاليّ أن يختاروا الخطيب، الذي يرغبون في الاستماع إلى خطبته الدينيّة الإسلاميّة في صلاة الجمعة والتوجّه إلى المسجد الذي يتواجد فيه، من خلال الدخول إلى برنامج الخطباء، الذي أطلقته وزارة الأوقاف الدينيّة في غزّة بداية العام الحاليّ، إضافة إلى إمكانيّة انتقاد الخطبة نفسها أو أداء الخطيب في أحد المساجد في غزّة.
يستطيع أيّ مواطن غزيّ أن يدخل إلى الموقع وتقييم الخطيب من خلال الضغط على اسمه داخل قوائم الخطباء، وحسب تقسيم المحافظات في قطاع غزّة، وتقييمه في خانات النّجمات التي تبدأ بنجمة واحدة وتصنّف أداءه غير مقبول، أو نجمتين وتصنّفه مقبولاً، أو 3 وتصنّفه جيّداً، أو 4 وتصنّفه جيّداً جدّاً، أو 5 وتصنّفه ممتازاً. وإلى جانب الاسم، يمكن تقديم شكوى أو ملاحظة، وفيها يتمّ وضع اسم المرسل وعنوان الرسالة وموضوعها.
وأشار المدير العام للوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف الدينيّة بغزّة يوسف فرحات لـ"المونيتور" إلى أنّهم في الوزارة كانوا يتعاملون مسبقاً بنظام برنامج للخطباء من خلال توزيع الجداول بشكل ورقيّ عليهم، والتي كانت تتضمّن مواعيد خطبهم والمساجد التي يؤدّون خطبة الجمعة فيها، لكنّهم قرّروا في نهاية العام الماضي توسيع البرنامج على أن يكون إلكترونيّاً لتسهيل مهمّة كل الخطباء على مستوى محافظات قطاع غزة ومعرفة جداولهم في المساجد شهرياً، وإمكانيّة أن يشاهد تقييم الناس له، وقال لـ"المونيتور"يتيح البرنامج الفرصة للجمهور للتعرّف على السيرة الذاتيّة لكلّ خطيب وشهاداته العلميّة في الأصول الدينيّة".
ورأى يوسف فرحات أنّ البرنامج يعطي مؤشّراً قويّاً لوزارة الأوقاف لتكوين فكرة عن كلّ خطيب وإيصال أهداف الخطب الدينيّة الأسبوعيّة إلى الجمهور، لكنّه في حال تكرّر تقييم الخطيب من أكثر من مسجد بشكل سلبيّ، فسيقومون في الوزارة بتشكيل لجنة متخصّصة منها لمتابعة التقييم، في ظلّ مساعي الوزارة لتطوير أداء الخطباء.
وذكر أنّهم سبق لهم أن قاموا بتقييم عدد من الخطباء من خلال لجنة من داخل الوزارة، وبإخضاعهم إلى دورات متخصّصة بالشريعة والعقيدة الإسلاميّة لتحسين أداء خطبتهم، وقال: "إنّ البرنامج يحمل بعداً جيّداً، إذ أنّه يطوّر أداء الخطباء وكلّ خطبة عن الثانية أكثر. من خلال جعل المصلين يتفاعلون معه وسرد بعض القصص الدينية واستخدام اللغة العربية السليمة والبعد عن الحديث بالسياسية، وفي حال كان الخطيب ضعيفاً ولم يطوّر أداء الخطابة أو إقناعه للناس وتلقّينا ملاحظات حوله، فسيتمّ الاستغناء عنه بكلّ تأكيد، فلن يبقى في وزارة الأوقاف خطيب ضعيف".
وبحسب ما أطلعت دائرة الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف الدينية في غزّة "المونيتور"، هناك 1050 مسجداً في قطاع غزّة و1500 خطيب، ويبلغ عدد المساجد التابعة لوزارة الأوقاف 780 مسجداً، وتعمل الوزارة على إرسال خطيب إلى كلّ منها لإلقاء خطبة الجمعة ضمن مهامها، اما باقي المساجد فهي مسجلة في الوزارة لكنها تديرها بعض الأحزاب الإسلامية والتي ترسل هي الخطباء المنتمين لها.
من جهة أخرى، عبّر بعض الغزيّين بشكل إيجابيّ بعد إطلاق البرنامج، لا سيّما أنّ الكثير منهم كان قد انتقد مسبقاً عدداً من خطباء صلاة الجمعة بسبب خلط القضايا السياسيّة بالدينيّة، مثل اتّهام بعض الخطباء المقرّبين من حركة "حماس" سياسة السلطة الفلسطينيّة بالخيانة، في ظلّ التنسيق الأمنيّ مع الإسرائيلييّن والهجوم على بعض شخصيّات السلطة الفلسطينيّة، وكان مؤمن عوض (38 عاماً) من الذين انتقدوا، وقال لـ"المونيتور": "منذ كنّا صغاراً، تعوّدنا على أنّ خطبة الجمعة هي لتقديم دروس دينيّة وعرض قضايا المجتمع لتسيير حياتنا، لكنّ بعض الخطباء للأسف انحرف عن هذا المسار في خطاب الكراهية رغم وجود بعض التوعية من منظمات حقوق انسان في غزة لإزالة خطاب الكراهية. وإنّ وجود برنامج كهذا هو أجمل خطوة، إذ يضع الخطباء أمام مسؤوليّة مجتمعيّة تجاه الناس، ويتيح لنا نقد الخطبة لكي نشاهد خطباً تفيد مجتمع قطاع غزّة الذي يعاني من أزمات اجتماعيّة واقتصاديّة، وهو يحتاج إلى خطب تزيد من توحّده لمواجهة الظروف الصعبة".
وأشار مؤمن عوض إلى أنّه في حال وجد تقصيراً من قبل أحد خطباء الجمعة في الخطبة فسيقوم بتقديم شكوى. وإذا وجدها مفيدة فسيقيّم الخطيب بشكل إيجابيّ، داعياً الكثير من أصدقائه إلى دخول البرنامج والتقييم.
أمّا المواطن أحمد مهنّا (34 عاماً) فرأى أنّ الكثير من الغزيّين سيقومون بتقييم خطباء المساجد، لكنّ ثمّة من لن يضع اسمه الحقيقيّ لتخوّفه، لأنّه يلاحظ أنّ ثقافة الشكوى مغيّبة في المجتمع، خصوصاً في القضايا الدينيّة التي تعتبرها العادات والتقاليد القديمة من المعيب انتقادها كما يلاحظ عند غالبية الغزيين، وقال لـ"المونيتور": "بعضنا ينتقد خطباء صلاة الجمعة، لكنّ مساجد الضفّة الغربيّة أيضاً تتعرّض للانتقاد لأنّ خطباءها مقرّبون من السلطة الفلسطينيّة، خصوصاً في خطبة الجمعة التي تنقل على التلفزيون الفلسطينيّ الرسميّ كل جمعة من مسجد التشريفات داخل مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله ويؤدّيها قاضي القضاة الفلسطينيّ محمود الهبّاش، الذي هاجم سياسة الحكم في غزّة عدة مرات عبر منبر خطبة صلاة الجمعة".
بدوره، وجد المواطن محمّد النجّار (30 عاماً) تحسّناً في الخطبتين الأخيرتين لصلاة الجمعة في الأسبوعين الأخيرين داخل المسجد القريب من منزله في حيّ الشيخ رضوان بمدينة غزّة، وقال لـ"المونيتور": "في مسجد بئر السبع بمدينة حينا كانت الخطبتان الأخيرتان تصالحيّتين وإنسانيّتين جدّاً. وهنا، نلاحظ التغيّر بعد برنامج الخطباء، وأتمنّى أن تحمل الأيّام المقبلة ورشاً وندوات وخطابات دينيّة ذات توجّه ومضمون وطنيّ تصالحيّ".
من جهته، أيّد الخطيب والداعية الإسلاميّ رامز الحلبي فكرة برنامج الخطباء، لأنّه انتقد في الكثير من المرّات الخطاب السياسيّ على منابر المساجد يوم الجمعة، لأنّ الكثير من المصلّين لهم توجّهات وانتماءات سياسيّة مختلفة، موضحاً أنّه لا يجوز إجبار الخطيب المصلّين على تقبّل منظوره السياسيّ، وخطبة الجمعة يجب أن تكون لإجماع الأفرقاء والقضايا الإنسانيّة والدينيّة والاجتماعيّة التي تهمّ المواطن، وقال لـ"المونيتور": "إنّ خطيب الجمعة، الذي يتكلّم بمنظور سياسيّ قد لا يوفّق في اختيار المصطلحات والكلمات والمفردات ويرفقها بالشتائم، فيثير اشمئزاز عدد من المصلّين الذين يأتون إلى المسجد لتطييب قلوبهم بكلام الله ورسوله محمّد، لكنّي لاحظت منذ بداية العام أنّ هناك إجماعاً من كلّ خطباء المساجد حول الحديث عن قضايا صمود سكّان قطاع غزّة أمام أزماتهم وقضاياهم الحياتيّة المهمّة".
التعليقات