مسجد ومدرسة بورين بالضفة.. نار الاقتحامات وجحيم المستوطنات الأناضول

 
بين فكّي كماشة الاستيطان، تتربع قرية بورين جنوبي مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، بمساحة تصل لـ 360 ألف دونم، محاطة بثلاث مستوطنات إسرائيلية، يعد ساكنوها أكثر المستوطنين تطرفا في الضفة الغربية. "يتسهار" "براخا" "عروساه"، مستوطنات أحالت حياة الفلسطينيين في بورين لجحيم لا يطاق، بحسب حديث عدد من أهالي القرية لوكالة الاناضول. فمع ساعات الصباح الباكر، حطت أقدام فريق الأناضول على تلال القرية الخضراء، كانت أشعة الشمس تنساب على أشجار الزيتون واللوز وأزهار الربيع، إلا أن حقيقة المشهد لا تكتمل إلا ببيوت المستوطنين التي أقيمت على أراض مصادرة من القرية، لتصل نسبة ما تم مصادرته لصالح الاستيطان لـ 50%، بحسب ختام النجار، نائبة رئيس مجلس قروي بورين. تضيف النجار لوكالة الأناضول، خلال جولة في القرية:"مصادرة آلاف الدونمات من بورين ليست هي الكارثة الوحيدة التي حلّت على أهالي القرية، فمسجد القرية ومدرستها الثانوية، يعدان معلمين من معالم القهر والظلم الذي تمارسه إسرائيل على أصحاب الأرض". أمام مسجد "سلمان الفارسي" كانت المحطة الأولى لطاقم الأناضول، مسجد بني على أرض تبرع بها أحد أهالي القرية، وبني وسط طبيعة خلابة تأسر الناظرين، ترتفع مئذنته شاهدة على إصرار أهالي البلدة على بنائه، رغم قرار إسرائيلي بهدمه، وآخر بعدم إنارة مئذنته، بحجة أنها تسبب إزعاجا للمستوطنين في المستوطنات المحيطة بالقرية. وحول تلك القرارت تقول النجار:"صدر قرار إسرائيلي عام 2010 بهدم المسجد، لكن أهالي القرية رفضوا القرار، واستمروا ببناء المسجد، إلى أن رفع الأذان به". وبعد أن رفض أهالي القرية القرار متمسكين بحقهم بالمسجد، أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارا بمنع إضاءة المئذنة ليلا، وعدم رفع صوت مكبرات الصوت، لأنها تزعج المستوطنين حسب ادعائهم، كما أخطرت بوقف البناء في مخازن قيد الإنشاء مقابل المسجد، وهددت بهدمها وهدم المسجد في حال مواصلة العمل ببنائها، وفق النجار. ليس بعيدا عن المسجد المهدد بالهدم، تتربع مدرسة بورين الثانوية المختلطة، على مساحة تصل لـ55 دونما، صودر منها دونمين لصالح نقطة عسكرية إسرائيلية محاذية للمدرسة. لم تشفع حرمة المنشآت التعليمية لمدرسة بورين من الاستهداف المباشر لها، وواقتحامها بشكل متكرر، والتهديد بإغلاقها واعتقال مديرها، بحجة تعرض الجنود الإسرائيليين والمستوطنين لإلقاء الحجارة من قبل طلاب المدرسة. إبراهيم عمران، مدير مدرسة بورين الثانوية المختلطة أشار إلى أن المدرسة تعاني الأمرَّين بسبب المستوطنات المحاذية لها واعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي المتكررة، والتي يتخللها اقتحامات وإطلاق لقنابل الغاز والصوت داخل باحة المدرسة، دون مراعاة لحرمة المنشآت التعليمية ولا لوجود الطلبة الأطفال بداخلها. ويتذرع الجيش الإسرائيلي بتعرضه لإلقاء الحجارة من قبل طلبة المدرسة، الأمر الذي نفاه المدير، قائلا:"جنود الاحتلال والمستوطنون يتعمدون استفزاز الطلاب خلال الدوام المدرسي، أحيانا يتواجدون في محيط المدرسة، ويطلقون صفارات الإنذار، ويطلقون قنابل الغاز والصوت في باحة المدرسة ومحيطها، الأمر الذي يؤدي لاستفزاز مشاعر الطلاب، واندلاع المواجهات". ويشير مدير المدرسة في حديث للأناضول، إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدفه بشكل شخصي لذات الذريعة، حيث اقتحم منزله ست مرات، وحولته في إحدى المرات لمركز تحقيق مع طلاب المدرسة وفتية من القرية بتهمة إلاء الحجارة، كما اعتقلته لمدة يوم واحد للتحقيق مه حول إلقاء الطلبة للحجارة، وهددته بإغلاق المدرسة. وأضاف:"الاقتحامات المتكررة للمدرسة هي سياسة تتبعها سلطات الاحتلال بهدف ترحيل المواطنين من المنطقة وإغلاق المدرسة والاستيلاء عليها وتوسيع مستوطنة يتسهار، والدليل على ذلك مصادرة دونمين من أراضي المدرسة العام الماضي وأقاموا نقطة عسكرية فوقها، لحجج أمنية واهية، حيث أقيم برج عسكري عليها، يتواجد فيه الجنود قبيل وصول الطلبة للمدرسة، ويغادرون بعد انتهاء الدوام المدرسي". ويمضي قائلا:"مستوطنة يتسهار القريبة جدا من المدرسة والمقامة منذ ثمانيات القرن الماضي على أراضي القرية، تسهدف المدرسة بشكل كبير، فعلى الرغم من كبر مساحة المدرسة إلا أننا غير قادرين على بناء غرفة صفية واحدة، عدا عن افتقادنا لكثير من المرافق، لكن لا يسمح لنا بأي شيء". وأوضح عمران أن آخر بناء بالمدرسة يعود لما قبل اتفاق أوسلو عام 1994، أما بعد أوسلو تم تصنيفها ضمن أراضي (ج)، ومنذ ذلك الوقت نمنع حتى من إجراء بعض التحسينات كوضع مظلة تقي الطلبة من الأمطار أو أشعة الشمس". وذكر أن المدرسة التي بنيت الغرفة الأولى فيها عام 1950 مستهدفة منذ عشرات السنوات، حيث تعرضت للحرق عام 1980 من قبل المستوطنين إضافة لكتابة عبارات معادية لفلسطينيين وأهالي القرية على جدرانها. وتعرض عدد من طلبة المدرسة للاعتقال والإصابة خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في محيط المدرسة، أفرج عن عدد منهم فيما لا يزال أربعة يقضون أحكاما لعدة شهور بالسجون الإسرائيلية، بتهمة إلقاء الحجارة. ولتجنب الاحتكاك واندلاع المواجهات مع القوات الإسرائيلية المتواجدة بالقرب من المدرسة بشكل دائم، أشار عمران إلى أن الإدارة اعتمدت تقسيم فترة الاستراحة للطلاب على مرحلتين، بحيث لا يخرج جميع طلبة المدرسة في آن واحد خوفا من عمليات استفزاز لهم واندلاع مواجهات. يصف المدير مشاهد الاقتحام للمدرسة في إحدى المرات، ويقول:"اقتحم الجنود المدرسة وبدؤوا بإطلاق قنابل الغاز والصوت بشكل كثيف، وهددوني بأنهم سيطلقون النار على الطلاب بشكل مباشر إذا ما تم إخلاء المدرسة، الأمر الذي رفضه طالما بقي الجنود داخل باحة المدرسة، وحينها حضر أولياء الأمور واصطحبوا أبناءهم على دفعات". وبالإضافة للخطر المحدق بمسجد سلمان الفارسي ومدرسة بورين الثانوية، تهدد السلطات الإسرائيلية بهدم عدد من منازل المواطنين بالقرية بحجة إقامتها في أراض تابعة للسيطرة الإسرائيلية، كما تحرم العشرات من العائلات من الوصول لأراضيهم الرزراعية في المناطق المحاذية للمستوطنات، ما يجعلها لقمة سائغة وهدفا سهلا أمام أطماع المستوطنين، بحسب أهالي القرية.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.