تلخيص أحكام الحج

 أحكام المناسك

1- تعريفه:
قال الشيخ في (العمدة 2/73): الحج معناه في أصل اللغة قصد الشئ وإتيانه ومنه سمي الطريق محجة لأنه موضع الذهاب والمجئ ومنه الحجة والحاجة. وقال بعض أهل اللغة هو القصد إلى من يعظم.
قال الشيخ: ثم غلب في الاستعمال الشرعي والعرفي على حج بيت الله فلا يفهم على الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد.
قال في (الفتح 3/482): في الشرع: القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة.
 
2- حكمه:
ركن، فرض، واجب؛ وبعض العلماء يفرِّق بين الفرض والواجب.
ونقل ابن المنذر الإجماع عليه، إلا أن ينذر نذرًا فيجب عليه الوفاء.
في مسلم عن أبي هريرة: خطبنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)). فقال رجل: أكلّ عامٍ يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا؛ فقال: ((لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم)).
دلَّ على أنه فرض وأن الأمر لا يفيد التكرار وأن النبي له أن يجتهد وكلامه شرع. وأن الأصل في أمره الوجوب والكلام مع الخطيب لمصلحة يجوز. قال في (الفتح 3/483): "أجمعوا على أنه لا يتكرَّر إلا لعارضٍ كالنَّذر".
 
3- حكم تاركه:
ذكر ابن رجب في (شرح الأربعين: 1/147): ذهب طائفة من العلماء إلى أن من ترك شيئًا من أركان الإسلام عمدًا أنه كافر. وروي عن ابن جبير ونافع والحكم، ورواية عن أحمد اختارها بعض أصحابه، وهو قول ابن حبيب من المالكية.
خرَّج الدارقطني عن أبي هريرة: قيل: يا رسول الله، آلحجُّ في كلِّ عام؟ قال: ((لو قلت نعم لوجب عليكم، ولو وجب ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم)).
قال المحقِّق: جاء عند عبد بن حميد عن الحسن مرسلاً، وعن ابن ماجه: ((ولو لم تقوموا بها عُذِّبْتم)). قال في التلخيص: "رجاله ثقات".
قال الحافظ: روي عن عمر ضربُ الجزية على مَنْ لم يحج، وعن أحمد رواية: أن ترك الصلاة والزكاة كفرٌ، دون ترك الصيام والحج.
روى الترمذي من طريق الحارث عن علي مرفوعًا: ((من مَلَك زادًا وراحلةً تبلِّغه إلى بيت الله ولم يحج؛ فلا عليه أن يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا)).
قال أبو عيسى: "غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده مقالٌ، وهلال بن عبدالله مجهولٌ، والحارث يضعَّف وله طرقٌ ضعيفة؛ لكن جاء عند البيهقي وسعيد بن منصور عن عمر: ((لقد هممت أن أبعث رجالاً))، وإذا جمعتَ هذا إلى ما قبله؛ علمت أن له أصلاً، ومحمله على مَنِ استحلَّ التَّرْك، وتبيَّن بذلك خطأ من ادَّعى أنه موضوع". قال ابن كثير [2/84]: (ومن كفر) عن ابن عباس ومجاهد: مَنْ جَحَدَ فريضة الحج. أما قول عمر؛ فعند الإسماعيلي عنه بسند صحيح.
 
4- متى فُرِضَ؟
سنة 9 للهجرة عند الأكثر، أو عند الشافعي سنة 6هـ، وقيل سنة 5هـ.
قال في (الفتح: 3/483): قيل فُرِضَ قبل الهجرة، وهو شاذٌّ.
والأظهر أنه فُرض سنة 9هـ، روايةً عن أحمد، ولم يحج النبي إلا حجةً واحدةً، أما ما جاء عنه أنه حجَّ حجَّتَيْن بعد الهجرة؛ فكلها منكرة، جزم بنكارتها أحمد والبخاري والترمذي".
 
5- هل هو على الفور أم على التراخي؟
اختلفوا على قولين:
1- على الفور، ومن قدر بماله وبدنه ولم يحج فهو آثم، وهذا مذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد، وهو قول أهل الظاهر.
2- على التراخي، وهو مذهب الشافعي ومذهب محمد بن الحسن؛ لأن الحج فرض سنة 6هـ، والنبي - عليه الصَّلاة والسَّلام - تأخر إلى عام 10هـ. واستدلَّ الجمهور بالعمومات، والأصل في الأمر أنه على الفور ما لم يصرفه صارف، وأن فرض الحج كان سنة 9هـ أو 10هـ، وعلى فرض أنه سنة 6هـ؛ لم يتأخَّر النبي إلا لأجل أن يتمحَّض الحج للمسلمين. واستدلوا بأحاديث الحثِّ على التعجُّل للحج؛ منها: (( مَنْ أراد الحجَّ فليتعجَّل))؛ رواه أحمد وأبو داود والبيهقي. 
 
ومن الأعذار في عدم المبادرة به: لأن مكة لم تُفتح يومئذ، أو حتى يستدير الزمان كهيئته، والأوامر الشرعية والفرائض على الفور، إلا قضاء رمضان فإنه موسَّع، ولأن المبادرة أبرأ للذمَّة. ورجَّح أنه على الفور شيخ الإسلام وابن القيم.
وقوله ((مَنْ أراد الحجَّ فليتعجَّل)): ليست الإرادة هنا على التخيير، مثل: ((مَنْ أراد الصلاة فليتوضأ))، ومثل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28].
ومما يدلُّ على الوجوب على الفوريَّة: أنه لو مات لأَثِمَ وقُضيَ عنه، فدل على أنه يبادر به لئلاَّ يأثم.
 
6- هل العمرة واجبة؟
- تجب بشروط الحج مرَّةً في العمر: مذهب الشافعي في قول، وأحمد في روايةٍ، مروي عن عمر وابنه وابن عباس وزيد، وقال به السعيدان وإسحاق وأهل الظاهر.
- مذهب مالك وأبو حنيفة، وقولٌ للشافعي، ورواية عن أحمد لا تجب؛ قول ابن مسعود وأبي ثور.
 
7- أسراره وحكمه وفوائده وفضله:
على الدعاة والمرشدين أن يخصِّصوا كلماتٍ ودروسًا في أسرار التشريع في الحج، ومقاصد الإسلام في هذه الشعيرة، والحِكَم المستفادة من قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28]؛ لأن معرفة الحكمة والفائدة والفضل تعمِّق الفَهْم في الشريعة، وتجعل الإنسان يغوص في المعاني ويعرف المقاصد، ويعمل بقناعة تامة بالنص.
 
8- أركانه:
1- الإحرام؛ وهو النية.
2- الوقوف بعرفة.
3- طواف الزيارة.
4- سعي الحج بعد الإفاضة أو قبله، وهذه اتفق عليها الأئمة الأربعة بالجملة.
الإحرام:
أي النية للنسك، هذا معلومٌ متَّفقٌ عليه.
الوقوف بعرفة:
{فَإِذَا أَفَضْتُمْ} [البقرة: 198]، ((الحجُّ عرفة)) وفي لفظ: ((عرفات))؛ رواه الخمسة من حديث عبدالرحمن بن يعمر الدَّيْلَمِي، وطواف الإفاضة بالإجماع: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29].
 
والسَّعي:
{إِنَّ الصَّفَا} [البقرة: 158]، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إن الله كتب عليكم السعي))؛ رواه أحمد والشافعي والبيهقي، عن حبيبة بنت أبي تَجْرَاة.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سنَّ لكم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الطواف بينهما، فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما. رواه البخاري ومسلم.
وعند ابن ماجه قالت: لعمري ما أتمَّ الله - عزَّ وجلَّ - نُسُكَ مَنْ لم يَطُفْ بينهما.
ومن أدلَّة ركنيَّة الإفاضة: حديث ((أحابستنا هي))؛ فدلَّ على أنه حابسٌ لمَنْ لم يأتِ به.
 
وطواف الزيارة:
من شرطه أن يكون بعد عرفة لا قبلها؛ لما في سياق آيات الحج في سورة البقرة، ثم قال في الحج: {ثُمَّ لْيَقْضُوا}. والسَّعي ركنٌ على المذهب، وقيل: يُجْبَر بدمٍ، وهو واجبٌ، وقيل سنَّة وهو أضعفها، والصواب أنه ركنٌ.
ذكر الشيخ في (شرح العمدة: 3/572) الفرقَ بين أركان الصلاة والحج؛ فقال: "مَنْ ترك أركانه لم يصح ولم يتمَّ حجه، لعذر أو غير عذر. أما أركان الصلاة فتجب مع القدرة وتسقط مع العجز، لكن في الحج تمكنه الاستنابة فيما عجز عنه، بخلاف الصلاة؛ فلا نيابة فيها".
قلتُ: وفُرِّق بين الواجبات فيهما؛ فترك الواجب عمدًا في الحج لا يبطله؛ بل على مَنْ ترك الواجب دم جبران، ومن ترك الواجب في الصلاة عمدًا بطلت، ولو أتى به.
 
9- واجباته:
يصحُّ الحجُّ بدونها، وهي بخلاف الركن، وهي:
1- الإحرام من الميقات المعتبَر له، والدليل: (( يُهِلُّ...))؛ خبرٌ يُراد به الأمر، وعند البخاري: ((فرض رسول الله لأهل المدينة...)).
2- الوقوف بعرفة إلى الغروب، وزعم بعض العلماء عدم الوجوب؛ لحديث عروة بن مضرِّس، والصحيح الوجوب إلى الغروب؛ لأن النبي مكث فيها إلى الغروب، مع أنه لو دفع بالنهار لكان أرفق وأوضح بالنهار، وتَرْكُهُ للأيسر يدلُّ على أن الأيسر ممتنعٌ، لحديث عائشة: ((ما خُيِّر رسول الله...))؛ رواه البخاري ومسلم، ولأنَّ الدفع قبل الغروب فيه مشابهةٌ للمشركين.
3- المبيت بمنى ليالي التشريق.
4- المبيت بمزدلفة ليلة النحر. 
 
ودليل المبيت بمنى: أنه رخَّص لعمِّه العباس أن يبيت بمكة ليالي التشريق لأجل السقاية؛ رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر، والرخصة مقابل العزيمة، وحديث: ((لتأخذوا عنِّي...)).
أما المبيت بمزدلفة: فقيل واجبٌ، وهو وسطٌ بين الرُّكن والسُّنة، ويُقاس على السُّقاة والرُّعاة مَنْ لهم اشتغالٌ بمصالح الناس العامة.
ويخطئ مَنْ يُلْزِم بالدَّم مَنْ بات خارجها ليلة واحدة، لكن لو كانت ليلتان - باعتبارهما جنسٌ - لكان له وجهٌ. والوجوب أصلاً فيه نظر، والدم على مَنْ ترك الواجب لا جزءًا منه، ولذا كان أحمد يقول: ((عليه قبضةٌ من طعام)). وقال بعضهم: عليه درهمٌ.
 
واستثناء السقاة والرعاة ليلة مزدلفة فيه نظرٌ؛ لأن الناس معهم رواحلهم، وهي لا ترعى ليلة مزدلفة. والجنود ورجال الإطفاء والأطباء لا يرخَّص لهم في ترك مزدلفة؛ لأنه أوْكَد بكثيرٍ من مِنى.
ووقت المبيت في مزدلفة إلى نصف الليل على المذهب، فيدفع حتى القادر، والصحيح أنه آخِر الليل.

5- الرمي؛ لحديث: ((بأمثال هؤلاء فارموا))، ولكونه عملاً يترتَّب عليه الحِلُّ، وحافظ عليه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يتركه.
6- الحلق أو التقصير؛ لفعله - عليه الصَّلاة والسَّلام - وعدم تركه، ولقوله: ((إن شاء الله محلِّقين)). قال العلماء: والتعبير عن العبادة بجزءٍ منها دليلٌ على وجوبه فيها.
7- الوداع: هكذا عدَّه كثيرون، والصواب أنه ليس من واجبات الحج؛ بل هو على مَنْ أراد السفر بعد الحج، ولو أطال المكث بمكة.
 
10- شروطه:
الإسلام، العقل، البلوغ، كمال الحرية، الاستطاعة، وتزيد المرأة بوجود المَحْرَم.
1- الإسلام: لا يصحُّ من الكافر ولا المرتد، ومثله من لا يصلي أو يسب الدين.
2- العقل: فلا حجَّ على مجنون ولا سائر العبادات، إلا الزكاة.
3- البلوغ.
فإن بلغ الصغير أو عِتْق الرقيق قبل الوقوف أو بعده وعاد ووقف؛ أجزأه عن حجة الإسلام.
وحج الصغير يصحُّ عند الجمهور؛ فإن عقد النية عن الصغير لا بأس به، ويجعله يلبي، وله أن يفسخ ولا كفارة عليه عند المحظور؛ لأن عمده خطأ، وهذا قول أبي حنيفة. ويفعل المناسكَ بنفسه، إلا ما يعجز عنه كالرمي. وفي الطواف يطوف به بنيَّة واحدة محمولاً، ولا يجعل البيت عن يساره، فيحمله كيف شاء.
 
4- كمال الحرية.
5- الاستطاعة: هي القدرة، والمراد بها عند الجمهور الزاد والراحلة. أما حديث الزاد والراحلة؛ فرواه الدارقطني والحاكم، وجاء عن ابن عمر عند الترمذي وابن ماجه وغيرهما، وجاء عن الحسن مرسلاً عند أبي بكر في "مصنفه" وابن جرير، وصوَّب البيهقي إرسالَه عن قتادة عن الحسن، يعني: جميع رواياته، وقال: لا أرى الموصول إلا وهمًا. وشواهده جميعًا ضعيفة، والصحيح منها مرسل الحسن؛ كما ذكره في التلخيص.
بعد قضاء الواجبات والديون والنفقات، ومن عليه ديونٌ فيه تفصيل، أما قولهم: على الدوام؛ فالمراد مدَّة ذهابه ورجوعه، وهذا رأي الجمهور.
عند الجمهور لا يصير مستطيعًا ببَذْل غيره له، وعند الشافعية نعم، والصواب الأول؛ إذ لا يلزمه تحصيل المال ليحجَّ، فما لا يتمُّ الوجوب إلا به فليس بواجب.
 
ومَنْ يؤخَذ منه مال للخفير - وهي خفارةٌ على المذهب - غير مستطيع، وعند الموفق: يجب عليه إذا كان المال يسيرًا.
القدرة على ثلاثة أقسام:
- بالمال والبدن، يجب عليه فورًا.
- قادرٌ بدنًا دون المال؛ فيجب عليه إذا استطاع الخدمةَ أو المشي.
- قادرٌ بماله دون بدنه، وله حالات:
* أن يُرجى برؤه؛ فليس له أن يستنيب؛ بل ينتظر حتى يبرأ.
* ألاَّ يُرجى برؤه؛ فعند الجمهور يجب عليه أن يستنيب أحدًا، وعند مالك لا يجب.
 
أحكام الإنابة:

1- هل ينوب عنه من بلده الذي وجب عليه الحج منه؟

المذهب: نعم؛ لأن القضاء بصفة الأداء.
والصواب قول الجمهور بعدم الوجوب؛ لأن السعي إلى مكة ليس مقصودًا بحدِّ ذاته.

2- يجوز حج الرجل عن المرأة والعكس؛ لحديث الخثعمية.
3- مَنْ لم يحج عن نفسه لا يحج عن غيره، على المذهب ومذهب الشافعية.
4- مَنْ حجَّ فقط له أن ينوب عن حجَّةٍ أخرى، ولو لم يعتمر، وكذا لو اعتمر ولم يحج.
5- ليس للصبي والعبد أن ينوبا عن أحد؛ لأنهما لم يُسقطا الفرض عن أنفسهما.
6- يصحُّ أن ينوبَ عن أحدٍ في عمرة، ثم يُحِلَّ، ثم عن آخَر في حجٍّ ويصير متمتِّعًا.
7- لا يُنيب إلا الحي العاجز أو الميت، أما الحي القادر فلا ينوب عنه في الفرض أحدٌ.
8- يُستحبُّ الأداء عن الوالدَيْن، لكن يقدَّم الأم، ويقدَّم فَرْضُهُ على نفلها.
9- النائب أمينٌ، يفعل الأصلح في النُّسُك والنفقة، ويردُّ الزَّائد.
أما المحرم للمرأة ففيه مسائل:
هل هو شرط لها؟
المذهب يقول نعم.
 
من هو المحرم؟
هو الزوج، ومَنْ تحرم عليه تحريمًا أبديًا وهم 7، أو بسبب مثل الرضاع مثلهم 7، أو بمصاهرة وهم 4: أبو الزوج، ابن الزوج، زوج البنت، وزوج الأم.
لابدَّ من مَحْرَمٍ موافق لها على السفر، ومن ماتت وهي غنية ولا مَحْرَم لها فلا يُحَجُّ عنها من تركتها؛ لأنه ما وجب عليها، وهو أصحُّ، وقيل: يُحَجُّ عنها من مالها.
 
شروط المَحْرَم ثلاثة:
1- الإسلام: فالكافر ليس بمحرم عند الأصحاب والصواب خلافه.
2- البلوغ.
3- العقل.
فإن بذلت المرأة لأحد محارمها مالاً؛ فلا يجب عليه أن يذهب بها، أما حديث: "انطلق فحجَّ مع امرأتك"؛ فلأنها شُرِعَتْ في السفر، ولا سبيل إلا بالسفر معها. ولو وافق مَحْرَمها ومنعها زوجها فلا تطيعه؛ لأنه وجب عليها.
 
11- المحظورات، وهي تسعة:
أولاً حلق الشعر:
قال تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا} [البقرة: 196]؛ وبقية الشعر قاسه العلماء على الرأس.
مَنْ حلق رأسه لمرض أو أذى فعليه الفدية؛ للآية ولحديث كعب، والفدية: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو شاة، على التخيير، وهذا قول الجمهور.
 
ومَنْ حلق رأسه لغير عذر فهو آثمٌ وعليه الفدية. هذا قول مالك والشافعي، وظاهر مذهب أحمد.
أما كدُّ الشعر فيجوز، وكذا حكُّه وسقوطه بسبب الوضوء والنوم، أو السهو إذا مسَّ لحيته فسقط منها شيء. علَّق البخاري عن عائشة ووصله مالك بسند جيد: أن عائشة أجازت حكَّ الرأس، وقالت: "لو رُبِطَتْ يداي لحككتُ برِجْلي". وابن عمر كان لا يرى بأسًا بالحكِّ؛ علَّقه البخاري ووصله البيهقي.
عند الشافعية والحنابلة: يجوز للمُحْرِم حلق شعر الحِلال. ولو نبت في عينه شعرٌ فآذاه قَلَعَه، ولا فدية عند الجمهور.
 
ثانيًا تقليم الأظافر:
هذا قول الجمهور، وحكاه ابن المنذر إجماعًا، وقال داود وابن حزم: لا شيء فيه. دليل الجمهور: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29].
عند ابن جرير، عن ابن عباس: التَّفَث: وضع الإحرام، وحَلْق الرأس، ولِبْس الثياب، وقصُّ الأظافر.
قال في "المجموع": "حك الرأس لا أعلم خلافًا في إباحته، حكى ابن المنذر جوازه عن ابن عمر وجابر وغيرهما، لكن قالوا: برفقٍ؛ لئلا ينتف شعرًا. نقل ابن المنذر الإجماع على أن المُحْرِمَ ممنوعٌ من أخذ أظفاره، وعليه الفدية عند أكثرهم".
 
فالشعر للرأس على ثلاثة أقسام:
1- إذا أخذ شعراتٍ لا يُعَدُّ حلقًا؛ فليس عليه شيٌء.
2- إذا حلق بعضه لعذر؛ فلا شيء عليه.
1. إذا حلق الرأس أو أكثر؛ فعليه فدية.
ثالثًا تغطية الرأس بمُلاصق، وله أقسام:
- وضع الحنَّاء والعسل والصمغ على الرأس جائزٌ بالنصِّ والإجماع، وهو التَّلْبِيد، جاء عن ابن عمر في البخاري، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
- أن يغطيه بما لا يقصد به التغطية؛ كحمل العفش، فذلك لا بأس به.
- أن يستره بما يلبس؛ فهذا حرامٌ بالنصِّ والإجماع.
- تغطيةٌ لكن لا تسمى لِبْسًا، ممنوعٌ لقوله: ((لا تخمِّروا رأسه))؛ رواه البخاري ومسلم.
- يظلِّل رأسه بتابعٍ كالسيارة، فالصحيح جوازه.
- أن يستَظلَّ بمنفصلٍ عنه كالخيمة؛ فهذا لا بأس به.
اختلفوا في الوجه بناءً على رواية مسلم، وقال ابن حزم: "لا يصحُّ للميت ويجوز للحيٍّ".
نقل النووي عن الجمهور جواز ستر الوجه للمُحْرِم، أما المرأة فتغطِّي رأسها ولا تغطِّي وجهها، إلا إذا خافت نظر الرجال. وجاء عن عثمان وزيد وابن عباس وابن عمر وجابر أنهم يغطُّون وجوههم، أو يُفتون بالجواز.
 
رابعًا لبس المَخِيط:
وهو كلُّ ما فُصِّل على عضوٍ، ولُبِسَ على عادته.
أما النعل - وإن كان فيها خيوطٌ - فهي جائزةٌ؛ لأن الشارع أجازها. والمرأة لها أن تلبس ما شاءت إلا التبرُّج والقفَّاز والنِّقاب، وتجوز لها الجوارب وتَحْرُم على الرجال، والرجل يَحْرُم عليه القفَّاز. بعضهم حكاه إجماعًا. وإذا لم يجد نعلاً أو إزارًا ولبس خفًّا أو سراويل - لبِسَهُما ولا فديةَ عليه، إلاَّ إذا لبس قميصًا فيفدي.
 
خامسًا الطِّيب:
حرامٌ باتفاقٍ؛ لحديث ابن عمر وصاحب الجبَّة، وفعل عائشة بالرسول - - - عليه الصَّلاة والسَّلام - - -، والذي وَقَصَتْهُ راحلتُه.
ذكر ابن القيِّم أن المُحرَّم على المُحْرِم شمّ الطِّيب للترفُّه واللذَّة، أما إذا وصلت الرائحة إليه فلا، أو إذا شمَّه بقصدِ استعلامه عند شرائه لم يُمنَع منه.
إذا تطيَّب قبل الإحرام وبقي أثره بعد النية؟

مستحبٌّ عند الإحرام. قول الجمهور، والسنَّة أوْلى، وعائشة ردَّت على ابن عمر في مسلم أنها طيَّبته بيديها، وهذا آخِر الأمرَيْن.
والطِّيب: هو ما أُعِدَّ للتطيُّب عادةً، وليست الروائح الزكيَّة منه، وكذا الصابون المعطَّر ليس طِيبًا؛ لأنه لا يُستعمَل على أنه طِيب.
قهوة الزعفران لا يشربها المُحْرِم إلا إذا بقيت لونًا.
 
سادسًا الصيد:
أجمعوا على منعه للمحرم في مأكول اللحم الوحشي، وتحرم عليه الإشارة إلى الصيد والدلالة. وأجمعوا على أن ما صاده المحرم لا يجوز أكله لأحد ولا لحلال؛ لأنه مَيْتَةٌ.
اختلفوا في صيدٍ من حلال؛ هل يأكله المُحْرِم؟
إن صاده لأجله حَرُمَ، وإن صاده له فأهداه للمُحْرِم جاز، وهذا جمعٌ بين الأدلَّة، ولحديث جابر: ((صيد البرِّ لكم حلالٌ))؛ رواه الخمسة. وهذا أظهر وأقوى.
 
لو ذكَّى المحرم الصيدَ أيضًا لا يجوز مثل قتله، وهو قول الجمهور.
الحيوان البري على ثلاثة أقسام:
- صيدٌ إجماعًا؛ ما كان كالغزال.
- ليس بصيدٍ إجماعًا ولا بأس بقتله؛ كالغراب.
- مختلَفٌ فيه؛ كالأسد والنمر.
أما الغراب فمطلقٌ قُيِّدَ في مسلم بالأبْقَع، وهو الذي فيه بياضٌ. أما الكلب العَقور فعند الجمهور: كل ما عَقَر الناس وعدا عليهم وأخافهم؛ كالأسد والنمر.
ومن قتل صيدًا خطأً أو نسيانًا اختلفوا فيه:
لا شيء عليه ولا فدية؛ قول ابن جرير روايةً عن أحمد وسعيد بن جبير وأبي ثور وداود، وروي عن ابن عباس وطاوس، وهذا قويٌّ من جهة النظر والدليل.
كلما قتل صيدًا وجب عليه الفداء بعدد قتله؛ هذا قول الجمهور؛ مالك والشافعي وأبو حنيفة.
 
الصيد على نوعَيْن:
ما له مِثْل من النُّعْم، والمِثْلِيَّة تقريبية عند الجمهور في الصورة والخِلْقة، أو ما ليس له مِثْل كالعصفور؛ فيقوم عند الجمهور. قاتل الصيد مُخَيَّرٌ بين الجزاء المِثْلِي أو الإطعام أو الصيام.
المثل له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: ما ورد فيه حكمٌ للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم - فنأخذ به، مثل: جَعَلَ في الضَّبْع كبشًا؛ كما رواه أهل "السنن".
الحالة الثانية: أن يتقدَّم فيه رأيُ عدلَيْن من الصحابة؛ فهذا يُؤخَذ بقولهم وحكمهم عند الجمهور، وعند مالك لا بأس بحكمٍ جديد، والأحسن الأخذ برأي الصحابة.
 
الحالة الثالثة: ألاَّ يتقدَّم فيه حكمٌ، فنأخذ بقول عدلَيْن أيضًا.
والصواب قول الجمهور من جَعْلِ المِثْلِيَّة في الصِّغَر والكِبَر والحجم.
الحلال إذا قتل صيدًا في الحرم المكيِّ عند الأربعة عليه الجزاء؛ كصَيْد المُحْرِم.
المدينة تدخل عند الجمهور في تحريم صيدها، واختلف الجمهور: هل فيه فدية؟
 
فيه جزاءٌ، وهو أخذ سلب قاتل الصيد أو قاطع الشجر فيه، وهذا أقوى؛ لحديث سعدٍ في مسلم، وهو عامٌّ ليس بخاصٍّ بسعد خلافًا للقرطبي، والحديث لا طعن فيه، والمُراد أَخْذُ ثيابه إلا سراويله، وهي لمن سلبه كالمقاتل.
الجمهور على إباحة صيدِ وَجٍّ.
- ما يعيش في البر والبحر الأحوط تحريمه.
- إذا صاد السمك داخل حدود الحرم؛ الصحيح أنه يجوز، خلافًا لمن حرَّمه.
- العبرة فيما صِيدَ بأصله؛ إما متوحِّش أو مُستأنَس.
- لا يَحْرُم صيد البحر ولا مُحرَّم الأكل؛ كالهر ولا الصائل.
- المُحْرِم لو غصب شاةُ وذبحها قيل بالتحريم كالصيد، وقيل: تحلُّ مع الإثم، وهو الصواب وعليه الضمان.
- لو اضطرَّ إلى الصيد؛ جاز له ذبحه والأكل منه.
- إذا شارك المُحْرِم حلالاً في الصيد؛ حَرُمَ عليهما.
- إذا دلَّ أو أعان الحلال؛ فإنه يحرم على الدالِّ المُحْرِم دون غيره.
- الجراد عند الجمهور من صيد البر، فيه الجزاء عند عمر وابن عباس؛ رواه البيهقي. وعن بعض الحنابلة: هو بحريٌّ؛ لحديث: ((الجراد من صَيْد البحر))؛ رواه أبو داود وضعَّفه.
سابعًا عَقْدُ النِّكاح:
عند الجمهور محظورٌ، واحتجوا بدليل عثمان في مسلم. وردَّ عمر نكاح رجلٍ تزوَّج وهو مُحْرِمٌ؛ رواه البيهقي، وجاء عن عليٍّ وزيد عند البيهقي. والمراد بالحديث: لا يزوَّج امرأة لا بولاية ولا وكالة.
والنهي للتحريم؛ فلو عقد لم ينعقد، والنكاح باطلٌ إذا كان المُحْرِم أي طرف، حتى لو كان الزوجان والولي مُحِلَّيْن.
 
هل يحلُّ عقد النكاح بعد التحلُّل الأوَّل؟
رواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام أنه يحلُّ؛ لأنه بعد التحلُّل الأوَّل لا يُطلَق عليه أنه مُحْرِم، لكن لو وقع لصار له مخرجًا من رأي شيخ الإسلام، لما فيه من المشقَّة. ولو عقد حالٌّ الإحرامَ ثم تزوَّج هو حلالٌ؛ فهذا وطءُ شبهةٍ؛ لابدَّ له من عقدٍ جديد والأولاد لهما. ولا فديةَ على مَنْ عقد النكاح.
وتصحُّ الرجعة؛ لأنها استدامةٌ لا ابتداء، مثل الطِّيب قبل الإحرام.
الأظهر تحريم الخِطْبة خلافًا لمن كرهها، وقوله مخالفٌ لظاهر النص، والقول بالتحريم مذهب ابن عقيل وشيخ الإسلام.
 
ثامنًا الجِماع:
لا خلاف أنه لا يُفسد الحج من المحظورات إلا الجماع، ولا خلاف أنه إذا جامع المُحْرِم قبل عرفات فإن حجه يفسد، وعليه إتمامه والقضاء والهَدْي، والهَدْيُ عند الجمهور بَدَنَة.
إن كان جماعه بعد عرفة قبل العقبة والإفاضة؛ فحجُّه فاسدٌ عند الجمهور.
إذا كان بعد العقبة قبل الإفاضة؛ فحجُّه صحيحٌ عند الجميع، لكن اختلفوا في الفدية.
اتفق العلماء على أن القُبْلَة واللَّمس والمفاخَذَة حرامٌ، لكن اختلفوا: هل عليه فدية أم لا؟
الحج الفاسد بجماعٍ يجب قضاؤه على الفور عامًا قابلاً لقضاء الصحابة، خلافًا لمَنْ قال: هو على التراخي.
الحكم على مَنْ جامع في الحج جاء في آثارٍ عن الصحابة، وليس منها شيءٌ مرفوعٌ صحيحٌ إلا ما جاء عند أبي داود في المراسيل والبيهقي، وهو منقطعٌ لا يصحُّ.
 
أما الصحابة: فقد روى مالكٌ بلاغًا عن عمر وعلي وأبي هريرة، وهو منقطعٌ أيضًا، وجاء عن ابن عباس في "الموطأ" وعند البيهقي، وعن عبدالله بن عمرو عند البيهقي وصحَّحه البيهقي.
إذا جامع مرارًا كفاه هَدْيٌ واحدٌ، وإن كفَّر لزِمَتْه كفَّارةٌ أخرى، وإذا جامع ناسيًا؛ فإنه عند الشافعي معذورٌ.

والجماع يحصل بإيلاجٍ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ، وله حالاتٌ:
- قبل التحلُّل الأوَّل، ويكون برمي جمرة العقبة وحدها عند كثير من العلماء، وقيل مع الرَّمي حلقٌ أو تقصيرٌ، فمن جامع قبل التحلُّل الأوَّل فعليه خمسة أمور: الإثم- فساد النسك- وجوب المضي فيه- وجوب القضاء- الفدية؛ وهي بَدَنَةٌ تُذبح في القضاء.
إفساد النسك هو رأي الصحابة، ووجوب المُضِيِّ فيه صحَّ عن عمر - رضي الله عنه.
- إذا جامع بعد التحلُّل الأوَّل؛ يجب عليه أن يخلع ثيابه ويُحْرِم ليطوف الإفاضة محرمًا، وعليه فديةٌ، وهي شاةٌ. 
 
أما المباشرة دون الفرج ففيها حالتان:
- إذا أنزل؛ فإنَّ حجَّه لا يفسد عند الجمهور، وقال مالكٌ بفساده.
- إذا لم ينزل. قال ابن قدامة: "لا نعلم أحدًا قال بفساد حجِّه".
والعادة السرية فيها الإثم، ولا فسادَ ولا فدية.
 
12- أمور ليست من المحظورات:
- إخراجُ الدم، وخروجه من الأسنان وغيرها.
- الترفُّهُ بالأكل والشرب وكثرة الاغتسال.
- تبديلُ ملابس الإحرام.
- شمُّ الطِّيب عمدًا أو بغير عمد.
- استعمالُ الصابون المطيِّب.
- تغطيةُ الوجه.
- كدُّ الشعر.
- حكُّ الرأس واللحية.
- إزالةُ الجِلد الجاف.
13- أنواع الأنساك:
تمتُّعٌ، قِرانٌ، إفرادٌ
دليلها؛ عن عائشة - رضي الله عنها -: "حججنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فمنَّا من أَهَلَّ بحجٍّ ومنَّا من أَهَلَّ بعمرة، ومنَّا مَنْ أَضهََّ بحجٍّ وعمرةٍ، وأَهَلَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – بالحجِّ"؛ رواه البخاري ومسلم.
قولها: "بالحجِّ" من حيث الأفعال، وإلا فهو قارِنٌ.
 
صفة التمتُّع:
أن يُحْرِم بعمرة في أشهر الحَجِّ ويفرغ منها، ثم يُحْرِم بالحج من عامه.
على الأُفُقِيِّ دمٌ للمتعة والقِران، وعكسه حاضرو المسجد الحرام، واختلفوا فيهم، أقربها أهل مكة وأهل الحرم، ولو امتدت بيوت مكة؛ كما وراء التنعيم، الدم الواجب عليهم هو شاة أو غيرها، يسمَّى هديًا، وله شروطٌ:
1- أن يكون من بهيمة الأنعام.
2- بلوغ السنِّ المعتبَر.
3- السلامة من العيوب، والهدي كالأضحية؛ لأن العيب لا يكون قربةً.
4- أن يكون في زمن الذبح فيه خلافٌ:
- لا يكون إلا في وقت الأضاحي، وهو يوم العيد وثلاثة أيام بعده.
- يجوز تقديم الذَّبح بعد الإحرام، فيذبح ولو قبل الخروج إلى مِنى؛ لأن الصيام يجوز أن يكون قبل الخروج إلى الحج مع أنه بدلٌ، فإذا جاز في البدل جاز في الأصل. هذا مشهورٌ عند الشافعية، والصحيح الأوَّل؛ لحديث: ((لا أُحِلُّ حتى أنحر))؛ رواه البخاري ومسلم.
5- أن يكون في مكان الهَدْي، وهو الحرم.
* إذا أتى بعمرة وسافر، هل عليه دم التمتُّع أم انقطع تمتَّعه؟
- إن السفر إلى بلده أو غيره لا يسقط الدم.
- إن السفر مسافة قصر يسقطه، سواء لبلده أم لغيره.
- إن سافر إلى أهله فإنه يسقط عنه الهَدْي، وإن كان لغير أهله فلا يسقط، وهذا مرويٌّ عن عمر وابنه - رضي الله عنهما. 
 
14- المواقيت
له مواقيتٌ زمانيَّة ومكانيَّة:
الزمانية: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]؛ شوال، ذو القعدة، عشرٌ من ذي الحجة.
المكانية: خمسة مواقيت، أربعٌ مُجمعٌ عليها عن النبيِّ - عليه الصَّلاة والسَّلام -، والمختلَف فيه هو ذات عِرْق.
والصواب أنها بتوقيت عمر واجتهاده؛ قول مالك والشافعي، ورجَّحه النووي، وجاء عند البخاري أنَّ عمر وقَّتها.
 
مسائل في المواقيت:
1- مَنْ كان مسكنه دونها؛ فميقاته مكانه.
2- أهل مكة يُهِلُّون منها، هذا في الحج بلا خلاف، أما العمرة: فالجمهور على أنه لا يُهَلُّ من مكة؛ بل يخرج إلى الحِلِّ. هذا قول الأئمة الأربعة، وحكاه بعضهم إجماعًا.
2- مَنْ مرَّ على مكانٍ لا ميقات فيه يُحْرِم بالمحاذاة بلا خلاف.
3- عند الجمهور أنَّ مَنْ جاوز الميقات ولم يُحْرِم: أن عليه دمًا إذا كان مُريدًا للنُّسُك. وأظهر الأقوال: أنه إن رجع فإن الدم يسقط عنه، وأنه إن أحرم بعد الميقات ثم رجع للميقات؛ فإن الدم يبقى عليه، أما ما جاء في "الموطأ" أن ابن عمر تجاوز ذا الحُلَيْفَة وأحرم من الفرع؛ فالجواب: أنَّ نيَّته طرأت بعد الميقات.
4- إذا مرَّ على ميقاتٍ وهو لا يريد النُّسُك: يجوز الدخول من غير إحرام؛ قول الشافعية، ورواية عن الأئمة الثلاثة، دليلهم قوله: ((مِمَّنْ أَرَادَ))، وأن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل عام الفتح وعلى رأسه المِغْفَر.
أمَّا مَنْ قال من المالكية أن هذا من خصائص الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهذا لا تنهض به حجَّة.
5- إذا أحرم من مكانٍ قبل الميقات: أكثر العلماء على الجواز، وحكاه بعضهم إجماعًا، وخالف داود فقال: "لا يجوز، والإجماع منعقدٌ قبله".
6- اختلفوا؛ أيهما أفضل: من الميقات أو قبله؟ والميقات أفضل؛ لفعل النبيِّ - عليه الصَّلاة والسَّلام - وفعل خلفاءه، مع فضل مسجده.
7- الإحرام قبل أشهر الحجِّ بالحج لا ينعقد؛ هذا مذهب الشافعي وأحمد. قال ابن عباس: "لا يُحْرِم بالحجِّ إلا في أَشْهُرِه". واتفقوا على أن الأعمال لا تجوز - بلا خلاف - قبل أَشْهُرِه.
8- أَشْهُرُ الحجِّ معها عشرٌ من ذي الحجة عند أحمد، لكن الله قال: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]، وأقلُّ الجمع ثلاثة؛ فيكون كل ذي الحجة داخلاً فيها، وهذا قول مالك، وهو الصواب.
 
15- الإحرام:
نيَّة الدخول في النُّسُك؛ لأنه يُحَرِّم عليه ما كان حلالاً، يقال: أحرم وأشتى إذا دخل في الشتاء.
مسائله:
1- ينعقد بالنية مع التلبية أو سَوْق الهَدْي؛ قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد وبعض المالكية. قاله الشيخ.
2- يُسَنُّ الاغتسال له لكلِّ مريدٍ للنُّسُك، حتى الحائض والنفساء؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر أسماء بنت عُمَيْس أن تغتسل لمَّا ولدت؛ رواه مسلم، وأمر عائشة أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض، وجاء أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تجرَّد لإهلاله واغتسل.
ولم ينقل عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه إلا الغُسْل للإحرام، عند دخول مكة، قبل الذهاب لعرفة. وما سوى ذلك لا أصل له ولا استحبَّه الجمهور، وإن كان قد ذكره طائفةٌ من متأخِّري أصحاب أحمد؛ بل هو بدعةٌ، إلاَّ أن يكون هناك سببٌ مثل الرائحة، فيغتسل.
3- على المذهب وعند الشافعية: يتيمَّم إذا لم يجد الماء، والصواب لا، فلا يُشْرَع، وهو مذهب الحنفية والمالكية، ورجَّحه ابن قدامة؛ لأنه غُسْلٌ غير واجب، فلم يجب عند عدمه التيمُّم كغسل الجمعة، والتيمُّم لا يحصل به التنظيف.
4- يُسَنُّ له التنظُّف وتقليم الأظافر وإزالة العانة والإبط إن احتاج، لكنه ليس من خصائص الإحرام، ولم يعرف عن الصحابة، وكذا لمصلِّي الجمعة.
5- يُسَنُّ التطيُّب، لكنه في البدن والشعر وليس في ثياب الإحرام. والطِّيب في البدن مباحٌ، فعله النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يأمر به.
6- التجرُّد من المَخِيط واجبٌ لا شرط، فلو أحرم وعليه ثيابٌ صحَّ باتفاقٍ، وعليه أن ينزع اللباس المحظور.
7- أن يُحْرِمَ في إزارٍ ورداءٍ أبيضَيْن نظيفَيْن، وله أن يُحْرِمَ بما شاء من الأنواع؛ من الصوف والكتَّان، والألوان.
8- أن يُحْرِمَ بعد أن يصلِّي ركعتين عند الجمهور، وعند شيخ الإسلام لا؛ إذ ليس له صلاةٌ تخصُّه، لكنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أحرم ولبَّى بعد الصلاة. واختلفوا: هل بعد الصلاة، أو لمَّا ركب، أو لمَّا علا على البيداء.
9- عند الجمهور يستحبُّ أن يقول: اللهم إني أريد النُّسُك الفلاني، ويقولون: هذا نطقٌ بالنيَّة معفوٌّ عنه. والصواب عند شيخ الإسلام: أنه لا يستحبُّ شيءٌ من ذلك، ولا كان النبيُّ ولا أحدٌ من أصحابه يتلفَّظ بالنُّسُك؛ بل لمَّا سألته ضُباعَة بنت الزُّبير أخبرها.
10- الاشتراط عند المذهب سنَّة. عند شيخ الإسلام: يستحبُّ لمن كان خائفًا وإلا فلا. فائدته: إذا عاقه عائقٌ أو حُصِرَ؛ فإنه يُحِلُّ ولا دمَ عليه.
11- التَّلبية: السنَّة فيها ملازمة تلبية الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإن زاد عليها لا بأس؛ لفعل الصحابة ولإقرار الرسول - عليه الصَّلاة والسَّلام. كان أنس يقول: "لبَّيْك حقًّا حقًّا، تعبُّدًا ورِقًّا"، وكان عمر يقول: "لبيك مرغوبًا ومرهوبًا، إليك ذا النعماء والفضل الحسن"؛ رواه أبو بكر.
12- معناها من أَلَبَّ إذا أقام؛ أي: أنا مقيمٌ على طاعتك، والتثنية هنا للتأكيد.
13- يُشْرَع الإكثار منها وعدم قطعها، ورفع الصوت بها للرجال، وهذا لا ينافي: {ادْعُوا رَبَّكُمْ} [الأعراف: 55]؛ لحديث السَّائب بن خلاَّد، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية))؛ رواه الترمذي.
14- يقطعها المعتمر إذا شرع في طواف العمرة، والحاج إذا رمى الجمار يوم العقبة.
15- تجوز بغير العربية.
16- يدعو بعدها ومعها، ويصلي على الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.
17- تخفيها المرأة، تُسْمِعُ نفسها.
18- لا تُكْرَه التلبية لحلال. قاله في "الرَّوْض"، وهو مذهب الحسن وإبراهيم وأصحاب الرأي. 
 
لبَّى بمعنى: أجاب، معناها: اتجاهي، قصدي إليك، مقيمٌ على طاعتك.
اختلفوا في حكمها على أربعة مذاهب، قال الحافظ: يمكن توصيلها إلى عشرة، أرجحها أنه سنَّة.
رواية أنسٍ في التلبية عند البخاري: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حمد الله وسبَّح وكبَّر، ثم أَهَلَّ.
- الحوادث ليست من أسباب الاشتراط؛ لأنها قليلة بالنسبة لكثرة الحجاج والسيارات، ومن الخوف: النفاس والحيض على قولٍ.
- حديث جابر: "كنَّا نصرخ بالتَّلبية صراخًا"؛  في مسلم، و: ((لا يسمع مدى صوته حَجَرٌ ولا مَدَرٌ ولا شَجَرٌ إلاَّ شهد له يوم القيامة"؛ رواه الترمذي.
- من ذهب لجدَّة وبعدها أراد الحج أو العمرة: إن كان الباعث له على السفر النُّسُك فيُحْرِم من الميقات، وإن كانت النية مشتركَة فيُحْرِم من جدَّة، وهو الأظهر.
- نقل ابن المنذر الإجماعَ على استحباب الاغتسال.
- من اعْتَمَر عن غيره أو حجَّ؛ حصل له أجرٌ؛ لأنه أحْسَنَ، والدعاء أجرُه للفاعل.
- لو اشترط خشية الحوادث لا يُنكر عليه، أما الاشتراط خوف الحيض فهذا مستمرٌ لا عارضٌ، وهو عند الصحابة، ولا يُعرف عنهم. 
 
16- دخول مكة:
- الأفضل أن يدخلها أوَّل النهار؛ لفعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ابن عمر في البخاري ومسلم.
- من أعلاها من الحَجُون، واختلفوا: هل هي سنَّةٌ مقصودةٌ أم لا.
- الدخول من باب بني شيبة، وهل هو مقصود أم لا.
- إذا رأى البيت رفع يديه ودعا، لكنَّ الأحاديث فيها نظرٌ، وأكثرها ضعيفٌ، ولم يذكر الواصفون لحجِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال شيئًا، والسنَّة أن يقول عند دخول الحرم ما يقول في أيِّ مسجد. 
 
- ويتجه للطواف مباشرةً، إلاَّ إذا صادف صلاةَ فرضٍ أو جِنازة أو نَفْلٍ لا يتمكن معها من الطواف.
- الطواف: يكون مضطبعًا من أول الطَّواف إلى آخِره في القدوم فقط.
- لا يبدأ بتحية المسجد إلاَّ إذا أراد الجلوس، لكن لو أراد الطواف فإنه يطوف بلا تحية.
- يجعل الحجر الأسود عن يساره، يحاذيه بكل جسده، ويخطئ من يسميه "الحجر الأسعد"؛ لأنه اسم تفضيلٍ، فيكون أسعد السعداء، وقد نزل من الجنة أشد بياضًا من اللبن؛ رواه أحمد والترمذي وقال: "حسنٌ صحيح". 
 
- الأفضل أن يقابل الحجر بكل بدنه إن تيسَّر؛ فإن لم يتيسر؛ فيجوز ببعض بدنه، كما اختاره شيخ الإسلام.
- يستلم الحجر الأسود في أوَّله، أما حديث: ((إن الحجر الأسود يمين الله))؛ فهو لا يصحُّ مرفوعًا؛ بل هو من قول ابن عباس، أخرجه عبدالرزاق، وعند ابن ماجه عن أبي هريرة. ويقبِّل الحجرَ، فإن لم؛ فإنه يشير إليه ويكبِّر.
- الإشارة في بدايته باليد اليمنى، ولا يكبِّر كالصلاة.
- الطواف سبعة أشواط كاملة، لا تقل ولا تزيد، ولا يدخل في الحِجْر أو الحطيم.
- يَرْمُل في الأشواط في القدوم، وهو مقاربة الخطا مع السرعة، وليس هو هزُّ الكتفين. والرَّمَل في كلِّ الأشواط بدعةٌ. وإن لم يستطع في بعضها واستطاع في الخامسة؛ فإنه لا يَرْمُل؛ لأنه سنَّةٌ فات محلُّها. 
 
- البُعْد مع الرَّمَل أوْلى من القرب بدونه.
- يستلم الحجر والرُّكْن كلَّ مرةٍ، إلا آخِر شوطٍ لا يستلم الحجر الأسود؛ لأنه في البداية لا النهاية. وبناءً عليه؛ فإنه لا يكبِّر. الركن اليماني يُستلَم؛ فإن لم يستطع فإنه لا يشير إليه، ولا يقول أيَّ ذِكْرٍ إذا استلمه.
- يقول بين الرُّكنَيْن: ((ربَّنا آتنا ...))؛ عن عبدالله بن السائب عند أحمد وعبدالرزاق وأبي داود. وجاء عند ابن ماجه: ((اللهم إني أسألك العفو والعافية))، لكنه ضعيفٌ. وله أن يدعو بما شاء أو يقرأ أو يسبِّح.
- إذا شكَّ في العدد بنى على الأقل، لكن إذا انتهى ثم شكَّ فإنَّه لا يؤثِّر.
- الاضطباع سنَّةٌ، خلافًا لمالك؛ حيث يقول: ليس بسنَّة.
- ذهب الجمهور إلى اشتراط الطهارة للطواف من الحَدَث والخَبَث وستر العورة، وهذا قول مالك والشافعي وأحمد. استدلُّوا بحديث عائشة - رضي الله عنها - في وضوء النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.
 
فإن قيل: هو فعلٌ؛ الجوابُ: إنه لازمٌ لقوله: ((خذوا عني))، وأنه تقرَّر في الأصول أنَّ فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا كان لبيان نصٍّ من كتاب الله فهو على اللزوم، ولذلك أجمعوا على قطع يد السارق من الكوع؛ لأن النبي قطعها من الكوع، وهذا بيانٌ لقوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]. واستدلُّوا بقوله لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج)). 
 
- طواف الوداع فيه قولان:
1- واجبٌ، وهذا قول الجمهور، وهو أظهر، وعليه دمٌ بتَرْكه.
2- سنَّةٌ. قول مالك؛ لأنه رخَّص بتَرْكه. لكنَّ الدمَ يحتاج إلى دليل.
3- طاف النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ماشيًا في القدوم وراكبًا في الإفاضة، هذا الجمع بين الروايات.
- صلاة ركعتين خلف المقام:
1- واجبتان. هذا وجهٌ للشافعي وقولُ مالك.
2- أنهما سنَّةٌ؛ قول الجمهور. 
 
- لو صلَّى في أيِّ موضعٍ صحَّ ذلك، لا يشترط عند الجمهور خلف المقام.
- رَخَّصَ في الصلاة بعد الطواف في كلِّ وقت جمهورُ الصحابة ومَنْ بعدهم؛ نقله الحافظ عن ابن المنذر.
- إذا أُقيمت الصلاة يقف ويصلِّي عند الأئمة الأربعة، وهذا عند بعضهم للصلاة المكتوبة، ويكمل من حين وقف، وإن قطعه لغير فريضة يعيد الشوط.
- الطواف أفضل للغريب، والصلاة أفضل لأهل مكة. هذا قول ابن عباس.
- كُرِهَ الجَمْع بين الأسباع في الطواف من غير فصل بركعتين، وهذا قول ابن عمر وأكثر أهل العلم؛ لكن جاء عن عائشة من غير كراهة.
- المرأة حُكْمُ سَتْرِها في الطواف كالصلاة.
- إذا اضطرَّت المرأة للإفاضة؛ فإنها تتحفَّظ وتطوف.
- الدعاء الجماعي لم يُنقَل عن السلف، لكن إذا كان بصوتٍ خافتٍ لتعليم مَنْ معه؛ فأرجو ألاَّ يكون به بأسٌ، وأخذ الأجرة عليه يجوز؛ لأنه من جنس أخذ الأجرة على تعليم القرآن.
- الذين يطوفون في السطح ويخرجون إلى المسعى، هؤلاء طافوا خارج البيت والمسجد، لكن للضرورة يُجزئ عنهم.
أحكام السعي:
- اختلفوا فيه، والصواب قول الجمهور أنه ركنٌ، لا يجبر تَرْكَهُ دمٌ.
- لا تُشترط له الطهارة من الحَدَث ولا الخَبَث ولا ستر العورة؛ مذهب الأربعة والجمهور.
- الترتيب شرطٌ عند الجمهور وخالف أبو حنيفة. نُسِبَ لابن حزم أنه يقول: الذهاب شوطٌ مع الرجوع، فيكون سعى أربع عشر، وهذا خطأٌ عليه. وابن حزم يرى الرَّمَل في الأشواط الثلاثة كما في "المحلَّى". وسأل ابن القيم شيخه عن هذا فقال: "ابن حزم لم يَحُج". 
 
- هل يصحُّ السعي قبل الطواف؟
* الجمهور ومعهم الأربعة، ونقل بعضهم الإجماع عليه: أنه لا يصحُّ السعي إلا بعد الطواف.
* عن عطاء وبعض أهل الحديث: يجوز السعي قبل الطواف؛ لحديث أبي داود، لكن قال عنه ابن القيِّم: "ليس بمحفوظ".
- قول الجمهور: أنه لا يصحُّ لو ترك منه خطوة.
- لو سعى أو طاف راكبًا صحَّ، خلافًا لمن قال إنه لا يصحُّ إلا لضرورة.
- عند الجمهور: لا رَمَل للنساء ولا سعيَ بين العَلَمَيْن، وخالف بعضهم، وهو وجهٌ عند الشافعية؛ أنه لا بأس بشروط.
- إذا صعد على الصفا يستقبل البيت ويكبِّر ثلاثًا ويهلِّل؛ كما في حديث جابرٍ - رضي الله عنه.
- حدُّ السعي إلى ممرِّ العربات. 
 
- يشترط أن يتقدَّمه طوافٌ، أما حديث: "سعيتُ قبل أن أطوف"؛ فهذا في الحجِّ، وهذا قول عطاء، وبعضهم أجازه مع الجهل والنسيان.
- الموالاة في السعي والطواف شرطٌ، وهذا أصحُّ، لكن لو حصل لأحدٍ حرجٌ فلا بأس؛ لأنه جاء عن بعض السلف.
- إذا انتهى قَصَر إن كان متمتَّعًا، أما المفرد والقَارِن؛ فلا يُحِلاَّن إلا يوم النحر.
فائدة: كان الصحابة إذا صعدوا على الثنية ورأوا الكعبة رفعوا أيديهم بالدعاء. والتسمية عند دخول المسجد فيها انقطاع. وإذا رأى البيت يدعو بما روى البيهقي عن سعيد عن عمر، أنه رآه يقول: "اللهم أنت السلام..."؛ سماعه منه ثابتٌ، كما هو الصحيح عند المحدِّثين.
وإن شاء رفع يديه كما قال ابن عباس: "تُرْفَع الأيدي في سبعة مواطن ..."، ومنها: "...إذا رأى البيت".
السنة التكبير مرةً في الطواف والبسملة عن ابن عمر، والتكبير حتى في آخِر شوطٍ؛ لحديث جابر عند أحمد، وفيه ابن لهيعة.
إذا أقيمت الفريضة لا تجزئ عن ركعتي الطواف.
 
وتكبيرات الطواف ثماني تكبيراتٍ قبله وبعده، وأهل مكة يرملون، والتكبير عند كل شوطٍ سنَّة، لو مضى لا شيء عليه.
"مَنْ طاف بالبيت خمسين مرَّة؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"؛ رواه الترمذي، رَفْعُهُ ضعيفٌ، صحَّحه البخاري موقوفًا.
وجاء عن ابن عمر مرفوعًا: ((مَنْ طاف بالبيت أسبوعًا؛ كأنما أعتق رقبةً، ولم يَخْطُ خطوةً إلا رُفِعَ له درجة وحُطَّتْ عنه خطيئة)).
 
17- صفة الحج:
- يُحْرِمُ ضحى اليوم الثامن؛ يوم التَّرْوِيَة.
- الصواب أنه يُحْرِمُ من مكانه الذي هو فيه، لا من تحت الميزاب ولا من عند الكعبة.
- لو أحرم من الحِلِّ أجزأ، لكنه لا ينبغي.
- المبيت بمِنى ليلة 9 سنَّة/ ويبقى يوم 8، فيها يصلِّي كلَّ صلاةٍ وحدها مقصورةً بلا جَمْع.
- إذا طلعت الشمس يوم 9 يذهب إلى عرفة، وينزل في نَمِرَة، فإذا زالت الشمس ركب إلى عرفة ونزل بها، هكذا فعل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -  وخطب الناس، وقرر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – في خطبته تلك: 
 
1- أن ربا الجاهلية موضوعٌ.
2- أوصى بالمرأة.
3- ذكر حرمة الدماء والأموال والأعراض.
- ثم أذن بلال وأقام وصلى الظهر، ثم أقام وصلى العصر؛ فدل على أنها ليست صلاة جمعة؛ لأنه قدَّم الخطبة على الأذان، وجمع بين الظهر والعصر؛ فدل على أن المسافر لا يصلِّي الجمعة.
- ثم وقف بعد الصلاة موقف عرفة للدعاء، مستقبلاً القبلة، وله أن يجلس أو يركب؛ ينظر الأرفق به، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان راكبًا.
- وينبغي الصلاة مع الإمام الأعظم وسماع الخطبة ولو عن طريق الإذاعة، فإن لم يستمعوا يُشْرَع لهم أن يخطب لهم أحدهم؛ يعلمهم.
- لو لم يجمع فلا بأس، لكنه السنَّة. 
 
- صعود الجبل تعبُّدًا بدعة؛ أما للتفرُّج فهو جائزٌ إلا لقدوة فلا، إلا إذا كان للإرشاد.
- ويُكثر من الدعاء، وينوِّع بين الذكر والدعاء، ويرتاح قليلاً لئلا يمل، والإنسان طبيب نفسه في هذا المكان، قد يكون أنفع لقلبه توزيع الصدقات، لكن يغتنم آخِر النهار بالدعاء.
- لو دعا شخصٌ وأمَّن معه عددٌ؛ إذًا كان أنفع لقلوبهم، لا بأس ولا مانع منه، لكن الأفضل أن كلَّ شخصٍ يدعو لنفسه.
- من أُغميَ عليه قبل عرفة ووقف به، ثم انصرفوا به وهو مغمى عليه؛ على المذهب لا يصح وقوفه، والصواب أنه يصحُّ.
- ينتهي وقت الوقوف بطلوع فجر يوم النَّحْر.
- قول الجمهور أن أهل مكة يتمُّون الصلاة في المشاعر كلِّها، خلافًا لمالك.
- إذا صلُّوا دخل وقت النهي بلا نزاع. 
 
- السنة في عرفة الفطر، وذهب بعض العلماء إلى الوجوب.
- ثم إذا غربت الشمس ذهب إلى مزدلِفة بسكينةٍ ووقار، ولا يصلي إلا بها، إلا إذا خشيَ خروج وقت العشاء.
- إذا وصلوها أذَّنوا وصلوا المغرب، ثم حطوا رحالهم، ثم صلوا العشاء بإقامتَيْن؛ فدلَّ على جواز التفريق بين المجموعتين، وأن الإنسان يصلِّي متى ما وصل، إما جمعَ تقديمٍ أو تأخيرٍ. إن صلى قبل مزدلفة أجزأته، وتَرْكُ السنَّة عند الأربعة وعند ابن حزم لا يصح.
- ثم يبدأ وقت الوَتْر لمن أراد أن يُوتِر. 
 
- ثم ينام ليتقوَّى على أعمال يوم النَّحر؛ إذ هو يوم الحجِّ الأكبر؛ ففيه أكثر أعمال الحج. ولا يلزم من المبيت النوم؛ بل المراد المكث، مثل الوقوف بعرفة؛ لا يلزم أن يكون على القدمين.
- الضَّعَفة ومن معهم له أن يدفع معهم آخر الليل بعد مغيب القمر.
- اختلفوا في وتره قيل أوتر ولم يحيي الليل وقيل بل صلى كما كان قد اعتاد.
- يصلي الصبح في أوَّل وقتها، ثم يقف يدعو حتى يسفر جدًّا، ثم يذهب إلى مِنى.
- مَنْ كان مع الضَّعَفَة وهو قويٌّ؛ فإنه لا يرمي حتى تطلع الشمس، أما حديث ابن عباس: ((لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس))؛ فهذا أنكره البخاري وقال: "مضطربٌ"، وفيه شذوذٌ عند أبي داود. وإذا رمى حتى الضعيف جمرةَ العقبة قبل منتصف الليل ليلة النَّحر - لم يصح إجماعًا. 
 
الذهاب إلى مِنى فجر يوم النَّحر:
1- يَلْقُطُ الحصى من أي مكان لرمي جمرة العقبة. والجمرة: هي الحصاة، أو من التجمير: وهو الاجتماع.
2- الحكمة منه طاعة الله والاقتداء بإبراهيم ومحمد - عليهما الصلاة والسلام. روى أبو داود والترمذي عن عائشة مرفوعًا: ((إنما جعل الطواف بالبيت...)).
3- هي سبعٌ لكلِّ جمرة، من ترك واحدة كأنما ترك الجميع، أما مَنْ رخَّص في أقل؛ فهذا مخالِفٌ، وحديث سعد: "كنا نرمي مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعضنا بـخمسٍ وبعضنا بـستٍّ، ولم يعب بعضنا على بعض"؛ فهذا رواه البيهقي، وهو منقطعٌ؛ مجاهدٌ لم يسمع من سعد.
4- الحصاة تكون بقدر حبة الحمُّص أو الفول.
5- أفضل موقفٍ لرمي العقبة: أن تكون مِنى عن يمينه ومكة عن يساره، وكلٌّ جائزٌ.
6- الرمي ليلاً جائزٌ؛ قول مالك والشافعي، ورأي ابن عمر. روى أبو بكر في "مصنفه" عن عبدالرحمن بن سابط: "كان أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يرمون ليلاً"؛ وسنده صحيحٌ. 
 
- وإذا وكلت المرأة بالرمي وهي قادرةٌ؛ فإن كانت في الحج فعليها أن تعيد وترمي بنفسها. أما مَن احتجَّ بالرمي عن النساء مطلقًا بحديث جابر عند ابن ماجه: "حججنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -  معنا النساء والصبيان، فلبَّيْنا عن الصبيان ورمينا عنهم"؛ ففيه أشعث بن سوَّار، متروكٌ، لكن العمل عليه لكن بشروطه، وهو أنها لا توكِّل إلا متلبِّسًا بنُسُكٍ، عند الأربعة.
7- لا بأس بالرمي عنه وعمَّن وكله في موقفٍ واحد.
8- لا يجوز الرمي أيام التشريق إلا بعد الزوال؛ لفعل النبي، وتأخيره الظهر في شدَّة الحرِّ. ومَنْ أجاز إنما أجاز الرمي يوم النَّفْر، وهذا مذهب أبي حنيفة وإسحاق. 
 
9- يجب الترتيب في رمي الجمار؛ يبدأ بالصغرى، ثم يسهل قليلاً عن اليمين ويستقبل القبلة ويدعو، ثم اليسرى ويقف عن يسارها، ثم يقف ويدعو طويلاً. إن لم يرتِّب لا يجزئه عند الجمهور، لكن يسقط بالجهل والنسيان في كلِّ ترتيبٍ في الشريعة.
10- المطلوب الرمي لا وضعها؛ فلابدَّ من وقوعها في نفس المرمى، ولو وقعت في مجمع الحصى ثم تدحرجت جاز، خلافًا لمن منع.
11- لو رمى بحصاةٍ رُمي بها أجزأته.
12- الحلق يوم النحر أوٍْلى وأفضل من التقصير، ويحلق بيده أو يكلف أحدًا بالحلق.
13- فإذا رمى الإنسان وحلق؛ ((فقد حلَّ له كلَّ شيءٍ إلا النساء))؛ رواه أحمد وابن خزيمة عن عائشة. وقال بعض العلماء: إنه يحلُّ بمجرد الرمي؛ هذا رواية عن أحمد وداود: ((إذا رميتم فقد حلَّ لكم كلَّ شيءٍ))؛ وضعفه أبو داود.
14- لا يشترط أن يطوف طواف الإفاضة يوم النَّحْر؛ بل له تأخيره إلى يوم الوداع، لكن ينوي الأكبر ويُدخل فيه الوداع.
وقد نقل النووي الإجماعَ على أن يوم النحر لا يُشترط فيه الإفاضة لمن أراد أن يُحِلَّ، وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا أُحِلُّ حتى أَنْحَرَ)). وخالف الألباني في هذا؛ فيرى أنه إن لم يَطُفْ يوم النحر يعود حُرُمًا كما كان؛ لحديثٍ جاء عند أبي داود، وهو معلولٌ، ضعَّفه غير واحد؛ منهم ابن حزم، وقال البيهقي: "لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به"؛ ((فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حُرُمًا كحرمتكم قبل أن ترموا حتى تطوفوا به))؛ رواه أحمد، وهو شاذٌّ. 
 
15- ثم يبقى في مِنى، يصلي الظهر في وقتها قَصْرًا والعصر كذلك، وكل جماعة وحدها بأذانٍ وإقامة، لا يجب على كل مصلي أن يذهب لأي جماعة إلا إذا كان منفردًا. ويبقون في مِنى، وتسمى هذه أيام التشريق؛ لأنها يشرق فيها اللحم، وهي أيام أكل وشرب، ولا يحلُّ صومها إلا لمن لم يَجِدِ الهَدْي.
16- ويبيت بمِنى وجوبًا، ويكفيه أكثر الليل.
17- مَنْ لم يجد مكانًا فليذهب لأي محلٍّ؛ لأن الواجب يسقط مع العجز، ولا واجب إلاَّ مع القدرة، وهذا غير قادر، والرصيف لا يليق بالبشر، وفيه كشفُ عوراتٍ وتضيق الأمكنة وتعريضٌ للخطر؛ فلهذا يسقط عنهم المبيت، ولهم الذهاب لأيِّ محلٍّ، ولا يُشترط اتصال الخيام، ولا يجب عليهم الاستئجار.
18- يرمي الجمار كل يوم: يأتي للصغرى ويجعلها عن يساره ويستقبل القبلة ويرمي، ثم يتقدم ويقف طويلاً للدعاء، ثم الوسطى، ثم العقبة، ولا دعاء بعدها. 
 
19- مَنْ أراد التعجُّل يوم 12 فله ذلك، لكن يخرج من مِنى قبل الغروب، ومَنْ أدركه المساء فيلزمه البقاء، وهذا رأي عمر عند البيهقي ومالك. لكنَّ مَنْ حبسه السير فغربت عليه الشمس وهو في مِنى - جاز له أن يغادرها.
20- طواف الوداع يسقط عن الحائض، أما المريض فيُطاف به أو يوكِّل أحدًا يطوف عنه. ولابدَّ أن يكون آخِر أعمال الحج، ومن الخطأ أداء طواف الوداع ثم الذهاب لرمي الجمار.
وانتظار الرفقة - ولو طال - لا بأس به، ولا يقطع الوداع، لكن لو اشترى شيئًا للتجارة أو نوى الإقامة انقطع الوداع، ولو اشترى لأهله شيئًا أو لنفسه فلا يقطع الوداع، وإذا كان الوداع والإفاضة ولو كان بعده سعي الحج آخِر يومٍ - يجزئ عن الوداع.
21- يقف عند الملتزَم ويلصق وجهه وصدره وذراعيه، وكفيه مبسوطتين. صحَّ عن ابن عباس عند عبدالرزاق، وهذا عند القدوم والوداع، لا فرق عند الصحابة؛ ذكره شيخ الإسلام في مَنْسَكِه. 
 
مسائل متفرقة
* قول الجمهور تحريم المرور بين يدي الإمام والمنفرد في المسجد الحرام، وهو قول ابن عمر وأنس، ورجَّحه ابن عثيمين.
ذهب بعضهم إلى الجواز روايةً عن أحمد، ورجحه ابن باز - رحمه الله. والمنع أوْلى إلا إذا صلى في الطرقات أو عند الدَّرَج أو في المطاف.
* التكبير في عيد الأضحى للحجاج من بعد صلاة الظهر إلى عصر آخِر أيام التشريق، ولغير الحجاج من صلاة الفجر يوم 9 حتى عصر آخِر يوم من أيام التشريق، بعد كل فريضة، في المسجد أو غيره.
* التعريف بغير عرفة - الاجتماع المعروف في العصر في البلدان عصر يوم عرفة - رخَّص فيه ابن عباس وأحمد، وكرهه بعض السلف.
 
* من خصائص مكة المكرمة:
- أنها أفضل من المدينة عند الجمهور؛ لتفضيل الصلاة فيها، ووجود المشاعر ومقام إبراهيم وزمزم، وأنها لا يدخلها الدجَّال.
- ولا يقرب المسجد الحرام مشركٌ.
- لا ينفر صيدها ولا يقطع شجرها، وهذا على نوعَيْن: ما أنبته الآدمي؛ فلا بأس بقطعه. وما نبت بنفسه؛ فلا يجوز قطعه إلا الأخضر.
- أن مضاعفة الصلاة فيها لكل صلاة؛ أما باقي الحسنات فلم يَرِدْ فيها فضلٌ، أما السيئات فتعظم بالكيفية والجُرْم والكَمِّ.
- لا تلتقط ساقطتها ولقطتها؛ لأنها لا تملَّك.
- لا بأس بإقامة الحدِّ في الحرم والقصاص، والممنوع هو القتال.
- لا تشدُّ الرِّحال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد: مسجد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - والمسجد الحرام والمسجد الأقصى في القدس.
- لا بأس بإخراج تربتها وحجارتها منها بلا كراهة. 
 
* ماء زمزم مباركٌ؛ ((طعام طُعْمٍ)) عند مسلم، ((وشفاء سقمٍ)) عند غيره، وجاء عند أحمد وابن ماجه عن جابر: ((ماء زمزم لما شُرِبَ له)).
- وهو شفاءٌ من أمراض معقََّدة عرفت عند الأطباء.
- ويُجْلَس عند شربه؛ لأن الجلوس له سنَّة، أما الوقوف فلسببٍ، ولم يَرِدْ استقبال القبلة.
- وجاء عند ابن ماجه بسندٍ ضعيف: ((أن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلَّعون من ماء زمزم)).
- وله أن يغتسل به ويتوضأ ويزيل النجاسة؛ أما قول العباس: "لا أحلها لمغتسلٍ"؛ فهذا إن صحَّ فليس بشرعٍ، إنما يَمنع باعتبار أنه الساقي.
- أما حمله؛ فقد جاء عند الترمذي: أن عائشة كانت تحمل معها ماء زمزم، وتُخبر أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يحمله.
- لا بأس أن يغسَّل به الميت.
 
* في مصنفات الحج: يجعلون زيارة المدينة وقبر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في نهاية المناسك، وهي لا تعلُّق لها به، لكن لمَّا كان الناس يأتون من كل فجٍّ عميق، ويجعلون مجيئهم واحدًا - احتاج العلماء إلى ذِكْر أحكام وآداب المدينة وآداب الزيارة، ولا ارتباط.
أما أحاديث الزيارة جميعًا فهي ضعيفة: ((مَنْ حجَّ فلم يزرني ...))، ((مَنْ زارني وزار أبي في عامٍ واحدٍ؛ ضمنتُ له الجنة))؛ بعضهم قال موضوع.
أما شدُّ الرحال لزيارة قبره فلا يجوز: ((صلاة أربعين فرضًا في المدينة ...))، وليس هذا من الجفاء؛ بل من تعظيم الله، وألاَّ نعظِّم نبيه تعظيمًا منهيًّا عنه. وكُذِبَ على شيخ الإسلام أنه يحرِّم الزيارة؛ بل يحرِّم شدَّ الرحال لأيِّ قبرٍ.
* طواف الوداع هل هو للعمرة أم لا؟
نقل أبو عمر الإجماع على أنه من سنن الحج، وقال بوجوبه في العمرة بعضُ الحنفية. وبعضهم قال: يُشرع لكلِّ خارجٍ من مكة في الحج وجوبًا وفي العمرة استحبابًا.
 
* العمرة يُشرع فيها التَّكرار، ولا ميقات لها، وهي مشروعةٌ كلَّ وقتٍ، خلافًا لمن قال: كلٌّ سنَّة، أو إذا حمم الرأس.
* هل قراءة {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] مقصودة لذاتها أو للتعليم؟ فيه احتمال؛ مثل رفع الصوت بالذِّكر بعد الصلاة.
* إذا استدبر الكعبة أثناء الطواف: إن تعمد فإنه يرجع إلى ما قبل الاستدبار، وإن كان يسيرًا لشدَّة الزحام فلا بأس.
* لا يأخذ من الزكاة ليحجَّ إلاَّ إذا كان فقيرًا. 
 
* الدماء في الحج أصلها حديث كعب بن عُجْرة على مَنْ حلق جميع رأسه، أما مَنْ حلق بعضه فيأثم إن كان لغير عذر، ولا فدية، واستدلُّوا بقول ابن عباس: "مَنْ ترك شيئًا من نُسُكه فعليه دمٌ"؛ رواه البيهقي وغيره.
وهذا رأي الجمهور؛ لأنه قول صحابيٍّ، وليس فيه للرأي مجال، ولم يخالف أحدٌ من الصحابة، لكن ابن حزم والشوكاني والصنعاني وصدِّيق حسن لا يرون الدماء في الحج إلا حديث كعب بن عُجْرة.
 
والواقعون في المحظور في وقائع في السنة لم يرد فيهم أي فدية، لا المتضمِّخ ولا العباس، ولم يَفْدِ لما حلق ليحجم رأسه، وأمر بلبس الخف لمن لم يجد النعل ولم يأمر بفدية، وأمر بلبس السراويل إن لم يجد الإزار، ونهى عن عقد النكاح ولم يأمر بفدية، ولم يرد إلا في حلق الشعر كاملاً والصيد والجماع.
لكن أحيانًا من ضبط الفتوى وإلزام العامة - يفتي المتكلِّم برأي للجمهور وإن كان لا يعتقده؛ ليضبط الناس.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.