الشيخ سعد الغنام: على إمام المسجد تنمية مهاراته وثقافته العامة
أكد الشيخ سعد بن ناصر الغنام على ضرورة أن ينمي إمام المسجد مهاراته وثقافته العامة، وأن يناقش الأمور التي تهم المسلمين، مشيراً إلى أن مخاطبة الإمام للعقل وحده، لا تساعد الإمام على أداء رسالته، مشدداً على ضرورة مخاطبة العقل والعاطفة معاً.
وأضاف الغنام أن تجديد الخطاب الدعوي الموجه للشباب ضروي، منبهاً على خطورة الإغراق في تجديد الخطاب، الذي يؤدي إلى تمييع وتجاوز الأولويات في المشكلة إلى حد تجاوز الأولويات.
لاشك في العمل الدعوي الشبابي يتغير من حين لآخر، برأيكم ما هي أولوية العمل الدعوي الشبابي في الوقت الراهن؟
الأولويات يمكن حصرها في نقطتين اثنتين:
النُّقطة الأولى: التركيز على العلم الصحيح، وتقوية ثقتهم بدينهم أمام سلطان الشبهات، ومواجهة الشك والإلحاد.
النُّقطة الثانية: العناية بالإلهيات، وتنمية المراقبة في قلوبهم لمولاهم، خاصة في ظل عولمة الفجور والعري وتفجير الغرائز.
ألا ترى أنَّ هاتين النقطتين تصلحان في كل وقت لمن يمارس العمل الدعوي مع الشباب، فماذا عن الوقت الحاضر ؟ هل تستطيع أن تخُصَّهُم بأولوية معينة ؟.
ممكن بالاقتراب منهم أكثر، في ظل تخطُّفِهم من وسائل الإغراء والجذب، لابد من التعامل معهم بطريقة جيدة؛ لجذبهم واللطف معهم، واستخدام العبارات الجاذبة وليس المنفرة، هذا مهم، كذلك إيجاد محاضن لهم تشبع هواياتهم ورغباتهم، ومن خلالها ممكن أن يلقَّحوا فكرياً وإيمانياً، فتكون محاضن مكتملة، بحيث تلبى فيها رغبات الشباب، ومن خلالها تُقدَّم أفضل الصُّور في العمل الدَّعوي للشّباب.
وهل ترى حاجة إلى تغيير نوع الخطاب مع الشَّباب في هذا الوقت، بخلاف الخطاب الذي كان يخاطب فيه الشباب في العِقد الماضي والذي سبقه ؟.
أكيد دائماً تجديد الخطاب ضروي، بحيث تؤلف كتب في هذا الصدد، ولكن المنهج ينبغي أن يبقى سائدًا ومستقرًا، فالمنهج ثابت والأساليب والطرق ممكن الاجتهاد بها، قال الله تعالى:{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (الأنفال: من الآية42).
فالإغراق في تجديد الخطاب، الذي يؤدي إلى تمييع وتجاوز الأولويات في المشكلة إلى حد تجاوز الأولويات لا ينبغي. أما الآليات والأساليب لا بد من النظر في حاجات الشباب وتطلعاتهم، وإدراك التحديات التي تحيط بهم، لا بد من وضع هذه نصب العين.
بحكم خبرتكم في الخطابة، هل ترون أن الوقت الراهن يفرض شكلاً معيناً على لغة الخطابة كنوع من التحديث مثلاً أو أن النمط التقليدي لا يزال هو الأنسب ؟.
الخطابة توفيق وموهبة وتطوير، لذا فعلى إمام المسجد أن يرتقي بأدائه مضموناً وأسلوباً، وأن يلاحظ القضايا التي يحتاجها الناس وتشغلهم، ويربطهم من خلالها بدينهم؛ ليشعرهم بصلاحية هذا الدين لكل زمان ومكان، ولا بد أن ينمي ثقافته العامة، ولغته حتى يكسوَ خطبته بحلة مميزةٍ من الحلي المعبرة غير الوعرة.
البعض يرى أن الخطاب الوعظي المبني على الترغيب والترهيب يخاطب العاطفة، في الوقت الذي يملي فيه الانفتاح العالمي مخاطبة العقل. فما رأيكم في ذلك ؟.
نعم مخاطبة العقل وحده، والعاطفة وحدها مشكلة، استجاشة العواطف وتحريك المشاعر منهج قرآني ونبوي، وشواهده كثيرة في الأصلين، ومخاطبة العقل أمرٌ مهم خاصة في هذا الوقت، الذي غلبت فيه الأفكار والدقة في المعلومات، فلا بد من إعطائه حجمه في غمرة الحديث عن قضايا الناس بالعاطفة، لابد أن يُعطى العقل حجمه والعاطفة حجمها بحيث لا يطغى أحدها على الآخر.
في نظركم ما الأفضل التركيز على المضامين التي تمس المسلمين عامة أم القضايا المحلية ؟.
الإغراق في أحدهما مشكلة الخطيب، لا بد أن يكون عالمياً، يشعر إخوانه بقربه منهم مع تباعد الأقطار، وألا ينزلق في طرح العلمانيين المنادين بما يسمى الدور القُطري، وتجاهل النمط الإسلامي ووحدة الأمة، وفي نفس الوقت لا بد أن يتحدث عن بلده وقضاياه من الأمن وغيرها وحاجات الناس؛ بالتالي يكون مقبولاً عند أهل بلده، وعند إخوانه في أنحاء الدنيا.
التعليقات