إمام المسجد.. منارة المعرفة وطوق النجاة

سليمان : على الإمام أن يستغل إقبال المصلين على المساجد خلال رمضان ونفوسهم مهيئة لتقبل الخيرات لنشر سماحة الإسلام

·       العشري: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق وعدم التعنيف وسائل ضرورية للإمام

·       الشرقاوي: من مهامه إقامة أكثر من درس أسبوعي في المسجد في العقيدة والسيرة والفقه

 

أهل الباطل يتسابقون لخطف رمضان وهدم روحانيته وإفساد حلاوته سواء بالأعمال الفنية أو بالدعاوى للمجون وغيرها من المغريات التي تستهدف في المقام الأول الخسران المبين لأمة الإسلام في هذا الشهر الكريم.

والإمام هو حائط الصد الأول وعليه تقع مسئولية الحفاظ على هيبة رمضان وجلاله، وذلك بالحرص على أن نقدم برامج بالمساجد تكون بدائل مزاحمة لهذا الإعلام الملوث وإحياء دور المسجد وتفعيله، والعمل على اجتذاب المسلمين وعلى الأخص فئات الشباب للاستمتاع بفضائل هذا الشهر الكريم، باعتباره شخصية موثوقة بالحي الذي يقع به المسجد ، .. حول دور إمام المسجد ورسالته الدعوية والتربوية والثقافية خلال رمضان يدور هذا التحقيق.

سماحة الإسلام

في البداية يرى الشيخ عبدالتواب سليمان، إمام مسجد التقوى، وأستاذ السيرة بكلية أصول الدين بالأزهر، أن ما يلزم إمام المسجد خلال رمضان هي بعض النصائح للتذكير ليس إلا، مبديا قناعته التامة بقدرة أئمة المساجد على أداء شهر الغفران بأفضل ما يجب.

وأكد سليمان أن كما أن شهر رمضان هو شهر الصيام والقيام والصدقة ، وشهر القرآن والطاعة والعبادة ، فهو أيضاً شهر الدعوة والاحتساب خاصة لأئمة المساجد والجوامع ، معتبرا الشهر هو فرصة عظيمة لتزكية النفوس والتربية السليمة، وعلى الإمام أن يستغل الإقبال الكبير للمصلين على المساجد خلال رمضان للصلاة والتراويح والاعتكاف ونفوسهم مهيئة لتقبل الخيرات وعمل الصالحات ، لنشر سماحة الإسلام والحض على العمل والالتزام بآداب الإسلام وخلق الرسول صلى الله عليه وسلم، والتعلم والنهل من سيرة الصحابة والتابعين .

واعتبر الشيخ عبدالتواب أن تهيئة الإمام لنفسه أولا يكون بمثابة الفاتحة التي تيسر عليه تقبل الجميع له ، وعليه أن يتقي الله جل وعلا في السر والعلن وما تأتي وما تذر، والإخلاص في القول والعمل، مستشهدا بقول ابن الجوزي: " إنما يتعثر من لم يخلص"، وبالتالي على الإمام أن يخلص في نيته وإمامته ودعوته وصلاته ودعائه، والرجل كما قيل : إنما يُعطى على قدر نيته.

الاستعداد للدعوة

وأوضح إمام مسجد التقوى، أن أهم الوصايا التي يجب أن يعمل بها الإمام هي الاستعداد للعمل والدعوة في رمضان ـ، لافتا إلى أن ذلك عبء كبير لمن يحملون هم الإسلام، وعليهم الاستعانة بالله جل وعلا والتوكل عليه .، قال الله تعالى عن موسى عليه السلام وقد جاءه التكليف بالدعوة وتبليغ الرسالة : ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي*يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طـه:25،28).

أما الوصية الثالثة فقال فيها إن الإمامة أمانة.. باتقاء الله في أداء الأمانة بالحرص على أداء الصلاة في وقتها ، وعدم التخلف عنها إلا لعذر شرعي وإنابة من تبرؤ به الذمة حال الغياب الضروري، "فأنت قدوة في قولك وعملك فكيف تريد من الناس المحافظة على الصلاة وأنت لا تحافظ عليها أو تتخلف عن أدائها".، كما أوصى سليمان إمام المسجد بضرورة الاستعداد العلمي لرمضان بمعرفة أحكام الصيام والقيام والاعتكاف وزكاة الفطر وأحكام العيد والست من شوال، مرشحا عددا من الكتب الفقهية عن الصيام أو قراءة فتاوى العلماء الكبار في ذلك أو الملخصات الفقهية المعتمدة أو سماع الدروس العلمية التي تتحدث عن الصيام وأحكامه ومخالفاته، منها مجالس شهر رمضان للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ،أحاديث الصيام آداب وأحكام للشيخ عبدالله الفوزان، فتاوى رمضان لمجموعة من العلماء جمع أشرف عبدالمقصود، دروس رمضان لعدد من المشايخ، وغيرها.

أما الوصية الأهم فهي بتهيئة المسجد للمصلين بتطيبه والعناية بنظافته وتنظيم أثاثه والاهتمام بدورات المياه وصيانتها والحفاظ على محتوياته ، والعناية بالصوتيات والاعتدال في ذلك.

 

مكانة عظمى

وفي سياق مماثل اعتبر الشيخ حسن العشري إمام مسجد الاستقامة، وهو أحد أكبر مساجد محافظة الجيزة، ومدير إدارة المساجد بمديرية الأوقاف بالمحافظة، أن تكليف الإمامة يعني أنك تبوأت مكانة عظيمة، ومنزلة رفيعة بالتقدم لإمامة المسلمين في الصلاة، وتحملت مسئولية القيام برسالة المسجد العظيمة، فلابد وأن تكون أهل لذلك، فإنك محط أنظار أهل ومشعل هداية.. ومنبر خير.. ومصباح بر وإحسان، فالإمام إذا صلى، وأحسن الصلاة، وأتمها، كان له مثل أجر من صلى معه.

ونصح العشري، إمام المسجد بضرورة القراءة للمصلين في الوقت الذي يراه مناسباً لحال جماعته، مع ضرورة الاختصار مع التحضير للدرس والتعليق المفيد إن اقتضى الأمر.

وأوصى كذلك أئمة المساجد خاصة خلال شهر رمضان وفترة صلاة التراويح بضرورة إتباع السنة في صلاة التراويح والاقتصاد في الدعاء وعدم الاعتداء، محذرا من السرعة في الصلاة..  حيث قال أهل العلم : "إنه يكره للإمام أن يسرع بالجماعة سرعة تمنعهم من فعل ما يُسن فكيف بفعل ما يجب"..

واقترح العشري على أئمة المساجد بإتباع بعض الأنشطة التي تستهوي الشباب للمساجد خلال نهار رمضان ، منها هدايا رمضان، والتي تعتبر وسيلة مجربة وسهلة لتيسير التواصل مع المصلين، مع طرح المسابقات الهادفة لأهل الحي ومراعاة المراحل العمرية ووضع عليها جوائز رمزية وقيمة.

زيارة المقصرين

ومن الأعمال الهامة الموكلة للإمام في كل وقت وبالأخص خلال شهر الخير – بحسب العشري - هي زيارة المقصرين في بيوتهم لمناصحتهم عما هم واقعون فيه من ترك للصلاة أو تفريط في تربية البنين والبنات وغير ذلك من المخالفات .

وأوضح إمام مسجد الاستقامة أن الاستماع بالأساس للإمام والعمل بنصائحه يأتي إذا كانت دعوته للناس بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق وعدم التعنيف والحرص على هداية الناس، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم .. مستشهدا بقول الله سبحانه وتعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ... ) (آل عمران:159) وقال سبحانه: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125).

 

فرضية الصيام

أما الشيخ محمد صلاح الشرقاوي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فأكد على أن أهم رسائل إمام المسجد خلال رمضان هي تعريف المسلمين بقيمة هذه الفرضية في تحقيق المرتبة التي نادى الله سبحانه وتعالى عليهم بها ( يا أيها الذين آمنوا)، وذلك بالتطبيق العملي لمفهوم الإيمان قولا وعملا واتصافا .

كما اهتم الشرقاوي بضرورة الحديث عن صحة الصوم ومبطلاته وكيفية تجنبها ، والتأكيد على دور النية في إبطال الصوم من عدمه ، كالأكل والشرب عمدا بنهار رمضان ،  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ .

وأوضح أن من مهام الإمام في رمضان إقامة أكثر من درس أسبوعي في المسجد في العقيدة، والسيرة، والفقه، والسلوك، والآداب، بحيث يتم تنسيق أكثر من درس في الأسبوع، وتسند مهمة متابعة الدرس وإيجاد البديل لأحد الأخوة في المسجد حتى لا ينقطع الدرس، فيحرم الناس الخير.

أمراض الأمة

كما أكد على أهمية الحديث عن أمراض الأمة المبطلة للصوم ومعالجتها ، ثم الحديث عن التقوى بمفهوم الإسلام وعلى رأسها التحاكم للشرع ، وإيضاح الغاية من الصوم ، والحث على المداومة على الأعمال وإن قلت ، كما يجب على الإمام شرح الأحاديث والآيات القرآنية عن فضل صيام شهر رمضان ، وهي كثيرة ومنها  : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل : " كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدْمَ له إلا الصيامَ فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّةٌ ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرْفُثْ يومئذٍ ولا يَصْخَبْ، فإن سابَّه أحد أو قاتله فَلْيَقُل إني صائم والذي نفس محمد بيده لَخُلُوْفُ فَمِ الصائمِ أَطْيَبُ عند الله يوم القيامة من رِيحِ المِسْكِ. وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه " رواه الشيخان واللفظ لمسلم

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة باباً يقال له الرَّيَّانُ يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون فيقومون، لا يدخل منه أحد غير هم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد " متفق عليه

وغيرها الكثير من الأحاديث.

ومن الآيات القرآنية التي تعتبره شهر الصبر والدعاء : قال تعالى : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "

وقال تعالى عقيب آيات الصيام : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ".

وهو شهر فيه ليلة القدر ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل ألف شهر ، والمحروم من حرم خيرها ، قال تعالى : " لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ " ، روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم"

المقصد بحسب الشرقاوي، هو حث المسلمين على الصوم والاستفادة من الشهر الكريم .

كما أوصى الإمام بالاطلاع على مجموعة من الكتب منها كتاب السيرة دروس وعبر للسباعي بشرط أن يكون الإمام على خلفية جيدة بعلوم السيرة، أما الفقه فعلى الإمام قراءة كتاب تمام المنة للشيخ عادل عزازي فهو من أقيم الكتب أو فقه الإمام أحمد .

 

 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.