مسجد أبو الحجاج.. للتاريخ قصة أخرى
الأقصر – محمد محروس:
"الله أكبر الله أكبر"، يسمع السياح صوت المؤذن يصدح من مأذنة تخترق معبد الأقصر الفرعوني، بينما أعينهم عالقة بمشاهد مسيحية منقوشة على أطلال كنيسة تعود للعصر الروماني بُنيت في أحد أروقة المعبد .
هكذا اجتمعت الحضارات الفرعونية والمسيحية والإسلامية في هذه الرقعة الصغيرة من أرض طيبة "الأقصر" شاهدة على تسامح المصريين واحتضانهم للحضارات المختلفة، حيث شيد أشهر مسجد في الأقصر وصعيد مصر فوق أطلال كنيسة رومانية بنيت في أحضان معبد الأقصر الفرعوني .
يروي الأثري محمود فرح، تاريخ هذا الأثر قائلا:" قبل نحو 3 آلاف عام بالتحديد سنة 1400 قبل الميلاد شيد ملوك الأسرتين الثامنة عشر والتاسعة عشر معبد الأقصر الفرعوني لعبادة الإله آمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو ما كان يعرف قديما بـ (ثالوث طيبة) ".
يضيف فرح :"ومع دخول المسيحية إلى مصر في القرون الميلادية الأولى شيدت فتاة رومانية قديسة تدعى تريزا، كنيسة في الجزء الشمالي الشرقي من المعبد الفرعوني لتتعبد فيها وتقيم الصلوات" .
يتابع فرح: "وبعد دخول الإسلام إلي مصر بنحو 6 قرون بالتحديد في العصر الأيوبي عام 658هـ، الموافق 1286م، شيد الشيخ السيد يوسف ابن عبد الرحيم المعروف بأبي الحجاج الأقصري القادم من بلاد المغرب العربي مسجده الشهير فوق أطلال الكنيسة التي بنيت في أحد أروقة معبد الأقصر الفرعوني حيث بنى المسجد بساحة المعبد على نسق المساجد الفاطمية القديمة ليزاحم التماثيل الفرعونية" .
ويشير فرح إلى أن المسجد يضم مئذنتين المئذنة الشمالية الأصلية شيدت علي الطراز الفاطمي، حيث تشبه مئذنة الجيوشي بالقاهرة والمئذنة الجنوبية التي بنيت في أوقات لاحقة علي نفس الطراز المعماري للمسجد وتقوم علي الأعتاب فوق الأعمدة الجرانيتية الأربعة بالمعبد والتي تشكل قاعدة غير ظاهرة لها وترتكز قاعدتها علي هذه الأعتاب وقد بنيت من الطوب اللبن بشكل مربع بينما يضم المسجد محراب بسيط الشكل يخلو من الزخارف كما يوجد ضريح صغير دفن فيه صاحب المسجد ويعلو الجامع صف من الشرفات المبنية بالطوب الأحمر .
وفي عام 2007 أثناء عملية ترميم المسجد من قبل المجلس الأعلى للآثار إثر نشوب حريق في أروقته، اُكتشفت الكتابات والزخارف الفرعونية التي تعود لعصر الملك رمسيس الثاني .
التعليقات