إذا جعل الشخص الذي أمامه سترة فقام ، فهل يتحرك إلى سترة قريبة ؟
السؤال : عندما أصلي خلف شخص آخر وأتخذه سترة ، فماذا أفعل إذا ترك المكان ؟ هل أتحرك للأمام أم أبقى كما كنت ؟ الجواب : الإسلام سؤال وجواب
الحمد لله
أولا :
السترة مستحبة في قول جمهور الفقهاء ، وذهب بعضهم إلى وجوبها .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/177) : " يسن للمصلي إذا كان فذا ( منفردا ) ، أو إماما أن يتخذ أمامه سترة تمنع المرور بين يديه , وتمكنه من الخشوع في أفعال الصلاة , وذلك لما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة , وليدن منها , ولا يدع أحدا يمر بين يديه ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم ) , وهذا يشمل السفر والحضر , كما يشمل الفرض والنفل .
والمقصود منها : كف بصر المصلي عما وراءها , وجمع الخاطر بربط خياله كي لا ينتشر , ومنع المار كي لا يرتكب الإثم بالمرور بين يديه .
والأمر في الحديث للاستحباب لا للوجوب , قال ابن عابدين : صرح في المنية بكراهة تركها , وهي تنزيهية , والصارف للأمر عن حقيقته ما رواه أبو داود عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما قال : ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة ) ، ومثله ما ذكره الحنابلة قال البهوتي : وليس ذلك بواجب لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء ) .
هذا ؛ ويستحب ذلك عند الحنفية والمالكية في المشهور , للإمام والمنفرد إذا ظن مرورا بين يديه , وإلا فلا تسن السترة لهما . ونقل عن مالك الأمر بها مطلقا , وبه قال ابن حبيب واختاره اللخمي .
أما الشافعية فأطلقوا القول بأنها سنة , ولم يذكروا قيدا .
وقال الحنابلة : تسن السترة للإمام والمنفرد ولو لم يخش مارا .
أما المأموم فلا يستحب له اتخاذ السترة اتفاقا ; لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه , أو لأن الإمام سترة له " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد ذكر أدلة القولين : " وأدلَّة القائلين بأن السُّتْرة سُنَّة وهم الجمهور أقوى ، وهو الأرجح ، ولو لم يكن فيها إلاَّ أن الأصل براءة الذِّمَّة فلا تُشغل الذِّمَّة بواجب ، ولا يحكم بالعقاب إلا بدليل واضح لكفى " انتهى من "الشرح الممتع" (3/277) .
ثانيا :
لا حرج في جعل الشخص المصلي أو الجالس أمامك سترة ، فإن ترك المكان ، ووجدت سترة قريبة كالجدار أو أحد الأعمدة ، أو مصليا آخر ، انتقلت إليها ، وتغتفر هذه الحركة ؛ لأنها لمصلحة الصلاة ، فإن لم يكن هناك شيء قريب ، أتممت صلاتك على حالك ، ورددت المار بين يديك .
جاء في "المدونة" (1/202) : " وقال مالك : إذا كان الرجل خلف الإمام وقد فاته شيء من صلاته فسلم الإمام وسارية عن يمينه أو عن يساره ، فلا بأس أن يتأخر إلى السارية عن يمينه أو عن يساره إذا كان ذلك قريبا يستتر بها , قال : وكذلك إذا كانت أمامه فيتقدم إليها ، ما لم يكن ذلك بعيدا , قال : وكذلك إذا كان ذلك وراءه فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلا , قال : وإن كانت سارية بعيدة منه فليصل مكانه ، وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع " انتهى .
والله أعلم .
___________________
التعليقات